كاتب الموضوع :
HATONE
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
5- سجن العواطف
استيقظت لين ، والظلام الدامس يلف العربة ، على صوت الغجر يغنون ويرقصون حول نار كبيرة أشعلت في وسط المخيم. ولم تستطع إلا أن تستعيد ذكريات حياتها الهادئة في انجلترا ووظيفتها المحترمة في شركة الهندسة الزراعية. ساهم ذلك في زيادة توترها إلى درجة خافت معها أن تفقد صوابها يوماً إذا استمرت على هذا الحال. ماذا سيجني رادولف من وجود امرأة مجنونة معه؟ لو يدرك ويعلم أن كليهما بلا شك خاسر لأطلق سراحها فوراً.
فجأة سمعت طرقاً خفيفاً على النافذة فهبت من سريرها وأزاحت الستار بسرعة.
_ كونيل!
تكلم الشاب بصوت هامس:
_ اخفضي صوتك لئلا يسمعنا أحد!
لكن الاثارة وفرط التوتر جرداها من كل خوف وحذر.
_ لا تقلق. الكل مشغولون عنى الآن.
_ هل كتبتِ الرسالة؟
هرعت لين وأحضرت له الورقة.
_ أرجوك انتبه يا كونيل حتى لا يراك أحد.
_ علي الذهاب الآن. طابت ليلتك.
_ شكراً جزيلاص يا كونيل على ماتفعله من أجلي.
قال الشاب قبل أن يختفي في الظلام:
_ لا أعلم إذا كنت قادراً على مساعدتك ، لكني سأبذل جهدي.
خافت لين من أن يكون أحدهم قد شاهد كونيل يتحدث إليها أجالت نظرها في الخارج لترى ما إذا كان زوجها يراقب المشهد ويستعد للانقضاض من جديد على فريسته الضعيفة. لكن كل شيء كان هادئاً ولم يبدو أثر لإنسان حول العربة.
بعد نصف ساعة عاد رادولف إلى " المنزل الزوجي" دون أن تظهر على وجهه علامات تفيد أنه اطلع على ماحدث.أضاء المصباح العتيق بعد أن رأى زوجته غير نائمة.
_ لماذا تجلسين في الظلام؟ أتحبين أن تعذبي نفسك؟
_ ولماذا أنت تهتم بعذابي؟
_ في الحقيقة أنا لا أحفل بعذابك.
وأضاف بنبرته الخشنة:
_ ماذا فعلتِ في غيابي؟
_ لا شيء!
توجه رادولف نحو المطبخ وسأل زوجته:
_ أتريدين بعض الشاي؟
_ كلا.
_ لا بد أنكِ شربت فنجاناً إذن؟
_ لا.
سمعته لين يتنهد في تحسر وهو يعد الشاي وتساءلت لماذا لم يطلب منها أن تحضره بنفسها.
عاد بعد قليل يحمل فنجاناص فسألته بإصرار:
_ أين كنت طوال هذا الوقت؟
توقعت لين جواباً قاسياً يشعل مشادة جديدة. لكنها فوجئت به يرمقها بنظرة ناعمة مليئة بالحنان. هي قصدت من سؤالها إشعال غضبه لتعذبه لكنه خيب أملها بهدوئه الشديد.
جلس يشرب الشاي الساخن ويراقب زوجته بنظرة لا مبالية.
_ أريد أن أراكِ غداً بثياب جديدة.
أفزعت لين دفعة واحدة كل الغضب الذي جمعته في وحدتها وقالت:
_ سأرتدي ما يحلو لي.
_ لا تحاولي أن يراكِ زوجك بمظهر المرأة الشريرة. سترتدين شيئاً مما أحضرتِ معك لتمضية العطلة الممتعة.
تاهت عيناه في حقيبتيها المقفلتين على بعض من ذكريات ، قريبة كالوقت بعيدة كالحلم. كيف تضع ثيابها الأنيقة في خزانة العربة القذرة؟
ليس من المعقول أن تكون هذه العربة ملكاً لرادولف فهو يبدو محبباً لنظافة والترتيب. ثم أنه لا يحتفظ فيها بثيابه. تحفظه حول خصوصياته يحيرها كثيراً لكنها لا ترغب في الاطلاع على خفايا حياته لأن تفكيرها كله انصب الآن على هدف وحيد: الفرار.
قالت لزوجها بعد تردد:
_ لا أرى معنى لإرتدائي ثياباص جميلة وبقائي سجينة هذه الزنزانة!
_ لن تبقي هنا لأننا سننتقل غداً بسيارتك إلى مكان آخر.
أحست لين أن قلبها توقف عن الخفقان لأن الآمال التي علقتها على مساعدة كونيل إنهارة بلحظة.
_ هل يرحل الجميع لمكان آخر.
_ لا. نحن فقط.
كادت لين بعفويتها تفضح كل شيء.
_ لا أريد أن أغادر المخيم.
صعق رادولف لملاحظتها وأخذ ينظر إليها دون أن يفهم.
_ وهل تستسيغين البقاء هنا إلى هذا الحد؟ مع أنك لم تكفي عن التذمر من الضجر لوجودك هنا.
عضت لين على شفتها تحاول إيجاد جواب لا يفضحها واستطاعت بعد جهد أن تقول:
_ المكان الذي سنذهب إليه لن يكون أحسن من هنا. وأنا لا أنوي تمضية وقتي بالتنقل الدائم كالغجر المتشردين.
لن تأبه المرأة لغضب زوجها من كلامها لأن عقلها كان مشغولاً بفرصة الهرب الضائعة. ظنت أن الفرج سيأتيها أخيراً على يد كونيل لكنها وجدت نفسها تفقد الأمل وتعود إلى نقطة الصفر.
برغم كل شيء حاول الغجري المحافظة على هدوئه ولم يظهر إنفعالات لنعت زوجته قومه بالمشردين.
_ لا تحاولي الإعتراض لأني مضطر لمغادرة المخيم.
_ ولماذا تكون مضطراً للرحيل؟
_ لا ضرورة لأان تعرفي.
_ وهل سنجد عربة خالية لإقامتنا في المخيم الذي سنقصده؟
_ بالطبع. ألست ملك الغجر كما قلت يا عزيزتي؟ والرعية لن تدخر جهداً لتوفر مكان إقامة مريحاً لملكها.
أخذت لين تجوب العربة وهي تفكر بالمخيم الجديد والعربة الجديدة القذرة ، وبمزيد من هؤلاء الناس السمر الفضوليين. سجن جديد وحراس جدد يرصدون تحركاتها عندما يكون زوجها غائباً.
وفجأة إنهارت أعصابها وصرخت:
_ لا أستطيع تحمل المزيد! لا أستطيع البقاء سجينة. سيقتلني هذا الوضع الرديء!
وأضافت وهي تحدق في رادولف:
_ كيف تمضون أيامكم بهذا الكسل دون عمل؟ ألا تملون؟
وضع الغجري فنجانه على الطاولة ونهض من كرسيه دون أن يظهر عليه أي إنفعال مما زاد من حيرة لين التي قالت:
_ هناك لغز في حياتك! هناك سر ما إلى أين تذهب كل يوم فأنت ولا شك لا تبقى في المخيم؟
أزاح الغجري وجهه وكأن ملاحظاتها أحرجتها فاستغلت لين الفرصة وتابعت بالحاح شديد:
_ أريد أن أعرف كل شيء! أن تردد باستمرار بأني زوجتك ففي هذه الحال يحق لي أن أعرف أين وكيف يمضي زوجي أوقاته؟
_ أنتِ لا تعتبري نفسكِ زوجتي حتى الآن. فعندما تعتبرين أننا متساويان ستعرفين كل شيء. لكن مادمت تعتقدين أنكِ متفوقة علي لأني غجري فلن أطلعكِ على الحقيقة.
كل شيء في هذا الرجل يزيد من اللغز غموضاً: جسمه الرشيق مشيته المتعالية ، كبرياؤه وسطوته ، ثقته المفرطة بنفسه. ومرة جديدة قالت لين في نفسها: لو لم أعلم أنه غجري لما صدقت أبداً أنه كذلك. عندها فكرت بأولاف وبحديثه عن وضع رادولف الخاص ، فتلك الكلمة انطبعت في مخيلة لين وجعلتها تظن أن زوجها هو ملك الغجر. هو ليس بالطبع ملك الغجر لكنه يتميز عنهم بشيء ما...
لما نظرت في عينيه رأت مرارة كبيرة كأنه يطلب منها أن تتفهمه وتساعده على تخطي مشكلة تؤرق حياته.
_ إلى أين سنذهب؟ أعني أين يقع المخيم الذي تحدثت عنه؟
_ في مكان بعيد جداً.
_ ولكن ، ماذا سنفعل بالحصان؟ لا يمكنك أخذه إذن ، إذا كنا سنستعمل السيارة.
كان رادولف هادئاً وعادياً جداً:
_ بما أني سرقته سأعمل على رده إلى أصحابه.
_ لا ضرورة لأن تستغل كل فرصة تسنح لك لتسخر مني.
_ ولكنكِ افترضتِ أني سرقته ، أليس كذلك؟
_ ولماذا لا تقول لي من أين حصلت عليه؟ فأنت توافق معي على أنك لست قادراً مادياً على امتلاك مثل هذا الحصان الماهر.
كل كلمة ، كل حركة ، كل دقيقة تمر كانت تزيد من غموض اللغز وصعوبته بالنسبة للمرأة. مالسبيل إلى اكتشاف الحقيقة وإزاحة الستار عن الجوانب الخفية في حياة الغجري؟ قد يكون الوقت كفيلاً بذلك... وقد لا يكون.
_ لم أفهم معنى كلامك.
_ بصراحة ، أعني أن مظهرك لا يقنع أبداً بأن هذا الحصان الأصيل ملك لك.
كانت الإهانة الجديدة أقوى من أن يحتملها الرجل. فعندما تكلم بدا فاقداً تماماً سيطرته على أعصابه. يعميه الحقد.
_ لا بد أن يقودك لسانك يوماً إلى مهالك لا نجاة منها.
اعتذرت لين على الفور ، وحاولت تغيير وجهت الحديث.
_ آسفة لأني أسأت التعبير. ألن تخبرني من أين حصلت على الحصان؟ انه حصان أصيل أنا لم أكن مخطئة.
_ من أين لكِ هذه المعلومات عن الجياد؟
_ كنت أمارس الفروسية لبضع سنوات خلت.
وبدلاً من أن يجيب على تساؤلها حمل رادولف فنجانه إلى المطبخ ولما عاد قال بحسم:
_ حان وقت النوم لأننا سننهض باكراً في الغد.
تعمد رادولف البحث في حقيبة زوجته حتى وجد فستاناً قطنياً أزرق موشي بالرسوم.
_ سترتدين هذا الفستان غذاً لأنه يبرز جمالك وأنوثتك.
خطفت الفستان من يد زوجها ورمت به على الارض رافضة فكرة فرضه ارتداء الملابس عليها. ولكن رادولف لم يتسامح هذه المرة. بل أمسك بشعرها وصفعها على وجهها بعنف حتى كاد يرميها أرضاً. وقفت المرأة أمامه ترتعش فهي لم تتعرض في حياتها للضرب أبداً
_ التقطي الثوب!
أطاعت الزوجة أمره ودفنت وجهها في الثوب ثم صرخت بصوت مخنوق:
_ لن أستطيع الاستمرار طويلاً! لن أستطيع الصمود... سأنتحر!
فوجىء الرجل لهذا التهديد ووقف يحدق في زوجتها لحظات طويلة قبل أن يضمها بحنان إلى صدره ويقول بكل مالديه من رقة:
_ لماذا تغضبينني يا عزيزتي وترغمينني على استعمال العنف؟
أضاف وهو يتحسس بيديه وجنتيها الاهبتين:
لوكنتِ تتصرفين بهدوء...
توقف محاولاً تهدئة جسمها المنتفض ألماً وحزناً ثم تابع:
_ على المرء أن يكون حذراً عندما يتعامل مع غجري.
بصعوبة ، رفعت عينيها الرطبتين إلى وجه زوجها وتمتمت:
_ أنت مختلف... يا ليتك تظل حنوناً كما كنت الآن...
أمر لا يصدق! كيف تسر لين لوجودها في أحضان هذا الرجل الذي لا تكف عن التفكير في كيفية الافلات من يده؟ لماذا لم تنفر هذه المرة من لمساته؟
أضافت والكلمات تسبقها:
_ لماذا أنت مختلف؟
بدا على رادولف كأنه يقبل بهذه الحقيقة ولكنه لا يقى على أن يصرح بالسبب لأن هناك أمراً خطيراً يمنعه من ذلك ، لربما كان أمراً يتعلق يتعلق بالماضس الذي يمتد تأثيره على المستقبل.
_ لا أستطيع يا عزيزتي أن أشرح لكِ الحقيقة...
ابتعد رادولف عنها وزاد:
هيا إلى النوم يا حلوتي.
وقفت لين مشدوهة وهي تشاهد زوجها يتوجه إلى المطبخ ليحضر بعض الماء. واستغربت التبد العميق الذي أحدثه تهديدها بالانتحار.
في هذا الغجري الغريب. لم تعد تأبه بالألم الذي سببه لها بل انحصر تفكيرها في التوصل إلى أعماق وغاور نفسه وكشف حقيقته.
عندما عاد رادولف إلى الغرفة أخذ يحدق فيها ويتأمل جمالها الصارخ ، ولاحظت الزوجة العروق في عنقه تنبض بعصبية.
وعندما انتقلت عينا الغجري إلى وجهها حيث مازالت آثار الصفعات واضحة ، ظهر عليه الأسف والندم الشديدان على استعماله العنف ، تماماً كما ندمت لين على استعمالها الطريقة نفسها في الغابة. اقترب منها وأخذ رأسها بكلتا يديه محاولاً الاعتذار ، غفت لين بين ذراعيه ورأسها غارق في صدره وتحس بقلبها خالياً من الحقد والمرارة. الشيء الوحيد الذي تدركه في هذه اللحظة هو الارتياح لأن كل شيء بسلام أو بشبه سلا... وذلك بفضل تفهم رادولف لوضعها ولإكتفائه بطبع قبلة خاطفة على جبينها.
أمضى الزوجان الشابان معظم النهار في السيارة يتجهان إلى حيث تجهل لين. تمتعاً بالطقس الجميل وساهمت الشمس الدافئة بإزالة الحياة الغجرية التي كرهتها والتي أسقط واقعها المر أحلاماً شاعرية. بنتها لها قصص الأدباء وعمرتها أخيلة الشعراء.
لا تستطيع المرأة الانجليزية التي تعودت على صخب الحياة أن تحيا هكذا وبدون هدف كنبتة طفيلية تعيش على جهد غيرها. لابد لها من هدف واضح في حياتها تصبو إليه وتعمل على تحقيقه. فالطريق إن لم يفض إلى مكان ليس طريقاً. وقطار الحياة إن لم يقصد محطة ما يصير كابوساً.
كم كان كونيل مهماً بالنسبة إليها وكم أحست بالحسرة لأنها ابتعدت عنه! كان حلماً خرج من العدم ليخصب أرضاً حدباء. فإذا بيد رادولف تمتد لتخنق الحلم وهي في المهد. ولترمي بلين في مكان جديد لا تعلم ما ينتظرها فيه سوى مزيد من الوحدة والملل. ولكن ما أبقى في نفسها بصيص من أمل هو تلميح رادولف إلى إمكانية العودة إلى المخيم نفسه في يوم آخر قريب.
لاحظت لين ، الغرقة في المقعد الوثير ، أن رادولف لا يلاقي أي صعوبة في القيادة مع أن الغجر لا يحسننون عادة قيادة السيارات مفضلين وسيلتهم القديمة للتنقل: الحصان.
لا حظ رادولف أن لين لم تكف عن مراقبته طوال الطريق فسألها:
_ بماذا تفكرين؟ أراكِ تفكرين في أمر مهم.
_ أراقب طريقة قيادتك فأنت سائق ماهر على ما أرى.
_ العادة كفيلة بتعليم المرء كل شيء.
_ صحيح ، لكني أعرف أنك متعود على ركوب الخيل خصوصاً و إنك قلت مرة إنك تستعمل الجياد لا السيارات.
كانت لين تشير بكلمها إلى جملة قالها رادولف عندما التقيا للمرة الاولى قرب سيارتها المعطلة. حاول الغجري أن يتذكر ذلك ثم هز رأسه نافياً.
_ لا بد أنكِ واهمة فأنا لم أقل شيئاً من هذا القبيل.
_ أنسيت ماقلته في لقائنا الأول؟
_ نحن لم نتبادل كلاماً يذكر في لقائنا الأول. يبدو أن خيالك واسع يا عزيزتي!
أنبأها حدسها أن رادولف يتحدث عن اللقاء الثاني عندما اختطفها على أثر ضربة السوط. آثار حنقها عد إكتراثه الدائم بالحادثة الأولى وتركيزه على الثانية ، وكأن لين ارتكبت يومها جريمة لا تغتفر محت آثار فعلته البشعة.
بعد أحداث اليوم السابق تحول رادولف بسرعة من رجل شرس وحشي الطباع ، إلى إنسان هادىء وديع لا تثور أعصابه بسهولة أهو يجعله متلوناً من ساعة إلى أخرى؟ أيحاول الجانب الخير الإنتصار على الجانب الشرير والافلات من براثن الغرائز البدائية؟ أن هذا الصرع ينعكس على لين بشكل دراماتيكي يجعلها رهينة مزاج زوجها المتقلب... ماحدث البارحة يعزز اعتقاد لين. فرادولف هدأ بعد أن انفجر بشدة وطغى عليه جانبه الانساني بعد أن بدا نادماً على ضربه لها. حاول التكفير عن ذنبه بملاطفتها وتطيب خاطرها ، وعندما أفاق في الصباح نظف الفستان الذي رمته على الأرض ، ثم أحضره لها وألبسها إياه بكل رقة ونعومة.
مراع خضراء على امتداد النظر رافقتهما في تجوالهما. " تحرسها " هضاب واسهة مغطاة بأشجار خضراء عالية تهمس في أذن السماء الصافية أشعاراً وألحاناً. أوقف رادولف السيارة في مكان أخضر فسيح في منطقة تدعى كيلارني. وسار العروسان إلى بقعة منعزلة فيها بحيرة جميلة تقع على سفح جبل عال.
كادت الدهشة تعقد لسان لين لإاخذت تتأمل هذه الجنة الرائعة تغرف من جمالها وبراءتها فيفيض البهاء في نفسها عذوبة وصفاء.
_ ما أجمل هذا المكان! كيف تعرفت إليه؟
_ انا أعرف أيرلندا كلها.
شع في عيني المرأة بريق وارتسمت على شفتيها ابتسامة هانئة وأحست بنفسها تسبح في بحر عاتً من الأحلام. شعرت بالدفء يغمرها عندما طوقها رادولف بذراعيه... ليته يتكلم معها بوضوح لتعرف المزيد عنه وترتاح.
_ تعالي ، علينا ألا نضيع المزيد من الوقت!
نظرت إليه بحيرة وقالت:
_ قل لي على الأقل إلى أين سنتجه؟
_ ستعرفين عندما نصل.
_ لن أعرف شيئاً فأنا أشعر بالضياع.
ضحك رادولف وقال:
_ نحن في كيلارني وهذا الجبل يدعى الجبل القرمزي.
_ لم يفدني شرحك كثيراً.
_ أيهمك إلى هذا الحد الإطلاع على كل التفاصيل؟
_ في الحقيقة ، لا.
عاد رادولف بسرعة إلى السيارة وجلب سلة مليئة بالطعام. وأبلغ زوجته كالعادة أنه سرق السلة ومحتوياتها لكن المرأة لم تقتنع بكلامه.
_ أنت لم تسرق شيئاً!
_ أتحاولين تبرئة نفسك من وجودك مع زوج لص لا يعرف إلا السرقة وسيلة لكسب الرزق؟
أصاب رادولف بسؤاله لأن لين كانت تكره فكرة كونه لصاً. أرادته رجلاً شريفاً يحصل على لقمة عيشه بعمله وكده... ولكن لماذا تجد نفسها مهتمة بسلوكه؟ ما الفارق في أن يكون رادولف لصاً أو رجلاً شريفاً مادامت ستهرب منه يوماً لتستعيد حريتها الغالية؟
|