لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


122 - في مجاهل الرغبة - كاي ثورب - روايات عبير القديمة ( كاملة )

122- في مجاهل الرغبة - كاي ثورب - روايات عبير القديمة

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-07-11, 10:06 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Newsuae2 122 - في مجاهل الرغبة - كاي ثورب - روايات عبير القديمة ( كاملة )

 

122- في مجاهل الرغبة - كاي ثورب - روايات عبير القديمة


الملخص



بين البرارى الأفريقية القاحلة فى كامبالا كانت سارة حرة طليقة تفعل ما تشاء. لا هم لها سوى التفتح بكسل ونعومة تحت شمس الأدغال , كأقحوانة برية تنتظر القطف.....
حتى ظهر ستيف يورك , الرجل الذى خبر الحياة بكل عنفوانها وجديتها ولا مجال لديه للأهتمام بصبية لاهية تعرض حياتها للخطر فى كل يوم. علاقتهما شائكة كالمخالب , وسارة تتحداه كغزالة وحشية لا تقبل الترويض. حتى يظهر فى حياتهما دون , رجل المدينة الأنيق المجرب وفى صحبته , أخته ديانا. وتبدأ لعبة الحب.منتديات ليلاس
أنها شرسة , مليئة بالأخطار مجهولة ربما أكثر من الأدغال.

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس

قديم 21-07-11, 10:08 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

1- فتاة البراري



تمدّد التمساح ونصفه غارق في الوحل فبدا كجزيرة مرقّطة بالأخضر والأحمر الداكن , بحيث أنسجم أنسجاما تاما مع ألوان الضفة وراءه , ولكن سرعان ما عادت اليه الحركة على وقع حصاة في الماء , فزحف الى الأمام يسحب في مؤخرته ذنبا صلبا تخال أن لا نهاية لطوله , وأما سارة التي كانت ترمقه من بعيد , فقدّرت طوله بست عشرة قدما , كان أطول تمساح رأته في حياتها......
وأنحدرت سارة بعيدا عن الموضع الواطىء الذي تحجبه ستارة من الأعشاب , وأخذت تنفض بيدها التراب وما علق على قميصها وسروالها من نفايات الأرض , ثم جلست قليلا تنظر الى أعالي سفوح مارا الزرقاء اللون ومنها الى السهول الواسعة الممتدة الى الجنوب , وكان المازيون يحرقون العشب مرة أخرى كأمر ضروري يسمح للكلأ أن ينبت من جديد , غير أن ذلك لم يكن يخلو من الخطر أحيانا لقربه من الطريق , فقبل أسبوع أضطر والد سارة أن يعود الى مقر عمله عبر العشب المحترق فكاد الدخان يصيبه بالأختناق , أما اليوم فكانت الريح لحسن الطالع تهب من الجهة الأخرى.
وكان والدها في تلك اللحظة على متن طائرة متجهة الى أنكلترا ,ولولا وفاة أخيه الوحيد على حين غرّة لما عاد الى بلاده , أما هي فلم يكن عمرها يزيد على الثامنة حين أنتقلت عائلتها الى شرقي أفريقيا , فهي لذلك لا تذكر ألا القليل عن مسقط رأسها , وكان لدى العائلة رغبة في قضاء عطلة سنة هناك غير أن ذلك لم يخرج الى حيز التنفيذ , وبعد أن توفيت والدتها وهي في الثانية عشرة من عمرها لم يعد حتى لتلك الرغبة من وجود , ثم بلغ من أهتمام والدها بعلم أثر البيئة في الحيوان والنبات أنه أحتل منصبا في مصلحة صيد الحيوان , وكانت سارة لا تزال على مقاعد الدراسة حين أسندت الى والدها أدارة مركز كامبالا في المساحة المخصصة للصيد من مقاطعة مارا- مازاي , فكان على سارة أن تنتظر ستة أشهر قبل أن تتمكن من الألتحاق بوالدها.
وكانت سارة تبتسم كلما تذكّرت تلك الأيام التي كانت لا تزال فيها طرية العود , غير مستعدة بعد لأستيعاب كل ما أنطوت عليه الحياة هناك من خبرة وتجربة , أما الآن بعد مرور ثلاث سنوات على ذلك , فلا تزال تلك الحياة تأسرها , وأن كان الرعب منها تحول الى تقدير , فالزمن في ذلك المكان زمن ضائع , والحس من الرهافة بحيث جعل كل مشهد وكل صوت على قدر من الشفافية لم تعرف له مثيلا في أي مكان آخر , وخلال تلك السنوات الثلاث لم تقطع ذهابا وأيابا مسافة الأربعمئة ميل التي تفصلها عن نيروبي العاصمة ألا مرة واحدة ,ولم يكن لديها الرغبة أن تعاود الكرة الآن على الأقل , وأرتضت أن تقضي أيامها في تلك الديار على هذه الوتيرة.....
كانت الشمس تسرع الى المغيب وعلى سارة أن تعود الى منزلها , أخبرت تيد أنها لن تغيب أكثر من ساعة , ألا أنه لم يقلق عليها أذا تأخرت في العودة قليلا , فهو كوالدها يثق بأنها أصبحت تعرف كيف تتجنب المخاطر......
تناولت سارة البندقية الملقاة على العشب بجانبها ونهضت واقفة على قدميها , وكانت قد أوقفت سيارة اللاندروفر على طرف الغابة عند ضفة النهر , فسارت اليها عبر الطريق الضيق الذي دخلت منه , ثم مالت عنه بحذر الى الطريق العام , وسرّها أنها رأت ما جاءت لتراه , وهو ذلك التمساح الذي يعد أكبر التماسيح التي شاهدها كيماني حتى الآن , على الرغم من أن تيد يزعم أنه رأى واحدا يقارب طوله العشرين قدما.
وأقبل في الطريق أثنان من المازيين العائدين الى القرية وهما يدوسان الأرض بخفة , فبادرتهما سارة تحية الود المعتادة ومرت بهما , وخطر لها أن تذهب الى القرية في الغد لأن زوجة مغاري الثالثة لا بد أن تكون ولدت طفلها الخامس أو ربما السادس على الرغم من أنها لم تتجاوز مثلها التاسعة عشرة , وكان كيماني قد قال منذ بضعة أيام أن القبيلة ستفكر عما قريب بالرحيل مرة أخرى لأن المراعي في تلك الأنحاء بدأت تنفذ , ولم تكن سارة تريدها أن تنزح , ولكنها تدرك أن ذلك أمر لا مناص منه , فقبيلة مازي من البدو الرحل , ولذلك كان من عادتها أن ترحل من مكان الى آخر طلبا للرزق والكلأ , وحين تفعل ذلك تترك أكواخها للخراب وتبني أكواخا جديدة حيث يطيب لها المقام , كان هنالك على بعد عشرة أميال من السفوح أكواخ من هذا النوع عفا عليها الزمن قبل مجيء سارة.
كان الطريق العام يتشعّب في آخره الى طريقين ,واحد يتّجه يمينا نحو السفوح والآخر يهبط وسصعد شمالا فوق مرتفع واطىء نحو الغابة , وأختارت سارة الطريق الثاني , فسارت فيه بحذر نظرا الى كثرة الجذور الظاهرة على سطح الأرض , وحدث لها مرة أن علقت أحدى عجلات عربتها في تلك الجذور فأضطرت الى الأنتظار ساعة كاملة فيما قطيع من الأفيال يرعى على بعد مئتي قدم منها , على أنها لم تشعر بالخطر يتهددها , ذلك أن الريح جرت كما تشتهي , والفيل كمعظم الحيوانات لا يتخوف من عربة واقفة لا تتحرك , كان أمام سارة ساقية من الماء متفرعة من نهر مارا الذي كانت تراقب فيه ذلك التمساح , والطريق الذي أتخذته كان بمحاذاة الساقية على مسيرة بضع دقائق , ثم ينحرف الى الوراء ليدخل مرة ثانية في الغابة قبل أن يخرج الى متسع من الأرض يمتد صعدا الى جرف عال يحصن كامبالا من الوراء......

وحين شاهدت سارة مركز الأدارة لأول مرة لم تعجب كثيرا ببيوته الخشبية المتفرقة ذات الشرفات العريضة الظليلة والأثاث العتيق ,ومنذ ذلك الوقت لم يتغير الا القليل , فلم تزل البيوت هي نفسها وكذلك السور المضروب حولها من الأسلاك الشائكة , أما المأوى الذي أنشأته بمبادرتها الخاصة فلم يكن يضم آنئذ سوى غزال صغير وجده كيماني بجانب أمه بعد أن فارقت الروح في الغابة على الأقل كان القصد من وراء ذلك , غير أن الغزال الصغير لم يلبث أن أخذ يتبع سارة كظلها حتى خيّل أليها أنه سيفضّل الأنضمام يوما الى قردها كيكي كحيوان داجن على العيش في البرية..........
وفيما هي غارقة في التفكير , وقد وصلت الى مقربة من البيت , أدركت فجأة أن سيارة اللاندروفر المتوقفة عند أسفل الدرج لم تكن من سيارات مركز الأدارة , على الرغم مما ظهر على جانبها من كتابة تشير الى أنها تخص مصلحة صيد الحيوان , فالمصلحة على ما يبدو أرسلت من ينوب عن والدها في أدارة المركز الى أن يعود , وكانت سارة تتوقع ذلك وتأمل أن يكون الذي ينوب عنه هو بروس مادن الذي تعرفت اليه في نيروبي فأعجبت به.........
كانت سارة وصلت الى منتصف الدرج حين سمعت صراخا أرعبها ,, وبعد لحظة أطل كيكي من الباب وقفز الى حضنها , ثم أعتلى كتفها وراح يداعب شعرها بيده ويضم علبة سكاير باليد الأخرى , ولحق به في الحال رجل بثياب العمل ما أن رأى سارة حتى وقف فجأة وأخذ يحدق اليها بعينيه الرماديتين , ثم سألها قائلا:
" هل أنت أبنة ديف ماكدونلد؟".
وكان في لهجته ما جعلها تشعر بقشعريرة , فأجابت:
" نعم , وأذا كنت هنا لترى والدي , فهو قد سافر الى أنكلترا البارحة".
فقال الرجل:
" أعرف ذلك , أما الذي لا أفهمه فهو لماذا لم ترافقيه , خصوصا وأنه لم يذكر شيئا عن بقائك هنا".
" قررت أن لا أسافر , وأنا لا أظن أن أبي رأى سببا يجعله يخبر المكتب الرئيسي أنني سأبقى في البيت , هل تنتظرون قدوم بروس مادن؟".
فرفع حاجبيه ببطء وقال:
" كلا , أصيب بحمى الملاريا فدخل المستشفى , أنا ستيف يورك".
وألقى نظرة على السيارة التي نزل منها منذ حين وقال لها:
" هل كنت في البرية وحدك؟".
فأجابته:
" نعم , وهل في ذلك خطأ؟".
قال ستيف:
" كل الخطأ , ففتاة في مثل سنك تعرض نفسها للخطر أذا هي أخذت وتمرح في منطقة الصيد , وعلى والدك أن يدرك ذلك , ألا أذا كنت بعملك هذا أغتنمت فرصة غيابه".
" كلا , لم أغتنم أية فرصة , ثم أنني لم أعد فتاة صغيرة".
قالت سارة ذلك وقلبها يزداد خفقانا , أذ خشيت أن يكون عليها وعلى العاملين في المركز أن يتحملوا ههذا الرجل الذي أرسل ليحل مكان والدها لمدة ستة أسابيع , تفحصته من وراء جفونها فتبينت لها كتفاه العريضتان تحت قميصه الخشن , وصلابة جسده النحيل الطويل القامة وملامح وجهه الأسمر , وشعر رأسه الكتسنائي المنسرح , وتساءلت كم يكون له من العمر : 32-33؟ فهو لا يمكن أن يكون أكبر من ذلك سنا , نظرا الى نبرة صوته الصارمة الحازمة , ولا يمكن أن يكون متقدما في السن الى عمر يكتسب فيه الخبرة التي يمتلكها والدها وبروس مادن.
وأدركت سارة فجأة أنه هو أيضا ينظر اليها كمن ينظر الى شيء ممتع , فشعرت بالأحمرار يصعد الى خديها , هل كانت أفكارها وخواطرها من الوضوح بحيث سهل عليه أدراكها ؟ على أنها سارعت الى سؤاله قائلة:
" هل ألتقيت تيد ويليس؟".
فأجابها ستيف:
" لم ألتق أحدا بعد بأستثناء الخادمين اللذين في منزلك , فلم يمض على قدومي أكثر من ساعة , ولكن ليتك تخبريني أين الباقون؟".
فقالت له سارة:
" كيماني تكوجي يطارد لصوصا كانوا يصطادون خلسة في غابة الصيد الخاصة بالمركز , وقد أصطحب أربعة من الرماة , وأما الآخرون فهم يقومون بنوبة الحراسة , ولا بد أن يكون تيد هنا في مكان ما , فهو لا يترك المركز من دون خفير".
قال ستيف برقة ورصانة:
" هذا ما أرجوه , ويبدو الى أن الوضع كله هنا بحاجة الى تدقيق وأنعام نظر".
رفعت سارة وجهها بحدة وقالت :
" هل لي أن أدخل الى البيت الآن بعد أن نطقت بهذه الخلاصة ؟ فأنا عطشى وبحاجة الى شربة ماء بارد".
ومدت يدها وتناولت علبة السكاير من بين مخالب كيكي , ثم وضعت القرد على الشرفة قبل أن تستأنف صعودها أعلى الدرجات , وقالت لستيف:
" أظن أن هذه العلبة لك".
فأخذها ستيف منها قائلا:
" شكرا".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 21-07-11, 10:09 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

ومرت سارة أمامه ودخلت الى غرفة الجلوس الظليلة بأرضها الخشبية العارية وبسطها الجلدية المفروشة هنا وهناك , وبعد أن فكرت قليلا تناولت بعض الزجاجات والكؤوس من الخزانة وسكبت قليلا من شراب البرتقال , ثم أخذت جرعة كبيرة منه قبل أن تلتفت وتسأل ستيف ببرودة أذا كان يرغب في كأس من الشراب...........
وكان ستيف قد تبعها الى الغرفة ووقف مستندا الى كتف الباب , ويداه في جيب سرواله , فهز رأسه بالنفي وبادرها سائلا:
" كم لك من العمر؟".
فأجابته بأختصار وقد أرتفع حاجباها السوداوان:
" تسع عشرة سنة".
" أصحيح هذا؟ كنت أظن أنك لا تزيدين على السداسة عشر , ولكن لا فرق , فأنت لا تزالين غير مؤهلة للتجول في غابة الصيد من دون حراسة".
قالت له بنبرة لاذعة:
" أما كنت ترى غير هذا الرأي لو كنت صبيا؟".
فرمقها بنظرة وأبتسم قائلا:
" ربما , ولكن هل أنت في هذا المكان مدة طويلة؟".
" ثلاث سنوات , وهي مدة كافية لأتعلم فيها ما يجب أو ما لا يجب أن أفعله هنا , فأنا قادرة على العناية بنفسي.......".
" وعلى العناية أيضا بتلك البندقية التي تركتها في السيارة خارجا.... وكان يجب أن لا تتركيها؟".
فبلغ الغيظ بسارة الى حد أنها كادت ترفس نفسها وترفسه , نعم , نسيت البندقية في السيارة , ولا ينفع القول أنها نسيتها لأول مرة في حياتها , فهو لن يصدقها.....
وضعت كأس الشراب جانبا وقالت له:
" أنت ألهيتني عنها , أنني ذاهبة لأجلبها.....".
وحين عادت بالبندقية كان ستيف لا يزال واقفا حيث كان , فمد يده وتناول البندقية وأخذ يتفحصها مبتسما , ثم أعادها الى سارة قائلا:
" هل تحسنين أستعمال البندقية جيدا؟".
أجابته:
" الى حد ما , هل تريدني أن أبرهن لك؟".
فهز رأسه قائلا:
" لا لزوم لذلك".
وحدقت به قائلة :
" ماذا تعني تماما بكلامك هذا؟".
فأجابها برصانة :
" أعني أنك لن تخرجي الى الغابة بعد الآت ألا برفقة أحد الحراس , وذلك طيلة وجودي هنا , فأنا مسؤول عنك بالنيابة عن والدك , ولكن بشروطي أنا".
" لا أحد يطلب منك أن تكون مسؤولا عني , فقد تكون مكانتك عظيمة هناك حيث كنت , ولكنها هنا لا تعنيني في شيء , فأنا لست موظفة في مصلحة صيد الحيوان , ولي ملء الحرية في أن أذهب حيث أشاء!".
نظر اليها مليا قبل أن يقول لها:
" لا تحسبي هذا الحساب , فقد تكونين كملكة النحل هنا في نظرك ولكنك في نظري لست أكثر من مخلوقة يعوزها التهذيب والتأديب , والحق ليس عليك , أذا كان مسموحا لك أن تتجولي في السنوات الثلاث الماضية , فلا غرابة في ذلك..... والآن هل تدلينني على غرفتي ونحن ننتظر عودة تيد؟".
" يمكنك أن تجدها بنفسك!".
قالت هذا الكلام بغضب شديد وخرجت مسرعة , فأصطدمت برجل كان يصعد الدرج وحيّته بقولها :
" أهلا وسهلا الى القصر.... الآن وصل اليه وليّ العهد!".
وظهرت الدهشة على وجه تيد ويليس وهو ينظر الى ستيف من فوق كتف سارة , فسأله قائلا:
" هل أنت البديل؟ كنا بأنتظار بروس مادن".
فأجابه ستيف بنبرة خافة :
" هذا ما أدركته ..... أنا ستيف يورك, جئت لأكون البديل لأن مادن تعذّر عليه المجبء , وأذا صدق ظني فأنت تيد ويليس".
فأجابه تيد:
" نعم أنا تيد ويليس , ويؤسفني أنني لم أكن هنا لأستقبالك , كنت أتفحص المستودعات في المكان الخلفي , حيث لا يمكن دائما سماع هدير السيارة".
فقال ستيف:
" يبدو كذلك".
" وبعد قليل ألتفت الى سارة وقال لها بهدوء:
" كنت ستريني أين غرفة نومي , يا آنسة مكدونلد ".
ترددت سارة وهي تنظر الى تيد , ثم أستدارت لمواجهة ستيف , وكان ستيف قد سمع ما قالته لتيد على الدرج , فواجهها بعينين لهما لون الرصاص , ولم تحفل سارة بذلك , بل عزمت أن لا تسمح له بتخويفها , وقالت له:
" حسنا , سأريك غرفتك يا سيد يورك".
فصاح بها:
" أنت لا تحتاجين الى البندقي فدعي تيد يحلفظ بها لك".
فناولت البندقية الى تيد من دون أن تفوه بكلمة , ثم مرت أمام ستيف وعبرت غرفة الجلوس الى الباب البعيد , وكان وراءه خمسة أبواب تؤدي الى الممشى , فتحت سارة الباب الثاني الى اليمين ووقفت متراجعة الى الوراء لتسمح لستيف بالمرور , وقالت له:
" هذه الغرفة أعتاد أن يشغلها والدي , وهي واسعة , والغرفة المجاورة لها هي غرفتي , كيماني يحتل الغرفة التي في الجانب المقابل ,وتيد تلك التي قبالتها , وأما غرفة الحمام ففي مؤخرة البيت".
وجال ستيف بنظره في أرجاء الغرفة بأثاثها القليل , ثم قال لسارة:
" لا بأس , متى تتناولون الطعام عادة؟".
" في الثامنة ".
وكانت الساعة تشير الى الخامسة والنصف فأضافت قائلة ببرودة:
" بأمكاني أن أهيء لك ما يسد رمقك الآن".
" مع السم , على ما أظن!".
وألتفت اليها قليلا ثم أضاف:
" أنظري , سنجد الأسابيع الستة التي سأقضيها هنا طويلة أذا كنت تنوين أن تستمري على تصرفاتك هذه.... وأنا لم يرق لي أن أجدك هنا أكثر مما راق لك أن تريني هنا بديلا عن مادن , ولكن لا حيلة لنا في الأمر , فعلينا أن نتحمله الى أقصى حد , وكل ما أطلبه منك هو قليل من التعاون".
فنظرت اليه سارة بقساوة وقالت:
" أهذا ما تسمية ؟".
أجابها بغيظ مكبوت :
" أفعلي ما تشائين , ولكنني أنذرك أن هناك حدودا لما أقدر أن أتحمله من الفتيات الصغيرات اللواتي يبالغن في تقدير أهميتهن , ما دمت مسؤولا عن العمل هنا فخير لك أن تفعلي ما آمرك به , هل هذا واضح كل الوضوح؟".
" واضح كالبلور!".
وقالت في نفسها وهي تغادر الغرفة.... يا له من رجل بغيض! هو كسائر الطغاة الذين أذا أعطيتهم قليلا من السلطة طارت عقولهم , لكنه سيرى أنني لن أخضع له , وأن الوقت حان لمن يوقفه عند حده.
ودخلت سارة غرفتها , وفيما هي تخرج من الخزانة سروالا وقميصا , حانت منها ألتفاتة الى المرآة فرأت الغبار يعلو خديها , لا بد أنها تلوثت به وهي على ضفة النهر , وكان شعرها أيضا غير منتظم , فلا عجب والحالة هذه أن يستخف لها ذلك الرجل ويحسبها صغيرة طائشة , وسمعت باب غرفته يفتح ووقع خطواته وهي تبتعد في الممشى , أيكون ذاهبا الى مراقبة تفريغ سيارته من حمولتها ؟ وتمنت أن لا يكون تيد في متناول اليد لمساعدته.
منتديات ليلاس
وفي الحمام أغتسلت وبدلت ثيابها وسرحت شعرها , ثم ألقت بأشيائها الوسخة في السلة لتجدها في الغد نظيفة ومرتبة على سريرها , فالخادمان مازوي ونجوروجي كانا أفضل من تولى الخدمة في المركز حتى الآن , وكم تمنت سارة أن تحتفظ بهما طويلا , ألا أن هذا التمني كان مشكوكا فيه , ذلك لأن كامبالا كانت بعيدة جدا عن البلاد التي قدما منها ولم يكن أجرهما برغم أرتفاعه ليعوض معنويا عن أنعدام المواصلات بينهما وبين ذويهما , فلم يبق لحل مشكلة فقدان الخدم ألا أقناع المازويين أنفسهم بمعاطاة هذه المهنة , غير أن النجاح في ذلك بدا ضئيلا جدا لقلة أهتمام هؤلاء القوم بالأشياء التي تشترى بالمال , فثروتهم تقتصر على الماشية التي تزودهم بكل ما يحتاجون اليه ,وفي ذلك كانوا أهنأ شعب على وجه الأرض .
كان تيد يتفحص خزان الماء فأستندت سارة الى أحد الأعمدة وراحت تراقبه , ثم قالت له:
" هل أسرفت في أستعمال الماء؟".
فأبتسم تيد وأجاب:
" أنت دائما تسرفين بأستعمال الماء للأغتسال , شأنك في ذلك شأن سائر النساء , ليتك رأيت كيف كانوا بقننون لنا الماء في ماضيات الأيام.... لا أكثر من كوب واحد لألأغتسال كل يوم , هذا أذا كان الواحد منا حسن الحظ".
فضحكت سارة وقالت:
" هذا ما يخبرني به دائما , فلو كان نصفه صحيحا لكان من اعجب أن لا تشم رائحتك الحيوانات على مسافة ميل!".
وكانت سارة تميل الى تيد ويليس , وهو لم يكن في الواقع يكبر أبيها أكثر من بضع سنوات , غير أن قضاء معظم حياته في البرية رسم في وجهه من التجاعيد ما جعله أشبه بخريطة جبال هملايا , ففي صباه كان صيادا ماهرا , ث بدأ نظره يضعف الى أن جاء وقت عجز فيه أن ينافس سائر منظمي رحلات الصيد هناك في تحديد مكان الطريدة لزبائنه , وكان في كامبالا حين قدمت سارة اليها , كم أنفق من الوقت في سرد الحكايات على مسامعها , وهي حكايات عن الأيام السالفة , ألا أن سارة كانت تظن أن معظمها يعود الى عهود أبعد منها بكثير , وسألت تيد:
" هل عاد كيماني؟".
فهز رأسه بالنفي وأجاب:
" لعله ذهب الى اللودج ".
" أنت تشك أذن في أنهم وجدوا شيئا ".
" نعم , أشك , هؤلاء الصيادون الذين يعتدون على أراضي الآخرين لا تنقصهم المهارة أبدا , فهم يدخلون حدود الأراضي في الليل ويخرجون منها قبل طلوع الفجر , والطريقة الوحيدة للقبض عليهم هي أن نعرف المكان الذي يأوون اليه في النهار , ثم نكمن لهم عند رجوعهم في الصباح ".
" وهل كل ما يهمهم هو قرن الكركدن؟".
" نعم , والذين يدفعونهم للقيام بسرقته لا يبخلون عليهم بالثمن الباهظ , على أن الربح الحقيقي هو من نصيب أولئك الذين لا يركبون أية مخاطر , ولو قام أحد بجولة بين الذين يعتقدون أن المسحوق المستخلص مناقرن يثير الشهوة , وأفهمهم بالبراهين العلمية أن ذلك لا صحة له لأصبح سلعة تجارية كاسدة وزال من السوق".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 21-07-11, 10:10 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

وألتفت الى سارة فرآها تضحك , فقال لها:
" لك أن تضحكي يا فتاتي الصغيرة , ولكن ما أقوله صحيح , فلتجارة عرض وطلب , فأذا زال الطلب زال العرض".
قالت له سارة:
" أنني أصدقك...... ولكن ما رأيك بالرجل الذي جاء بديلا مؤقتا لأبي؟".
رفع تيد كتفيه وأجاب:
" سنرى , وهذا أمر غير مهم , فهو لن يبقى هنا أكثر من ستة أسابيع ".
فقالت سارة بكآبة :
" ولكنني أشعر أن الأسابيع الستة ستكون بمثابة سنوات ست , فهو رجل متعجرف , حتى أنه منعني أن أخرج الى البرية من دون حارس".
قال تيد بشيء من الدعابة:
" يا له من رجل شجاع ... ماذا قلت له أنت؟".
فأجابت سارة:
" ماذا تظن أنني قلت له ؟ كنت دائما.........".
وتوقفت عن الكلام قليلا , ثم تابعت كلامها بعد أن رمقته بنظرة شك:
" أنت لا توافقه على ذلك , أصحيح هذا؟".
فأعترف تيد قائلا:
" لا أظن أن فكرته سيئة , فمنذ سنتين وأنا أحاول أن أقنع بها ديف , مهما أحترست للأمر , يبقى هنالك بعض الخطر , فمن يضمن , مثلا أن لا تعضك أفعى؟".
" في السيارة شراب ضد السم".
" قد لا تصلين اليه قبل فوات الأوان , فسم بعض الأفاعي يفعل فعله في ثوان .... وعلى أفتراض أن هذا النوع من الخطر يمكن تفاديه , ماذ أذا هاجمك وحيد القرن ؟ هل بأمكانك أن تصديه بتلك البندقية الصغيرة التي تحملينها؟".
ضربت سارة برجلها حجرا كان أمامها وقالت:
" لم أقترب يوما من مكان وجوده أقترابا كافيا يعرضني للخطر.... وعلى كل حال , كنت أحسب أنك ستقف الى جانبي".
" لم أعلم أن هناك جانبا أقف اليه دون جانب , فأذا أمر هذا الرجل أن يرافقك حارس عند خروجك الى البرية , عليك أن تطيعي , فهو الآمر الناهي هنا الى أن يعود والدك , وألا كان يجب أن تذهبي معه أذا كنت غير مستعدة للقبول بذلك".
" لا أظن أنه أرادني أن أذهب معه , لأنه لم يحاول أن يقنعني ........ فهل يا ترى كان يخشى أن أقرر البقاء في أنكلترا؟".
وفكر تيد مليا ثم قال:
" هذا ممكن , فالبعيد عن العين بعيد عن القلب , كما يقول المثل ".
" لن أفارق هذا المكان , وأبي يعرف شعوري هذا".
" شعورك هذا الآن هو شعور صادق ,ألا أنه لم يتح لك في السنوات القليلة الأخيرة أن تقارني بين هنا وهناك".
فبادرته سارة بنظرة عاجلة وقالت له:
" ماذا تقصد بهذا الكلام يا تيد؟".
" أقصد أنه سيأتي يوم تطلبين فيه أكثر مما يستطيع هذا المكان أن يقدم لك , وعندئذ على والدك أن يجابه الواقع , كان عليه أن يتزوج مرة ثانية , فكم من أمرأة كانت تتمنى أن تقبل به زوجا لها!".
" لم يشأ على الأطلاق أن يتزوج مرة ثانية , وهو سعيد في الحال التي هو عليها , وأنا كذلك ".
نظر اليها تيد بدهاء وقال:
" أشك في ذلك , ولعل خير ما حدث لكما من زمن بعيد هو أفتراكما لبضعة أسابيع , أذ يتيح لكما أن تدركا أن الذي ولد له هو أبنة لا أبن".
فحدقت اليه سارة بأرتباك وقالت:
" ظننت أنك صديق مخلص لوالدي !".
" وأنا كذلك , ولكن هذا لا يعني أنه يجب أن أضع حجابا على عيني وكمامة على فمي , نعم والدك ديف رجل طيب , ولكنه فيما يتعلق بك أناني كل الأنانية فقد علّمك الرماية كصبي وجعلك تتصرفين وتفكرين كصبي أيضا , وأنا لا أذكر آخر مرة رأيتك فيها ترتدين فستانا!".
" ولماذا يجب أن أرتديه ....... السروال يريحني أكثر مما يريحني الفستان....... أنت لا تعي ما تقول ..... وأنا لا أختلف عن أي فتاة من جيلي".
فقال تيد وقد جعدت الأبتسامة ملامح وجهه:
" أصحيح هذا ؟ دعينا نسأل ستيف يورك عن رأيه في هذا الشأن ".
فأجابت بكبرياء:
" أنا لا أبالي في أي شأن , وبما أنك مصمم على النيل من شخصية والدي في غيابه حين لا يستطيع الدفاع عن نفسه , فلن أعارضك في شيء".
وسارت الى المطبخ ببرودة فدخلته وتحدثت قليلا الى الخادم الأفريقي هناك ثم تابعت السير الى غرفتها , وهناك , لأول مرة منذ سنوات وقفت أمام المرآة وتفرست في صورتها وهي تضع يدا على شعرها القصير وتنفض أطرافه بأصابعها , وأدارت لسانها على شفتيها اللتين لا عهد لهما بالحمرة منذ زمن طويل , فيما أخذت ترتب طوق قميصها , وخيل أليها شيئا فشيئا أن تيد قد يكون على صواب , فهي تبدو كصبي أكثر منها كفتاة , ولم تعلم لماذا أزعجها قليلا أن تدرك ذلك مع أنها كانت مقتنعة أن لا فرق في أن تكون صبيا أو فتاة , على أنها مع ذلك عزمت أن ترفض تغيير هندامها وسلوكها لترضي تيد ويليس , أو أي أنسان آخر , فالسروال والشعر القصير أكثر ما يريح في تلك الديار , وهي أكتشفت ذلك في وقت مبكر لوصولها , ثم أذا كان والدها لا يبالي بمظهرها , فلماذا يبالي الآخرون؟

وسرعان ما خيّم الليل كعادته ,وفي السابعة دخلت سارة غرفة الجلوس فلم تجد أحدا , وجلست تتصفح بعض المجلات لبضع دقائق , ولكن عقلها لم يكن قادرا على التركيز , وسرها أن يصعد كيماني نكوجي الى الغرفة للجلوس معها.
فقالت له وهو يمزج لنفسه كوبا من العصير:
" متى وصلت؟ لم أسمع هدير سيارتك".
أجابها:
" منذ نحو ساعة , ففي الساعة الرابعة توقفنا عن مطاردة اللصوص".
" أذن , فتعبكم ذهب عبثا".
" لم نجد سوى بعض الخراب التي سقطت منهم , فهم أما خرجوا من المنطقة بكاملها وأما أختبأوا آملين أن نعتقد ذلك".
" تيد يرى أنهم يعبرون الحدود كل ليلة".
" أنا لا أرى ذلك , على الأقل في هذه المرة الأخيرة , لأن الطريدة التي أصابوها كانت بعيدة جدا الى الداخل , وفي أعتقادي أن واحدا يتسلل راكبا عجلته عبر الحدود في الليل ويأخذ قرن الكركدن منهم , رأينا آثار عجلة في أحد الأمكنة , ولكنها لا تؤدي الى مكان , ولعلها من مخلفات الجماعة الذين خيموا هناك في الأسبوع الفائت لمدة يومين".
" والآن , ماذا ستفعلون؟".
" هذا يتوقف على المدير الجديد , وفي رأيي أنه سيطبّق القوانين بحرفيتها , فقد أمرني أن أعير كل أهتمامي لوظيفتي المسندة الي , لا أن أقوم بوظيفة سواي".
وبدا لسارة أن ستيف يورك كان على حق , ذلك أن كيماني يعمل في قسم الأبحاث وواجباته منصوص عليها بوضوح , وهي أن يسجل التغييرات التي تطرأ على توزيع التجمعات الحيوانية في المنطقة , وقد مضى عليه هناك في مارا شهران , وربما بقي شهرين آخرين , والحق يقال أن مطاردة الصيادين المعتدين على مناطق الصيد الخاصة بالآخرين لم تكن من المهمات التي يتقاضى أجرا عنها".
وسألته سار قائلة :
" ما رأيك في ستيف يورك ؟".
فأجاب برصانة :
" ولماذا يكون لي رأي فيه؟ هو هنا ليقوم بوظيفته كأي واحد مناسب , أما كيف يقوم بها , فهذا شأنه وشأن المصلحة التي أرسلته ".
وقالت سارة مبتسمة :
" ما لك وللمصلحة .... فهي لا تقدم ولا تؤخر بالنسبة الى يورك الذي يتصرف في تأدية مهمته كيفما يشاء ..... ولولا العيب والحياء لتمنيت أن يكسر رقبته بين الآن وبين موعد طعام العشاء ".
فأرتفع صوت من المدخل الآخر يقول:
" عبثا..... الجدران لها آذن ".
فقفزت سارة واقفة تحت تأثير المفاجأة , ولكنها بادرته قائلة بسرعة خاطر:
" الذين يسترقون السمع نادرا ما يسمعون كلام المديح .... وليس لك أن تتوقع مني كلمة أعتذار".
قال ستيف وهو يدخل الغرفة:
" هذا آخر شيء أتوقعه منك".
ثم سلّم على كيماني مبتسما وهو يمزج لنفسه كوبا من الشراب , ونظرا الى سارة فتجاهلته وعاد تتصفح المجلة التي بن يديها .
وأنتظرت منه أن يبدأ الكلام , ولكن دخول تيد حوّل أنتباهه الى أمور أخرى , وفي النصف ساعة التي تلت أخذ يلقي الأسئلة تباعا على كيماني وتيد بخصوص سير العمل في المركز , وكانت الأسئلة ذكية من شأنها أن تجعله مطّلعا كل الأطلاع على الأوضاع بأقل ما يمكن من المدة , فرجل من هذا النوع يعتقد دائما أن أسلوبه في العمل هو أفضل الأساليب , ولكن ذلك لا يصح دائما بالضرورة , فوالدها ديف أمضى في أدارة المركز أربع سنوات ولم تصدر من أحد أية شكوى.
في الساعة الثامنة دخل مازوي يحمل الطعام , فوضعه على الطاولة وخرج وعلى وجهه أمارات الكآبة والحزن , كان هو ونجوروجي أخوين , غير أنهما كانا مختلفين أحدهما عن الآخر أختلاف الليل والنهار , وكانت سارة تميل الى الأعتقاد أن الأول سيقنع الآخر بالعودة الى الوطن , فأذا تم ذلك لم يكن بوسع أحد أن يقف في وجههما , وتصبح المشكلة مشكلة أيجاد أحد يتكبد مشقّة السفر الطويل لمرافقتهما الى مسقط رأسيهما في الجانب الآخر من ناروك.
وجلس ستيف يورك الى الطاولة في المقعد الذي كان يجلس عليه والدها , فبدا رجلا ضخما معتدا بنفسه طاغي الرجولة , وتناولت سارة طعامها بصمت وهي تستمع الى الحديث الدائر حولها من دون أن تحاول المشاركة فيه , وتطلع اليها تيد بتساؤل مرة أو مرتين ولكنه لم يوجه أليها أية ملاحظة , على أن ستيف تجاهلها وأعتبرها كأنها لم تكن موجودة هناك على الأطلاق , كان يركز أهتمامه على ما يخبره به كيماني عما لقيه في غضون الشهرين الأخيرين.
وقال ستيف لكيماني ....... وهما يرشفان القهوة على الشرفة بعدما تناولا الطعام:
"سأذهب في الصباح لأتابع آثار المعالم التي كنتم تتعقبونها اليوم , فأذا كنت على حق في قولك أن اللصوص يعبرون الحدود في الليل لأخذ ما أصطاده عملاؤهم في الداخل , فأن تلك المعالم تساعد على تحديد الوضع الذي يأوون اليه , ولكن قد يتبين أنها من آثار تلك الجماعة التي ذكرت أنها نصبت خيامها هناك منذ أسبوع , فما علينا ألا أن نتأكد من ذلك".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 21-07-11, 10:14 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

ونظر الى سارة حيث كانت مستلقية على كرسيها وقال لها بلطف:
" هل بقي شيء من القهوة ؟".
فتجنبت على مضض أن ترفض طلبه , بل وقفت على قدميها وتناولت كوبه الفارغ وهي تبادله نظرة الند للند , أذا كان يظن أنه يعيدها الى حجمها الطبيعي في النظام القائم هناك فهو مخطىء جدا , فغدا صباحا سيجد الى أين وصلت به سعة حيلته في معاملتها , لقد وضعت خطتها لليوم التالي ولا تنوي تغييرها....
وأجاب تيد وكيماني بالنفي حين سألتهما سارة أذا كانا يرغبان في فنجان آخر من القهوة , وحين ملأت فنجان ستيف أعادته اليه من دون أن تتفوّه بكلمة , ثم نزلت الدرج وأخذت تتمشى في الظلام خارجا كمن لا يعير أهتماما لشيء.
وكان الغزال الصغير مضطجعا في المأوى الذي أقيم له في الزاوية البعيدة من الحظيرة , فرفع رأسه حين أقتربت اليه سارة ونظر اليها من دون خوف وأنفه يرتجف , داعبته قليلا وهي تفكر أن عليها أن تختار له أسما عما قريب , ولم يكن من عادتها أن تداعبه , لأعتقادها أن مداعبة الحيوانات والعصافير الصغيرة التي تعتني بها يزيد في مرارة الفراق.
منتديات ليلاس
كان غناء الجداجد عاليا والنسيم مليء بالعبير المألوف , والأصوات في تلك الأنحاء حتى وهي تدوي الى أميال بعيدة يبقى كل منها منفصلا ومعروفا , أستطاعت سارة أن تسمع طرطشة الماء آتيا من جهة بركة فرس النهر , فوق نهبق حمار الوحش بعيدا في السهل وعواء الضبع على مسافة أقل بعدا منه , وتذكرت سارة الرعب الذي أستولى عليها في الليالي الأولى من أقامتها في تلك الديار حين كانت تضطجع يقظة وتحاول أن تعزو في ذهنها مختلف الصرخات والنداءات الى شيء حقيقي حي , ومن الغرابة أنه كان في زئير الأسد عزاء لها , وما ذلك ألا لأنها كانت تقدر أن تتبينه وتشخص صاحبه في مخيلتها , أما الذي كان يدب الذعر في قلبها فهو الصوت الذي تجهل صاحبه , ومع أنها قضت بضع سنوات هناك , فهي لا تزال تجهل بعض الأصوات , ألا أن الذعر قد زال منها , وأصبح السكون هو الذي يثير أعصابها.....
وشرع أسدان يتبادلان الزئير عبر النهر كما لو كانا يلبيان ما يجول في خاطرها , ثم سارع الى الأنضمام اليهما أسدان آخران كان يسمع زئيرهما بوضوح من مكان أبعد , وقفز الغزال الصغير من الخوف فأخذت سارة تهدىء روعه بكلمات الرقة والحنان , وما أن فارقته حتى عاد الى النوم آمنا مطمئنا على الرغم من الأسود التي ظلت ترسل زئيرهما كما في جوقة , وتساءلت سارة عما أذا كان أحد الزوجين من الأسود ينتمي الى القطيع الذي شاهدته في السهل منذ يومين , فقد كان في القطيع نحو عشرين أسدا ومن بينهم بشعة من الأشبال من مختلف الأعمار ,وكم أدهش سارة أن اللبوءات جميعا كانت تفتخر بأطعام أي شبل من تلك الأشبال بغض النظر عن أنتمائها , تلك هي...... في نظرها , الروح الجماعية الحقيقية التي تصدر عن غريزة لا عن تصور وتصميم.
وكانت سارة واقفة وظهرها مستند الى أحد العواميد تتسمع الى أصوات الليل عندما أحست بحضور شخص قربها , ولما ألتفتت وراءها رأت ستيف يورك واقفا على مسافة بضعة أمتار وهو يراقبها , ولم يكن المكان الذي وقفا فيه يتلقى ورا من البيت فبدا ستيف في الظلام على جانب كبير من الضخامة , مما بعث في سارة شعورا غريبا أثار أعصابها ,وهكذا لجأت بغريزتها الى الهجوم فقالت له:
" هل من الضروري أن تشملني برعايتك الأبوية هنا أيضا في هذا المكان الآهل ؟ أم أن لديك سببا آخر حملك على أن تتبعني؟".
فأجابها ستيف من دون أن يبدي حراكا :
" أعندك فكرة عن السبب؟".
فأبتعدت سارة عن اعمود ووقفت ويداها في جيبي سروالها .
قالت:
" كيف يكون عندي أية فكرة؟ وعلى كل حال ,متى جئت بتراقبني؟".
فوضع سيكارة بين شفتيه وأشعلها , ثم قال:
" جئت منذ نحو دقيقتين لأنني أريد أن أتحدث اليك".
فنظرت اليه بأزدراء وقالت:
" عن ماذا ؟".
" عنك".
قال ذلك وتوقف قليلا , ثم نفخ حبلا رفيعا من دخان سيكارته قبل أن يتابع كلامه قائلا:
" لي أخت من جيلك تقيم مع بعض الأصدقاء في نيروبي , فهل تريدين أن تذهبي الى هناك وحدك لقضاء أسبوعين؟ ستبتهج أختي جيل برفقتك ,كما أن التغيير يفيدك".
فقالت له سارة بغيظ:
" لا أحتاج الى تغيير , وأذا كنت تبحث عن طريقة تبعدني بها عن هذا المكان فلماذا لا تقول ذلك بصراحة؟".
" أنت على خطأ , وأنا بكل أخلاص أرى أنك بحاجة الى تغيير , فهو يفيدك".
" يبدو لي أنك بحثت الأمر مع تيد".
" قليلا , فالظروف أستدعت ذلك".
" ولكنها غير أستثنائية ".
" ألا تظنين أنها أستثنائية ؟ متى لبست فستانا لآخر مرة ؟ أو أطلت شعر رأسك؟ أو أستمعت الى حديث لم يكن بمجمله خاصا بالرجال ؟".
" أنا لا أكتفي بالأستماع الى الأحاديث بل أشارك فيها كالمعتاد, أما شعري وثيابي فهي تلائم نوع الحياة التي أعيشها".
" أعرف ذلك , وهذه هي المسألة , كل المسألة , فملازمتك هذا المكان تحرمك جانبا أساسيا من نموك الطبيعي , أنت بحاجة الى معاشرة الذين هم من جيلك , صبيانا وبناتا على السواء , فقالت سارة بسخرية:
"والهدف من هذا كله , على ما أظن هو أن أجد لنفسي زوجا أعيش معه حياة زوجية سعيدة!".
أنفرجت شفتا ستيف عن أبتسامة فاترة وقال :
" هناك ما هو أسوأ من ذلك!".
" هل أنت متزوج؟".
" كلا , ولكن المسألة التي نحن بصددها لا تنطبق على الرجال ".
" هل تقصد أنه يجوز لك كرجل أن تكون فرديا بينما لا يجوز لي ذلك لكوني أمرأة؟".
فحدّق ستيف أليها وقال:
" لم يتح لك الوقت الكافي لتعرفي ماذا تريدين أن تكوني , ففي وسعك أن تكوني على جانب كبير من الجمال يا سارة أذا توقفت عن لعب دور الفتاة القاسية , ألا تفكرين أبدا أنك بذلك تفقدين الكثير؟".
" في هذه اللحظة لا أرى أنني أفقد شيئا , وأنا على يقين أن الآلآف يتمنون أن يحظوا بأهتمام ستيف يورك بهم ..... أنا لا أريد أن أذهب الى نيروبي , وأنت لا تستطيع أن تجبرني".
فقال وقد بدا في نبرة صوته بعض الحدة:
" أنا لم أقل أنني أستطيع أن أجبرك , والآن دعينا نتفاهم منذ البداية , أذا كنت ستبقين هنا في هذا المركز فعليك أن تتعلمي آداب السلوك كأي أنسان بلغ سن الرشد , فقد طال الوقت الذي كنت تتصرفين فيه كصبية غريبة الأطوار , والآن حان لك أن تخضعي للعقل ,وسيكون لدي من كثرة المشاغل ما يكفيني ولا يسمح لي أن أضيّع وقتا بالقلق عليك!".
وأتجه ستيف نحو البيت بينما أخذت سارة ترافقه بنظراتها وهي تقول في نفسها مهددة واعدة:
(ألديه مشاغل كثيرة ؟ ولكنه لم يبدأ بعد!).

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
kay thorpe, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, the man at kambala, عبير, في مجاهل الرغبة, كاي ثورب
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:24 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية