كاتب الموضوع :
تمارااا
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
9- الخيار المر
دفع الغضب قدمي اينديا الى الامام،لم تأبه الى اين كانت تتجه،بل مشت بمحاذاة النهر،ترفس الاحجار بعيدا عن طريقها،متمنية لو انها ايدان وهي تضربها بقوة بأصابع قدميها.
كيف يجرؤ على ذلك؟كيف يجرؤ على معاملتها بهذه الطريقة؟لقد انتقل الى بيتها والى حياتها مستوليا عليهاو...
وماذا؟
خطر لهلا السؤال بقوة فجمدت في مكانها،اليست الحقيقة انها منذ وصول ايدان،كانت تقاوم بشدة بحيث انها لم تتوقف قط لتفكر فيما كانت تقاووم ضده؟
حسنا لقد انتقل ايدان للأقامة في منزلها لكنه يملك الحق القانوني الكامل في هذا،وكان هو في المقابل من أمن لهم سقفا يئويهم بعد ان غامر والدها بكل شيء،
كما انه جنب والدتها معرفة الحقيقة المريرة عن تصرف زوجها ،وقام بذلك بانقاذ والدها من نتائج افعاله المحتملة.
لكن لماذا؟
هل من المعقول ان تكون قصة الاتفاق الذي سبق الزواج حقيقة؟كلن عليها الاعتراف ان ذلك يبدو من الاعمال الأنتهازية التي قد يقوم بها والدها فعلا،وهذا يفسر حتما اقدامه على المغامرة فقد ظن ان مالها قد ينقذه من السجن.
ماذا لو كانوا يملكون المال طوال هذا الوقت؟ان لم يكن مايكفي لتسديد ديون والدها،فما يكفي على الاقل لجعل حياتهم اسهل بكثير وان كان هناك مال فقد اتى من ايدان.
لماذا اذن وقع اتفاقا من هذا النوع قبل الزواج خاصة انه لم يكن لديه نية لأتمام الزواج وهذا يعني انه لن يحصل على اي شيء من هذا الأتفاق.
-عندما تطرحين الاسئلة الصائبة اجيبك.
تردد صوت ايدان في راسهت فقطبت وجهها بارتباك ،فقط ماهي الاسئلة الصائبة ؟كيف تسألأه ان كانت لاتدري ماتقول؟.
استدارت فجأة واتجهت عائدة من حيث اتت.
كانت تريد التحدث الى ايدان والعثور على الاسئلة الصائبة لطرحها وان قتلها ذلك!
حين بلغت الفسحة الصغيرة وجدت ان ايدان لم يكن يفعل شيئا مماثلا،فلم يكن منها الا ان وقفت محدقة بمنظره المتكيء باسترخاء على جذع الشجرة.
كانت عيناه مغلقتين باحكام وكان جليا انه يغط في نوم عميق وهاديء.
ابعد هذا المشهد عن ذهنها ل تساؤلاتها وهموها السابقة ،وتحركت بهدوء على العشب الندي جالسة الى جانبه،لفت ساقيها تحتها وراحت عيناها تحدقان الى وجهه.
قالت برقة:"ايدان"لككنه لم يتحرك.
كانت قريبة منه الى حد استطاعت معه سماع صوت تنفسه الرقيق،ورؤية صدره يعلو وينخفض حت انها تمكنت من التقاط ارتجاج اهدابه الطويلة الكثيفة التي ترتسم كهلالين فوق عظم وجنته الحاد.
همست برقة وحزن:"ايدان..".
تحرك ايدان قليلا في نومه كأنه يشعر بوجودها وتنهد باعياء ،اعتصر قلب اينديا بألم حين رأت كيف تتحرك كتفاه.
-اينديا
مرت ثانية او اثنتين ظنت فيها ان النغمة الرقيقة التي لفظت اسمها بهذا الصوت الذي احبته يوما كانت جزءا من ذكرياتها.
لكن سرعان ماانجلى الضباب الذي غشي بصرها ورأت وجه ايدان فأدركت ان عينيه كانتا مفتوحتين تحدقان الى وجهها ،فانتفض قلبها بعنف مخرجا كل الهواء من رئتيها حين التقت عيناها بنظرته الممعنة.
ودمدم بتكاسل:"لم لاتعانقيني..؟"
انها تريد ذلك بالفعل والى حد بعيد ،لم يكن من فائدة لأ،كار ذلك حتى لنفسها وبالطبع له هو.
لكن بالرغم من علمها بالعجز عن اخفاء ماكانت تشعر به،عرفت ايضا انها عاجزة عن الاقدام على معانقته،وامسكت عينا ايدان بعينيها بسلطة ساحر وابقتاهما مثبتتين ،تتحكمان بها بقوة خفية لكن فعالة جدا.\-لا؟
منتديات ليلاس
رفع حاجبه الداكن بلهو كسول واتسعت ابتسامته:
-اذن سأسهل الامر عليك..اتسمحين؟
وقبل ان تفكر في ما يخطط له،رفع نفسه الى اعلى وامتدت يده لتقف على مؤخرة عنقها،وراحت اصابعه الطويلة القوية تمسك بخصلات شعرها الاسود وبدء يدني وجهها ببطء منه بشكل لايقاوم،كانت ابتسامته اخر شيء رأته قبل ان يعانقها.
بقيت اينديا للحظة لاتتحرك ،لاتعي كيف تستجيب،لكن قلبها كان يعرف مايريد،انها بحاجة ماسة اليه،الى دفئه ورقته..,حبه.
لم تتمكن من مقاومته،فضمته بقوة وقلبها يعصف بين جنباته..ماسر تأثير هذا الرجل فيها؟ان قربه منها يكفي لاذابة عظامها..لماذا تشعر بان العالم كله غير مهم وان المهم فقط ان تبقى قريبة منه ومن دفء ذراعيه ومن نغمات قلبه وهو يخفق بهذه القوة.
-لقد اشتقت اليك واضاق:
-يالهي ،ليتك تعرفين فقط الى اي درجة!".
كانت تعلم هذا ماقالته في نفسها،كيف يمكن الا تعرف وكيانها كله يتحرق شوقا اليه..انه اهم مافي الوجود ..انه اهم من الهواء والماء.
-اتدرين ماذ يفعل قربك مني؟هل تستطيعين ان تخمني حتى؟..
ان كان صوت ايدان قبل ذلك ابحا فقد اصبح الآن اجش،اما هي فشعرت بالفرح لانها هي التي تؤثر فيه الى هذه الدرجة،وبادلته عناقا بعناق.
كانت نبضاتها تقوى حتى شعرت ان صوتها يغلب هدير الشلال خلف ظهرها.
دمدم قائلا:"لقد بقيت بعيدا عنك مدة طويلة ياحبيبتي،مدة لعينة طويلة جدا".
مالذي تفعله وكيف تسمح لمشاعرها ان تجرفها هكذا؟..
ورغم الاحتجاجات التي كانت تدور برأسها لم تكن هي من ابتعدت عنه.
بل هو ،اذا انسحب بعيدا عنها وكأ،ه يخاف من مشاعره،ومما قد تقودهما اليه.
-يجب ان نتحرك قريبا.
-ايجب علينا ذلك؟
-تعلمين انه يجب علينا ذلك ايتها الاميرة،ستب\أ والدك بالتساؤل عن مكان وجودنا.
-لا لن تفعل،ستعلم اني برفقتك،واني في امان تام حسب رأيها.
كانت في المقابل في خطر داهم ومحدق اكثر مماكانت فيه من قبل في حياتها عاطفيا على الاقل،ظنت نفسها في الماضي مغرمة بايدان،لكنها عرفت الآن ان مشاعرها وقتذاك لم تكن سوى بداية بسيطة لمثل ذلك الشعور ،فما عرفته لم يكن سوى اول برعم صغير نما منذ ذلك الحين ليصبح نبتة مجذرة وقوية.
الان تعرف هذا،لكنها كانت خائفة من الاعتراف به،لقد احبت ايدان واحتاجت له بكل القوة والعاطفة التين استطاع قلبها ان يشعر بهما.
-من الواضح ان والدتك لاتشارك والدك رأيه السيء بي.
وافقت اينديا على ذلك قائلة:
-انها لاتوافق والدي في اهتمامه باسم العائلة وبمركزها،لقد دفعها والدها للزواج بوالدي،كان ذلك زواجا مدبرا الى حد مابين عائلتين من اكبر العائلات واهمها,
-لكنها تمكنت من انجاح هذا الزواج فهي تحبه الان.
-آه نعم.
ماذا سيحدث الآن؟
-الآن؟
جعلت المفاجأة راس اينديا يستدير بسرعة،لكن ايا من العواطف المستترة في عمق هاتين العينين لم يكن تسهل قرائته ويتحقق تفسيره.
-حين تكتششف امر المقامرة والديون.
-اعتقد انها ستتخطى الامر.انها تحبه كما هو.
-وماذا عنك انت؟
-ان كنت حقا تحب احدا،فأنت تقبل به كما هو.وعلى اي حال فأنت مخطيء في مايتعلق برأي والدي بك،ففي يوم زفافنا كان قد تقبل الفكرة ،فقد كان في النهاية سعيد جدا.
-اراهن على ذلك.
كان ايدان يربط حذاءه واظهرت القوة التي شد بها الرباط حدة التهكم الذي ادخله في كلامه،وعند سماع ذلك قطبت اينديا وجهها بارتباك وقالت:
-وماذا يعني هذا تحديدا؟
سخر ايدان من سؤالها:"اه ايتها الاميرة !".
عكست خطوط وجهه موقفا غير وجي والنعدمت الرحمة في عينيه،واضاف:"لايعقل انك لاتدركين ان والدك كان يعرف حق المعرفة اين تكمن مصلحته،وانه كان عازما على الاستفادة من ذلك ،كان مستعدا لتجاهل اني لست منحدرا من عائلة مناسبة حين ادرك كم من المال النقدي سأضع في خزنة العائلةة".
-لا...
واجفلت حين قام ايدان بذكر المبلغ الذي بدا كانه رقم هاتف وكان صوته مشبعا بالاحتقار.
-هذا القدر؟ودفعت له!
-بدا لي حينها ان الامر يستحق ذلك.
-اذن فأن الاتفاق الذي سبق الزواج كان حقيقيا.
لم يكن صوتها سوى طيف صوت وماقالته لم يكن سؤالا بل تصريحا،لأنها عرفت الجواب،وراحت تلتقط الزهور بعصبية من العشب وتجمعها في رزم صغيرة في يديها،فقال ايدان
-مهما يكن رأيك بي ايتها الاميرة فانا لم اكذب عليك قط.
لم يكن ماقاله سوى الحقيقة كما كانت تعلم،وان لم تكن قد صدقت ذلك بعد،فان القوة الفجة في نبرته كانت ستقنعها على الفور.
-آه،ياالهي،ايدان..ماأشد اسفي!
حدق بصمت في وجهها لفترة طويلة وكانت عيناه شاردتين بشكل غريب،لكنه مالبث ان بدأ يضحك بقسوة مذهلة:
-اتعلمين ايتها الاميرة،كدت للحظة اصدقك في الماضي،فقد كنت مقنعة جدا.
-لأني كنت صادقة في ذلك!
اقتربت منه لتلتقط يده،فما كان منه الا ان ابعدها بحركة سريعة لامباليه،وقالت:
-لم اكن اعلم بما فعله والدي ،لم تكن لدي ادنى فكرة!لكني الان وقد عرفت،فان ذلك سيساهم في توضيح الامور،اعتقد اني اعرف الان لماذا تصرفت على هذا النحو.
-هل تعرفين حقا.
-لااستطيع سوى التساؤل عن السبب الذي جعلك تأتي الى الكنيسة في الاصل.
-صدقيني انا ايضا كنت اطرح على نفسي هذا السؤال في بعض الاحيان.
ربما اردت التمتع بالنظر لوجهك الجميل للمرة الاخيرة،والى تأمل المرأة التي ارغب فيها رغبة تكاد تقتلني.
كان الألم الذي سببته هذه الجملة شديدا،مما دفع اينديا للوقوف على رجليها بعد ان عجزت عن الجلوس الى جانبه اكثر من ذلك،فباشر ايدان باعادة ترتيب الطعام والأطباق في السلة،وكانت حركاته تعكس فظاظة ملاحظته السابقة.
-لايمكنك ان تتوقع مني قبول ذلك!لوكنت ترغب في الى هذا الحد لأتممت الزفاف على اي حال،ثم كان بأمكانك ان..
اطبقت يدها باحكام على الزهور التي كانت تحملاه،فسحقتها بعنف حين اختنق صوتها في حنجرتها،كما لو انه يذبل تحت وقع النظرة القويه المستعرة التي حدج بها وجهها الشاحب.
-الحصول عليك كلما اردت ذلك؟ اهذا ماتحاولين قوله ياجميلتي اينديا؟لقد خطرت الفكرة في رأسي لكن ذلك كان يعني سلو الطريق الاسهل.
-الأسهل..لم ترد قط سوى الانتقام تمام كما تفعل الان فكما يقولون ان الانتقام هو طبق من المستحسن تناوله باردا،لكني ماكنت اعتبر الامر يستحق الانتظار لهذه الفترة الطويلة.
تدخل ايدان بحصافة بغيضه قائلا:"لديك ميل خطير للمبالغة،لم اكن اتوقع ان والدك سيصاب بنوبة قلبية قبل ان يدفع ديونه".
فقالت اينديا بمرارة:
-لااظنك قادرا على ذلك،لكن الامر كان بلا ريب بمثابة كسب غير منتظر لك.
-فلنقل ان ذلك جعل الامور اسهل بكثير.
-اراهن على ذلك!فهذا يعني بابتعاد والدي عن طريقك حصلت على الوسيلة التي تحتاجها للانتقال الى المنزل والاستيلاء عليه!
-هل خطر ببالك ان والدك قد يكون معي احسن حالا منه مع بعض الاشخاص الاخرين الذين اعرفهم؟فمنهم من لم يكن ليعطيه تلك الاشهر السته دون فائدة،ولم يكن ل..
قاطعته بحدة:"دون فائدة!لم تقل اي شيء قط عن هذا الموضوع من قبل".
-حسنا هناك شيء واحد اكيد ،وهو ان المال الآتي من الاتفاق قبل الزواج هو لك بكل فلس منه!لتسددي ديون والدك.
تلاشى غضب اينديا فجأة فبدت كلماته الآن منضبطة ببرود واضاف:"لابد انك تحبينه كثيرا!"
-لا،ليس لتسديد اي شيء!لااستطيع قبول ذلك المال،ايدان،لن يكون ذلك منصفا،فانا لم اطلب يوما من والدي ان يعقد معك اي اتفاق،ولن استغل تصرفاته،يجب ان تستعيده كله.
قاطعها ايدان بقسوة:"اينديا لاداعي لذلك!فقد وهبت ذلك المال لك،ولم افتقده ماليا قط.كان يجب منذ البدء ان يكون لك انت واريد منك ان تأخذيه".
-حسنا،انا لااريده!خاصة حين اعرف كيف تم الحصول عليه.
-حسنا يمكنك ان تفعلي به ماتشائين لكني لن المس اي فلس منه،وان حاولت ان تعطيني اياه،فسأحرق الشيك واعيدك الى الحضيض,
-اذن ماذا سيحصل الآن.
-الآن.
كان ايدان فرغ من توضيب الأغراض،فوقف على رجليه ملتقطا البساط ليطويه بترتيب.
-اعتقد ان ذلك يتوقف عليك.
-علي انا؟
-انا مستعد لقبول فكرة انك لم تعرفي شيئا عن المال الذي اقترضه والدك مني قبل الزواج،وان كانت فكرة الرهان الذي قمت به مع صديقتك مجرد مزاح كما تدعين...
اعترضته اينديا بسرعة:"لقد كانت كذلك صدقني!"
لم تتساءل ان استعجلت في ردها الاحين توقف ايدان عابسا ومقطبا حاجبيه الداكنين،لم تتمكن من تحديد السبب ،غير ان الشك راودها في ان هناك المزيد بلا ريب،هناك امور اساسية لم تقل،لكن لم تكن لديها ادنى فكرة عن ماهيتها.
-انا..هناك امر واحد يجب ان اعرفة في البدء.
-وماهو.
-والدي،المال الذي يدين لك به،وكل ماعداه،هل الطريقة التي ستعامله بها تتوقف على..؟
-على الطريقة التي تتصرفين بها؟
انهى ايدان جملتها حين تعثرت بكلماتها.وهز رأسه ببطء،وقد حجب عينيه جفناه الثقيلان ليستر افكاره عنها.
-هذا بيني وبينك فقط ايتها الاميرة،مامن احد اخر له شأن به.لكن هناك امر واحد اريد ان يكون واضحا لك انا لااتحدث عن الزواج فما من شيء من هذا القبيل يتوقع حدوثه،انا لاارتكب اخطأ نفسه مرتين.
-انا لا اطلب الزواج.
تمكنت اينديا من الكلام مستخدمة كل ماتملكه من رباطة جأش بغية الحفاظ على نبرة عادية.
واضافت:
-لااريد الزواج انا ايضا.
تعلم انها كاذبة لن تكون قط سعيدة حقا،لكن ان هي تركته يرى ما تشعر به حقا فانه سيتراجع عنها ويبتعد ويرفضها بشكل نهائي،وان فعل ذلك فان حياتها ستدمر كليا،ومامن طريقة تستطيع بها ان تملأ الفراغ الذ قد يخلفه وراءه.
لم يكن هناك اذن اي قرار لأخذه في النهايه،فهي كانت تعلم في قرارة نفسها انها لاتملك خيارا اخر سوى المضي مع ايدان وفق شروطه،فاما تقبل بهذا اولا تحصل على شيء اطلاقا.
|