كاتب الموضوع :
تمارااا
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
فما كان من الحشد الا ان حدق بصمت وذهول.
-لايمكن ان تعني..
ردد ايدان ذلك بتهكم:
-لايمكن ان اعني؟
ثم اضاف:
-مالذي لايمكن ان اعنيه ياعزيزتي؟ياالهي"ايجب ان اهجئها لك"حسنا.
انقضت يده عليها بسرعة الثعبان وامسك خصرها بشدة يجذبها اليه بعنف وقسوة مماجعلها تلتف في نصف دائرة لتواجه الحشد.
وبعينبها الهائمتين رأت والدها في المقعد الامامي وقد علا الاحمرار وجهه.وتذكرت ببؤس ان والدها لم يكن يرد لهذا الزواج ان يتم وقد حذرها من ربط حياتها برجل بمواصفات ايدن وسمعته.
اردف ايدن:"لنوضح الامر تماما لا،لن اتزوج بك"؟
خرجت كل كلمة بدقة موجعه للتأكد من عدم وجود اي سوء تفاهم.
-لن اتزوج بك في السراء والضراء ،في الصحة وفي المرض،في الغنى وفي الفقر-خاصة في الفقر-او في اي من تلك الوعود التافهة تماما،التي كنت تتوقعين مني ان اتلفظ بها امام كل الحاضرين هنا.
اجفلها تهكمه وسخريته فانهارت أمالها وواحلامها لتتناثر حولها اشلاء صغيرة.وكرد فعل طبيعي للدفاع عن النفس حاولت رفع يديها لتسد بهما اذنيها ،فأمسك بها ايدان مرغما اياها على انزالهما مجددا لتحدق عينا خشب الابنوس بتلك العينين الخضراوين وقال:
-اسمعي ايتها اللعينة"اريد منك ان تسمعي ماسوف اقول.اريد منك ان تعلمي اني لن اتزوج بك الآن او في اي وقت اخر ،واني افضل الموت على ان اسلم نفسي لمثل هذا السجن والأذعان لما اعتبره اسوأنوع من الاكاذيب.
-ولكن...
-لا.
لم افلت يدها كما لو ان الامساك بها يصيبه بالعدوى،واخذ نفسا عميقا ثم مرر اصابعه القوية بعنف في شعره الاسود الناعم وقال:
-اسف صغيرتي ،لكن هكذا ستجري الامور
ابرزت اشعة الشمس ومضة البريق التي ترسلها بعض الشعيرات النحاسية في الممر الداكن،وجعلت حركة يده القاسية خصلة شعر واحدة تسقط على جبينه العريض،وحين استعادت ذاكرتها المناسبات العديدة في الماضي،التي كانت قادرة فيها على رفع مثل هذه الخصلة المشاكسة عن وجهه،وجدت اصابعها متلهفة لفعل ذلك.لو انها تمكنت من لمسه.
غير ان وجهه وعينيه التين تقدحان شررا خنقوا هذه الفكرة في مهدها،وفجاة باتت الحقيقة المرة من الصعوبة بحيث فاقت قدرتها على الاحتمال،فصرخت بحدة:"لست آسفا البتة".
اعتصر الألم اعماقها بقوة حين رأته يحني رأسه في تأكيد مستهتر لاتهامها وقالت:
-لست آسفا لأنك..لأنك..
وعلقت الكلمات في حنجرتها..لأنك لاتهتم حتى..تلك الكلمات التي عجزت عن النطق بها لفظتها بشكل غير واضح،لتمنع نفسها من الاختناق من حدة الألم.
لطالما علمت منذ بدء علاقتهما العاطفية الجارفة ان مشاعر ايدن لم تكن في الواقع تطابق تماما مشاعرها.فلم يكن هو من صعق بها لذا لم تصدق يوما ان هذا الشخص المذهل يرغب بها حقا،هذا هو الرجل الذي افقدها رشدها واتزانها ،فلم تترد حين طلب منها الزواج في القبول فورا،وكان ان اسرعت في اتمام الزفاف في اسرع وقت ممكن خوفا من ان يغير رأيه.
منتديات ليلاس
لكن كيف بأمكانه ان يفعل ذلك؟كيف يستطيع ببساطة ان يقف هناك بهدوء وبرود ورباطة جأش،في حين انه يحطم عالمها وحياتها كليا مع كل كلمة يتلفظ بها؟
-لاتفعل هذا.
كان صوتها منخفضا جدا،ولكنها تحكمت به بقوة بحيث بدا ببرود صوته هو،واضافت:"لاتجعلني اكرهك".
فاجابها مرددا:"كره..".
ارتفعت كتفاه العريضتان في حركة رافضة تكشف الازدراء واللا مبالاة فما كان منها الا ان قالت:
-سوف اكرهك!سأكرهك من كل قلبي!اذا فعلت هذا ياايدان فلن اغفر لك ابدا!.
لقد تبسم فعلا،غير ان شكل شفتيه لم يعكس اي دفء او اي اثر للدعابة،وقال جازما:"حسنا ،هذا جيد بالنسبة الي،ففي الواقع ياحلوتي هذا مااريده تماما".
وبابتسامته الكريهة ارتد على عقبيه مبتعدا عنها بخطى واسعة وكان صدى خطواته يحطم الصمت المذهول.
-لا!
دفعت اينديا بخمارها المزركش الى الوراء بغضب،لتكشف عن وجه شاحب برزت فيه عيناها الخضراوان البراقتان كحجري زمرد ملتهبين فوق وجنتيها العاليتين وانقبض ثغرها المكتنز الواسع من التوتر،فقالت له:
-لايمكنك ان تفعل هذا!لايمكنك ان تتخلى عني بهذه البساطة!
حدجها بنظرة سريعة قاسية من اعلى كتفيه قائلا:"راقبيني".
وبتدافع غريزي يتخطى اي تفكير منطقي سليمناندفعت اينديا الى الامام ونزعت باقة الورود الصغيرة الصفراء من يد اشبينتها المدهوشة قائلة:
-لقد قلت لا!
في هذه اللحظة قذفت بالباقة وراءه وراحت تراقب الورود التي اختارتها متجهة مباشرة نحو ظهره العريض.
لكن نوعا من الحدس او نظرة خاطفة القاها بطرف عينه نبهته فارتد برشاقة نمر وبسط ذراعه الطويللة ليلتقط الباقة قبل ان تقع ارضا.
ساد صمت لفترة طويلة ،واصدمت عيناه الداكنتان الغامضتان بعينيها الخضراوين البراقتين من فوق رؤس الحشد فتحجرت كحيوان بري صغير تجمد امام اضواء سيارة آتيه،لكن ايدان مالبث ان قطع فجأة هذا الاتصال المتوتر .فألقى نظرة على الباقة في يده ،ليبتسم بعد لحظة ابتسامة من تلك الابتسامات غير المتوقعه التي لاتعبر ابدا عن حس للدعابة.
ثم رفع الورود في تحية ساخرة قائلا:
-حسنا الآن،اعتقد ان هذا يعني انني سأكون اول من يتزوج من بين هؤولاء الحاضرين.اليس هذا مايفترض حدوثه لمن يلتقط باقة العروس؟لكن عليك ان تعذريني اذا مافضلت تفويت هذه الفرصة الخاصة،او اي فرصة اخرى قد تحين،فأن مجرد التفكير في حياة العبودية لأمرأة واحدة هو امر لااستطيع مواجهته.
لم تسطع اينديا تصديق ماتسمعه..حياة العبودية!كان يتكلم كما لو انها اوقعته في شرك بطريقة ما،لكنه هو من طلب منها الزواج!
لماذا طلب اذن الزواج منها؟.
تناهى الى سمعها صوته قائلا:"لكن ربما ان حاولت مرة اخرى فسيكون حظك اوفر مع شخص اخر".
قذف بالورد نحوها بازدراء وتعمد الا تصل اليها.وعندما وقعت الباقة ارضا اضاف:
-قلت انك ترغبين بالزواج من رجل ثري ياعزيزتي ،لكني آسف فلن اكون انا هذا الرجل،حتى لو كنت اول من يلج من هذا الباب.
فاتضح حينها قصده وأنت حزنا لأنها تذكرت كلماتها الغبية التي قالتها يوما لصديقتها:
-لقد سئمت وتعبت من الفقر،راقبيني فحسب!سأجد لنفسي زوجا ثريا،يستطيع ان يجعلني احيا بمستوى انوي التعود عليه..ولن اجلس بانتظاره ليأتي الي في الواقع،ان الرجل الثري الذي سيلج من هذا الباب سيجد نفسه فريسة حملة من الاغراء بحيث انه لن يتمكن من مقاومتي.واراهنك اني سأضع خاتمه في اصبعي قبل ان يدرك مالذي صعقه...!
لقد كان ذلك مزاحا لاغير،حاولت القول انها كانت تمزح يومذاك ولكن شيئا مامنع حنجرتها من التلفظ بتلك الكلمات .
لكن حين دخل ايدان الغرفة بعد وقت قصير،نسيت في لحظة كل ماجرى قبل ذلك.فتوقف تفكيرها امام تيار من الاحاسيس التي غمرتها بحيث عجزت عن التفكير في اي شيء اخر.
لكن كيف تمكن ايدان من سماع رهانها المجنون؟فلم يكن في المنزل حينها.
ام انه كان؟
-ايدان...
حاولت الكلام لكن صوتها كان من الضعف بحيث لم يصل اليه.
وحين نظرت الى معالم وجهه الصلبة ،علمت انه ماكان ليسمعها على اي حال،وكان لردها البسيط شاهدا عليها ودليلا على ذنبها،فاذا به يقول:
-اذن،انا آسف.
لقد كان جليا من النبرة الشريرة ان الآسف كان اخر مايشعر به.
-عليك ان تتدبري امرك بما لديك،فليس لدي بعد مااقدمه لك.لكن لاتيأسي ولاتستسلمي حبيبتي،فمازال البحر مليئا بالأسماك.
ولوحت يده السمراء القوية في الهواء بحركة شملت الحشد الذي كان يراقب بعيون دهشة.
لاحظت اينديا ببؤس عائلتها واصدقائها ،لقد كانت تعلم ان ايدان ليس له عائلة على قيد الحياة ،وقد زعم ان السرعة التي تم فيها الاعداد للزفاف حالت دون ان يتمكن اصدقاؤه من حضور الزفاف،وهي الآن تتسائل عما اذا دعا في الواقع ايا منهم ،منذ متى كان يخطط للانتقام بمثل هذا الرفض العلني؟.
تابع قائلا:"انا متأكد ان احدا ما هنا سيكون عازما على اسدائك هذه الخدمة،لكن لاتنتظري مني ان ابقى للمشاهدة".
وما ان انهى كلامه حتى ارتد على عقبيه وابتعد عنها خارجا من الكنيسة ومن حياتها دون ان ينظر للوراء
********************
|