أقترب منها ولكنه سارع في العودة الى الزاوية المظلمة , عندما سمعا صوتا يقترب منهما , وصل أدوني قربها وقال بصوت ناعم:
" وأخيرا وجدتك , أنني سعيد لأنك لم تتسللي الى سريرك بدون أن تتمني لي ليلة سعيدة , يا لهذه الليلة الرائعة , يا دونا ! أنظري الى القمر كيف يختفي رويدا بين النجوم!".
منتديات ليلاس
كانت دونا لا تزال ترتعش داخليا بسبب ما سمعته من ريك لورديتي , وكانت تعرف أنه لا يزال بأمكانه سماع كلامها , أمسكت بذراع الشاب المدلل وقالت له:
" أنني متعبة ..... كان اليوم طويلا جدا بالنسبة الي , وأنا مضطرة الآن للدخول و....... ".
ضمّها اليه بقوة وهو يقاطعها قائلا:
" ليس قبل أن تقبلينني قبلة المساء".
حاولت التملص من ذراعيه وهي تقول:
" أنا لست من ذلك النوع من الفتيات اللواتي يقبّلن كل رجل يلتقينه , دعني!".
ضغط بذراعيه عليها رافضا أفلاتها بالسهولة التي توقعتها , نظر اليها بعينين جائعتين ثم أقترب من وجهها إلا أنه قبل أن يفعل ذلك سمع صوتا قاسيا يقول له:
" دع السيدة وشأنها ! ألا تلاحظ أنك تزعجها؟".
أستدار أدوني نحو الزاوية المظلمة وسأل بصوت عال:
" من أنت؟".
أقترب لورديتي قليلا حتى سطع ضوء القمر على وجهه الأسمر , الذي تعلوه أبتسامة مفزعة , صرخ أدوني وكأن سوطا لسعه:
" أنت ! هل تقوم الأن بعملياتك التجسسية المعتادة يا لورديتي ؟ لا تجرّب هذه السخافات معي ! دعني أخبرك .... لو كانت الأمور بيدي ! لكنت أنت على بعد مئات الكيلومترات عن والدتي .... بدلا من أن تدخل غرفتها وتخرج منها وكأن لك الحق في ذلك ! أنت لست سوى مجرم تدفع لك بسخاء كي تكون حارسها ومنقذها!".
" أخرس , أيها الديك الصغير المنتفخ ! متى عملت أنت كي تحصل على دخل يعينك ؟ من المؤكد أن لديك أمتيازات معينة , ولكنها لا تسمح لك بفرض وجودك على الآنسة هدسون , أنها تأكل خبزها بعرق جبينها , وليس مثلك أيها الطفيلي !".
" اللعنة عليك! كم أتمنى أن أدق عنقك أيها السفاح ! أنت لست ألا عاشقا رخيصا يعيش على أموال السيدات المسنات !".
" أنك تمثل دورا أكبر منك أيها الصغير , سوف تعتقد الآنسة هدسون أن جميع الرجال الأيطاليين هم على شاكلتك , فلماذا لا تهد قليلا قبل أن يعاد تخطيط وجهك الجميل الى شكل لا تحبه أطلاقا! ".
" اللعنة عليك ! أنني أكرهك !".
ثم حاول توجيه لكمة قوية الى فك الرجل القاسي , الذي قفز جانبا ولكمه على أنفه فأدماه , وضع أدوني منديله بسرعة على أنفه ونظر الى لورديتي قائلا له , والشرر يتطاير من عينيه:
" لن تمر هذه المسألة بسهولة , سأجعل سيرافينا تطردك!".
" حاول ذلك , يا بني".
نظر بهدوء الى دونا, التي كانت تراقب النزاع بمزيج من الخوف والأثارة , لم تشعر بالأسف أتجاه أدوني لأنه أساء التصرف معها , ولكنها أصيبت بصدمة مذهلة ناجمة عن مسارعة ريك لورديتي للدفاع عنها , قال لها:
" هل تريدين الدخول؟".
هزّت رأسها وسارت معه على الشرفة , فيما كان أدوني يجفف الدماء التي سالت من أنفه , وعندما تطلّعت الى الوراء , ضحك ريك بقساوة وقال:
" من شأن هذه الكمية القليلة من الدم أن تخفّف من عصبيته وتوتره , لم تكوني مسرورة بهجومه عليك , أليس كذلك؟".
" طبعا لا ! أشكرك على تدخلك ولكن.... ألست قلقا من تسببه لك ببعض المشاكل مع أمه؟".
" أبدا على الأطلاق , لا يمكن لهذا الشاب الأرعن أن يثير أي متاعب بيننا , أنه ليس الشخص الذي يمثل أي مشكلة".
" هل تعني..... أنه لا يثير أي مشاكل بينكما إلا....... وجود أمرأة أخرى؟".
" بلضبط".
شعرت دونا بأن تلك الكلمة كانت كافية لوصف الوضع بكامله , أحسّت وكأن يدا قوية عصرت قلبها عندما نظرت الى ريك وشاهدت تلك الأبتسامة الخفيفة على وجهه , أنه قاس جدا , ولكن ثمة رقة لا تصدّق في أعماقه تذيب أحاسيسها ومشاعرها , كادت تتعثّر وتقع , ولكنه أمسك بمعصمها بقوة ........ وبنعومة أيضا , همست بصوت خافت:
" لم أكن أظن أنني........ أنني سأراك ثانية".
" أنا كنت أعلم بأنني سأراك , , بحثت في سجلات الفندق ووجدت أسمك...... هدسون , كنت أعرف أن شابة بهذا الأسم سوف تأتي الى الفيللا للعمل مع سيرافينا".
" ربما كان من الأفضل لي أن أعود الى بريطانيا , هذا هو يومي الأول هنا , وها قد تسببت في أيقاع الخلاف بينكما.... أنت وأدوني ".
" الحياة مليئة بالمشاكل , ولا مجال للتهرّب من الحياة".
" أنت تختلف كثيرا عن بقية الرجال , لم أعرف في حياتي إلا طلاب جامعة , وممثلا فكاهيا كان يظن بأنه جذاب لا يمكن مقاومته..... مع أنه كان مملا ومزعجا جدا , أنني مرهقة جدا الآن , وسأذهب الى النوم , سأعود غدا أن شاء الله الى وضعي الطببيعي!
" صحيح , فكل شيء يبدو طبيعيا أكثر في النهار , المشكلة الوحيدة هي أن نجوم الليل تنسينا أفكار النهار , تصبحين على خير يا آنسة".
" تصبح على خير , يا سيد".
هربت دونا من هذا الرجل مجددا ...... ولكنها تدرك هذه المرة أنها سوف تلقاه صباح اليوم التالي , وكانت متأكدة أنها ستجده في ضوء النهار أكثر جاذبية وتأثيرا عليها من أي أنسان آخر عرفته في حياتها , تذكرت تسارع نبضها عندما كان يمسك بمعصمها , لم يكن ذلك منطقيا , فهي لا تعرف الرجل إلاّ قليلا ...... وهو رجل لم ينف أن سيرافينا تأتي أولا , وأنها صاحبة الحق في توجيه إرادته ..... ورغباته.