" لا , لا تلمسني ! هكذا يجب أن يكون الوضع بيننا كي أتمكن من تحمّله , أنها العفة والطهارة في الحب , وأؤكد لك بأنني أجدها لذيذة وممتعة".
" لدينا النجوم , فلنترك القمر وحده ...... أليس كذلك؟".
" هل شاهدت ذلك الفيلم أيضا ؟ أذكر تماما أنه أبكاني , ولكنني لم أصدّق آنذاك أن شخصين يحبان بعضهما كثيرا ويتمكنان مع ذلك من الأفتراق , ولكن الأمر ممكن , أليس كذلك؟".
" إذا كان الشخصان مضطرين بذلك , سآخذك غدا الى العرس القروي , أذا كان بأمكانك القيام بتضحية أخرى , أؤكد لك بأن سيرافينا لن تمانع بذلك , لأنها ستكون على ما يرام".
" هل أنت متأكد من ذلك يا ريك؟".
" طبعا يجب ألا تغادري أيطاليا قبل حضورك زواجا أيطاليا تقليديا , إنه أحتفال جميل من جميع جوانبه... دافىء , بسيط , وغير معقّد , يجب أن يكون الحب هكذا ..... مثل الفاكهة التي تنضج في موسمها , والمطر الذي يهطل على الأرض العطشى , أنها العملية الطبيعية , وليست المصطنعة المبنية على فكرة سخيفة تقول , أن الرجل والمرأة متساويان , رباه , هل سمعت قبل برجل يلد طفلا ؟ أو أمرأة تصمم وتبني بارجة حربية ؟ خلقنا لكي نكون مختلفين عن بعضنا ....... لكل منا أهميته وصفاته المميزة , ويكمل بعض منا البعض الآخر , هنا يكمن الغموض , ومن هنا تنبع الأثارة.
أطلقت دونا ضحكة خفيفة وقالت :
" أوه , ريك , أنك متعصب جدا للرجال !".
" أنك لا تأخذين كلامي على محمل الجدّ , ربما تجدين أفكاري قديمة العهد , متصلّبة وبعيدة عن العادات الحديثة في الحب والحياة !".
" لا , يا ريك , أنني معجبة بأفكارك , أنها الأفكار المنطقية للرجل الحقيقي, ولا أظنك أبدا من الرجال الذين يريدون النساء قرب أقدامهم ...... يخلعون لهم أحذيتهم ويقبّلون أقدامهم".
" يحمل الجزء الأخير من كلماتك سخرية لاذعة".
" ريك!".
" ألم يكن الأمر كذلك ؟ هيا لندخل!".
" دعنا نبق هنا قليلا نتمتع بهذه النجوم , أوه يا لها من ليلة .... يا لها من ليلة رائعة !".
" من تعرفين غيري رجلا حقيقيا , يا دونا؟".
" أبي طبعا , كانت تقوم بيننا علاقة وثيقة جدا , لأنه فقد زوجته وأنا فقدت أمي , كنت صغيرة جدا وبحاجة ماسة لحب الوالدين معا , أنت وأنا نشبه بعضنا الى حد ما في هذا المجال , يا ريك".
" صحيح , لدينا أشياء كثيرة متشابهة أيتها الحبيبة , أننا ننظر معا الى النجوم ونعرف أنها عيون الجنة , بيننا أنجذاب وصلة روحية.......".
ألتقطت دونا أنفاسها عندما وضع ريك ذراعه حول خصرها , كانت تعتقد أن هناك أنجذابا بينه وبين سيرافينا , ولكن , هل هذا صحيح حقا . هل يكون معها قادرا على الأرتياح , يتصرف بصورة طبيعية ويقول كلمات ذات معان عميقة تستمع اليها بأنتباه مماثل ؟ نظرت اليه فشاهدته يتأمل النجوم ويفكر هل يفكر بالشيء ذاته يا ترى ؟ هل يفكر بأنه أمضى معظم حياته يعشق جمال سيرافينا دون أن تكون بينهما أي صلة روحية؟
" نعم يا عزيزتي , يوجد بيننا أنجذاب وصلة روحية , عرفنا هذا الأمر تلك الليلة في روما ..... عندما رقصنا معا وكان وجهانا مقنعين , ولكن قلبينا لم يكونا كذلك".
" يا للغرابة ! لم أشعر طوال حياتي بسعادة تضاهي سعادتي الآن , يا ريك , أنني مسرورة جدا لأننا ألتقينا , وسعيدة أكثر لأنني لن أمضي حياتي دون التعرف الى رجل لديه كافة المواصفات التي حدّدتها لفارس أحلامي".
" قد يبتسم الكثيرون لدى سماعهم مثل هذه الكلمات , يقولون عني أنني رجل قاس جدا لم تعرف الرحمة سبيلا الى قلبه , قتلت رجلا في حياتي , يا دونا , مع أن المحكمة وجدت لي مبررات كافية لأطلاق سراحي , أحمل مسدسا لأحمي ممثلة متقاعدة , وقد أضطر أستخدامه دفاعا عنها.... أو عن النفس , فأين الفروسية في كل هذا؟".
" أعرف أنها متأصلة فيك ولا يهمني ماذا يقول الناس أو يفكرون".
ضمّها الى صدره بسرعة وغرقا معا في عناق طويل , وفجأة سمعا صوتا ينادي ريك , جمدا في مكانهما , وكل منهما يطوق الآخر بذراعيه , ومع أنه لم يتركها إلا أنه أرتعش قليلا قبل أن يستدير نحو مصدر الصوت , حاول جاهدا أخفاء دونا وراءه وهو يسأل بشيء من الحدة:
" ماذا في الأمر ؟ ماذا تريد مني الآن؟".
كان صوته قاسيا بعض الشيء ونبرته عصبية الى حد كبير ..... كأنه رجل أبعد عنوة عن دفء حلم جميل.