4-ستكونين أمرأتي !
" كارلوس ! هل عدت الى ألاعيبك القديمة؟".
ركله دي ميندوزا ركلة قوية.
بدأ كارلوس يتكلم بالأسبانية , كلمات سريعة ومتلاحقة , ذات أيقاع رتيب , ورغم أن سوزان لم تفهم ما قاله بالضبط ألا أنها فهمت مجمل حديثه , وتملكتها الرغبة في صم أذنيها عن قباحة تبريراته , لم تستطع التحرك أو التكلم , بل أحست كما لو أنها تحولت الى حجر , كانت ترتجف فقط.
تعثرت الكلمات الأخيرة في فم كارلوس وتوقف ليستعيد أنفاسه.
خاطبها ميندوزا قائلا:
" يقول لي كارلوس أنك جئت معه الى هذا المكان بموافقتك الكاملة , هل هذا صحيح؟".
أنارت ملامح وجهه , بدا كأنه تمثال صب في زمن سابق لقدوم الغزاة الأوائل الى كولومبيا , لم يكن في وجهه ما يشير الى أنسانيته غير رقعة سوداء على أحدى عينيه.
" لم الصمت يا سنيوريتا؟ ألا يقال في بلدك أن الصمت علامة الرضى؟ أما أذا كنت قد قاطعتك بتدخلي , فأنا أرجو المعذرة".
رفع يده الى قبعته ذات الحافات العريضة وظهر كأنه على وشك أن يبتعد.
" كلا , أنتظر ,لا تذهب رجاء , صحيح أنني جئت معه بمحض أختياري ولكن ما قاله غير صحيح , ما حدث أنني أستأجرته كدليل ليأخذني الى ديابلو , وهذا كل شيء".
أرتجف صوتها خوفا , ماذا سيحدث أذا لم يصدقها , وماذا شرح له كارلوس , هل أخبره أنها كانت تعلم بمخططه لمحاولة الأعتداء عليها , وأنها كادت الموافقة على ذلك؟
أستدار ميندوزا بأتجاه كارلوس شاهرا البندقية في وجهه , تعثر كارلوس لمرأى فوهة البندقية وتوسل بصوت مسوع , كان العرق واضحا على وجهه , وكان الخوف باديا عليه.
" ماذا , ما الذي ستفعله؟".
صرخت سوزان.
لم ينظر اليها بل كان ينظر بأتجاه كارلوس.
" أنك لست المرأة الأولى التي تعاني على يد كارلوس , ربما سأسدي جميلا للعالم أذا ما تأكدت أنك ستكونين الأخيرة".
" أنك لا تعني ما تقول؟".
صرخت سوزان برعب وشك.
" أنني أعني ذلك ولدي السلاح اللازم وكذلك الأرادة.
" لكنك لن تفعل هذا , أنها جريمة قتل متعمدة لن تستطيع الهرب من عقوبتها مهما كان البلد الذي تسكن فيه ...... ثم أنه لم يفعل شيئا ...... وأنت تعلم ذلك".
" نعم , أعرف ذلك , ولكن ما الذي كان سيحدث لو أنني تأخرت نصف ساعة؟ أعتقد أن كارلوس أراد أن يأخذك معه الى الحدود الفنزويلية حيث لديه مجموعة من الأصدقاء وحيث لن يسمع عنك أحد بعد ذلك ما لم يكن لك أصدقاء يواصلون البحث بشكل دوريات في بيونيس أيرس أو كاراكاس".
سرت رعشة عميقة في جسدها وتذذكرت كيف أعتادت سماع قصص كهذه بأعتبارها حكايات نسوة عجائز ولم تصدق أن مصيرا كهذا سيكون في أنتظارها ذات يوم.
قالت سوزان:
" رغم ذلك , فأنه لا يستحق القتل".
نظر اليها للحظات مفكرا ثم قال لكارلوس:
" أنك رجل محظوظ حيث منحتك السنيوريتا حياتك , لو كنت في محلها لما كنت كريما الى هذا الحد , الآن أبتعد عنا ولكن قبل أن تذهب أعطني حزامك".
حين لاحظ تردد كارلوس أضاف:
" لا أعتقد أن الخجل جزء من شخصيتك أيها الضئيل , أنزع حزامك ولا تدعني أنتظر فترة أطول".
ثم واصل دي ميندوزا كلامه قائلا:
" كما تعلم , هناك مكان مأهول على مبعدة أميال من هنا , واصل السير في أتجاهه ولا بد أن هواء الليل البارد سيساعدك على تهدئة مشاعرك , ولا تدعني أرى وجهك القبيح في أسانكشن مرة أخرى".
أبتعد كارلوس عن الطريق بسرعة محاولا المحافظة على بنطاله في مكانه , للحظات أصغيا الى صوت خطواته المبتعدة , ثم عاد الى الليل سكونه.
منتديات ليلاس
أسترخت سوزان لفترة من الوقت , وأدركت أنها على وشك أن تتقيأ , أبتعدت عن دي ميندوزا وأختفت في الظلام , أذ يكفي ما أنتابها من أحاسيس حتى ذلك الوقت بدون الحاجة الى أن يراقبها وهي تتقيأ , وعندما تخلصت من نوبات التقلص في معدتها , بدأ جسمها بالأرتجاف من الرأس حتى القدمين كرد فعل مفاجىء وأحست بأنه موجود الى جوارها.
" أرجو أن تتركني لوحدي".
توسلت بصوت مختنق:
" لا تكوني حمقاء , أشربي شيئا من هذا".
ناولها قدحا فضيا.
(هل هو هدية أخرى من أمرأة ثرية؟ ) تساءلت وهو يناولها القدح , شعرت بالحرارة تسري في أعماقها , كان ذلك تأثير ذلك المشروب الغريب, ثم توقفت عن الأرتجاف جلست بأعتدال وأحاطت نفسها بالبطانية وقالت في صوت صاف:
" شكرا جزيلا".
" يا للمسكينة , أي جهد بذلته لتنطقي كلمتين , تعالي وأجلسي قرب النار لتحصلي على بعض الدفء".
راقبته سوزان وهو يضيف بعض الحطب على النار , يعد المزيد نت القهوة , ولم يهتم بطلبها ألا يضيف السكر الى قهوتها بل ناولها الكوب وهو يقول:
" أنك ضحية صدمة قوية"