كان العشاء شهيا وهي تعترف بأن كارل اختار العشاء المناسب, ولم تكن تدري ما هو عدد زجاجات الخمر التي علي الطاولة, ولكن بعد قليل شعرت بأنها فوق السحاب, وكانت تشترك في الحديث وتضحك أحيانا من قلبها , وتكلمت عن بعض مراحل حياتها وعن بعض تجاربها كمعلمة في مدرسة وكانت مسرورة من انتباه جون, ومن استياء فرونيكا, ومن صمت كارل, ثم سكبت لنفسها كأسا.
وتساءلت علي ماذا سيلومها ويعاتبها؟ لقد ظلت طويلا في الظل, ويحق لها أن تبدأ بالترفيه عن نفسها, واذا كان لا يعجبه الأمر ...فهو حر!
وضحكت ضحكا متواصلا عندما روي جون احدي النكات المرحة, ومدت يدها الي زجاجة الخمر لكن يدا قوية حالت بينها وبين الزجاجة
"دعني" قالت له غاضبة
"أليكس عزيزتي, لا أريدك أن تقعي مريضة"
"مريضة؟ ولكني أستطيع أن أشرب القليل بعد,أليس كذلك؟"
"هذا يكفي" قال لها ببرود, ثم التفت نحو جون وفرونيكا وأضاف " بامكانكما أن تشربا قهوتكما فأنا و أليكس سنعود"
"ولكني لا أريد العودة ,فأنا مسرورة هنا!" أجابته غاضبة
" لقد قلت لك بأن هذا يكفي فهيا واتبعيني بهدوء ولا تضطريني لاستعمال القوة معك"
"لو كنت مكانك لما اعترضت أبدا" قالت فرونيكا بمكر
نظرت اليها أليكس فوجدت أنها تتمتع برؤيتهما وأن اهانة أليكس تعجبها, وهي لا تتمني الا أن تتلذذ برؤيتهما يتخاصمان
"حسنا, كارل سأتبعك, علي كل حال ليس لدي أي حظ أمامك فأنت أقوي مني بكثير" ثم التفتت نحو جون وابتسمت له "سأراك فيما بعد يا جون, وأشكرك مرة ثانية علي النهار الذي قضيناه معا"
وقبل أن يتمكن كارل في القيام بأي حركة اقتربت أليكس من جون وقبلته علي شفتيه
ثم حدثت نفسها هذه لم تكن حركة لطيفة من جهتها, وكان كارل يجرها وراءه ويشد بقوة علي ذراعها, ولكنها كانت تجد لذة في نظرة الذهول علي وجوههم
لم ينطق كارل بكلمة طيلة الطريق , ولم يكن يبدو علي وجهه أي أثر وأي انفعال, لكنها كانت تشعر بأنه غاضب جدا. فأحست بالخوف , هل سيلقنها الدرس الذي وعدها به هذا الصباح؟
ولكن لماذا هو متوتر هكذا؟ فماذا فعلت هي ؟
نزلا من سيارة التاكسي واتجها نحو المركب, ودفعها كارل الي الداخل وأجبرها علي الجلوس علي الكنبة التي في الصالون وأضاء النور ثم جلس قبالتها
"حسنا, هل يمكنك أن تشرحي لي بأية لعبة تلعبين؟" سألها بهدوء يختفي خلفه غضب وغيظ كبير
"أية لعبة؟ فأنا لا أعرف عن عما تتكلم" أجابته بذهول
"حقا لا تعرفين؟ ماذا يعني اذن موقفك مني؟ فطيلة السهرة وأنت تهملينني ولا تبالين بي, في البداية رميت نفسك بين ذراعي..."
"ماذا؟ أنت الذي قبلتني"
"لا تقولي الآن بأنني أجبرتك علي ذلك! لقد كنت سعيدة بتلك القبلة مثلي تماما, وكنت ترغبين بها أيضا, وفيما بعد عندما أصبحنا في المطعم تجاهلتني تماما, ماذا جري؟ ماذا يدور برأسك؟"
"لا شيء" أجابته بحزن
كيف يمكنها أن تشرح له؟ فهو لن يفهم موقفها بالنسبة لغناه الفاحش, وهذا ما يضع حاجزا بينهما, فأخذت تبحث عن سبب يقبله حتي ولو يكون حقيقيا
"نعم كنت أجد لذة بتقبيلك, ولكن هذا ليس أكثر من قبلة فأنت لديك فرونيكا, وأنا..."
"آه, نعم,وأنت لديك برني, أليس كذلك؟ ولكن برني ليس موجودا هنا " قاطعها وهو ينظر اليها بحده وبسرعة اقترب وجلس بجانبها علي الكنبة ووضع يده علي يدها " وفرونيكا أيضا ليست هنا"
وانحني فوقها وأطبق شفتيه علي شفتيها , وشعرت أليكس بشيء من الخوف من هذا الرجل الحازم, ومن الرغبة فيه بنفس الوقت, ولكن كيف تستطيع أن تقاوم مشاعرها التي تدفعها نحوه؟ واجتاحتها مشاعر من السعادة فتركت نفسها بين ذراعيه واستسلمت لقبلاته الحارة, ولمساته الناعمة بحماس لم تكن تتوقعه, ومدت يدها تحت قميصه وشعرت تحت أصابعها بجلده الناعم وبعضلاته القوية, ثم خبأت رأسها في صدره وشعرت بكثير من الأمان والراحة التي لم تكن قد تعرفت عليها بعد
"أليكس, أنت تجعلينني مجنونا! فأنا أحاول جاهدا أن أحتفظ بك, وعندما أدير ظهري أخاف من شيء واحد..أخاف أن ترحلي عني وتبتعدي, هذا المساء عندما عدتما متأخرين كنت مقتنعا أني لن أراك مرة ثانية..ز"
كانت أليكس بالكاد تسمعه لأن لمسات يديه تحملها الي مكان آخر, بعيد جدا عن هذا العالم, وكان يداعبها بلطف وعذوبة جعلتها تنسي كل شيء
"أليكس ,أرجوك لا ترحلي , لا ترحلي أبدا ,ألا تفهمين؟ أنا أحبك, أليكس لقد أحببتك منذ أن رأيتك أول مرة في كوتور, وفكرت في أن أبحث عنك , وكنت بحاجة لأن أجدك ولكني لم أستطع, لقد أتيت أنت لي"
أعادها كلامه الي رشدها فارتعشت من السعادة..
انه يحبها! كارل يحبها, بامكانها الآن أن تعترف له بحبها, وأن تقول له بأنها كانت تتعذب لأنها كانت تعتقد بأنه لا يكترث لها, فتمتمت باسمه وهي تنظر في عينيه
"أوه كارل, لو أنك تعلم كم أحبك أنا أيضا"
كان قلبها يدق بسرعة, وتشعر بأنها انتقلت الي عالم آخر لم تكن تعرفه من قبل, وشعرت بأنها ثملة , وشعورها بالسعادة جعلها تحس بالدوار والدوخة, وأحست بأنها مستعدة الآن لمنحه أي شيء , كل شيء, لم تمنحه لأحد آخر من قبل, ولم تعد تشعر بالخجل ولا بالحذر, ولم يعد يهمها سوي حب كارل لها
أخذت تداعب وجهه وشعره وفي غمرة عواطفها وقبل أن تستسلم نهائيا أرادت أن توضح سوء التفاهم الذي حصل بينهما, وفي هذه اللحظة يجب أن لا يكون هناك كذب ونفاق بينهما
"كارل, يجب أن أقول لك شيئا"
"لا تقولي لي شيء, أليكس عزيزتي, هذه لحظات مقدسة لا يشاركنا فيها أحد"
"ولكن يجب أن تعلم, بخصوص برني...."
فغضب كارل "وهل يجب أن تكلميني عنه الآن؟"
"نعم ,فأنت لا تعرف الحقيقة, عن برني, لقد تركتك تعتقد أن برني هو صديقي, ولكن..."
فجلس كارل ونظر لها حانقا"أليكس, هل ستقولين لي بأن برني هو زوجك,بأنك امرأة متزوجة؟"
"لا,أبدا,برني هو امرأة, كارل, برني هي احدي صديقاتي, فليس لي عشاق أبدا"
وساد صمت قليل وكانت أليكس تنظر اليه بدهشة وبتردد, هل هو غاضب منها؟ ولماذا؟ ولكن كان يجب أن يعلم
"أليكس هل تقولين الحقيقة؟"
"نعم, هذا صحيح, فأنا ليس لدي عشاق,فأنا أرفض دائما؟"
"هكذا فأنت لم تمارسي الحب من قبل؟"
"أبدا, ولكني الآن مستعدة"
فنظر اليها طويلا ثم نهض وبدأ يعيد ترتيب قميصه و وبدا عليه الخوف فجأة, فنهضت أليكس وعانقته بحرارة فدفعها عنه
"لا, لا أليكس يجب أن نتأكد من أنفسنا..ز"
"ولكني متأكدة من حبي لك ,أنا أحبك كارل"
"يا الهي! وهل تعتقدين بأنني لا أحبك أيضا, كنت أنتظر بشوق أن أقضي ليلة معك وأتمني أن تمنحيني نفسك, لقد جعلت مني مجنونا حقا,أليكس كنت أظن بأن لك تجارب عميقة في الحب, وبأن ذلك لا يعني لك شيئا, ولكن الأمر يختلف كليا , فأنا أشعر الآن بأني أستغلك وأخونك, أنت لا تفهمين يا أليكس ....انه لا يوجد لك مكان في حياتي"
فنظرت اليه أليكس بدهشة وبدأت الدموع تتلألأ في عينيها, وظلت تتردد تلك الجملة في أذنيها (( ليس لك مكان في حياتي)) فكارل لا يريدها , ولا يفكر في حب يدوم الي الأبد, فهي ليست سوي مغامرة عابرة في حياته وسيتخلي عنها ما أن يحصل علي ما يريده
"اذن يجب أن تتركني أرحل كارل, بدل من أن تحتفظ بي هنا, ويجب أن تنفذ مشاريعك الآن,أليس كذلك؟ فرونيكا تنتظر كلمة واحدة منك..." كانت كلماتها مليئة بالمرارة و الأسي
كان يبدو علي كارل وكأنه لا يسمعها, وكان وجهه يدل علي مدي عذابه وألمه, وأصبحت عينيه الرماديتين سوداء من شدة انفعاله
"ادخلي الي غرفتك ,أليكس, وابقي فيها واقفلي الباب جيدا فأنا لست مسئولا عن أفعالي هذه الليلة ,ويجب ألا يحصل شيء بيننا يجعلنا نندم فيما بعد"
لم تجبه أليكس ونهضت ورجلاها ترتجفان واتجهت فورا الي غرفتها, وقبل أن تغلق الباب وراءها, التفتت نحوه, فرأته لا يزال جالسا ويضع رأسه بين يده.
فأغلقت الباب وأقفلته بالمفتاح,انه علي حق, فكرت أليكس وهي ترمي نفسها علي السرير, يجب ألا يحصل بينهما شيء أكثر من ذلك شيء يجعلهما يندمان فيما بعد, ولكن حتي الآن يوجد شيء ستندم عليه هي!
فلقاؤها مع كارل ماكراي هو أهم حدث في حياتها .......هو حدث غبي.