في المساء دعاهما كارل للعشاء في مطعم المرفأ, وكان المطعم عاديا لا يوجد فيه شيء مميز, وتساءلت أليكس لماذا دعاهما كارل الي هذا المطعم بينما لا تبعد المدينة عنهم كثيرا, وشعرت بالراحة لأن كارل يصطحبها معه وحدها الي المدينة بدون فرونيكا.
كانت السهرة كئيبة إجمالا. مع أن كارل حاول أن يلطف الجو. وظلت المرأتان تنظران الي بعضهما بشيء من الحذر.
وكانت أليكس لا تحتمل نظرة فرونيكا السيئة لها.
"أيها المركب العزيز علي. لقد أمضينا فيه أوقاتا رائعة أليس كذلك يا كارل؟" قالت له فرونيكا وهي تجلس علي الكنبة بعد عودتهم.
"هذا صحيح"
"البحر المتوسط,اليونان,ايطاليا لدي ذكريات رائعة...
والآن البحر الأدريانيكي. أنت تعرف كيف تعيش يا عزيزي"
بالتأكيد...قالت أليكس في نفسها ...والاستفادة من الحياة دون التفكير بالمشاكل المادية, السباحة والغوص في أجمل بحار العالم...ودون التفكير كبقية الناس بالطريقة التي يقضون بها بضعة أيام عطلهم. كيف يمكنها ـن تقع في غرام رجل من هذا النوع؟ وهي التي اعتادت علي احترام العمل والمال.
ثم غادرت الصالون ودخلت الي غرفتها, وتساءلت أين ستنام فرونيكا هذه؟ وتساءلت ماذا سيحدث في غرفة كارل؟؟
استيقظت في اليوم التالي , وكان يبدو أنه نهار حار. ونزلت الي السوق واشترت بعض الفاكهة والخضار بالمال الذي تركه لها كارل لهذا الغرض. وشعرت ببعض الراحة وهي تسير وحدها,فهي لا تود العودة الي المركب حيث يسيطر جوا لا تستطيع تحمله, فوجود فرونيكا يوتر أعصابها.
عندما عادت الي المركب لم تكن فرونيكا قد استيقظت بعد.
وكان كارل يشرب قهوته,فدخلت الي الصالون وبيدها سلة مليئة.
"آه, ها قد عدت ,هيا أسرعي, رتبي هذه الأغراض وحضري زادا, لأنني أريد الذهاب بسرعة , ولا تنسي أن ترتدي قميصا له أكمام طويلة لأن أشعة الشمس اليوم قوية"
"ليس لدي قميص"
"لا بأس سأعيرك واحدا" ودخل الي غرفته بعد قليل عاد يحمل قميصا أبيض.
"الي أين سنذهب؟" سألته بقلق تريد أن تعرف ما اذا كانت فرونيكا سترافقهما
"الي جزيرة صغيرة تبعد مسافة ربع ساعة, ولم يذهب اليها أحد من قبل, سنكون فيها وحدنا طيلة النهار....ولكن ماذا تفعلين؟" سألها عندما رآها تضع الأغراض في السلة "يبدو أنك تحضرين زادا لجيش بأكمله, فلن يذهب أحد آخر معنا! وفرونيكا تريد أن تعمل علي احدي مقالاتها ولن ترافقنا"
بالفعل أن فكرة قضاء يوم بكامله معه تشعرها بالخوف والاثارة, واندهشت كيف ستتركهما فرونيكا يذهبان وحدهما. فهذا لا يعني بأنها تخاف من أليكس, بل يعني أنها واثقة من حب كارل... ولكن كيف يمكن الوثوق بهذا الرجل؟
كانت تتساءل وهي تنظر اليه بطرف عينها وتتأمل شعره البني وعيونه الرمادية ولونه البرونزي وجسده القوي وشكله المغري. للحقيقة لا يمكن الوثوق بذلك الرجل وأدارت وجهها عنه بحزن.
الطريق القصير الذي قطعاه علي متن المركب الصغير أعاد اليها البسمة, وخاصة هذه المناظر الرائعة ... البحر والشمس الصباحية, ودارا حول جزيرة لوكرن الجميلة بأشجارها الخضراء التي تمتد حتي الشاطئ الرملي.
"يا لهذا المنظر الرائع, ويا لهذا الهدوء الصافي!...الي أين تصحبني؟"
"الي الأمام, انظري! يوغوسلافيا كم هي جميلة"
"هذا صحيح, انها الجنة, انا لم أر مثل هذا الجمال من قبل "
كانت الجزيرة محاطة بالأمواج الهادئة.
"لماذا لا يوجد أحد في هذه الجزيرة؟""انها محمية خاصة. ومن الصعب الحصول علي اذن لزيارتها الا لأسباب علمية . ولقد أعجبتهم فكرة فيلمي فسمحوا لي بذلك وهذه فرصة لا يحصل عليها الجميع, وهكذا سنكون وحدنا"
أحست أليكس أن قلبها توقف عن الخفقان, انهما وحدهما! فهي لا تعلم حقيقة شعورها, أهو خوف أم فرح؟ فنظرات كارل تجعلها ترتعش.
قرب يده من ذقنها وأجبرها علي النظر في عينيه, ثم انزلقت يده الي عنقها...ثم فجأة التفت.
"هيا بنا الي العمل الآن. سأشرح لك دورك, سأقوم بجولة غطس عميقة وبالتحديد حول المركب ويجب عليك أن تنتبهي وتتبعيني بنظراتك قدر الامكان, ويجب أن تكوني مستعدة لأي طارئ, وتنتبهي الي أي خطر ممكن وقوعه, فهمت؟"
وافقت أليكس وشعرت بالندم لقبولها هذه المسئولية, يبدو أن كارل يثق بها. ولكنها تشعر أنها غير مؤهلة لهذا العمل, فاذا حدث شيء خطير, فهي لا تدري بالتأكيد كيف ستتصرف. وتذكرت عدة حوادث غطس خطيرة سمعت عنها فنظرت الي كارل بخوف
"لا تخافي فكل شيء سيسير علي ما يرام, فأنا سأقوم بجولة استكشافية بسيطة, وأنت ستراقبينني بدون مشاكل, والآن ساعديني لكي أستعد"
راقبته وساعدته وهو يلبس زى الغطس ويشد حزامه ويضع قنينة الأكسجين
"لماذا تحمل هذا الضوء" سألته بفضول
"أريد أن أتعرف علي كل الأماكن المظلمة في هذا المكان"
ووضع قناعه وغطس الي الأعماق ثم عاد الي السطح يسبح علي مهل ويجدف بقدميه وهو يلبس البالمات
شعرت أليكس بالسعادة لأنه يثق فيها ولأنها في مكان يشبه الجنة بروعته وبهدوئه, وكان كارل يشبه سمكة ذهبية أو مخلوق آخر لا ينتمي لهذا العالم.
وفجأة وجدت كارل يعوم بالقرب من المركب ويخلع قناعه ويبتسم لها وبقفزة واحدة أصبح قربها علي المركب"
"انه رائع" قال لها وهي تساعده علي التخلص من عدة الغطس
"تناولي الماء العذب من تحت المقعد ونظفي هذه الأشياء ريثما أكتب بعض الملاحظات"
"هل وجدت شيئا مثيرا؟"
"نعم...بامكاني أن أصطحبك الي الأعماق اذا كنت عاقلة"
احمر وجهها وتساءلت ماذا يريد أن يقول؟ وأخذت تنظف الأجهزة وتتمتع بالهدوء , شعرت بشيء من السعادة.
بعد قليل رفع كارل نظره عن عمله. وقال لها بأنه حان وقت الطعام, وكانت أليكس قد حضرت المر تديلا و الجبن والخبز والبندورة والدراق وتوجها الي الشاطئ وجلسا في ظل شجرة علي احدي الصخور والبحر أمامهما.
شعرت أليكس بالراحة في جسدها وكان كارل يتمدد علي منشفة الي جانبها
"تمددي أليكس فليس في نيتي العودة الي العمل الآن"
وأشار اليها بيده أن تتمدد بقربه
فكرت أليكس بان وضع رأسها علي ذراع هذا الرجل العاري فكرة لا بأس بها ولكنها لم تتجرأ, فجلست علي بعد أمتار منه , واطمأنت في هذا الهدوء وبعد قليل نامت.
وعندما فتحت عينيها وجدت نفسها وحيدة , فأخذت تبحث عن كارل وأخيرا رأته يقف علي صخرة ويستعد للغطس.
مرة ثانية أعجبت بجسده الرائع وشعرت بشيء قوي يجذبها نحوه, وأحست بانزعاج وهي تفكر بأنه يشعر بحقيقة ارتباكها. فهو يلاحظ كل ارتعاشاتها وانفعالاتها... وهي مقتنعة بأنه يتسلى بإثارة مشاعرها... وكل هذا ليس سوي لعبة خالية من أي شعاع حب, وهي تعرف ذلك.
فاذا أبدت عدم مبالاة بامكانها أن تتسلي هي أيضا بهذه اللعبة... ولكنها لا تستطيع, فبالنسبة لها يجب أن تكون لغة الأجساد تعبيرا عن مشاعر القلوب, والا فلا يجدي ذلك سوي الحزن والعار.
غطس كارل , انه غطاس ماهر وأحاطته المياه ففكرت أليكس لابد أنه يشعر بلذة كبيرة في الغطس وبالنسبة لها لا سبيل للسؤال عن نتيجة الانضمام لهذا الساحر الخطير.
"هل تحلمين أليكس؟" سألها وقد أصبح أمامها مباشرة وجسده يلمع تحت أشعة الشمس. انتفضت ونظرت اليه فرأته يبتسم.
"كنت أفكر"
"بامكانك السباحة حتي المركب, وسأقوم بجولة نحو خليج آخر, وأتابع اكتشافاتي"
"نعم, أفضل ذلك"
بعد لحظات شعرت أليكس بالاسترخاء في هذا الماء المنعش وتحت أشعة الشمس, عاد كارل الي المركب وكانت وصلت معه بنفس الوقت, وأسرعت لتصعد المركب قبله, فهي لا تتحمل فكرة أن يساعدها ويحيطها بذراعيه مع انها متأكدة من أنها ستشعر بلذة كبيرة بين ذراعيه, ولكم خوفها منه أقوي من مشاعرها تجاهه.
ثم قاما بجولة حول الجزيرة , وتوقف كارل أمام الخليج الصغير وغطس مرة أخري و أليكس تراقبه بعيونها وعندما عاد نظر اليها مبتسما
"هل أنت مستعدة لأول نزول؟"
"انا؟" سألته بدهشة واستفهام ثم أضافت بتردد " ولكني لا أعرف شيئا ,أخاف أن..."
"أنت تسبحين جيدا... وسأكون معك , ولن تبقي طويلا ,انها ليست محاولة وهذه المرة لن تحملي قنينة الأكسجين"
"حسنا"
"هيا بنا, هل أنت مستعدة؟"