نظرت اليه أليكس بحذر ورأت أن لا أثر للغضب في نظراته. اتجه كارل نحو الصالون وتبعته أليكس بعد تردد وقالت في نفسها..مع كل شيء فأنا سأكون بعيدة عنه بعد أقل من ساعة
سكب كارل فنجانين من القهوة, فقبلت منه واحدا وجلست قبالته
"أتريدين قليلا من العصير أم بعض الخبز؟ فالافطار وجبة ضرورية وستعتادين علي ذلك"
"انك تضيع وقتك,فأنا لا أنوي البقاء كي أتعود علي الافطار علي متن هذا المركب, ولا أريد أن أحضر لك إفطارك"
"بالتأكيد لا,فبامكاني أن أهتم بنفسي أنا أيضا,فأنا أطلب منك أن تهتمي فقط بالجولات الصباحية, وبالتسوق وبأن تحضري عشاءا دسما ,فأنا لست بحاجة الي جارية,وأنا أريدك أن تكوني معي عندما أقوم بأبحاثي,وأنت ستخدمينني من الناحية الأمنية في حالة إصابتي بمكروه"
"ولكني لا أعرف شيئا"
"ليس هناك ما يخيف,فأنا لن أقوم بأي عمل خطير وأحب أن أعيش حياة طويلة"
بعد قليل تناولت أليكس سندوتشا مع أنها قالت انها ليست جائعة وشعرت بالهدوء
"ستبقين معي أليكس,أليس كذلك؟" سألها بلطف
نظرت اليه بتردد,فالتقت نظراتهما وأخذت تبحث في فكرها عن أية فكرة تشجعها علي الرفض, وتبحث عن كل الحجج التي اتضحت لها حتي الآن ولكن كل شيء غامض الآن وكأن الجو المحيط بها يجعلها غير قادرة علي التفكير
"حسنا سأبقي, ولكن لبضعة أيام ريثما تجد لك مساعدين جدد علي كل حال برني ستعود قريبا"
"أوه نعم, برني...."
وبعد أن انتهت إفطارها ,اصطحبها كارل الي المحطة وكانت قريبة من المرفأ ومرا في طريقهما علي السوق حيث الخضار والفاكهة مكدسة وكان تفكيرها مشغول بحقيبتها وعندما وصلا ,وجد كارل بسرعة مكتب المساعدات, وشرح لأحد الموظفين الوضع كله ولكن لم يكن هناك أثر للحقيبة لا في دنبروفنيك ولا في موستار حيث عادت السيارة, ويبدو أن أحد الركاب أخذها معه قبل نزوله من السيارة,فأدركت أليكس عندئذ بأنها كانت ستضيع في دوامة كبيرة لو لم تلتق بكارل
"أعتقد أن لا أمل لك يا أليكس,ماذا ستفعلين الآن؟" كانا قد خرجا من المحطة
"لا أدري" أجابته أليكس بائسة
"أعتقد أن فنجان من القهوة سيكون مناسبا,تعالي سأصطحبك الي أكبر محلات في دنبروفنيك وهناك مطعم يمكننا منه ان نشرف علي المرفأ"
جلسا علي طاولة قريبة من باب زجاجي يطل علي البحر وكان المنظر رائعا ولكن أليكس لم تكن في مزاج جيد لقد بدأ كل شيء بشكل سيء
"هيا أليكس,لنعود للبداية ,كم تملكين من المال؟"
"ليس كثيرا فان شيكاتي السياحية في تلك الحقيبة"
"ولكن لابد أن المصرف أعطاك عنوانا أو رقم هاتف كي تتصلي به في حال أضعت الشيكات"
"نعم بالتأكيد ..أوه للأسف فان المعلومات في..."
"في حقيبتك ,بالطبع. يبدو أن المشكلة لا حل لها. هل تعرفين رقم هذه الشيكات؟"
"نعم....ولكنها...."
قاطعها كارل" لا تكملي , ولكن ألم يخطر ببالك أن تضعي كل هذه الأشياء في أماكن متفرقة؟ من الواضح أن هذا لم يخطر ببالك..يا الهي, انها سفرتك الأولي؟"
"انها الثانية" وشعرت بالغضب الشديد وأضافت" ليس لكل الناس امتيازات مثلك,فان والدي تعبا كثيرا حتي استطاعا تربيتي, لقد ضحيا كثيرا كي يدفعا تكاليف دراستي, فأنا لا يمكنني أن أرهقهم أكثر بطلب نفقات لقضاء عطلتي في الخارج"
"بينما أنا أقضي وقتي بالسفر الي بلاد رائعة في مركب رائع"
"أليست هذه الحقيقة؟"
"هيا أليكس,سأذهب الي المصرف كي أري ما يمكنني فعله لأجلك, أما أنت فأظن أنك بحاجة لبعض الملابس" وأخرج من جيبه حافظة نقوده وناولها رزمة من النقود "خذي ففي هذا المكان ستجدين كل ما تحتاجين اليه, وسألتقي بك علي متن المانتا"
"ما هذا؟ ليس في نيتي أن أقبل المال"
"ولما لا؟ اذا كنت لا أزال أذكر جيدا فأنت ستعملين معي. اعتبري هذا المال وكأنه عربون أتعابك مقدما فأنت حقا بحاجة لشراء ملابس جديدة"
فكرت أليكس بأنه علي حق بالتأكيد وهي سترد له هذا المال بعد أن تنظم أمورها مع المصرف,وأخيرا قبلت المال
"ولكني لست بحاجة الي كل هذا المبلغ"
"اختاري لك ثوبا جميلا أيضا" أجابها مبتسما
"سأشتري ما أحتاجه وسأعيد لك الباقي..شكرا"
"كما تشائين هيا بنا الآن"
نزلت أليكس الي المتجر وكان أغلب التجار يتكلمون اللغة الانجليزية وبعد ساعة عادت الي المركب وقد اشترت بنطلون شورت وبلوزتين قطنيتين ومايوه وحقيبة ظهر جديدة , وجدت كارل يجلس في الصالون أما طاولة مغطاة بأوراق وخرائط بحرية
"المصرف يريد توقيعك كي يستطيع أن يعطيك شيكات جديدة ,سنذهب اليه فيما بعد لأنه يغلق أبوابه في ساعات النهار الحارة, هل أنهيت تسوقك؟" تحدث كارل دون ان يرفع نظره نحوها وكانت لا تزال واقفة أمام الباب فنظر اليها كارل وأكمل" ما رأيك بوجبة غداء لذيذة ستجدين كل ما تحتاجين اليه في المطبخ"
ولكن أليكس ظلت واقفة مكانها وهي تفكر كيف كلمها بلهجة جافة, كيف يجرؤ أن يتكلم معها بهذا الأسلوب وكأنها جارية عنده
ولكن أليس هذا صحيحا؟ ثم عضت علي شفتيها وتلألأت الدموع في عينيها, نعم انها كذلك بالنسبة له, خادمة, تتحمل عنه كل الأعمال المضنية....والأسوأ من ذلك أنها لا تستطيع أن تعترض, لقد قبلت مساعدته وماله والعمل عنده وقبل أن تسدد ماله عليها أن تقوم بهذا الدور
فحضرت الغداء وحملته الي الصالون وقلبها كئيب فتناول كارل الغداء دون ان يرفع نظره عن عمله بينما صعدت هي الي السطح حيث تناولت غداءها, ولأن أشعة الشمس كانت قوية جلست في الظل في احدي الزوايا
كانت تتناول غداءها وهي فكرها مشغول فهي لا تستطيع أن تمنع نفسها من التفكير بذلك الرجل وذكري تلك القبلة تلهب روحها أكثر وأكثر, وتشغل حيزا أكبر من تفكيرها, فهي تحاول أن تتذكر كل حركاته وتعابيره وهو يضمها بين ذراعيه, لقد أيقظ فيها مشاعر وانفعالات لم يسبق لها أن أحست بها ,انها مزيج من المتعة والخوف معا.
بالتأكيد كان لها أصدقاء في الجامعة وكانت تشعر معهم بمحبة ومودة وكأنهم ينتمون لعائلة واحدة ولكن, أبدا لم تعرف من قبل مثل هذا الشعور مع أي رجل.
وبدون أن تنتبه أوقعت كوب العصير من يدها, ماذا يجري لها؟ ان كارل ماكراي ليس شيئا بالنسبة لها ولن يكون شيئا أيضا, انه ليس سوي ما اعتقدته منذ أن رأته أول مرة, انه رجل يحب الإثارة ويستغلها حيثما واجهته, وهي لم ترفض العمل معه, لكنها بالطبع لا تريد أن تذهب بعيدا في أفكارها.
كانت الشمس حامية بعد الظهر فارتدت أليكس ملابسها الجديدة بمرح ورتبت المطبخ ثم غادرت الي الصالون حيث كان كارل لا يزال يتابع عمله, فرفع عينيه نحوها "هل أنت مشغولة؟"
"وهل أنت بحاجة لي؟"
"لا ليس الآن ولكن سأصطحبك الي المدينة فيما بعد انها رائعة في المساء. هل قمت بجولة فيها؟"
"لا, فأنا لم أجرؤ قبل أن تسمح لي بذلك"
"تعالي سأريك المركب كله, أنت تعرفين غرفتك, وهذه غرفتي في الجهة المقابلة"
ثم فتح بابا فدخلت الي غرفة صغيرة تشبه غرفتها وأدارت وجهها كي تخفي ارتباكها لكن كارل ابتسم وأغلق باب الغرفة "هنا توجد غرفتان وهنا أضع عدة الغطس" هو لم يكن كاذبا عندما قال بأنه غطاس ماهر فهنا توجد عدة غطس كاملة ,القناع وقنينة أكسجين...
"والآن هيا الي نهاية المركب, الصالون تعرفينه وهنا غرفتي السرية"
ثم فتح بابا فدخلت أليكس الي مختبر الصور ,وفكرت بالمال الكثير الذي كلفه كل هذا التجهيز وعادت اليها صورة كارل الثري والمغري في نفس الوقت..اقترب منها كارل وضمها بين ذراعيه وعانقها
في تلك اللحظة شعرا بأن هناك أحدا فوق سطح المركب فعبس وجه كارل وسمعا صوتا ينادي "كارل, كارل"
فتنهد كارل وداعب شعر أليكس ثم ابتعد عنها فشعرت أليكس وكأنها تستفيق من حلم وفتحت عينيها بنفس الوقت الذي فتح باب الغرفة
"كارل عزيزي, أنت هنا ؟ اعتقدت أن لا أحدا هنا" وكانت امرأة تقف عند الباب وتنظر بعيونها السوداء حولها "أعتقد أنني جئت بوقت غير مناسب"
جلست أليكس ونظرت الي هذه الدخيلة التي أفسدت عليها حلمها الجميل, انها سيدة كبيرة وقد تكون أكبر من كارل لكنها جميلة, ترتدي ثوبا حريريا أخضر وتبدو أنها شعلة من الإغراء الذي بفقد عقول الرجال
"فرونيكا! كيف جئت الي هنا؟ ولماذا لم تخبريني أنك ستأتين؟"
"لم يكن لدي متسع من الوقت عزيزي, وركبت الطائرة فورا عندما علمت بأنك بحاجة الي مساعدين, أتمني أن لا تكون لم تعد بحاجة للمساعدين الآن. يبدو أنك حقا بحاجة للمساعدة" ونظرت الي أليكس بسخرية.