أخبرتني أمي ذات ليلة , :
أن الطيبون وحدهم من يقطعوا مسافات طويلة في وحل الوجع
يرتشفوا من نبيذ الصمت ,
و يتناولوا جرآحهم على طاولة الصبـر ,
ينالوا من الدهر صفعات تسلبهم أجمل ما يمكن
لذا لست طيبة قط ولست سيئة أنا نصف إنسانة مُتعثرة
[
العُتمة الرابعة والعشرين ]
[
بعد أسبوعين من موت الصغيرة ]
حنان : عمتي أرجوكِ كلمي عمي يأخذني معاه
العمة هند : يا حنان حمد ماهو موافق , وإلا عمك خاطره يأخذكِ
حنان وهي تضم عمتها والدمع في عينها : مُحتاجة أعتمر طول هالوقت كاتمة حُزني على
حالة أختي وعلى موت جنى , الله يخليكِ كلمي حمد ...
صادف وقع أخر كلمة دخوله للمكان , وبصوته الفاخر : تكلمني على ايش ؟!؟
رفعت حنان رأسها ثم أنزلته بخووف من أثر كلمة حمد عليها
جلس حمد بجوار العمة بعد أن قبل راسها
العمة : هلا يا وليدي , كيفك ؟؟!
رفع يدها وقبله كـ العادة : بخير دام أغلى الناس بخيـر
ثم بهمس : مو كأنكم جبتوا اسمي , عسى خيـر ,
هند : كُل خير يا وليدي , بس حنان خاطرها تروح مع عمها العمرة
حمد ألتفت إلى حنان وأشار لها أن تأتي إليه و فتقدمت وجلست بجواره ,
قبل رأسها في حين ابتسمت حنان فمنذ فترة طويلة لم يقبل رأسها
حمد : أفا يا حنان تبي تزعليني منكِ .
أشارت حنان بـ لا
قرص حمد خدها وبحب : أجل كيف يطاوعك قلبك تتركيني أنا و جود لحالنا ,
وأنا جهزت لكم أنتِ وجود وعمتي فلة تنتقلوا لها بعد يومين .
وانتِ عارفة عمكِ بيروح لأسبوعين هالمرة لا تروحي أوعدكِ المرة الجاية بخليكِ تروحي
العمة هند : لكن أنا ماخلصت عدتي , كيف أخرج من هالبيت ..
حمد : عمتي الكلب ناصر وأعمامه جاوء قبل يومين ,
يطالبوا بخروجكم وإلا بيفضحونا بالمحاكم , طلبت منهم تجلسوا لما ماتنتهي عدتكم رفضوا !
العمة هند : لا حول ولا قوة إلا بالله , أنا و أموري بتتيسر لوجودكم , أحلام هالمسكينة مالها أحد
شعر حمد بقرصة في قلبه , وخشى أن يفضح ملامحه عما يحصل بقلبه
فقال سريعاً : عمتي تدبر عمرها , معقولة مالها أي أحد .
العمة هند بحزن : لا مالها , عمها هو الوحيد الي كانت عايشة معاه وماتعرف احد غيره
لكنه مات مالها إلا الله ثم أنا ..
حنان بإمتنان : الحمدلله ربي خلقني وأنتم كلكم حولي عزوة وسند , ما أتخيل بيوم أني اكون
وحيدة مثل أحلام الله يعينها
حمد بعد تفكير : عمتي عندي الحل لأمر
احلام
العمة هند : و ايش حله ياوليدي
حمد : انها تجي معاكِ فلتي ...
هند : فلتك , انت صاحي وبأي صفة , أشلون وانت موجود وهي بالعدة
حمد : لا ما بكون موجود بجلس بقصر جدي إلين تخلص عدتها
بعدها بدور لها على شغلة تقدر تدبر فيها امورها !
العمة هند : فيك الخير يا وليدي .. الله يسامح الي كان السبب في هالحوسة
حمد بغضب : لا تجيبي سيرة هالكلب ناصر , صدق إنسان حقير وماهو مُتربي
.............
[
بفلة أبو محمد ]
مسك يدها وقال بحنان : آسيل أرجوكِ أبيكِ تكوني قوية من أجل الكل
آسيل بألم : أكون قوية من أجل مين , كأنه أحد حاسدنا , كل شيء تبدل
أختي نورة وحالتها ماتسر لا هي عايشة ولا هي ميتة
و نوف الي تزوجت فجأة ثم هربت , ولا حنين الي صارت وكأنها طفلة وإلا أنت يا سعود
سعود بحيرة : أنا
لمعت عين آسيل بالدمع : أيه أنت وصدمتي فيك , تطلب مني أكون أختك
و انا زوجتك طيب ليه تزوجتني ؟!
ترك سعود يدها و وقف وبهدوء : آسيل أي صدمة , إذا تبيني أعاملك كـ زوجة أوكي ماعندي مانع
لكن لا تلوميني يوم يجي اليوم الي أتركك فيها , , انا ماني إستغلالي يا آسيل
لكن أعتبري بأني أنقذتك من نوواف ,
وضعت آسيل يدها بوجهها وبقهر: تتركني يعني تطلقني ودام نيتك كذا ليه
ما خليتني أتزوج نوووواف يا سعووود ,
مسك سعود فك آسيل بغضب وقال : إلى هالدرجة كان خاطركِ فيه يا آسيل
تأوهت آسيل : اترك فكي يا سعود أنت تألمني
سعود بعصبية : لا ماني تارككِ ايش بتسوي ؟!؟
أخذت دمعات آسيل تتساقط على أصابع سعود فترك سعود فكها و أدخل يده بشعره وبتوتر :
آسيل والله أسف ما قصدي أعورك , سامحيني يالغالية , لكنكِ أستفزيتيني بكلامكِ
و انتِ تجهلي أمور كثيرة من الأفضل أنها تكون مستورة ,
وأنحنى سعود وجلس على ركبتيه ومسك يد آسيل : بليييز آسيل لا تزعلي علي ,
أنتِ غالية علي , انتِ اختي الي ما جابتها أمي !
سعود وهو يبتسم : يالله عاد يا دلوعة كفاية زعل ,
أيش رأيك بسبب هالزعل تطلعي معاي عازمك على باسكن روبنز الي تموت فيه
هزأت آسيل رأسها بـ لا وبصوت خافت : ليه تبي جدي يذبحنا
مسك سعود يد آسيل و أوقفها و بثقة : أفا عليكِ , ما أحد يقدر يأذي زوجكِ حتى جدكِ !
وأبتسم ...
بينما كانت آسيل مُشتتة فـ كلمة زوجكِ قد لا تعني لسعود شيء إنما تعني لها كُل شيء
.....................
[
فلة آل فهد ]
حين يموت قريب لك , تشعر بـ أن ذاكرتك تتقلص , فتصبح محصور في ماضيك معه
تتذكر التفاصيل التي لم تتحدث عنها قط , تنمو الأسئلة حوله كما لم تفعل من قبل
, تشدك الأحاديث التي تدور حوله و أنت الذي في السابق
جهلت صوته أو نسيت كيف تطرق بابه منزله ,
حين يموت قريب لك , يُغريك أن تعرف كيف كانت صحته و إلى أي قدر دنى الموت منه و نزعه ,
وتتمنى لو أنك كُنت بجواره حين ترك الحياة
و أنت الذي منحته قطعك حين وصلك ولم تكترث لأمر حضوره !
الحق حين يموت الناس يصبحوا مرئيين أكثر من قبل .. !
والأن أنا أراها في كُل حين , تلك الطفلة الصغيرة التي تزحف إلى رأسي كـ فكرة
و التي تتمدد على أوعية عيني كـ دمعة !
أشمها في هواء الذي يضرب أنفي و يستقر في رئتي ..
حين يموت قريب لك تُدرك أن الحياة صغيرة جداً وعاقر لا تنجب إلا الفراآق ...
المُرسل :
الشوك الناعم ,
أقفلت بريدها ثم أغمضت عيناها وخرجت دمعات متوالية وهي تحتضن الأي فون
أرتجفت حين شعرت أن ثمة أصابع انتزعت منها هاتفها !
أردت أن تصرخ في وجهه هو لا غيره من يتصرف بهذه الطريقة
لكنها سكنت حين رأت من أمامها واقف بإبتسامته المُشرقة
تقدم إليها فوقفت وقبلت رأسه وبصوت هادىء : أنت هنا
مسك أنفها وشده و بصوت أهدأ : أيه هنا عندكِ مانع
ضحكت وهي تلتصق به ثم بثقة : أفا يا عمي كيف يكون عندي مانع وانت الغلا كُله
لكن من متى و انت هنا ومين دخلك
أحتضنها من كتفها : أممم أسامة وتراني هنا من يوم شفت دمعة تنحدر وقفلتي جوالكِ ؟؟
رجعت أحتضنته بقوة : عمي اشتقت لكم و اشتقت لجدي ,
قبلها على رأسها : تشتاق لكِ العافية
رفعت عيناها وبدمعة مكسورة : عمي متى جدي يسامحني , تراني تعبت
أحتضنها أكثر وبحزن عمييق : انا السبب يا نوف , ليتني مُت ولا كُنتِ بـ هالحالة
وضعت أصابعها بفمه كي توقف كلامه : لالا , لا تقول هالكلام ثاني و جعل يومي قبل يومك
حينها كان على الطرف المُقابل شخص يحترق غيضاً من هذا التألف العجيب بينهما
يتمنى لوهلة أن يكون في مكان هذا العم , لكن القدر ليس كما يشتهي !
تكتف بطريقة فاتنة و بصوت جهوري : ماشاء الله فهد هنا ..
ركز فهد نظره إليه بحقد
عبدالرحمن بسخرية : آووه ليه هالنظرة الحاقدة أمممم لا يكون تبيني أناديك العم فهد مثل المدام نوف
أقترب فهد منه و بغضب : ما يشرفني أكون عمك , اعتبرتك صاحبي لكنك خذلتني
ربت عبدالرحمن على كتف فهد و بإستهزاء : يعني تتصور بأنه يشرفني يكون عندي صاحب
يحط يده بيد أعداء ابوه , !
أحكم فهد قبضته بينما اقترب عبدالرحمن بجانب نوف وبإبتسامة وهو يمرر أصابعه على ذراعها :
الشيء الوحيد الي أستفدته من مخاواتك اني حصلت على هالكيكة
رجفت نوف بقرف , بينما أنقض فهد على عبدالرحمن و مسك عنقه : يا حيوووان أياك تلمسها ,
دفعه عبدالرحمن بعيداً وهو يسعل وبغضب :
ياكلب هذه زوجتي , ألمسها وقت ماأبي , أطلع من هنا
أصلاً منهو دخلك .لا عاد أشوفك هنا ثاني , اطلع بررررررررررره
فهد بقهر : طالع أصلاً ما جيت إلا من أجل الغلا والحق ماني طايق أشوف وجهك
خرج فهد بهدوء كما دخل
نوف بقهر وهي تبكي بإنهيار : أشلون تتجرأ وتكلم عمي بهالطريقة وتطرده
أقترب منها ولمس خدها : هه زعلانة على عمكِ الي باعكِ
أبعدت يده بقهر : ماسمعت عمي ايش قالك , أياك ثم أياك تلمسني
أقترب أكثر وبخشونة : نعم عيدي الي قلتيه , كأني ماسمعت هرجتكِ أنتِ وعمكِ التعبان
نووف بألم : الي سمعته .
تحركت ومرت بجواره فمسك ذراعها بقوة ولوها حتى صار ظهرها مُلاصق لصدره
وهمس بجوار أذنها : الأن بشوف منهو يمنعكِ عني
رماها على السرير بقسوة بينما كانت نوف تصرخ , وتحاول إقتلاع نفسها منه ...
ثبتها وصرخ : ترى النفس ماتبيكِ , لكن راح أثبتلكِ اني أقدر ألمسكِ بمزاجي
وبالطريقة الي أبيها و بشوف كيف عمكِ الي فرحانة فيه بيمنعني !
............
[
قصر آل الوليد ]
أخذت تضمها : يا قلبي عليكِ
حركت راسها بعدم إدارك ثم قالت بطفولة : أبعدي عني وع تكتميني ما أحبك ,
مسكت العمة هند خدودها و بحب : لكني اموت فيكِ
حركت شفايفها وبصوت اشبه بالبكاء : وين بابا , أبي بابا خالد !
العمة هند بإرتباك : الأن بيجي بابا خالد
قطعهم صوته : لا مابيجي أبد .... أنسيه و أكبري عن حركات الأطفال
أقتربت منه وهي مُحتضنه دُمية صغيرة و بصوت مُزعج :
بيجي بيجي , أبي بابا ,
مسكها من ذراعها وبصرآخ : حنين أهجدي , تدلعتي زيادة عن اللزوم
تصنمت بخووووف و بينما أخذت العمة تقول : لا مايصير كذا يا ولدي , تراها مريضة
قال سريعاً : عمتي تاركها من أسبوع عندكم وهي بنفس الحالة مافي أي تغيير
مُصرة إلا تبي الكلب خالد
رفسته بقهر وبصوت مُدافع : أنت الكلب مو بابا .. وهربت
بإنفعال : يا الحيوانة تضربيني , انا الي بربيكِ ... و أراد الإقتراب منها
لكن وصله صوت صرخة جده : فيييييصل تعال غرفتي
ألتفت فيصل : جدي دقائق ,
الجد بحدة : فيصصل الآن , بدون تأخير , !
ذهب فيييصل مع جده ,
بينما دخلت حنان وفور دخولها أسرعت حنين إليها وضمتها وهي تبكي وتمسح أنفها الصغير
بشكل طفولي بطرف كمها :
أبي باباااا خالد ...
حنين وهي تقبل رأسها و تمسح على شعرها : حبيبتي بابا خالد سافر
فعادت حنين لصرآخ , حينها أخرجت حنان من جيبها شكولاه
وقدمته لحنين وبحب : هالشكولاته من بابا فييصل
بدءً فرحت ثم كشرت : ما أبي فييصل وع ,
قبلت حنان حنين على خدها : يا حنونه , هالشكولاه مره حلوووة , وترى إذا أكلتيه
بلعب معاكِ , و بابا فييصل بيحبك و بيوديكِ الملاهي
مسحت حنين أنفها وبطفولة : بس انا أحب بابا خالد هو جاب لي عروسة
فيصل وع وحش كبير
حنان : خلاااص بابا فيصصل بيجب لك عروسة كبييييييييييرة
حنين بتسأؤل : وما يصرخ علي
أبتسمت حنان وضمتها : أكيد ما بيصرخ , انا ماراح أخلي يصرخ عليكِ ابد
قبلتها حنين بشكل مجنون وقالت : حنين تحب ابلة حنااااااان كثييير
دمعت حنان وبحب : و ابله حنان تموت في حنين
حنين : يالله نلعب ..... ثم وقفت وأتجهت لركن وجلبت معها حقيبة فيها ألعاب
و اخرجت أكواب و ملاعق و إبريق شاهي و
مطبخ صغير
وبدأت تلعب , وسط دموع هند التي كانت تراقبهما
حنين تصرخ : يا جدوووه هند تعالي ألعبي معانا !
........
[
فلة آل فهد ]
كانت مُنزوية تبكي , مُمزقة تماماً , تشعر ان كُل شيء ضاع
كبريائها الذي أحتفظت به إلى وقتها هذا بعثره هذا الرجل في ساعات !
تحتاج أن تتقيأ كي تخرج البُكاء والألم المكبوت في جسدها
فهي لم تعد تعرف شيء إلا أنه تم إهانتها بشكل مُتطرف
تم إقتلاع أنوثتها بطريقة وحشية ,, تكره هذا المكان الذي سلب منها
حقها الشرعي في الرفض والقبول !
الأن هي ضحية الغصب , وقلبها مُمتلىء بالغصة والجروح
كيف لها ان تحتمل هذا المكان ,,
عبدالرحمن بهدوء وهو يقترب منها : نوف ما أعتقد أني أرتكبت جريمة لأجل تبكي بهالشكل
نوف بهسترية : أبعد عني ... لا تلمسني مرة ثانية فاهم
أغمض عبدالرحمن عينه و كأنه يُريد إزالة غضبه ثم فتحها :
نوووف , هذا آخر مرة اسمع منك هالكلام ,
نوف بجنون : آخر مرة , لا بتسمعها كُل مرة تقرب صوبي ,
لا تظن إن تمكنت مني مره بسمحلك من جديد
مسك عبدالرحمن ذراعها بقوووة : بس كاااااااااافي , حذرتكِ , انا زوجكِ يا نوووف
عامليني بإحترام و إلا يجيكِ شيء ما يسركِ
صرخت نوووف : أيش بيجيني أكثر مما جاء منك ,, أنت أغتصبتني
صفعة واحدة أسقطت نوف على الأرض و بقسوة قال وهو يمسكها من طرف ثيابها :
نوف الرررروح ما تبيكِ , لكن نكاية فيكِ بذوقكِ من المُر و ماتقدري بيوم تمنعيني
ثم قذفها على الأرض وخرج ...
.................
[
فلة علي ]
علي بألم : نورة أرجوكِ تكلمي ....
نورة : ...........................
علي : نورة ليه ما ترضي بالقدر , الي صار مكتوب والحمدلله
تساقط الدموع من عيناها , ثم ضمت نفسها بقوة
نظر إليها علي فحالها لا يسر , مُنذ أسبوع وهي في أسوأ الأحوال
المُصيبة لا تُريد الذهاب لبيت أحدهم , بل هي لا تخرج من غرفة أبنتها
جالسة أمام سريرها بدون كلام , لا تتحدث مع أحد , فقط الدموع في عينها
و ألعاب و ملابس جنى بين يديها !
علي : نوورة وديت جاسم بيت أهلكِ ,,,,,
فأخذت تهز نفسها بطريقة غريبة , وكأنها دخلت في نوبة
نعم هذا هو حالها كلما جاء علي بذكر أبنها , وكأنها لا تعرف من ابناءها إلا جنى
بل أن ابنها كلما حضر أمامها تُخرجه من الغُرفة أو تضربه !
لذا ترك علي أبنه عند آسيل
مسك علي رأسها وبألم : ياااارب رحمتك , اللهم أحفظ أسرتي ....