6- شهر العسل الدامع.......
عندما أستيقظت رينا في التاسعة صباحا كانت الشمس تملأ الغرفة , وكان الصمت يعم المكان بأكمله.
كان لوجان قد نام عدة ساعات على الأريكة في الصالون قبل أن يخرج.....
توجهت رينا الى المطبخ لتعد وجبة الأفطار , وبعد قليل ظهر لوجان على مدخل الباب وقد بدت على وجهه مظاهر الهم .
" صباح الخير ".
" صباح الخير ( أجابها وهو يدخل ) هل أستطيع مساعدتك؟".
" كل شيء جاهز".
جلست الى الطاولة , وجلس لوجان دون أن يعيرها أنتباها , وظل فترة طويلة يأكل بصمت وهدوء ,وكأن هناك ما يشغب تفكيره.
قالت:
" الطقس جميل , هل سبحت؟".
" نعم , الماء رائع".
لم ترد ونهضت لتسخن الماء.
" هل تفضل الشاي أم القهوة؟".
" سيان , رينا بخصوص الباراحة......".
قاطعته وكأنها غير مبالية :
" كم قطعة سكر تريد؟".
" تعرفين عادتي تماما".
قالها بخشونة , وقف وراءها وأمسكها من كتفيها وأجبرها أن تواجهه , تخلصت رينا منه بحركة عصبية وتراجعت الى الوراء وصرخت جزعة:
" لا تلمسني".
أشتعلت في هينيه ثورة , عض شفتيه , وبذل جهدا كبيرا ليتماسك وتابع:
" رينا , الأحباط الذي حصل البارحة , أتحمل مسؤولياه بالكامل ........ أنها غلطتي ..... لقد تصرفت...... كرجل بدائي".
" وهذا رأيي أيضا".
قالتها بعنف وهي مسرورة من رؤيته حائرا ومرتبكا.
" أقدم كل أعتذاري وأسفي".
" هل تعتقد أنك تستطيع ترتيب الأمور بهذه الطريقة؟".
قالتها بتهكم وأزدراء .
" لا , ولكنني الآن اشعر بضرورة ذلك , ولأصلاح الخطأ لا أرى ألا أمكانية.....".
" لا......".
قاطعته بسرعة وهي تدير رأسها وقال:
" أعطيني فرصة , أرجوك , يجب أن ينجح زواجنا".
" أتطالب بحقوقك الزوجية ؟ حسنا , لا أتنكر لهذه الواجبات.... وأنت لا ترحم عندما تقرر شيئا , أليس كذلك ؟ أردت أن تتزوجني مهما كلف الثمن , وهذا ما حصل , مع أنني حذرتك سلفا من أنني وافقت فقط من أجل داني , وأنت تدّعي بأنك لا تعلق أية أهمية على أسبابي , مع 1لك أرجو ألا تنساها يا لوجان , فمن أجل سعادة أبن تيري أنا مستعدة لأتحمل أي شيء".
" رينا لا تلعبس دور الضحية , كوني واضحة وصريحة , أنت لم تضحي من أجل دان , الرغبات نفسها تسكننا نحن الأثنين , لولا كلامي التعيس ليلة البارحة لأستسلمت لي كلية".
منتديات ليلاس
" لا تخادع يا لوجان , من المؤكد أنك تتمتع بشيء من الجاذبية , وكثرة التجارب , ولكن من الممكن لأي رجل آخر أن يوقظ فيّ ردود الفعل نفسها , ليس من الصعب أن تغوي أمرأة حيث يظل الحس ظامئا ...... أنني أتألم كثيرا من وحدتي الروحية , وأعترف بذلك من دون خجل , أردت أن تملأ هذا الفراغ المرعب وهذا يكفيك على ما يبدو , ولكنني حذرتك من أنك لن تخلف تيري في قلبي ولن أحبك بالطريقة نفسها , ولكن داني بحاجة الى أب ومن أجله رضيت أن أخضع لمتطلباتك , هذا هو السبب الوحيد لتصرفي".
أحس لوجان بمرارة لم يعرفها من قبل وأجاب ببرود شديد:
" لا أفكر أن أحل محل تيري , أحتفظي بذكرياتك الجميلة , هبي قلبك لهذه الذكريات أذا كان هذا الشيء يرضيك ولكنني سأكون ذلك الذي ... يتقاسم معك الحياة".
صدمت رينا وتمتمت :
" أنت بالفعل رجل بدائي".
" شكرا , هل تريدين برهانا آخر؟".
قالها بدون رحمة , شحبت رينا وتقلصت ثم أجابت:
" أكرر لك , لن أمنع نفسي عنك".
" ومن خلف جفنيك المغمضين تتابعين التفكير بتيري , وهل ستتابعين تمثيل لعبة البرود وقتا طويلا يا رينا؟".
شدّها بقوة , وأجبرها أن تنظر اليه , ولكن أمام لامبالاتها وعيونها الغارقة في المبهم قال:
" في الوقت الراهن أفضل ألا أجاريك في هذا الفصل , ولكنك لن تستطيعي الى الأبد أن توزعي فكرك بين رجلين".
تركها فجأة ثم خرج وهو في ذروة أنفعاله وسقطت رينا على الكرسي ورأسها بين يديها , لقد أمضيا شهر عسل غريبا , نام لوجان في الصالون في الليلتين التاليتين , وبعد أن يتناول أفطاره يخرج كل يوم ليمضي يومه في التجذيف , طلب مرة من رينا أن ترافقه ولكنها رفضت , نادرا ما يتكلمان ألا لتبادل الكلمات الضرورية بأدب تام كغريبين تماما , قامت رينا بنزهة طويلة على شط البحيرة وحيدة وأخذت حمام شمس على الرمل.
صباح الأثنين أخذا طريق العودة وتوجه لوجان مباشرة الى منزل رينا ليحضر متاعها , دخلت لمنزل الفارغ وفي قلبها غصة , جو غريب من الهجران يخيم على المكان ويعكس أنطباع الحزن والأسف , في غرفة النوم جمع لوجان الحقائب وعاد ليضعها في السيارة , وبحزن كبير توقفت رينا في الغرفة غير قادرة أن ترفع عينيها من على السرير الذي تقاسمته مع تيري... وللمرة الأخيرة تأملت المكان لتثبت الصورة في ذاكرتها , وعندما عاد لوجان وجدها على وشك البكاء , وقف على العتبة وقد أكتسى وجهه بقناع لا يفسر , وبدون أية كلمة تركها لوداعها الصامت.