أبتسمت بمرارة:
" أنت تندفع بواجباتك أتجاهنا أبعد من اللازم".
" أن عرضي لا علاقة له بالوعد الذي قطعته على نفسي أمام تيري , وأنت تعرفين ذلك جيدا".
ثم قطب وجهه وتابع وهو يرمقها بنظراته الحادة:
"أفكر قبل كل شيء بسعادتي يا رينا , حاولي أن تفهمي بشكل جيد , أريدك بكل كياني منذ الحظة الأولى للقائنا , يوم زواجك , وعلى كل حال , لا أعتقد أنك تجهلين ذلك ,وأنا لا أخفيه عنك".
أرتجفت رينا وعضت شفتيها .
تنهدت:
" ماذا لو قبلت من أجل داني فقط؟".
" أن هذه الأعذار لا تكلفك شيئا وتدعو للسخرية , وأنت تعرفين ذلك منذ نظرتنا الأولى يوم زواجك".
قالت بأزدراء :
" الأنجذاب الحسي وحده لا يكفي".
" لكنه ليس غلطا كأنطلاقة أولى على الأقل , هل أحبك تيري روحيا فقط؟".
قالت بعصبية:
" دع تيري خارج كل هذا".
" موافق تماما ,أنه يشكل حاجزا بيننا".
قاطعته رينا بغضب أكثر:
" أنس هذا الموضوع , شكرا لهذا العرض الجميل , ولكنني أرفضه".
قال بعد صمت ثقيل:
" فكري بالموضوع".
" لن يتغير شيء".
" لأنك تعتبرين أنك ما زلت متزوجة من تيري؟".
قالت متذمرة من ألحاحه:
" بالتأكيد".
" ولكن يمكن للأشياء أن تتبدل كما يمكن أن نستفيد منها"." ولكنني أرفض ذلك".
" أعرف , وكل المشكلة تكمن هنا , أنك تفضلين أن تظلي حبيسة ذكرياتك وأحزانك بدلا من أن تعيشي الحياة".
" لقد دخلت في جولة خاسرة يا لوجان".
" أنا لم أخسر بعد , ولكنني لا أتخلى عن الأمور بسهولة".
" وبعد رحيله ألقت بنفسها منهكة على الأريكة ولكن كلماته الأخيرة ما زالت ترن في رأسها كاللازمة , تكررها وهي ترتجف ( لم أخسر بعد..........).
وبعد عدة أيام مرض داني وفي ليلة ساءت حالته وأشتد سعاله , ولم يستطع التنفس , أسرعت والدته تطلب طبيب العائلة الذي لامها لأنها لم تلقحه ضد الدفتريا وعاشت كابوسا حقيقيا.
وعندما نام الطفل في الفجر أنسلت من غرفته منهكة منهزمة نفسيا , أنه لمن القسوة أن تتحمل وحدها هذا القلق المرعب.... آه لو كان ايري بجانبها ليرعاها بحنان لكن مع الأسف.......
ذهبت الى المطبخ لتعد الشاي , شربت كأسين ولم تستطع أن تبتلع لقمة واحدة وهي تترصد أي صوت يمكن أن يصدر عن غرفة داني.
قفزت مسرعة لترفع سماعة الهاتف خوفا من أن يوقظ رنينه داني وقالت بصوت لاهث وغاضب:
" آلو؟".
" يا لهذه السرعة ( صرخ لوجان ) أذن أنت صاحية؟".
" لم أنم تقريبا ( أجابت بصوت منهك ) ماذا هناك؟".
تجاهل سؤالها وسألها بدوره:
" ماذا حدث؟".
بدأت :
" داني............".
ثم توقفت , لم تعد تستطيع أن تكمل جملتها .
" رينا ماذا حصل؟".
حاولت أن تتكلم لكنها لم تستطع , أستندت الى الحائط , وغطت وجهها براحتيها ثم أنفجرت بكية.
وعندما أستعادت توازنها أتصلت بلوجان ولم يجبها أحد , من المؤكد أنه في طريقه اليها.
كان عليها أن تتماسك قبل وصوله , توجهت الى الحمام لترتب شكلها , وعندما رن جرس الباب مسحت وجهها من الدموع , وذهبت لتفتح له , فوجئت بالسيدة كريمنز بقميص النوم وعلى وجهها مظاهر القلق.
" أتصل بي السيد ثورن , هل أنت بحاجة لمساعدة؟".
" لا لزوم لأن تتعبي نفسك يا سيدة كريمنز , لقد أمضيت ليلة تعيسة جدا بسبب داني , ولا بد أن لوجان أحس بحزني وجن جنونه".
جلست السيدتان في المطبخ ورينا تروي لها ما حصل.
" كان عليك أن ترسلي في طلبي".
" خفت أن أزعجك".
" كنت على صواب عندما نصحتك بأن تتخذي لنفسك زوجا جديدا , لا يمكن أن نواجه أعباء الحياة وحيدين".
" ربما.........( تنهدت رينا ) يجب أن أرتدي ثيابي , لا بد أن لوجان في الطريق".
" نعم هذا ما قاله لي".
" أشكرك جدا , كل شيء سيتحسن عندما.......".
" عندما يحضر السيد ثورن , أعرف , ماذا سيحل بك بدونه , لماذا أذن لا تتزوجينه ؟ أنه يحبك كثيرا".
بدا لرينا هذا الكلام منطقيا حتى أنها باتت تتمناه ....... أغتسلت بسرعة ولبست ثيابها , ولكنها خافت عندما رأت شحوب وجهها فوضعت لمسة من الكريم وأحمر الشفاه لتخفي مظاهر الأرهاق , قطعت زينتها وذهبت لتفتح الباب.
" ما كان عليك أن تتعب نفسك يا لوجان".
سأل بقلق:
" ماذا حدث؟".
حكت له بأسهاب عما حصل , وما كادت تنهي كلامها حتى طلبها داني بصوت مجروح .
لقد بدا وجهه أحمر , وأصبح تنفسه أكثر طبيعية رغم الشهيق.
صرخ:
" عم لوجان , أريد أن أرى العم لوجان".
أقترب لوجان وربت على وجهه بلطف وأنحنى نحوه.
" هل فحصك الطبيب ؟ أخبرني".
قال داني بفخر:
ط نعم وحقنني بأبرة".
تركت رينا أبنها لحضور لوجان المريح وأتجهت الى المطبخ , ألتحق بها لوجان بعد قليل.
" لقد نام".
قدمت له القهوة.
" أجلس , هل تريد أن تأكل شيئا؟".
" أفضل أن تأكلي أنت , أن سحنتك.......".
" كالخارجة من القبر ( أكملت عنه ) غالبا ما تقول لي هذا , يا لها من فكرة غريبة أن تتزوج من أمرأة على هذا الشكل".
ألقت عليه نظرة , وسألته بهدوء:
" بالنتيجة , هل غيّرت رأيك بهذا الشأن؟".
أجاب بهدوء أكثر:
" ليس الى هذا الحد , وأنت؟".
وكأنه يستجوب نظراتها , قالت :
" أنا , بلى , أذا كنت ما زلت متمسكا بعرضك , فأنا جاهزة",.