ومعظم النساء لا يعملن خارج البيت , تعرفهن رينا بالأسماء , الكل حزن لوفاة تيري ولكنهن لم يكن أصدقاء حقيقيين , وذات يوم وبينما كانت رينا ترافق داني الى مركز الحضانة , تعرفت الى أحد الجارات في مثل سنها , بدأت تدعوها من وقت لآخر لشرب الشاي عندها , ما عدا هذه الزيارات القصيرة كانت لا تخرج ألا نادرا , وتتجنب دعوات العشاء والأستقبال لكي لا تشعر بالضيق من كونها وحيدة , سيما بعد أن تعرضت في بعض الأحيان لبعض المآزق , عندما كان يحاول أحد الأشخاص توصيلها الى المنزل , فقررت ألا تقبل أية دعوة بعد ذلك.
توآهو بسكانها الأليفين حيث تسكن رينا كانت عبارة عن قرية فيها معمل كبير لأنتاج الحليب لترويج منتجات مزارع المنطقة , وبعض الصناعات البدائية , مدينة هاملتون حيث يسكن لوجان تبعد عنهم حوالي الساعة , لكنهم فضلوا السكت في توآهو لقربها من معمل الطيران الخاص بالمؤسسة , بالأضافة الى أنها كانت مثالية من أجل تربية الأولاد من حيث مستوى مدارسها الممتازة , وطبيعة ريفها الجميل الذي بدأت تراه رينا الآن حزينا بعد غياب تيري.
فكرت رينا أن تنتقل الى هاملتون , لكنها تخلت عن هذه الفكرة خوفا من أن تسبب صدمة لداني بعد وفاة والده .
وعندما عادت رينا وجدت داني يأكل الفاكهة مع السيدة كريمنز , وقد أستعاد شهيته للطعام وتوردت وجنتاه .
" أنه بحالة جيدة تماما".
منتديات ليلاس
هذا ما أكدته السيدة كريمنز , كانت رينا تصغي بأنتباه الى نصائح السيد كريمنز التي لم تنجب طفلا في حياتها ولكنها مربية للعديد من الأطفال , دعت رينا السيدة لشرب الشاي وتحدثتا حول أرتفاع الأسعار وعيره , بينما كان داني مشغولا باللعب ببعض السيارات , وفجأة سألت رينا :
" هل تعتقدين أنني أم مسرفة في أمومتها؟".
أجابت الجارة بعد أن تمهل بلطف وصراحة :
" في حالتك هذه , يمكن أن تنتهي هكذا , لكن من لفت أنتباهك الى هذه النقطة؟".
" لوجان".
" آه صحيح , كان هنا مساء البارحة أليس كذلك ؟ لا تخافي , لست من الفضوليين والنمامين ولكنني رأيت السيارة عندما أخرجت زجاجة الحليب".
" وهل توافقينه في هذا القول؟".
" ليس تماما , ولكنك تقلقين كثيرا بشأنه حتى وأن حاولت ألا تظهري ذلك , وهذا سيء بالنسبة اليك , صحيح أنك أم رائعة ,ولكنك لا يمكن أن تحلي محل أبيه في نفس الوقت , وعليك أن تحذري من النتائج , كما عليك أن تتقبلي , أنك متعبة في هذه الفترة".
" كان كل شيء على ما يرام قبل هذا المرض اللعين , ولكن سأحاول أن أستريح الآن".
" ولكنك بحاجة الى .......".
قاطعتها رينا :
" مقويات".
قالت الجارة محتجة بأمتعاض :
" لا , أنت بحاجة الى قليل من المساعدة".
" ليس لدي ما أشكو منه , أعرف نساء في أسوأ من وضعي بكثير".
" مع ذلك ستكونين أسعد لو تتقاسمين العبء مع شخص ..... يلزمك زوج".
أنفجرت رينا ضاحكة بعصبية:
" أتزوج ثانية , لا يمكن , لن أجد تيري آخر أطلاقا".
" أنه لمن الخطأ أن تبحثي عن الشبيه , تركضين وراء سراب مع أن هذا العالم لا يخلو من رجل شهم ومهم , السيد ثورن مثلا".
ذهلت رينا وكادت أن تصرخ:
" لوجان.... ليس من الذبن يتزوجون".
ولكنها قالت بتردد:
" آه..... هذا الأمر مشكوك فيه".
ثم أضافت بهدوء:
" أقترحي على الأقل شخصا آخر , فقد أعيد النظر".
ولم تتوقع رينا أن تأتيها الجارة بعد عدة أيام بصحبة شاب طويل أشقر , أستقبلتهما بلطف , ثم دعاها روبرت لينتون الى العشاء يوم السبت , وبقيت السيدة كريمنز مع داني عندما ذهبت رينا مع روبرت الى هاملتون.
كان روبرت مرافقا لطيفا , ذكيا وغامضا , وبعد أن تناولا العشاء ورقصا على أنغام الموسيقى , حاولا ألا يتأخرا من أجل السيدة كريمنز.
وعلى طريق توآهو أخذ المحرك يحدث صوتا غريبا مما جعل روبرت يتوقف على جانب الطريق تحت أنظار رينا المتسائلة .
قال وقد بدا عليه الأنزعاج والخجل:
" على كل حال ليس هذا بسبب البنزين ..... ملأته اليوم ".
أبتسمت رينا ولم تشك لحظة بأن العطل مدبر , لأن روبرت , ذلك الشاب الشهم , لا يمكن أن ينحدر الى مثل موقف كهذا , أمسكت له مصباح الجيب عندما أنحنى تحت الغطاء ليكشف السبب , ثم صعد الى السيارة وأدار المحرك بعد أن أزال الغبار العالق بالمحرك وأنطلق.
هذا العطل المحرج أخّرهم حوالي الساعة , وأعتذر روبرت كثيرا عندما توقف أمام منزل رينا التي دعته أن يشرب الشاي مع السيدة كريمنز .
" أشكرك كثيرا ولن أبقى طويلا".
سبقته رينا في الدخول .
" لقد أمضيت سهرة رائعة".
همس في أذنها وهو يغازلها , وفي هذه اللحظة فتح باب الصالون , كتمت رينا أستغرابها لدى ظهور لوجان , وبمظهر شبه مذنب أزاحت يد روبرت الموضوعة بصداقة على كتفها.