7 - رودس .... حيث بدأت القصة
أشرقت الشمس صباح اليوم التالي وغادرت جولييت فراشها حيث قضت الليل بطوله وهي تؤنب نفسها على الوضع المؤلم الذي خلقته لنفسها , كان دورين لم يزل نائما , نظرت اليه بيأس وخجل , محاولة طرد ذكرى الليلة التي أنقضت عليهما معا , وفي هذا الفراش بالذات , حيث قضت ليلتها مرغمة .
لم يبق أمامها سوى الفرار , لجأت الى حجرتها لتستعد للرحيل , وبينما كانت تجمع ثيابها في الحقيبة دخل دورين والأبتسامة تعلو وجهه:
" الى أين يت عزيزتي؟".
" الى لندن , سأرحل حالا".
" لا أعتقد ذلك ".
" لا يمكنك أرغامي على البقاء هنا , فلا شيء يمنعني من مغادرة هذه السفينة متى أشاء".
" لكنك تزوجتني طمعا بالمال , أليس كذلك؟".
" لم أعد أبالي بثروتك".
" من يطمع بالذهب لا ييأس بسهولة , فهل لك أن توضحي لي الأمر أكثر؟".
أبتعدت عنه جولييت وأزاحت ستائر النافذة , أشرقت الشم من خلال الزجاج وشرد نظر جولييت الى الخارج حيث تركت حريتها , براءة طفولتها , شهامة نواياها وصفاء أفكارها , كيف سمحت لنفسها أن تتبع كالعمياء نزوة أنتقامها التي أدت بها الى موقف تضطر فيه الى مواجهة الذب والأشمئزاز ؟ خاصة من رجل أذلها من قبل , وسبب لها الأشمئزاز ذات مرة.
" ما زلت أنتظر جوابك".
" لم أعد أرغب بأن أكون زوجتك ".
" أكنت تتوقعين زواجا أفلاطونيا من رجل ثري؟".
منتديات ليلاس
كم كانت كلماته مؤلمة وجارحة , لكنها أبت أن تشرح له الحقيقة , كيف تبوح له أنها أميلي لوزار ؟ لا ,لن تفعل ذلك مهما كان الأمر , الحل الوحيد هو العودة الى لندن والأنفصال عن دورين ..... هناك تنتظر أن يتم الطلاق بينهما وينتهي الأمر , ويزول الكابوس , لن تجد صعوبة في العودة الى حياتها السابقة , ستشرح الأمر لماغ بالتفصيل , أما أصدقاؤها الآخرون فعليهم الأكتفاء بشرح مختصر , حاولت من جديد أقناع دورين بالقبول بالأمر الواقع:
" دورين , لن تنفع الكلمات ولن يتغير الوضع , كان زواجنا مجرد غلطة يجب وضع حد لها , فأرجوك أن تضع النقاش جانبا".
" تريدين وضع حد لزواجنا ؟ ينتابني شعور غريب , شعور بأنك لم تصارحيني بالحقيقة كلها بعد , هناك شيء آخر أود معرفته".
" لا أنوي الأستمرار في هذه المناقشة , قررت الرحيل وهذا ما أفعل".
" لأبرهن لك على أنك مخطئة , ستجدين أن هذا اليخت سيبحر حالا , ولن تسنح لك فرصة الرحيل ألا متى قررت أنا التاريخ والساعة".
مضت عليهما ثلاثة أسابيع وهما يطوفان البحر , وكلما وصلت السفينة الى مرفأ أقفل دورين باب حجرة جولييت , بينما كان العمل يجري على تزويد اليخت بالبنزين والمؤونة , ثم أعطى أوامره بالأبحار من جديد , وهكذا مرت الأيام , كانت جولييت تتحسر على وضعها , نادمة على الغلطة الشنيعة التي أرتكبتها , متمنية لو تعيد الوقت الى الوراء وتبدأ من جديد ,وكأن القدر لم يجمعها بدورين أبدا , آه لو بقي مجرد ذكرى تافهة في ماض أنقضى الى غير عودة.
كانت تراقبه من خلال نافذة حجرتها متسائلة الى متى سيدوم تجوالهما من مرفأ الى مرفأ ؟ لا يبدو على دورين أي تعبير عن الضجر , يبدو راضيا بالعيش على هذا النحو , كان يمضي أوقاته بالمطالعة والأسترخاء تحت أشعة الشمس , غير مهتم بما يجري لزوجته , وحين حاولت الأعتراض ذات يوم أجابها بجفاء :
" عليك أن تعلمي أن الزوجة اليونانية تخضع لأرادة زوجها من دون أي أعتراض".
" لكنني لست يونانية".
" تزوجت يونانيا , لذا عليك أن تحترمي تقاليد زوجك وأن تتقيدي بها , ومن الأفضل لك أن تدركي أمرا مهما جدا...... هو أنني سيّدك وعليك طاعتي".
شعرت جولييت برأسها يدور :
" أشعر بدوران , عليّ أن أجلس".
رحظ دورين أن لونها قد شحب فتركها تذهب وذهب ليعد لها شرابا مرطبا , وبعد أصراره عليها قبلت أن تتناوله.
مضى على زواجهما شهر كامل , تعلمت جولييت خلاله أن تعامل زوجها بحذر ولياقة , متجنبة أثارة غضبه , محاولة أرضاءه بأستمرار , قضت معظم أوقاتها تكتب رسائل الى ماغ تخبرها عما يجري , لكنها رسائل لا تغادر المرفأ ,طالما أنها لا تثق بأعطائها لدورين , فربما فتحها وقرأ محتوياتها وعرف الحقيقة , سمعته يوما يقول لملاّحي السفينة أنه يتوقع منهم العمل لمدة طويلة , لأنه لا يعلم متى سيقرر العودة الى زاسوس , أغاظها ما سمعت وواجهته بالأمر.
" دورين من المساحيل أن نبقى على سطح البحر الى الأبد".
" ولم لا ؟ أنني سعيد جدا".
" سعيد؟ لا أصدق ذلك ".
" سنطوف البحر حتى أستخرج منك الخبر الذي أنتظره".
وعاد لمطالعة كتابه , عادت جولييت الى غرفتها محاولة تفسير كلماته ,وبعد تفكير طويل أدركت ما يجول في خاطره , فهو يعتقد أنها حامل , ومتى واجهته بهذا الخبر سيقرر العودة الى زاسوس.