كانت الشمس ترسل خيوطها الذهبيى في كل مكان , وفي الهواء عطر الفاكهة الناضجة , وأخيرا وصلا الطريق التي تؤدي الى المنزل , عندما ظهر البيت من وراء الأشجار , هتفت جولييت معبّرة عن تقديرها لجمال وضخامة المبنى.
" أيعجبك؟ أعتبريه منزلك متى شئت".
" لا تقل ذلك , أمن عادتك دعوة كل أمرأة تتعرف بها للمكوث في منزلك؟".
" من يسمعك يعتقد أنني أحببت نساء عديدات".
" أليس هذا صحيحا؟".
لم يجب , علمت جولييت أنها أثارت غضبه لكنها لم تبال.
" تفضلي الى الداخل , أهلا بك في ماساليا , الأسم الذي أطلقته على منزلي".
دخلت جولييت هو يتبعها , راحت تتأمل المفروشات الفخمة التي تدل على ذوق رفيع , ولاحظت التحف القديمة الثمينة , وأصطحبها دورين الى غرفة الجلوس حيث جاء لأستقبالهم خادم المنزل قائلا:
" المعذرة , لم أ‘لم بقدومكما , ستأتي أستيرو الى هنا حالا".
" كلانزس , أقدم لك الآنسة جوليييت , جوليت هذا كلانزس يتولى وزوجته وأبنته أمر الأعتناء بهذا المنزل , هل هي أستيرو تأتي الآن , أنها زوجة كلانزس وها هيكاسيانا أبنتهما".
حيتهم جولييت بلطف وقالت:
" تسعدني مقابلتكم".
" سيتولى كلانزس أمر أحضار حقائبك الى غرفتك".
وبعد وقت قصير كانا جالسين في الحديقة يتناولان شرابا مرطبا.
" دورين , ينتابني أحساس أنك لم تفكر لحظة بأمكانية بقائي في الفندق ,بل كنت مصمما على مكوثي هنا مهما كان الأمر".
" صحيح , ومجيئك الى اليونان لا علاقة له كعارضة أزياء".
" أذن ما سبب وجودي هنا؟".
" كفاك تمثيلا , علمت منذ البداية أنني السبب وراء هذا العرض".
" نعم علمت ذلك".
" أذن تعلمين أيضا ما أريد منك".
" وأعلم ما أريد لنفسي".
تابعت جولييت كلامها شارحة له أنها سترجع الى لندن حالا أن لم تكن ستعمل كعارضة أزياء.
" قلت لك في لندن أنني لن أوافق أن أكون غير زوجتك , وما زلت مصرة على قولي".
حاول دورين أقناعها من جديد , معيدا على مسامعها أستعداده لمنحها جميع ما تشتهي نفسها من جواهر وثياب , وحتى منزلا مستقلا تسكنه متى تشاء ويبقى لها حتى لو قررا أن ينفصلا في المستقبل , أصغت اليه جولييت بصمت وعندما أنتهى قالت:
" دورين , أما الزواج أو لا شيء".
" أتعرضين عليّ أن أتزوجك؟".
أحتقن وجه جولييت وأجابت:
" أسأت فهمي تماما , فمن الأفضل أن نغير الموضوع".
" لن أغيّر الموضوع , أريد الوصول الى حل".
" لو كنت تحبن حبا كافيا لأردتني أن أصبح زوجتك".
" حبا كافيا......".
وبدا على دورين أنه يفكر , وكأن جولييت فتحت أمامه صفحة جديدة عن طبيعة النساء وأطوارهن , وأستغرق في التفكير ولم يتابع الحديث عن هذا الموضوع ألا في المساء , فبعد أنتهائهما من تناول طعام العشاء طلب منها دورين أن ترافقه في نزهة الى الحديقة , ساد الصمت بينهما لوقت طويل حتى توقف دورين عن السير وأخذ يتطلع في عينيها بشوق عارم , وبدا كأنه فقد السيطرة على عواطفه , حاولت أن تبتعد عنه لكنه جذبها اليه بشدة وقال:
" جولييت حبيبتي , قلت لي سابقا أنك توافقين على أن تصبحي زوجتي , ها أنا أطلبك للزواج رسميا.. فهل تقبلين؟".
" هل تحبني؟".
سألته هذا رغم أن الجواب على سؤالها كان واضحا على وجهه , فأجاب:
" أحبك يا ساحرتي , فهل تقبلين بي زوجا لك؟".
همست وفرح الأنتصار يغمر قلبها:
" بكل سرور".
أحست كأنها طير وجد حريته من جديد , فها هي فرصة الأنتقام قد حانت".
الأنتقام! كلمة سحرية سطعت في أفقها , باتت مسيطرة على وجودها , مستبدة بحياتها ومستقبلها , الأنتقام.... لن يهدأ البركان في أعماقها ألا حين تنجح في تحطيم قلب دورين كوراليس......
تمت حفلة الزفاف ,حضرتها وفود من الأصدقاء والأقارب مهنئين العريس على ذوقه الرفيه وحظه السعيد.
بدت جولييت وكأنها طالعة من أسطورة تتألق في ثوب أبيض من النسيج الحريري الصقيل , أما دورين , فكانت فرحته لا توصف , ويبدو على وجهه الفخر والأعتزاز بزوجة المستقبل.
أنتهت الحفلة ووجدت جولييت نفسها برفقة دورين ...... كانا وحدهما, فهي الآن زوجته , والوقت الذي كان دورين ينتظره بفارغ الصبر , ها هو قد آن أوانه.
أقترب منها وفي عينيه بريق من الغبطة والشوق , أخذها الى صدره بلهفة طاغية:
" هذا اليوم هو أسعد يوم في حياتي , يوم لن أنسته أبدا , سأحبك يا عزيزتي حتى يوم وفاتي , هذا وعد أقطعه على نفسي يوم زفافنا".
كلمات عطرة , تتمنى كل عروس أن تسمعها يوم زواجها, لكنها في ذهن جولييت كانت قصة أخرى مختلفة تماما تحوك نفسها , والمستقبل يتراءى لها مجللا بالثأر , ففي قلبها كانت تحمل لهذا الرجل كراهية وحقدا لا حد لهما , ومرادها الوحيد أن تحطم حياته...