" هل هو على ما يرام يا غاريت؟".
فكرة جروحه تؤلمها حسيا :
" أنت واثق مما تقول , أليس كذلك؟".
" حتما , ومع الوقت سيعود كما كان وأحسن , سيترك الجرح في جبهته أثرا مؤقتا ولكن نظره سيعود كما كان سليما".
مشى غاريت اليها , وقفت لتلاقيه , وضع يديه على كتفيها وقال بحنان:
" لو كنت أعرف حقيقة شعورك نحوه لأخبرتك القصة بطريقة مختلفة , لم أكن أعلم......".
" ولا أنا , لقد برهنت لك عن جنوني....".
بدأت تبكي متأثرة , فتشت في جيوبها عن منديل تمسح به دموعها:
" لم لم تكتب لي زوي عن الحادثة أو تخبرني؟".
عبس غاريت مفكرا ثم قال:
" أنا لم أرو لها الحادث ألا بطريقة عفوية , نحن الأطباء نترك هموم مهتنا خلفنا , ربما زوي تعرف حقيقة شعورك نحوه وألا لأخبرتك بنفسها , وربما تكون نسيت... هل ستزورينه يا فرنسيس؟ أنا متأكد بأنه سيسر لزيارتك".
هزت فرنسيس رأسها غير موافقة وقالت وهي ترتجف:
" لقد تقابلنا منذ تسعة أشهر يا غاريت وعلاقتنا كانت متوترة ".
" ومع ذلك أعتقد أن زيارة فتاة مثلك ستجلب السعادة الى قلبه.... أنه وحيد بعد أن حرم متعة النظر".
حاول أن يثير شفقتها وبدا له أن ترددها قد زال تدريجيا.
" حسنا , سأراه أن كنت تعتقد أن زيارتي له ستفيده".
" لا يزال يضع ضمادات على عينيه فلا تهتمي لشكلك الدامع , ولكنك ستجدين الرجل الأعمى , ولو كان عمى مؤقتا , شديد الحساسية..... ربما صوتك يفضحك.".
" غاريت...... لن تخبر فيلكس عن شعوري , أقصد أن أقوللك أن هذا الشعور من طرف واحد....... وليس متبادلا , لا أريد أن يعرف بحقيقة شعوري نحوه".
هز رأسه موافقا ثم فتح لها بابا عبرا منه الى غرفة المكتبة ومنها الى الشرفة الأمامية.
" أنتبهي , أنه ضجر ويشعر بسأم قاتل , سأتركك وحدك , كنت في طريقي الى الخارج قبل حضورك ".
شد على ذراعها مودعا:
" أتمنى لك حظا سعيدا يا فرنسيس".
دفعها غاريت الى داخل الشرفة الزجاجية وذهب , وجدت نفسها وجها لوجه مع فيلكس.
" من القادم يا غاريت؟".
كان فيلكس يرتدي بنطلونا رماديا وكنزة رقيقة بيضاء وقد تمدد على كرسي طويل , باب الشرفة المؤدي الى الحديقة مفتوح قليلا ليتسنى لشمس أيار أن تدخل الى الغرفة , هناك صحن من الفاكهة موجود فوق طاولة صغيرة بالقرب منه وعليها راديو ترانزستور وجريدة ملقاة فوق كرسي قريب منه , ربما كان غاريت يقرأ له الجريدة قبل حضورها.
" غاريت؟".
صرخ فيلكس وجلس مستويا فوق الكرسي , بقيت فرنسيس صامتة وهي ترى الضمادات تخفي قسما كبيرا من وجهه , وبعد جهد أستطاعت أن تتكلم بأرتباك:
" أنا هنا...... لقد غادر غاريت".
أستدار فيلكس بوجهه نحو مصدر الصوت وقد تسمر برهة , ثم أستراح في مجلسه وأجاب بصوت هادىء متوازن:
" أنت....... أهلا فرنسيس , لطيف منك أن تفكري بزيارتي ".
" أهلا فيلكس".
عليها أن تتجاهل حبها له ورغبتها في أن تركض اليه وترتمي عليه وتشعره بحرارة حنانها , وتحس بدفء يديه وهو يطويها الى حوائجه ....... نظرت الى شفتيه المبتسمتين :
" كيف حالك الآن يا فيلكس ؟".
" كما ترين....... أشكرك".
" لم أكن ........ أعرف ...... بشأن الحادث.....".
" حقيقة؟".
" لقد حضرت لزيارة الليدي...... ألتقيت غاريت الآن وأخبرني ما حدث".
" خسارة والدتي في رؤيتك هو كسب لي , أذن كنت تجهلين ما حدث".
" نعم , سوف أوبّخ زوي لأنها كتمت المعلومات عني ولم تكتب لي".
" لا أظن أن صديقتك توافق عل صداقتي معك , أقتربي مني يا فرنسيس فأنني لا أحتمل الأصوات البعيدة".
منتديات ليلاس
مد يده اليها , ترددت فرنسيس قليلا ثم مشت نحوه ووضعت يدها بين يديه , رفعها الى وجهها وقرّبها من أنفه.
" رائحتك لذيذة.....".
أحست فرنسيس بنبضها يسرع بين كفيه.
" يسرني حضورك , , وجودك هنا يؤكد لي أنك سامحتني ونسيت جراح الماضي وآلامه , وسأستفيد من هذا الوضع لأحتمي بشفقتك".
" هراء".
ضحكت بصوت مرتفع:
" أنت تكره الشفقة ولا تحتملها".
" أنت تعرفينني حق المعرفة يا عزيزتي , الحقيقة أننسئم ضجر وأشعر برغبة ملحة في الشجار مع أي أنسان ونحن نجيد لعب هذا الدور ببراعة , أليس كذلك ؟ أحضري كرسيا وأجلسي قريبا مني ,هل بأمكانك البقاء؟".
" طبعا , ولكنني أريد أ تترك يدي لأستطيع أن أجلب كرسيا".
" معك حق".
أتنظر أن تجلس ثم أكمل:
" ما هو لون ثوبك ؟ أريد أن أتخيل شكلك".
" أنني أرتدي طقما صوفيا من اللونين البيج والبني الفاتح , وقد قصصت شعري قصة عصرية عند المزينة الشهيرة أيلين في توتنغهام".
" يا ألهي , صحيح؟ هذا يحتاج الى خيال واسع , دعيني ألمسه بيدي".
أنحنت فرنسيس وسمحت لأصابعه أن تمر في تموجات شعرها القصير.
" أحتاجه قصيرا لأمثل دور الغلام ودور روزاليندا معا...... أنه سهل الترتيب وأستطيع أن أجعده بسهولة".
" سأنتظر في حكمي حتى أسترد بصري..... ملمسه ناعم , كل شيء حولك يبدو بهيجا مرحا , أستطيع أن أراك بوضوح في خيالي".
مال في كرسيه ليقترب منها:
" أخبريني الآن عن عملك....".
مر الوقت سريعا وهي تسرد له قصصها , وحين غادرت المنزل كانت لا ترى ألا فيلكس ولا تسمع ألا صوته الحزين الساخر وهو يودعها....... أنها حقا تحبه , وعليها أن تعترف لنفسها بهذه الحقيقة.