عادت فرنسيس بعد دقائق قليلة وهي ترتدي ثوب السباحة البيكيني الأسود , ومع أنها أرتدته مرارا قبل الآن , ألا أنها شعرت ببعض الأرتباك لأنها تنفرد معه في هذه البقعة النائية من الشاطىء , مشت راكضة وهي تحس حرارة الرمال تلفح باطن رجليها , وقد ربطت شعرها وعقصته أعلى رأسها وأرتدت قبعة كبيرة فوقه لتحمي رأسها من حرارة الشمس , نظرت اليه وقد تمدد بثياب البحر .
" الشمس دافئة لذيذة".
" لون القبعة يناسب لون عينيك".
قدم لها فيلكس بعض الشراب البارد الذي أحضره معه , تناولته شاكرة وقالت:
" هذا الشراب بارد ... لذيذ.... ما هذا الطعم اللذيذ ؟ دجاج وسلطة فاكهة.....".
" زجاجات الشراب محاطة بالثلج".
" يسعدني أن أعود برفقتك في السيارة بدلا من المشي".
" وكيف وصلت هذا الصباح؟".
" أستعملت شاحنة ثم جرارا ثم حمارا ثم أكملت طريقي مشيا على الأقدام".
" كل وسائل النقل في خدمتك... لحسن حظك أن كل شيء سار على ما يرام , يوما ما ربما لن يكون الحظ حليفك وينالك بعض الأذى , ثم أنك مدعاة للأثارة وأنت ترتدين البنطلون القصير والبلوزة الرقيقة".
ضحكت كثيرا من تعليقه على لباسها وقالت:
" أنها ليست كذلك".
" بلى , أنها مثيرة , ربما ترغبين في أثارة المشاكل حولك.... ومن السهل أثارتها وأنت وحيدة , وبعيدة عن الجميع , أتمنى لو تكفين عن تلك الحماقة".
ران صمت ثقيل , أنه يتكلم بجدية وقساوة , لماذا؟ هل هي فعلا تحاول أثارة المشاكل؟ نظرت اليه وهو يحدق بعيدا في البحر الواسع وقد لوحته الشمس وأسيبته سمرة محببة , لقد أكمل البحر هنا ما بدأ به البحر الأبيض المتوسط في جزر اليونان , بدا قويا نشيطا صحيحا مغويا..... ماذا يمكنها أن تفعل لو هاجمها شاب بمثل صفات فيلكس؟
" كان سائق الشاحنة رجلا ودودا وقد تحدثت معه عن عائلته وأولاده وتفرجت على صورهم".
" أنا متأكد من ذلك.....".
"وكانت أمرأة تقود الجرار .......".
أستدار لينظر اليها نظرة أستغراب , أكملت:
" أنا لا أقبل أن يوصلني شاب بسيارته".
رفع حاجبيه ساخرا:
" حتى ولا رجل يقود سيارة لانسيا سوداء؟".
" لا أستطيع مقاومة أغراء اللانسيا , ولكن يا فيلكس أعدك بأن لا أكرر عملي هذا مرة ثانية".
" شكرا , هذا يريح عقلي بعض الشيء , لا أستطيع أن أحتمل المزيد من التمثيليات حولي , تكفيني التمثيلية التي أقوم بأخراجها".
" ولكنني أتمنى أن تسمح لي بركوب دراجتي".
" يمكنك ذلك....... والآن , هل تريدين المزيد من الطعام أو الشراب؟".
أبتسمت له أبتسامة شاكرة وهزت رأسها نفيا , ثم بدأت تعاونه في توضيب الطعام في السلة..... وبعد أن أنتهت فرشت منشفتها فوق الرمال وتمددت فوقها على ظهرها تستقبل أشعة الشمس الدافئة وتدهن نفسها ببعض الزيت الخاص وهي تخفي وجهها بقبعتها الكبيرة.
" سأتجول قليلا بين الصخور علني أعثر على سلطعون....... سأجلبه وأعرفه عليك".
سمعته يضحك ساخرا وهو يبتعد.
" لا تحتاج لذلك".
" لا تنامي طويلا تحت أشعة الشمس , سمرتك كافية ولا تنسي أن جلدك الأبيض الناعم لا يحتمل المزيد وربما تتسبب الشمس في حرقه".
تمددت فرنسيس تفكر في طبيعة الحياة وغرابتها .... لم تكن تحلم بأنها تشارك اليوم فيلكس نزهة خلوية منفردة على شاطىء رملي منعزل , هي لم تنفرد به منذ حضرت الى كورنوال خلال الأسابيع الماضية....... نظرت اليه يبتعد ثم أختفى , لم تعد تراه , المد يرتفع في هذا الوقت من النهار وقريبا ستصل المياه الى مكان وجودهما .
مر الوقت ولم تشعر بفيلكس وهو يقترب منها , أجفلت وهي تراه يقف قربها يراقبها من أعلى , أغمضت عينيها من جديد وقالت:
" لقد عدن , أخفتني".
أحست أنه تمدد قربها على الرمال يرتاح , أحست بالصمت يخيم عليهما , بقيت مستلقية بحرارة الشمس , وبعد وقت قليل أستفاقت وأحست أن الشمس قد مالت قليلا نحو المغيب , بدا فيلكس نائما , المد يرتفع أكثر , عما قريب ستصل المياه الى مكانهما , عليهما أن يباشرا في طريق العودة , عليها أن توقظه من سباته.
نهضت بتأن وركضت الى المياه وحملت قبعتها فملأتها بالماء وعادت.
ونطرت الى وجهه الوسيم وصدره وهو يتنفس بأنتظام , أفرغت الماء فوقه من قبعتها ببطء وهي تراقب حركاته بعد أن وصلت المياه الباردة الى جسمه الدافىء.
ولبضع ثوان بقيت فرنسيس ترتعد خائفة مما فعلت , نهض فيلكس فجأة وقد أستغرب ما حصل له... وقف على رجليه بعصبية وتبين له ما فعلت على الفور .
" أرجوك يا قيلكس , أنا لا أقصد .... كنت أمزح , غصبا عني أفلتت المياه.....".
تراجعت الى الوراء وهي تضحك .
" أنت شقية , هل تعتقدين أنني سأصدقك؟".
أمسك بالقبعة ورماها بعيدا ثم وقف أمامها ويداه على خصره والماء يقطر منه.
" سنرى من يحب الماء أكثر.......".