14ـ لا اريد هذا النقاش
لكن ورغم ارادتها تقريباً، عادت عيناها تنجذبان الى عينيه: "ما الذي تريده يا سيد سوفاكيس؟".
واضافت بصوت يرتجف قليلاً: "اذا كنت تتطلع الى علاقة عابرة لليلة واحدة، فعلي ان اخبرك بانني لا احب العلاقات العابرة".
لم يستطع الا ان يعجب بصراحتها رغم صرخة الدهشة التي انطلقت من بين شفتيه: "هل طلبت منك علاقة لليلة واحدة؟. العفو، لا اتذكر انني طلبت امرا كهذا".
احمر وجهها، فندم على غلطته. واذا كان صادقا فعليه ان يعترف بانه فكر في اغواءها. لا بل اراد ذلك. وهذا هو سبب امتعاضه من قوة ملاحظتها.
تمتمت وهي تعود بنظراتها الى مهمتها: "وهكذا، بما اننا نفهم بعضنا البعض، يا سيد سوفاكيس".
وعرف ديميتري لهفة لا يمكن التحكم بها لكنه لم يجب. وبعد لحظات، بدا انها وجدت الايصال الضائع، فهتفت بانتصار: "كنت اعلم انني استلمته".
اما ديميتري الذي لم يكن مهتما بالامر على الاطلاق فقد ابتسم ساخرا: "سأحاول ان اتحكم بحماستي".
وعندما نظر اليها راى ان احمرار وجهها ازداد. وقالت بجمود: "قد لا يهمك هذا يا سيد سوفاكيس. لكن وظيفتي تقتضي ان تكون معاملاتي مكتملة. اما واثقة من ان اباك لن يكون سعيدا بدون شهادة ثبت اصل هذا التمثال.
هز ديميتري كتفيه وقال: "انا واثق من انك محقة، انسة لانغ. ابي يهتم بهذه الامور كما تقولين... لكنني، مع الاسف، لست كذلك".
عندئذ قالت بعجز: "لماذا عرضت ان تأتي لأخذه؟".
لم يستطع ان يكبح لهفته للمسها وقال معترفا بشيء كان ينكره حتى الساعة: "لأنني اردت ان اراك".
ولامس خدها الساخن بيده، وهو يتابع: "ما انعم هذا".
امالت وجهها جانبا، لكنها لم تبتعد عنه وقالت: "لكنك قلت انك لا تريد اي علاقة عابرة معي".
رفع ديميتري حاجبه: "الم يكن لك صديق قط؟".
فقالت هازئة: "طبعا كان لدي اصدقاء. ارجو الا تدعي انك تريد ان تصبح صديقا لي!"
فقال موافقاً: "لا. انا لم اعد اعتبر صديقاَ".
ـ ما هذا الذي تقوله اذن؟
ـ هل علي ان اهجئ الامر لك؟ احب ان ازداد معرفة بك. واذا وجدت اننا منسجمان، فقد تتطور علاقتنا. من يعلم؟
ـ كنت اعلم هذا!
وابتعدت عنه قليلا ثم واجهته هازئة: "هذا كل ما يهمك، اليس كذلك؟ لماذا لا تعترف بذلك؟"
قال بحدة وقد بان عليه الغضب: "لأن هذا ليس صحيحاً".
وتحير وهو يدرك انه يعني كلامه، وتابع يقول: "يا الهي! هل ابدو لك فاسقاً؟"
ـ لا ادري. لا ادري يا سيد سوفاكيس.
ـ بالضبط وهكذا، وقبل ان تبدأي بالقاء الاهانات كيفما اتفق، من الافضل ان تمنحي نفسك فرصة لمعرفتي بشكل افضل.
هتفت بشكل صبياني: "لا اريد ان اعرفك".
منتديات ليلاس
وشعر هو بتحكمه نفسه يهتز بشكل خطر، فسألها وهو يستسلم لغريزته: "هل انت واثقة من ذلك؟"
وامسك بمعصمها وجذبها اليه محيطا خصرها بذراعه ثم نظر الى ملامحها المجفلة مضيفاً: "هل انت واثقة حقاً؟"
مضت لحظة لم تستطع فيها تحويل نظراتها عنه ثم اخذت تقاومه حتى استطاعت ان تجعل يدها بينهما ضغطت على صدره باصرار وقالت: "اتركني".
ـ واذا لم افعل؟ ماذا ستفعلين؟ انت وحدك هنا. لقد اعترفت بهذا نفسك.
ـ هل تهددني يا سيد سوفاكيس؟
ـ لا!
وتملكه الاشمئزاز من نفسه فتركها: "اقترح ان تعطيني التمثال ثم اخرج لان هذا ما تريدينه، كما يبدو".
ـ نعم
لكنه لاحظ نبرة عدم اقتناع في صوتها او لعله تمنى هذا... فهي لم تمنحه سببا يجعاه يعتقد انها غيرت رايها.
بدا الطرد الذي يحتوي على التمثال اكبر مما توقع. وقالت له باسف وهي ترى دهشته: "قمنا بلفه باشياء سميكة. هل تستطيع ان تحمله؟"
فلوى شفتيه: "لماذا تسالين؟ هل تعرضين المساعدة؟"
فترددت: "اذا شئت ان اساعدك، فقد تعودت على حمل الرزم الثقيلة"
وقال بجفاء: "والزيائن الثقلاء ايضاً".
شبكت يديها ببعضهما البعض وحدقت فيه بانزعاج: "لقد جرحت شعورك، اليس كذلك؟"
فشتم بلغته ثم قال: "ولماذا يهمك جرح شعوري؟ لعلك لن ترينني بعد الآن ابداً".
ـ لكن لا اريد ان بظن ابوك انني كنت ليلة الادب مع ابنه.
اطلق ديميتري ضحكة قصيرة: "هذا صحيح. هذا هو المهم. اليس كذلك؟ انت خائفة من ان يتعامل ابي مع متجر آخر، اليس كذلك؟"
فرقعت كتفيها: "انا مجرد موظفة هنا، يا سيد سوفاكيس".
ـ حسنا، لا تقلقي، لعل ابي سيصفق استحساناً، لانه يراني منغطرساً للغاية.
لوت شفتيها: "وانت كذلك فعلا".
ـ تواضعك لم يدم طويلا.
فابتسمت: "لعلك تعجبني اكثر بهذا الشكل".
ـ اتعنين وانا اتصرف بسخافة؟
فخبست انفاسها: "لا يمكنك ان تكون سخيفا حتى اذا حاولت".
فقال: "لا؟"
ـ لا.
ـ حتى لو اخبرتك بانني اريد ان اعانقك في هذه اللحظة؟
فتراجعت: "لن تفعل هذا".
هز ديميتري راسه وانحنى ليلتقط الصندوق وهو يقول: "لا. اظننا ستفترق هنا في طريقينا المنفصلين".
وانتصب واقفا مبديا امتعاضه لثقل الصندوق وهو يقول: "هل لك ان تفتحي لي الباب؟ سيارتي في الخارج".
ـ آه، يكل تأكيد.