كاتب الموضوع :
Books_king
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
اطلقت زفرة مرتجفة ، وراحت تهدئ خفقات قلبها عندما جاءت الرسالة الثانية
" هذا انا يا جين، زوجك اعرف انك موجودة فلا تجبريني على ان آتي اليك بنفسي الا يمكننا ان نتعامل كانسانين مهذبين على الاقل؟"
يا لهذه الغطرسة في صوته! وافتراضه انها موجودة كلما اراد الاتصال بها...ثم كيف يمكنه ان يسمي نفسه زوجها بينما لم يهتم، خلال السنوات الخمس الماضية، بمعرفة ما اذا كانت حية أو ميتة؟
انغرزت اظافرها في كفيها وحاولت ان تتحكم في الغضب التب تملكها، لكن هذا لم يمنع الذكريات المؤلمة من ان تقضي على نظرتها الواقعية الى علاقتهما وتمزقها إربا إربا..كيف يجرؤ على الاتصال بها الآن وكأن له في الحق في ذلك؟ فهي سلخته من حياتها.
حسناً.... تقريباً
منتديات ليلاس
تنهدت وهي تتذكر لقائها أبيه لأول مرة في المعرض الفني حيث كانت تعمل في لندن. كان ليو سوفاكيس الأب بالغ السحر والتهذيب. فال لها انه يريد شراء تحفة فنية من البرونز ليأخدها معه الى اليونان، قطعة تتلاءم مع ما جمعه على مر السنين.
حينذاك، كانت جين تعمل في المعرض منذ فترة قصيرة فقط،
لكنها ابتدأت تظهر بوادر موهبة مميزة. وجاء تمثال الالهة "ديانا" الانيق اختيارا موفقا منها فتملك ليو سوفاكيس السرور.وكان يناقشان مزايا الخزف الشرقي والبورسلسين عندما ظهر ديميتري سوفاكيس....
هزت جين رأسها. لم تشأ ان تفكر في ذلك الآن. لقد وصلت لتوها من رحلة موفقة للغاية الى استراليا و تايلند، وما تريده ان هو ان تستلقي في فراشها. لقد قامت برحلة استغرقت ساعات طويلة و توقفت الطائرة بشكل غير متوقع في دبي.
كانت على وشك النهوض، مصممة على عدم الاجابة، عندما انطلقت رسالة ثالثة
"جين؟ هل انت موجودة يا حبيبتي؟ قلت انك ستصلين في الثامنة. الساعة الآن الثامنة والنصف وقد تملكني القلق. اتصلي بي حالما تصلين، انا بالانتظار".
طردت من ذهنها أي اتصالات أخرى وتناولت السماعة وسرعان ما أجابت أمها محاولة ان تضع في صوتها شيئاً من الثقة:" مرحبا ماما آسفة لقلقك. تأخرت الطائرة بعد توقفها في دبي بشكل غير متوقع".
بدا الارتياح في صوت الأم :"آه فهمت هل انت بخير اذن؟هل كانت رحلتك جيدة؟عليك ان تخبريني بكافة التفاصيل على الغداء.
الغداء؟. وكبحت آهة فهي لا تشعر برغبة في تناول الغداء مع أمها اليوم. وقالت تعتذر، عالمة ان أمها لن تقبل أعتذارها:"أنا مرهقة يا ماما، ولا أستطيع ان اقوم بأي عمل قبل ان انام ثماني ساعات".
فقالت الأم مستنكرة:"ثماني ساعات؟ هذا غريب، يا جين أنا لا انام أكثر من أربع ساعات في الليل! ألم تنامي في الطائرة؟"
ـ ليس كثيرا ، ماذا عن الغداء غدا يا ماما؟ فهذا يمنحني بعض الوقت.
ساد الصمت ثم قالت السيدة لانع: "ام أرك منذ ثلاثة اسابيع، يا جين، وظننتك تريدين ان تري امك، وخصوصاً انك تعرفين انني محتجزة في هذا البيت معظم اليوم".
أرادت جين ان تسألها ذنب من هذا؟ لكنها لم تشأ ان تثير جدلاً بل قالت:" لم لا تطلبين من لوسي ان تتناول الغداء معك؟ انا واثقة من انها سترغب في ذلك".
ـ ولكن اذا جاءت لوسي لتناول الغداء، سيأخد بول وجسيكا في الركض في أنحاء البيت.
ـ انهما حفيداك يا ماما
ـ نعم، ولكنهما غير منضبطين
ـ آه، يا ماما....
ـ على كل حال، اذا كنت لا تهتمين بزيارة أمك ، فعلي ان ابحث عن مرافقة وآسفاه، اردت ان اخبرك عمن جاء ازيارتي الأسبوع الماضي.
أتراه ديميتري؟ وسألت امها: "هل جاء أحدهم لزيارتك؟هذا حسن".
فالت الأم غاضبة: "لم يكن حسنا على الاطلاق"
ثم اضافت بفروغ صبر: "آه أظنه اخبرك بذلك هل هو السبب في ارجاءك زيارتي حتى الغد؟".
حبست جين أنفاسها: "لا! لكنني أظنك تتحدثين عن ديميتري. لقد ترك رسالتين على جهازي الآلي لعله ظنك تعرفين مكاني".
ـ وأنا أعرفه طبعا.
ـ هل أخبرته؟
ـ قات له انك خارج البلاد. ارجو ان لا تكوني قد توقعت مني ان اكذب يا جين.
تأوهت جين: " لا ، هل قال ماذا يريد مني؟"
ـ كما سبق وقلت لك، اذا أردت ان تسمعي التفاصيل، فعليك ان تنتظري حتي تجدي وقتا لي في برنامجك. انت تعرفبن اني لا أحب ان أتحدث عن أمور الأسرة عبر الهاتف. هل أنتظرك غدا؟
منتديات ليلاس
صرفت جين أسنانها لم تشأ ان ذلك بل أملت ان تأخذ قسطاً من الراحة ليومين قبل عودتها الى المعرض. و ها هي تجد نفسها مرغمة على الذهاب لرؤية أمها، ولو لتعرف ما حدث.
سألت أمها وهي تعلم انها ستعشق عرضها: "ما رأيك في تناول العشاء معاً"
كان الخروج مع ابنتها الكبرى هو أحد أفراح حياتها، وقد أصبح هذا نادرا هذه الأيام .عندما كانت تعيش مع دميتيري، راحت أمها تنتظر فشل هذا الزواج. وعندما حصل ذلك تدخلت لتسوي الأمور، رغم أن جين تعلم ان شعورا بالرضا تملكها لأن توقعاتها صحت مرة أخرى.
فكرت قليلا م أجابت: " عشاء؟ تعنين هذه المساء؟
كانت أكثر تعبا من ان تعارضها، فقالت بضعف: "كما تشائين، اتركي لي رسالة عاى المجيب الآلي عندما تقررين"
ـ هل هكذا تعاملين أمك؟
لكن السيدة لانغ ادركت ان الوقت حان للتراجع فقالت : " لا بأس بهذه الليلة، يا حبيبتي هل الساعة السابعة مناسبة أو هذا مبكر بالنسبة اليك؟"
فأجابت جين بفتور:"لا بأس بذلك إلى اللقاء يا ماما"
ووضعت السماعة بارتياح، وعندما عاد الهاتف يرن على الفور، رفعت السماعة بحدة، و اذ وجدته اتصالا يسألها عما أذا كانت تحب ان تشتري مطبخا جديدا، وضعت السماعة يعنف.
أدركت بعد فوات الأوان أن المتصل قد يكون ديميتري لكنها عادت ورأت ان ذلك غير ممكن لا شك ان ديميتري في لندن في رحلة عمل وليس لديه الوقت للتفكير في زوجته المهجورة.
ستكون الاخيرة على جدول اعماله كالعادة وتملكتها المرارة اذ لم تجد سببا يجعلها تظن انه قد تغيّر.
ارجأت فكرة إفراغ الحقيبة ودخلت الحمام لتأخذ حماما سريعا بدت مرهقة وهي تضع خصلة من شعرها العسلي اللون خلف أذنها، وتتأمل نفسها في المرآة متفحصة مدى التغيير الذي طرأ عليها في السنوات الخمس الماضية. رأت خطوطاً خفيفة عند زاوية عينيها لكن بشرتها ما زالت ناعمة كما ازداد وركاها سمنة ما ضايقها لكن صدرها ما زال عامراً صلباً.
لكن من يهتم لذلك؟ فكرت في ذلك وهي تشعر بتعب بالغ تكاد لا تقوى معه على تنشيف جسدها بعد الحمام. عقدت شعرها المبلل بشكل رخو على قمة رأسها ثم اندست تحت الأغطية حتى قلقها مما يريده ديميتري منها لم يستطع ان يبقي عينينها مفتوحين.
|