11ـ ارحلي
تملك ديميتري الارتياح عندما علم ان ثيرميا لن تشاركهم العشاء. وجد والديه وستيفن واريادن ينتظرون في البيت الزجاجي عندما وصل. اراد ان يسأل عن جين الا انه قرر ان يلتزم الحذر.
في البداية، شغله ابوه بالحديث عن المؤتمر الذي حضره لكن حالما توقف الاب ليتحدث الى والدة ديميتري. اخذت اريادن مكانه هاتفة: "ما الذي اخرك طيلة فترة العصر بهذا الشكل؟ لقد لبثتما انت وتلك المرأة دهوراً في غرفة المكتبة. ما جعلني مرغمة على تسلية امك وخالتك. صدقني ان هذا لم يكن سهلاً".
قال بهدوء: "ثيرميا ليست خالتي. هل عادت لانت؟".
فاجابت اريادن باستياء: "لا. هل تتوقع منها العودة؟"
فرد ديميتري بحدة: "تمنيت الا تعود. ليس لدينا، انا ولانت، ما نقوله لبعضنا البعض".
بدا الرضا على اريادن، وقالت: "لاحظت ان زوجتك لم يسرها ان تراكما معا. اظن ان ذلك يعيد اليها ذكريات تعيسة، اليس كذلك؟"
لم يستطع ديميتري ان يخفي استياءه فسألها: "ما هي تلك الذكريات التعيسة؟ جين لا تعرف لانت".
ـ لا لكن رؤيتها للانت ذكرتها كم كانت علاقتكما وثيقة.
ـ علاقتها انا وجين؟
ـ لا، بل انت ولانت. هيا يا ديميتري، اعرف ان الطفل الذي وضعته لانت كان طفلك.
ـ انت لا تعرفين شيئاً على اي حال، لا اريد التحدث في الموضوع معك او مع اي شخص آخر.
فرفعت اريادن حاجبيها بتسلية: "آه، فهمت.هل هذا ما كنتما، انت وجين، تتجادلان بشانه؟ يمكنني ان اتصور كم كان ذلك بهيجاَ".
اراد ان يقول لها انها لا تدري عنا تتحدث، لكنه وجد انه من الاسهل ان يدعها تعتقد انه تجادل مع جين من ان يجعلها تخمن ما كانا يفعلانه.
هل اقام علاقة حقا مع جين امام نوافذ الكتبة المفتوحة؟ ماذا فعلت له لتجعله لا يهتم بمن قد يراهما؟ ومتى سينتهي كل هذا الهيام المجنون؟
وتابعت اريادن كلامها غير واعية الى انه لم يعد يتابعها: "ستبتهج امك عندما ترحل جين. واظن ان ليو ابتدأ يتمنى لو انه لم يدعها الى هنا".
منتديات ليلاس
شكك ديميتري في ذلك وهو يتذكر معاملة ابيه لجين عصر هذا اليوم ما جعله لا يشك في ان الرجل العجوز مولع بها. ولعله مولع بها اكر مما ينبغي، ما دام يتوقع طلاقها من ابنه وزواجه من اخرى.
والتفت الى الباب واذا به يرى اباه يتوجه اليه ليحيي جين. كانت ترتدي سرولا ضيقا من الحرير، وسترة من الحرير كلاهما باللون الاسود الذي ابرز بياض بشرتها الناصع.
اثارته رؤيتها على الفور، وخشي ان يلاحظ احد ما ارتسم على وجهه من مشاعر. لكنه طمأن تفسه الى ان البيت الزجاجي معتم الى حد كبير، لا تضيئه سوى فوانيس قليلة موزعة في المكان. كما انه استعاد تحكمه بمشاعره اثناء احتفاء ابيه بها.
اقترح الاب بشي من الخبث: "لم لا تحضر لزوجتك شرابا، يا ديميتري؟"
ورغم ان ديميتري استاء من هذه الالفة، الا ان هذا الاقتراح منح الاب سببا ليحول عينيه عنها.
ـ هل احضر لك "اوزو"؟
فهزت راسها: "عصير برتقال فقط، رجاء؟"
لاحظ انها تجنبت عينيه قبل تلتفت باسمة الى اخيه الاصغر الذي جلس بقربها: "نسيت ان اشكرك يا ستيفن لأنك اخذتني الى كاليثي هذا االصباح".
تمتم ستيفن يتعليق يقلل من اهمية هذا العمل، لكن ديميتري شعر باستيائه يتعاظم وهو يتصور جين واخاه معا. ستيفن لا يهتم بصحبة النساء، فما الذي جعله يأخذ جين الى المدينة؟ يمكنها ان تقود السيارة وتذهب بمفردها، فلم لم تفعل ذلك؟
واخطأ اذ نظر اليها عندما احضر لها كأس عصير البرتقال، فقد بادلته بنظرة استفزاز ثم قالت تتصنع الاهتمام به: "شكرا، الا تشرب انت شيئا؟"
فتوتر فكه: "مزاجي ليس حسناً"
ورفع حاجبه ساخرا قبل ان يردف: "ماذا اشتريت من كاليثي؟ لو علمت انك بحاجة الى شيء ما لأحضرته من اثينا".
عندئذ، تدخل ستيفن قائلا: "الا تعلم بصفتك رجلا متزوجا ان المرأة تستمتع بالتسوق حتى وان لم تكن بحاجة لشي؟"
فسارعت اريادن تقول: "لن يطول ذلك، اليس كذلك يا حبيبي؟"
وتأبطت ذراع ديميتري وهي تتابع: "لأنك متلهف لتصبح حراً".
راى ديميتري جين تزم شفتيها لهذه الدعابة العديمة الذوق، لكن ستيفن هو من اجاب: "من حسن الحظ انني هنا لأكون نصيراُ لجين".
واحاط خصر جين بذراعه وشدها اليه مضيفا: "لقد انسجمنا معا الى حد كبير، كبير... اليس كذلك يا عزيزتي؟"
فقاات جين وقد عادت اليها ابتسامتها: "حسنا، لا بد ان اعترف بانك اعتنيت بي بشكل جيد جدا"
شعر ديميتري انه يريد ان يسدد لكمة الى وجه اخيه المغرور فقال وهو يحرر نفسه من قبضة اريادن: "لِمَ لم تذهبي لنفسك الى المدينة؟ سيارتك ما زالت في المرآب اليس كذلك؟"
قالت اريادن وهي تحاول ان تمسك بذارعه مرة اخرى: "لقد اعطتني امك سيارة البورش تلك يا ديميتري، كما جين لم تعد تعيش هنا".
نفض يدها عنه وهو يقول بغضب ملتهب: "ليس لأمي الحق في ان تعطي تلك السيارة لأحد"
حتى ستيفن بدت عليه الدهشة ازاء عنفه هذا، وغامر بالقول: "لكنها ليست سيارة جديدة"
لكن نظرة واحدة الى وجه اخيه جعلته يصمت.
قال ديميتري بحشونة واصرار: "السيارة سيارة جين لماذا لم يستشرني احد بهذا الخصوص؟"
وكانت الام قد سمعت الاصوات المرتفعة فالنفتت باستنكار الى ابنها الاكبر: "بالله عليك، يا ديميتري، انها مجرد سيارة وليست جواهر التاج!"
فقال غاضبا: "وانت كنت متلهفة لإذلال جين، اليس كذلك؟"
ثم التفت ونظر الى اريادن مضيفا: "لا تخبريني انك ذهبت لنحضريها من المعدية بتلك السيارة"
ـ فعلت هذا طبعا. انها مجرد سيارة يا ديميتري كما قالت امك.
بدا واضحا ان اريادن لم تفهم سبب هذه الضجة كلها وقال بكآبة: "انها سيارة جين وليست سيارتك"
ادركت جين ان عليها ان تتدخل قبل ان يقول او يفعل ما يندم عليه حتما بعد رحيلها. فقال وهي تنظر الى عينيه الساحطتين بهدوء: "انا لا اريدها، وهنيئا لاريادن بها. انها مناسبة للمنطقة".
ـ اذا كنت تظنين...
لم يكن لدى جين فكرة عما اراد ديميتري ان يقوله. اذ قاطعه والده قائلا بحزم: "العشاء جاهز. تحاول انجلينا منذ خمس دقائق لفت انتباهنا. هل نذهب؟"
والقى على ديميتري نظرة تحذير.