7ـ جعلتيني مجنونا
أشاحت بوجهها عنه... وساد الصمت لحظة طويلة. كانت تعلم ان عليها ان تستر نفسها لكن دافعا ما... ولعلها رغبة في تعذيبه منعتها من ذلك.
تساءلت عما يتوقع منها ان تقول، فلا بد انه حضوره بهذا الشكل يخرق كل قواعد التهذيب، لا سيما وانهما يتحضران للطلاق، وان خطيبنه المستقبلية تنتظره في الاسفل. ستكون حمقاء ان لم تطلب منه ان يغادر جناحها على الفور.
لكن كل ما قالته هو: "كان هذا في الماضي يا ديميتري!"
نظرت من فوق كتفها، فرأت وجهه الصلب الملامح يظلم احباطاً. ومضت فترة توتر ثم قال بحدة: "البسي ثيابك. اريد ان اتحدث اليك. سأنتظرك في الغرفة المجاورة"
ـ غرفة النوم؟
ـ لا، بل غرفة الجلوس. أسرعي!
نظرت جين الى نفسها في المرآة وقالت بنعومة: "لعلي لا اريد ان ارتدي ملابسي. لقد صعدت من الطايق السفلي كي أنام. انا متعبة، وارى ان عليك ان تذهب الآن. سأتحدث اليك في الصباح"
فأجاب من خلال اسنانه المطبقة: "لن اكون هنا في الصباح. عليّ ان احضر اجتماعا في اثينا سيستمر يومين. وارجو ان اعود في نهاية الاسبوع".
ـ وما علاقة هذا بي؟
لم تعرف كيف قالت هذا، لكنها قالته بنبرة ساخرة.
ـ ارتدي شيئاً!
أضاف باختصار وهو يرفع حمام معلقاً على الباب ويلقيه اليها: "هذا يكفي".
لم تحاول جين ان تلتقطه فوقع على الارض. شتم ديميتري بلغته ثم تقدم منها، وعيناه تقابلان عينيها في المرآة، ثم التقط ووضعه عنوة على كتفيها وهو يقول: "البسيه، والا لن اكون مسؤولاً عن النتيجة"
ـ آه لقد أخفتني.
كانت بدأت تستمتع بهذا الموقف، رغم انها تدرك انها تلعب بالنار. لم يكن ديميتري بالرجل الذي يتفبل الاستفزاز بسهولة. وجعلتها ملامحه تحبس انفاسها حين قال بلهجة تهديد: "جين"
وتقابلت أعينهما في المرآة، فأحست بأنه أدرك تماما ما تفكر فيه عنذئذ ايتعدت عنه ثم انحنت تلتقط ثوب الحمام عن الارض لتلبسه بسرعة وتشده حول جسمها المرتجف قائلة: "لا بأس، فلنذهب الى غرفة االجلوس. لا ادري ما هو الموضوع الذي سنتحدث فيه، لكنك سوف تخبرني".
تنحى جانبا ليسمح لها الخروج من الحمام فوجدت نفسها مرغمة على الاحتكاك بجسمه الصلب المنيع. كان يرتدي بذلة رمادية داكنة، وقميصا بلون اللؤلؤ وقد ارخى ربطه عنقه بدا مختلفا بشكل أثار احاسيسها، لكنها تعلم انه يبدو بهذه الحاذبية حتى لو ارتدى سروال جينز وقميصاُ مقفلاً.
منتديات ليلاس
كانت غرفة مظلمة فأضاءت جين مزيداً من المصابيح على الفور. ارادت ان تتخلص من هذا الاحساس بالضعف. لماذا جاء ديميتري الى غرفتها? الا يمكن ارجاء ما يؤيد ان يقوله الى الصباح؟ وتذكرت انه قال انه سيغادرالى اثينا في الصباح، ما يعني انها ستنجو من مهانة ان يدخل عليها الحمام فيجدها تتقيأ.
ومع ذلك، بقي يشغل بالها بطوله وسمرته وجاذبيته الخطيرة وغموضه وبراعته في التلاعب بالكلمات. وفجأة بدت الغرفة أصغر حجماً، وحميمة وخطر عليها انه علم بأمر الطفل. فارادت ان تجلس، لكنه لم يفعل مثلها. عليها اللعنة اذا كانت ستدعوه للجلوس وهكذا رفعت راسها ونظرت اليه ببرودة، بينما راحت معدتها تهددها بان تحرجها مرة اخرى.
بدا متعباً، وقد ادرك ان هذا الوقت ليس مناسبا للحديث مع من ستصبح زوجته السابقة. حقيقة انها غادرت غرفة الجلوس حالما سمعت صوت طائرته، اكدت انها لا تريد ان تراه لماذا لم يطع أمه فينتظر حتى اليوم التالي ويتصل بها من اثينا ليطمئن الى انها تلقت من المحامي اوراق الطلاق؟ في الواقع، اراد ان يعرف ما عنته اولغا ايفانوفيتش حين اتصلت.
قال: "تلقيت اتصالاً هاتفياً"
ادرك من توتر ملامحها المفاجئ انها شعرت بالتوجس من الآتي.
قالت بصوت خافت: "اتصال هاتفي؟"
ثم تمالكت نفسها واردفت: "ما علاقة هذا بي؟"
رد بفتور: كان الاتصال من اولغا ايفانوفيتش ."
راى نظرة ذعر مفاجئ في عينيها. ما الذي تخافه؟.
ـ اولغا؟ ولكن كيف؟
ـ هيه كيف استطاعت الوصول اليّ؟
وعندما لم تجب تابع يقول: "لعلك تتذكرين اني من قبل. كنت ابحث عنك لاخبرك بان أبي طلب ان يراك. ويبدو انها هاتفها سجّل رقم هاتفي. على اي حال حرصت على ان تسجله تحسبا لما ياتي به المستقبل".
ازدردت جين ريقها: "ولكن ام اتصلت بك اولغا؟"
هز هتفيه: "لقد باعت ذات مرة تمثالا صغيرا من البرونز لابي. اليس كذلك؟
تذكرت جين انها هي من باعه ذلك التمثال وكانت هذا بداية معرفتها بليونيدس سوفاكيس الاب ومن بعده ابنه..
ـ هل هذا ما تريده؟ ان تخبر اباك عن بعض التحف التي عثرت عليها حديثا؟
توترت شفتا ديميتري: "هل تعتقدين ذلك؟"
ارتجفت جين رغم حرارة الغرفة، ثم هتفت بعد ان قررت التحدث بصراحة: " لا ادري ماذا عليّ ان اظن؟ لم لا تخبرني بما قالته بدلا ان تلعب باعصابي؟"
ـ هذه ليست لعبة.
منتديات ليلاس
وفتح زرا اخر في اعلى قميصه، كاشفا عن بشرته السمراء المغطاة بشعر خفيف اسود ثم ضاقت عيناه وهو يتابع قائلاً: "مخدومتك قلقة على صحتك يا جين، وليس على على صحة ابي. اخبرتني انك ضعبفة حاليا. قالت ان عليّ الا افعل ما يكدرك. والآن، ماذا تظنينها تعني بذلك؟ ما الذي اخبرتها به؟
قالت بحدة وهي تلعن اولغا في سرها: "انت... انت تعلم انني لم اكن بصحة جيدة عندما اتصلت بي فتملك اولغا القلق عليّ وهذا كل ما في الامر".
ـ انا اوافقك الراي
سكت لحظة فادركت انه يتأمل الاحمرار الذي صبغ وجنتيها الشاحبتين ثم اضاف: "لكنك اخبرتني انه مجرد رشح، والرشح لا يستلزم مثل هذا القلق"
ـ هذا صحيح، لكن اولغا عاطفية للغاية ولعلها ليست واثقة من انك لن...لن...
ـ لن ماذا يا جين؟
وتقدم منها، فثبتت كيلا تبتعد: "من انك لن تخدعني"
لم تشأ ان تعترف باته ما زال قادرا على ان يؤلمه.ا وقالت محاولة ان تجعل لهجتها مرحة: "ألن تتساءل اريادن اين انت؟".
ـ اريادن تثق بي
واضاف بخشونة بعد ان جعله كلامها في موقف الدفاع: "ماذا؟ اتظنينني لم اخبرها الى اين انا ذاهب؟ وانني جئت الى هنا متسللاً لارى امرأة انا متلهف للتخلص منها من دون ان ادع اريادن تدرك نيتي؟"
زمت جين شفتيها وقد اصبحت الآن في موضع الدفاع: "كلا"
ـ هذا حسن، والا فانت مخطئة للغاية.