الفصل التاسع
9-كل هذا كان وهما
تدريجيا, و بمرور الأيام, أقرت لورين لنفسها أن إقناع روجر بالبقاء لم تكن فكرة جيدة, ففترة الاستمتاع بالألم التي توقعتها, انقلبت لأن تمتلئ بالتوتر من جانبها و من جانب خطيبها السابق على حد سواء, لقد توقعت أن يكون أكثر التوتر مرده الخطر الناتج عن رؤيتهما لبعض. و كان عليها الذهاب الي القرية لتلتقي روجر في حديقة هناك, و انطلاقا من الحديقة كانا يمشيان عبر بوابة صغيرة تقود إلى غابة كثيفة, حيث, و بعيدا عن الطريق و الممرات الكثيرة عبر الغابة, يجلسان و يتحدثان, و لكن, غالبا, كانا يجلسان صامتين, و روجر يطيل التأمل بعينين جامدتين إلى نقطة ما عبر الأشجار.
منتديات ليلاس
و ببطء, و لكن بشكل مؤكد, توصلت لورين لأن تشعر بأنها لم تكن مرة في حياتها ضجرة هكذا.
-لو أننا نستطيع الذهاب لتناول الطعام في مكان ما, في فندق أو مطعم, بدلا من الجلوس هنا نأكل السندويشات, التي أجلبها معي.
-لم يكن علي البقاء هنا....
اليوم هو اليوم الثالث لزيارته, و كالعادة, التقيا بعد الساعة العاشرة بقليل, وهما الآن يجلسان فوق جذع شجرة ملقاة على الأرض, يتساءلان معا كيف سيقضيان بقية ذلك النهار.
-فكرتي بقضاء بضعة أيام شاعرية معا كانت فاشلة, أليس كذلك؟
-كان مقدرا لها الفشل.
-هل ترغب في الذهاب؟
و أحست بمشاعرها تختلط, لأنها لم تكن قادرة على تقرير ما إذا ستشتاق إليه عندما يذهب أم أن ذهابه سيكون مبعث راحة لها. كم من المؤسف أنهما خسرا الكثير. و جالت بافكارها, و تذكرت تلك الأيام المشرقة من غزلهما و خطبتهما. لكانت الحياة قد اتخذت طريقا جديدا أو مثيرا, ولكان هناك الكثير لتفعله, مثل حضور الحفلات الراقصة, ولقاء أصدقاء روجر, و زيارتهم و اللقاء بهم في مناسبة أو أخرى. وكان سيبقى على الدوام حلاوة توقع رؤيته في الأمسيات و في نهايات الأسبوع التي يمضونها في منزل والديه.
أما هنا فقد حصلت على غرفة نوم زهرية و بيضاء جميلة, و دخلت عالم الخادمات و الخدم, و أرض الحدائق و البرك, و ملاعب التنس و برك السباحة, واقعيا, كل حياة الترف الجذابة. لقد كان عالما جديدا و لامعا, و لكن هل سيبقى هكذا دوما؟ و هل أصبحت مأخوذة بكل هذا؟ ناسية أن الحب الجديد و العشرة مع زوجها ستكون أكثر رابط حيوي يربطها بالجو الجديد الذي دخلته. و رمقت روجر نظرة جانبية, مقارنة دون وعي منظر وجهه الجانبي بمنظر وجه زوجها الجانبي. و قطبت حاجبيها للفرق بينهما. و فجأة قال لها روجر:
-هل كتبت لك فيليس منذ زواجك؟
-لا, و لا أعتقد أنها ستفعل. كنت أنوي أن أكتب لها قريبا.
-كنت أتساءل عما حصل بالمال. يجب أن يكون المال لك, هذا حق.
-إنه يخص رامون.
-وماذا عن تضحيتك؟ ألا تحصلين على شيء مقابلها؟
-هل تشير إلى أن المال قد يعوض علي الخسارة؟
-افترض ذلك, من العجب ان زوجك لم يسألك عن المال, أنا أعرف أنه رماه على الأرض, لقد أخبرني هذا, و لكن فيما بعد, لابد أنه ندم على التخلي عنه.
منتديات ليلاس
و قطبت لورين, وصمتت لحظة, لقد أصابتها الحيرة من تصرف روجر, و من الاهتمام بالمال.
-يبدو أنك نسيت أنه لو أخذ المال مني لكان ذلك مقابل حريتي, فقد اقترحت إلغاء الزواج.
-و لكن, أن يترك كل هذا المال هناك... أنا نفسي كنت سأكون مصمما على استرجاع مالي, بالتأكيد.
و لم يكن لدى لورين رغبة في التحدث معه, و بقيت صامتة لبعض الوقت, و لكنه تابع كلامه حول المال حتى بدا لها أن الأمر أصبح هاجسا يستحوذ عليه. عندها تكلمت, بسرعة و كأنما الكلمات تخرج منها دون إرادتها.
-هل استعادة المال له هذه الأهمية الكبرى لديك؟
و هز روجر رأسه بالإيجاب فورا, و علمت أنه قد فشل في إدراك مضامين سؤالها.
-من المؤكد جدا أن الأمر سيكون له الاهمية الكبرى عندي!
كلماته زادت الشق اتساعا بينهما, فالشكوك قد جعلت صوتها أعلى, الشكوك حول ما إذا كان الزواج بروجر سيكون ناجحا. و تذكرت بوضوح تلك الفكرة التي راودتها مرة بأنها لا تتناسب مع البيئة التي يعيش فيها روجر و عائلته. و لكنها أبدا لم تشعر و لا للحظة واحدة أنها غير ملائمة هنا, في منزل زوجها المليونير, و تمتمت وهي لا تشعر أنها تتكلم بصوت مرتفع:
-كم هذا غريب, كم هو غريب بالفعل!
-غريب؟ أتعتبرين من الغرابة أن أرغب في استعادة مالي؟
-لم أكن أشير إلى هذا.
ولم يتابع هذه المسألة, و تبع ذلك صمت مطبق. كان يقطب بعبوس و كانت هي تفكر: لم أكن اعرف شيئا عن هذا الجانب من شخصيته, في الحقيقة لا أعلم سوى القليل عنه. و قال لها أخيرا:
-يبدو أن فيليس قد استولت عليه.
-لا أستطيع منع نفسي من الشعور بأنك مهتم بشكل غير مناسب بمال ليس لك فيه شأن.
-أعتقد أن الأمر لا يخصني. كما قلت!
وجلست وهي تنظر أمامها, وهي تتمنى لو أنها تغادر هذا المكان, ولكن بينما كانت تحاول إقناع نفسها لتقترح هذا, بدأ بالكلام ثانية, و عندما استدارت لتنظر إليه رأت أن حاجباه قد انعقدت فجأة بينما هو مستغرق في التركيز. و تمتم أشياء حول الاختطاف, و عندما تابع كلامه أصبحت متأكدة أن هناك إشارة خفيفة من الحقد الدفين في لهجته:
-كان يعلم شيئا! هو ليس بغبي!
-عما تتحدث؟
سألته, وهي تعلم جيدا أنه يشير إلى زوجها, وسألها:
-أخبريني بالضبط ماذا حصل عندما قدم لك المال؟ هل كان مشغول البال حول الاختطاف, أم أنه كان هادئا؟
-لم يكن مفرطا في قلقه, و لكن لماذا يكون قلقا؟ فالأمر لا يعنيه بتاتا, ليس كما كان يعنيك!
-عندما أعطاك المال, ماذا...؟
-في الواقع لم يعطني المال, لقد ذهبنا سوية إلى الغابة ووضعنا الرزمة في المكان المحدد.
-و أنت, ماذا فعلت بعد ذلك؟
-لا أذكر أنني فعلت شيئا خاصا. أتذكر أنني كنت قلقة من أن يأخذوا المال و لا يطلقوا سراح فيليس.
-و ماذا كان رد فعل الدون على هذا؟
-كان واثقا أنهم سيطلقون سراحها.
-هل كانت هذه كلماته بالضبط؟
-أظن أنه قال إنني يجب أن لا أخاف, فشقيقتي سترجع إلى البيت حتما.
-ترجع إلى البيت... ترجع إلى البيت, لا أن يطلق سراحها.
و بدا و كأنه انتصر و كأنما قد عثر على شيء قدم له ما يرضيه. و تابع:
-ألم يعط أي اشارة إلى انه خمن الحقيقة حول الاختطاف؟
-خمن الحقيقة؟ لا أعرف عما تتحدث, كيف كان له أن يخمن؟
وتوقف برهة, مترددا و كأنما هو على وشك أن يدلي بتصريح هام, و لكنه بدلا عن ذلك سألها:
-هل طلب دون رامون منك الزواج قبل الطلب منك في الوقت الذي عرض عليك فيه أن يدفع الفدية؟
-أجل... في الواقع, فعل ذلك. لقد عرض علي الزواج في حفلة خطوبتنا...
-في حفلت خطوبتنا! أنت فاسقة يا لورين, لم تذكري لي ذلك أبدا. هذا خداع لا يصدق!
ووقفت لورين, متوترة و شاحبة, تتصارع مع نفسها, لأنها لم تستطع تحمل هذا الخلاف الذي حصل بينهما بسبب استجوابه الملح.
-طلبه الزواج مني لم يكن مهما ذلك الوقت. و لم أجد من الفطنة أن أزعجك به.
-لقد كنت سأصبح زوجك, ولم تجدي ضرورة لإزعاجي بمعلومات عن رجل أجنبي, طلب الزواج منك! يا إلهي! لورين, لقد بدأت أعتقد أنني كنت سألاقي المتاعب في زواجي بفتاة لها هذا النوع في فلسفتك!
ولم تجد الكلمات التي تستطيع بها الرد, و استدارت, وهي تشعر بالنسمات الناعمة تمر من خلال الأشجار, و تغريد العصافير في ضوء الشمس. كم هذا المكان هادئ... و لكنهما كانت مضطربة القلب. و تابع يقول:
-أنت تعترفين أنك كنت في الحديقة معه, و لن أسامحك على هذا, بقد تبعتك إلى هنا كالأبله.
منتديات ليلاس
و توقف, ثم سألها عما حدث عندما كانت مع الدون في الحديقة. لقد تراجع الآن عن استجوابها حول تصرف دون رامون يوم كان يدفع لها مال الفدية, و بدأ يتساءل, و قد عرف أنهما لن يعودا إلى بعضهما ثانية, عما إذا كان بحاجة إلى برهان بأن خطيبته السابقة لم تكن " مناسبة " و في تلك الحالة يستطيع أن يعتبر أن خسارته لها كانت راحة له بدل أن تكون ندما مريرا كان يشعر به حتى الآن. وهنا أيضا اكتشفت ناحية أخرى فيه, ناحية لم تحبها بالمرة.
-لم يعد ما حدث في الحديقة مهما.
-بل أقول إنه مهم!
-لن أسمح لك باستجوابي بعد الآن! لقد قلت إن الأمر لم يعد مهما, و أنا أعني ما أقول!
-إن تكتمك يدينك, لا تظني للحظة واحدة أنني نسيت احمرار وجهك عندما سألتك قبل الآن...
-في ذلك الوقت, رفضت أن تعطيني المال.
-لقد اكتشفت احمرارك يومها, و صمتك الآن يكشفك. سأتركك يا لورين. لقد اقتنعت الآن أنني كنت محظوظا لخلاصي منك, لأنك غير جديرة بالثقة, و لن تبقي مخلصة لزوجك, و لأنك استطعت أن تشوهي سمعتك بتلك الطريقة مع رجل غريب, فأنا لا أظن أنك ستبقين مخلصة...
-أشوه سمعتي! أوه... كيف تجرؤ على استخدام مثل هذه الكلمة عندما تتكلم عني! لم أكن أبدا غير مخلصة لك.
-لقد سلمت نفسك له, و سأعتقد دائما أنك سمحت له بـ ...
-لم يفعل شيئا كهذا! ليس بالطريقة التي تلمح إليها.
-لا؟ إذا بأية طريقة؟
-من المفترض أنك ستغادر يا روجر, لذلك اظنك توافق معي على أن أي حوار بيننا سيكون غير ضروري ولا مرغوب فيه.
-إذا لقد انتهى الأمر بيننا؟ هل نودع بعضنا الآن, أم نعود معا إلى القرية؟
و تطلعت لورين إلى الغابة الموحشة الصامتة وقالت إنها تفضل أن تعود معه. و عندما وصلا إلى تلك البوابة الصغيرة, توقفا و حدقا ببعضهما, و كل منهما يتذكر الساعات السعيدة التي قضياها معا.
وودعها وهو ينظر إلى عينيها, ولدهشتها وجدت أن غضبه لا يزال مرتفعا, ورأت أنه يشعر بالإذلال بسبب شكه المرتكز جيدا على ما كان حدث بينها و بين دون رامون ليلة الحفلة.
-شيء واحد آخر يا لورين, زوجك خمن منذ البداية أن الاختطاف كان زائفا!
-خمن؟ وكيف توصلت إلى هذا لاستنتاج؟
-إذا أنت تعلمين أنني أقول الحقيقة. أجل يا لورين. لقد طرحت تلك الأسئلة لأنني لاحظت أن زوجك كان يملك ذكاء أكثر من المعتاد, قد عرف أن الاختطاف كان مزيفا. و لنفكر بالأمر, كلنا كان لدينا شكوك, ألا توافقين على ذلك؟
وهزت رأسها مشوشة, وغير قادرة على التفكير بوضوح. ولكنها آخر الأمر وجدت نفسها تقول:
-نعم أوافق معك يا روجر.. أوافق معك....
في طريقها إلى المنزل جالت الأمر في ذهنها, مستعيدة ذكرى العديد من الدلائل حتى أنها أصبحت مندهشة لأنها لم تشك في أن رامون كان يعرف الحقيقة. و فكرت بكل ما قاله لها حول فيليس وكيف حذرها منذ البداية, ان فيليس تحسدها لأنها خطيبة روجر. حتى أنه توصل ليقول لها أن تحذر, وشعرت بالغضب عندما خطر لها أن فيليس كانت تغار منها. لم يكن الأمر ممكنا بل منطقيا أيضا عندما وصلت أنباء الاختطاف إلى أذنيه, و أن يقتنع فورا أن الفكرة من صنع فيليس. و حتى بمعرفته هذه وضع المسدس في رأس لورين.
-المخادع! الغشاش القاسي القلب!
كانت لا تزال تفكر بهذا الخداع, عندما سمعت صوت سيارة تقترب, و نظرت من النافذة لترى زوجها يصل و يصعد الدرجات اثنين اثنين في وقت واحد. كان مستعجلا للوصول إليها, كما ظنت, حسنا إنه لا يعلم ماذا ينتظره!
-قولي للسنيورا أن تأتي إلي في غرفة مكتبي!
وصلت إليها كلماته على الرغم من المسافة بينهما. وخرجت من غرفتها من فوق حاجز السلم إلى الردهة. و نظر رامون إلى فوق كذلك فعلت الخادمة. وقال لها آمرا:
-انزلي إلى هنا. أريد أن أتحدث معك!
و بالطريقة الوقحة التي أمرها بها أن تنزل, شعرت بذقنها ترتفع و أجابته بثبات.
-إذا كنت ترغب في الكلام معي يا رامون, اصعد إلى هنا, أرجوك!
و حاول أن يتكلم, ولكنه توقف, ثم تحرك, و بعد ثلاثين ثانية سمعت خطواته السريعة الخفيفة تتقدم في الممر. و عندما دخل إلى غرفتها, و أغلق الباب وراءه, وقف دون حراك, و عيناه السوداوين تحدقان في وجهها.
-لقد أمرتك أن تنزلي إلى غرفة مكتبي. ماذا تعنين باتخاذك مثل هذا التصرف المتكبر و المتحدي معي؟
و نظرت إليه بهدوء و قالت:
-أنا لا أقوى تلقي الأوامر منك يا رامون.
-أنت تلعبين بالنار, سنيور.
-هل هناك شيء؟ يبدو أن مزاجك غير مقبول بالمرة!
و تقدم منها خطوة, و كانت تعبيراته عنيفة بحيث أنها جفلت كما تجفل من نمر على وشك الوثوب. و قال لها بصوت رقيق:
-أعتقد, أنك كنت تسلين نفسك أثناء غيابي.... أم أقول أنك قد تلقيت التسلية؟ لقد كان صديقك روجر هنا.
-و كيف عرفت؟
-كيف عرفت؟ همسات القرية لم تصل إليك على ما أظن؟
-أنا آسفة إذا كانوا قد شاهدونا. لقد كنا حذرين. و أؤكد لك...
و توقفت, وصرخت من الألم عندما تقدم زوجها دون انذار عبر الغرفة ليمسك بكتفيها, و يهزها دون رحمة, و قبضته الوحشية ترضرض عظامها بينما اصابعه تحفر في لحمها.
-كنتما حذرين! و تجرئين أن تقفي هنا و تقولي هذا! هل أرسلت تطلبينه فور مغادرتي...
-ليس هذا صحيحا يا رامون.
منتديات ليلاس
صرخت و هي تتلوى في محاولة لتخليص نفسها, و لكن محاولتها ذهبت أدراج الرياح, و نجحت فقط في أن تؤذي نفسها أكثر. و تدفقت الدموع الحارة على وجهها, ولكن زوجها أعمى نفسه عن دموعها, فهزها ثانية.
-لقد حضر إلى هنا خلال أربع و عشرين ساعة من هبوطي في لندن. إذا لم تضيعي أي وقت لإخباره! ماذا كنتما تفعلان؟ أجيبي أو سأفعل بك شيئا يعطيك أكثر من الأنين في شفتيك!
و قالت بعد أن تركها و استطاعت أن تجفف الدموع من عينيها:
-يبدو أنك نسيت يا رامون, أنني طلبت منك أن تأخذني معك. لو كنت أخطط لأن آتي بروجر إلى هنا في غيابك, لما طلبت أن أذهب معك, أليس كذلك؟
-أردت أن تأتي معي لتريه!
-تتكلم الآن بغير المعقول بالمرة.
-ماذا كان يفعل هنا؟ هل تحاولين أن تقولي إنه حضر إلى هنا بقرار من نفسه؟
-لقد أتى بقرار من نفسه, أجل.
-لا أصدقك!
-إذا أردت أن تعرف, لقد أتى ليطلب مني العودة معه إلى انكلترا.
-أظن أنه من الأفضل أن تبدأي من البداية. و من الأفضل أن تقولي الحقيقة لأنني لست في حالة تسمح لي بالاستماع إلى أي ادعاء قد تلجأين إليه!
بعد تردد قصير قررت لورين أن تفسيرا كاملا سيكون الأفضل, و أخبرت رامون كل ما حدث, حتى إقرارها باستلام رسالة من روجر و الرد عليها.
-إذا جعلته ينصرف ؟ لم يكن لديك الرغبة في العودة إلى انكلترا معه؟
-ليس لدي أسس لأطلب الطلاق, كما قلت لك.
-إذا لخطيبك السابق شخصية معقدة. لقد رفض دفع مال الفدية, و كان يعلم كم كنت قلقة على سلامة شقيقتك, ومع ذلك يزعج نفسه ليأتي إلى هنا ليحاول إقناعك بالرجوع معه. من الصعب جدا تفهم رجل مثله.
كان هناك سؤال في معنى كلامه, و لكن لورين تجاهلته. فمن الواضح أن روجر كان يحبها عندما وصل إلى هنا, و لكنه بالتأكيد لم يعد يحبها عندما غادر, ولا هي كانت تحبه. من غير المعقول أن تستطيع قول هذا لنفسها باقتناع بينما منذ خمسة أيام كانت واثقة جدا أنها لا تزال تحبه. و بعد برهة تكلم رامون ثانية:
-هل تتذكرين أنني قلت لك انك لا تحبينه؟
-أجل... أتذكر.
-لم تصدقيني يومها, و لكنك تصدقين الآن, أليس كذلك؟
-ما يدفعك لأن تقول لي " أعرف أنني لا أحبه" ؟
-كنت ذهبت معه لو أنك تحبينه.
-ليس بالضرورة.
-لا؟
-عندما كتب لي طلب مني أن أنفصل و أعود إلى انكلترا.
-كنت تظنين أنك تحبينه يومها. و مع ذلك رفضت العودة معه.
-كنت أحبه يومها.
-أنت لا تعرفين نفسك جيدا يا لورين. فأنت لم تحبينه أبدا. على كل لن نعود لبحث الأمر مجددا. لقد انتهى كل شيء, و ربما ستستقرين الآن و تتمتعين بحياتك هنا.
-ماذا كنت ستفعل لو رجعت ووجدتني قد ذهبت؟
-كنت أخذت الطائرة التالية عائدا إلى انكلترا و أرجعتك معي. فمكانك هو مع زوجك.
-كنت لن تستطيع إجباري على العودة معك.
وتقدم بالقرب منها, وهذه المرة عندما امسكها كانت يداه رقيقتان دون حدود. و تمتم و شفتاه قرب أذنيها:
-هل نسيتي يا عزيزتي, الانجذاب الذي يمتلكني لك, اسألي نفسك لماذا لم تكن لديك الرغبة في تركي؟
و أمسك بها على بعد ذراعيه و نظر إلى عينيها الجميلتين العينان اللتان ما زالتا مبتلتان بالدموع و تابع:
-اسألي نفسك يا زوجتي الجميلة و كوني صادقة في الجواب, مع نفسك أو معي.
و ابتلعت ريقها, و ابتعدت عنه, كانت تشعر بالحرارة و الاحراج, لأنها استسلمت كالعادة إلى ذراعه. كانت تعرف في قرارة نفسها انه على حق. فهل يبقى الانجذاب الجسدي هو الوحيد بينهما؟ و هل هو كاف ليستمرا في الحياة معا للعديد من السنين القادمة؟ و أحست بشيء يصرخ في أعماق قلبها, تريد أن تحصل من رامون على أكثر مما يعطيه لها. إنها تريد الحب...
-أنت واثق كثيرا من نفسك يا رامون. أنت واثق أنك تستطيع إجباري برغباتك بالقوة, ولكنك على خطأ. من الآن و صاعدا لن يكون هناك شيء بيننا...
-لا شيء؟ ماذا تقولين؟
-لقد خدعتني يا رامون, لقد كنت تعرف منذ البداية أن شقيقتي هي التي دبرت مسألة الاختطاف, ولأنني عرفت هذا, أقول لك ليس لديك حق عندي بالمرة. فأنا لست راغبة في أن أكون زوجتك!
-كيف علمت أنني كنت أعرف عن خدعة شقيقتك؟
-أنت لا تنكر إذا؟
هل كانت راغبة في أن ينكر؟ هل خاب أملها لأن تكتشف أنه فعلا خدعها؟ و اعترفت لنفسها أنها فعلا كانت تريد منه الانكار و ستكون مستعدة لتصديقه. ماذا يعني هذا؟ و جالت في ذهنها تبحث عن جواب و لكنها لم تجد.
-لا, أنا لا أنكره, في الحقيقة لا أستطيع....
-لا يبدو الأمر و كانه يزعجك, بأنك تعمدت خداعي؟
-لقد قلت لك مرة أنني عادة أحصل على ما أريد. و أنا أردتك منذ اللحظة الأولى التي وقعت عيناي عليك...
-و هكذا قررت أن تذهب إلى أبعد حد لتحصل علي!
-القدر كان يلعب لصالحي. القدر كان على شكل شقيقتك, لقد حذرتك منها.
-كان من الخساسة أن تخدعي هكذا. كنت تعلم جيدا كم كان اختفاء شقيقتي يؤثر بي, و كنت تعرف أنني كنت سأجن, و أنا أتخيل الأشياء الأكثر فظاعة التي قد تحدث لها. و لكي تحقق رغباتك خدعتني.
ووقف رامون ينظر إلى وجهها لفترة طويلة قبل أن يتكلم.
-يوما ما يا لورين, ستشكريني على ما فعلت. فأنا أعرف أفضل منك ما هو صالحك....
-أرفض أن أقبل هذا, و كما قلت لتوي, أنا لا أرغب في أن أكون زوجتك بعد الآن. سأبقى معك, على الأقل لفترة ما, و لكن علاقتنا من الآن و صاعدا ستظل شكلية.
-هل ستكون كذلك. . . هل أنت واثقة يا عزيزتي؟
-أنا واثقة جدا!
و قبل أن تنهي آخر كلمة كانت ذراعاه قد غمرتاها, و عندما أدارت وجهها عنه قبض على ذقنها بقساوة, ولكنها استمرت في محاولة تجنب النظر إليه. ثم تلاشت مقاومتها و استكانت إليه, و قلبها يخفق بسرعة افزعتها.
-إذا أنت واثقة تماما, صحيح؟
وأزاح قبضته عنها و تطلع إليها بتعبير ساخر كمن يتسلى و حملها عبر الغرفة نحو السرير وهو يقول:
-أتعلمين يا عزيزتي, كان يجب عليك أن تعرفي منذ وقت طويل من هو السيد في هذا المنزل.
-قلت سيأتي يوم أحبك فيه يعني وقت ما.
-حسنا؟
-اعلم الآن أنني أحببتك منذ البداية يا رامون, لقد كنت واقعة تحت وهم أنني أرغب بك جسديا فقط, و كان العار يغمرني. و كما كان الأمر معك حبا و ليس رغبة, كذلك كان معي. لقد كان حبا من النظرة الأولى, وكما قلت أنت, كان مقدرا لنا أن نلتقي.
كان قريبا منها, فأخذها بين ذراعيه برفق, و أراحت رأسها على صدره, و سمعت دقات قلبه تدق بسرعة كبيرة. وقالت وهي مرتاحة إلى المكان الذي التصقت به.
-حبيبي رامون... احبك ... أحبك إلى الأبد.
-و هل سامحتني لـ... لخداعي لك؟
-اشكرك على هذا الخداع!
و لأنه سمع الجواب الذي يرغب به غمرها بذراعيه في عناق دام فترة طويلة طويلة.