7- الحقيقة
كان نهار الأحد حارا جدا , العرق يقطر من جسم جيك ووجهه , وهو يعمل جاهدا لحفر الرمال القريبة من الشاطىء وجعلها مستوية بعض الشيء كي يتمكن من دفع المركب اليها , تمنت هيلين لو يتوقف , لكن لم تجرؤ , وجلست تراقبه , بعد قليل مدت يدها ولمست ذراعه بلطف , نظر اليها وهو يمسح العرق عن عينيه فقالت:
" سأحضر لك بعض الماء البارد من النبع , أو هل تريد قهوة؟".
" ماذا؟ ألا تريدين أن أنتهي من العمل بسرعة لتعودي؟".
منتديات ليلاس
" لكنك......".
" لكنني ماذا ؟".
قال بنفاد صبر.
" لكنك ترهق نفسك وقد تمرض".
" آه.... مثلك البارحة ... سيكون ذلك جميلا يعطيك الفرصة لتدلكيني!".
عبثا الكلام معه , مزاجه جاف وغريب اليوم , تركته هيلين وسارت بأتجاه النبع , , أنه مكانها السري الجميل , لن يعرف أحد ولا حتى هو تأثيره السحري عليها , لن يعرف أحد شيئا عن بيتها الجميل الذي تراه كلما جلست قرب النبع , نوافذه مفتوحة ليدخل صوت الماء ورائحة الزهور , جلست هيلين تحلم لآخر مرة فقد عرفت أنها لن تعود الى هنا , ليس هذا مكانها , أنه مكانه هو , عليها الهرب من المكان ومن الرجل , هذا الرجل الذي يشكل تهديدا لحياتها التي رتبتها كما أرادت , وتهديدا للجدار الذي بنته حول عواطفها وأحاسيسها.
عادت بالماء الى جيك , وشعرت بالراحة فقد أنتهى العمل تقريبا , لكن كعادته أفسد كل شيء.
" سنأكل ثم نخرج الأشياء من المركب".
" الأشياء؟ أية أشياء؟".
" الفراش , وأين تظنين أننا سننام الليلة".
" ليس في المركب؟".
" لا يا آنستي , عندما ندفع المركب الى الشاطىء لن يكون مستويا أبدا , ولن نتمكن من قضاء ليلة مريحة في داخله".
" أذن ننام على الشاطىء".
" هل لديك مكان أفضل يا آنسة ؟ لا تخشي شيئا , أؤكد لك أنك ستكونين في مأمن على الشاطىء , كما كنت في مأمن داخل المركب".
" لكن العناك التي حذرتني منها".
" أنها لا تأتي الى هنا , لا تحب الرمال".
" وأن أمطرت؟".
" أيتها البلهاء , عندها نلتجىء الى داخل المركب , سنتدبر الأمر".
لم يعجبها وصفه لا بالبلهاء , لكن لا وقت للجدال , ثم ربما كانت غبية بعض الشيء , بالطبع لن يحاول أيذاءها , كان هذا ما يزعجها.
" ليتني لم أجيء الى هنا".
" حقا؟ للأسف فات الأوان".
أحست هيلين أن الجو بدأ يتوتر , ذهبت تحضر الطعام , على الأقل ستبتعد عنه ولو قليلا , كم كانت رغبتها في رؤية هذه الجزيرة قوية , وجدتها أجمل بكثير مما توقعت , لكن هذا كل شيء , يجب أن ترحل الآن , المكان ليس مكانها , أنها واثقة من هذا كما هي واثقة من رغبة جيك لوغان في رحيلها السريع.
لا بأس , ربما كان من النوع الذي يحصل على كل ما يريد , لكن لن تدعه يعرف , ليس الآن على الأقل , كان الخال فيليب مخطئا , ربما كان عليها ألا تأتي.
تناولا الطعام على ظهر المركب , كان الطقس جميلا , طلب منها جيك أن تستعد وتتمسك جيدا لأنه سيدير المركب بأقصى سرعة لدفعه الى الشاطىء , وهكذا كان.
بدأ جيك بالعمل ثانية , وطلب منها الأبتعاد لأنه كما قال يفضل العمل وحيدا , أنزعجت هيلين من لهجته لكنها لم تكن ترغب في الجدال , ليس وهو بهذه الحالة العصبية , أبتعدت عنه وشغلت نفسها بترتيب الفراش الذي رماه عن ظهر المركب , ثم جلست وأخذت تراقبه يعمل.
غلبها النوم وبعد وقت قصير أستفاقت لتسمع جيك يقول:
" أتريدين رؤية غروب الشمس بعد عشر دقائق؟ ستكون آخر فرصة لك , أنتهيت من أصلاح المركب... تقريبا".
" حقا؟".
وقفزت واقفة:
" عظيم".
" أذن , نعود غدا".
" أجل عندما نستيقظ".
ونظر اليها بطريقة جعلت قلبها يخفق بعنف , ولتغيير الموضوع قالت بسرعة:
" سأحضر الطعام , ماذا نأكل؟.
" سأصطاد سمكة ونشويها".
بسرعة وقبل أن تتحرك هيلين خلع السروال القصير , فقد كان يلبس المايوه تحته, وركض بأتجاه الماء , راقبته هيلين يذهب , مشاعرها مضطربة , شعره الأسود , ظهره الرائع , كتفاه العريضتان , عضلاته القوية , ما أوسمه!
غطس جيك في الماء وسارت هيلين تبحث عن مكان مناسب تراقب منه غروب الشمس الذي يقال أنه رائع جدا في هذه البلاد , من الواضح طبعا أن جيك لا يريد مشاهدته معها , ربما لم يكن يريد مشاركتها تجربة رومانسية كهذه, ولم تتوقع شيئا كهذا وهو لا يستسيغ صحبتها؟