توقفت عندما رأت الأحتقار الذي يملأ نظرته اليها.
" نحن بصحة جيدة , لم يصب أحد منا , هناك الكثير من الطعام هنا وعلى الجزيرة ما يكفي لحياة كاملة , وتظنين أن الطوارىء ستهرع الينا عندما نطلب ذلك؟".
" أستدع بيل أذن".
" بيل , بالطبع سأتصل به , سأخبره أننا سنتأخر بعض الشيء حتى لا يقلق , أراهنك أنه سيكون في مركبه منتظرا أتصالا مني , أن لم نعد حتى العاشرة من هذا المساء , لكن لن أطلب منه المجيء الى هنا , لن أفعل مع أنه أفضل صديق لي على الجزيرة , مركبه صغير وليس بالقوة الكافية التي تمكنه الوصول الى هنا".
أحست هيلين ببعض الراحة , على الأقل بيل سيعرف بالأمر , ستكون الى جانب جيك عندما يتصل به , وربما أستطاعت التحدث اليه بنفسها.
أبتعدت قليلا وبدأت تنظر الى الشاطىء الرملي القريب , ما أجمله , وما أجمل أن تكون هنا مع شخص آخر , شخص تحبه وتحب صحبته , كم سيكون ذلك مختلفا ورائعا , كل تلك الأشجار الغريبة والجميلة , الرمال الذهبية , الشمس الساطعة بعد تلك العاصفة المفاجئة , وتنفست بعمق وأرتياح:
" كيف نصل الى الشاطىء؟".
سألت جيك الذي أخذ يمرّر أصابعه في شعره المبتل :
" هناك قارب من المطاط , سأحضره".
تطلعت هيلين الى ساعتها , كانت الثانية والنصف بعد الظهر , أنها تحس بجوع شديد , سارت نحو الدرجات الخشبية وألتقت جيك حاملا القارب المطاطي.
" هل نستطيع .... أستطيع أن آكل قبل أن نذهب؟".
" أجل , سأقوم بنفخ القارب بينما تحضرين الطعام".
" ماذا تريد أن تأكل؟".
منتديات ليلاس
" أي شيء , فأنا جائع , هيا أسرعي".
يتحدث اليها أحيانا كمن يتحدث الى طفل.
نزلت هيلين الى المطبخ وأخذت تساءل ما تراه يفضّل , من المهم أن تحضّر شيئا يحبه , لا تدري لماذا , ربما للتعويض عن الخطأ الذي أرتكبته , حسنا ستختار الدجاج مع الكاري , معظم الرجال يحبونه , وكم تمنت أن يحبه جيك , وضعته على النار ثم أختارت بعض فاكهة المانغا المعلبة ووضعتها جانبا لتفتحها فيما بعد , ثم سمعت صوتا غريبا خلفها , أستدارت لترى جيك مع ماكنة الحلاقة الكهربائية التي كانت تصدر ذلك الصوت:
" ماذا قلت؟".
سألته:
" كنت أقول لسنا بحاجة الى المانغا المعلبة , سنحضر بعض المانغا الطازجة من الجزيرة , أنها ألذ ما ذقته في حياتك , كنتما حكيمين جدا أنت وببيل حين حشدتما المكان بالأطعمة المعلبة , فمن يدري؟".
لن تدعه يثير غضبها .... لن تدعه.
" صحيح ... قل لي , هل تفضل أن تحلق ذقنك أمام جمهور؟ كنت أظن الحمام المكان المناسب لذلك".
وأدارت ظهرها لتكمل تحضير الطعام.
" أعذريني , لقد أغرتني رائحة الطعام الشهية , معك حق , يجب أن أنتبه لعاداتي القبيحة في الأيام المقبلة , خصوصا ونحن نعيش قريبين من بعضنا كثيرا........".
وبدأ يصفر لنفسه مغلقا باب الحمام خلفه بقوة.
جمدت هيلين في مكانها , لقد قال ما قال لأسكاتها , لكن لن تدعه يعرف الى أي حد يؤثر بها كلامه , تعرف أنها لا تريد البقاء معه وتعرف أنه لا يميل اليها , رفعت يدها الى رأسها , كم يؤلمها , الخوف هو السبب , كانت هيلين خائفة من جيك لوغان , من البقاء وحدها معه في المركب , وحدها معه في عتمة اليل ... أي شيء قد يحدث في العتمة , لكنه لن يعرف , لن يعرف السبب الحقيقي وراء خوفها , السبب الخفيّ الذي لا تقدر أن تخبره لأي كان.
فجأة تبخّر أحساسها بالجوع, وعندما وضعت الطعام على الطاولة , والقليل في صحنها , رأى جيك وجهها الشاحب وسأل:
" ما بك؟".
قالت:
" ألم في رأسي!".
ولم تكن تكذب , كان رأسها يؤلمها لكنه لم يكن المسؤول عن شعورها بالمرض.
" حاولي أن تأكلي , ثم خذي قرصين من الدواء , وعندما سأذهب أنا الى الشاطىء أخلدي الى الراحة".
" لا , أريد أن أرى الجزيرة".
" ترينها غدا".
غدا! وأزداد وجع رأسها , أنه كابوس , لكنه حقيقي , يا الله ماذا ستفعل؟
" هل أستطيع أن أسبح , هل المكان آمن , الجو هنا خانق".
" بالطبع , أن كان ذلك يساعدك".
ألتهم طعامه بسرعة , ثم قام :
" لا تتحركي سأصنع أنا القهوة".
أخذ صحنها معه الى المطبخ , ثم عاد بعد قليل حاملا القهوة وقرصين من الدواء.
" خذي هذين مع القهوة , ولا تسبحي قبل مضي نصف ساعة , لن أزعجك أن كنت نائمة عندما أعود".
" شكرا , ما هذا؟".
" كوديين , لا تنسي , أنتظري قليلا قبل أن تسبحي".
وذهب , لا وداع عنده , لا شيء من المجاملات , عندما يكون لديه ما يقول , يقوله وألا ظلّ صامتا , راقبته هيلين من النافذة وهو يقفز الى قارب المطاط ويجذف نحو الشاطىء , بلعت قهوتها وقرصي الدواء , وأسلقت على السرير.