دخل بيل حاملا ثلاث سمكات بيضاء تصيّدها , وبدأ بتنظيفها قائلا:
" سأعطيك واحدة منها يا هيلين , أنها لذيذة".
" شكرا بيل لكن لا أعرف كيف أطبخها".
" سأريك عندما أوصلك الى البيت , على كل فهي أطيب ما تكون مشوية مع بعض الزبدة .... يسيل لعابي عندما أتصورها جاهزة للأكل".
وضحكوا .... بقيت هيلين معهما أطول مما كانت تتصور , صحبتهما مسلية جدا , مع أن هيلين كانت نصف غائبة خلال الحديث , فقد كانت تخطط للطريقة التي ستطلب منه فيها أخذها الى جزيرة العواصف.
وفي الطريق الى البيت بينما كانت تحمل كل تلك المجلات وبيل يحمل الكتب والسمكة قال لها شيئا سرها كثيرا لدرجة نسيت معها أنها كانت تمر في تلك الطريق المظللة بالشجر الكثيف والتي كانت تخيفها في وضح النهار , قال لها:منتديات ليلاس
" كم أنا مسرور لأن هانا أحبتك هكذا , فهي كما تعلمين وحيدة ولا أصدقاء لها , لكنها مرحة ومتألقة منذ أن وصلت".
" أنا سعيدة بهذا , أنها أمرأة طيبة , آمل أن تستمر صداقتنا , مع أنه كان عندي أنطباع خاطىء من ...".
وتوقفت متنهبة أن ما كانت تنوي قوله لم يكن لائقا.
" من من؟ مارشا أو جيك؟".
سأل بيل بمرح وأضاف:
" لا بأس , لا تقولي شيئا , على كل فهي لا تتفق مع أي مهما.... الأسباب مختلفة , بالطبع".
" أستطيع فهم ذلك .... أقصد لوغان , فأنا لا أعرف مارشا جيدا".
ضحك بيل وقال :
" وتظنين أنك تعرفين جيك؟".
" ليس كثيرا , لكن ما أعرفه فيه لا أحبه".
قالت بصوت منخفض فقد أقتربا كثيرا من البيت , لم ترد أن يسمعها جيك مع أن الموسيقى العالية الآتية من بيته لن تمكنه من سماع أي شيء , ثم أكملت:
" هو نفسه لا يحاول أبدا أخفاء ما يفكر فيه... عني".
ودخلا البيت.
وضعت هيلين الكعك والمجلات على الطاولة وتناولت الكتب من بيل الذي ذهب الى المطبخ , تبعته قائلة:
" أريد أن أرى جزيرة العواصف , لكنه رفض أخذي اليها , بيل .... هل تأخذني ( بجنية البحر)؟".
لم تقصد أن تقولها هكذا , كانت تخطط لغير ذلك , لكنها قالت ما قالته بطريقة عفوية , وبيل سيفهم بالطبع.
كان يضع السمكة في الثلاجة وأستدار اليها , وعلى وجهه شيء من الأستغراب.
" بدون أن يعرف- حضرته – تقصدين؟".
أشارت بالأيجاب .
صفر صفرة طويلة مارا بأصابعه فوق ذقنه:
" سيدتي .... هل حقا تعنين ما تطلبين؟".
" أظن ذلك".
ورفعت ذقنها بتحد وأضافت :
" نصف المركب لي , ثم أنه يستعمله , أليس كذلك؟".
" بلى.... لكنك لم تريه في أحدى فورات غضبه .... هه؟".
" لا , لكنه لا يخيفني".
أجابت بسرعة , وضحك بقوة:
" ربما لا , فهو لا يشاجر أمرأة , ثم أنني لا أحب الوقوف ضده".
" أذن , ترفض؟".
وأحست بصدمة , لكن بيل رفع حاجبيه السوداوين قائلا:
" لم أقل ذلك , لكنني بحاجة الى التفكير في الموضوع, بالطبع لك الحق في أستعمال المركب , متى تريدين الذهاب؟".
أرتفعت معنويات هيلين , وعرفت أنها كسبت , لكنها لم تعرف ما كان بأنتظارها...
" بأسرع ما يمكن, غدا ؟".
" أيه .... مهلا , لا سبب للعجلة , الرحلة تستغرق عشر ساعات , وأن كنا ننوي القيام بها بهدوء – تعرفين ما أقصد –علينا الأنتظار حتى يوم الأربعاء أو الخميس , عندما يكون جيك في سانتو , ثم يجب ملؤها بالوقود , والماء , وتحضير بعض الطعام".
" أن أستطعنا الذهاب في غيابه , فلن يعرف أبدا".
وبرقت عيناها.
" أنت لجوجة , أتعرفين ذلك ؟ سنرى , هذا كل ما أعدك به".
وأبتسم فقالت:
" ستحتاج بعض النقود لشراء الوقود , معي الكثير.....".
رفع يده قائلا:
" توقفي يا آنستي , سأشتري كل شيء , ثم أخبرك , لست بحاجة الى النقود الآن , تعرفين يا هيلين , أنا متشوق جدا للقيام بهذه الرحلة.... أحس وكأنني مثل تلميذ مدرسة يخطط لشيء ما....".
وقهقه بحرارة وهو يهز رأسه متابعا:
" حسنا , دعيني أريك الآن كيف تحضرين السمكة".
وتوجه الى الفرن ساحبا منه صينية الشواء , وبدأ يشرح لها , حاولت أن تركز , لكن ذهنها كان في مكان آخر , أنها ذاهبة الى الجزيرة أخيرا , بعض الحظ فقط ولن يعرف جيك لوغان بذلك !
ذهب بيل بعد أن أراها كيف تحضر السمكة وكيف تشعل الراديو والفونوغراف , حضرت القهوة , وأدارت أسطوانة لبيري كومو ثم أستلقت على المقعد وبجانبها رزمة من المجلات وبعض الكعك , الساعة بعد العاشرة بقليل , لم تتوقع أن تنعس باكرا هكذا خصوصا بعد نومة بعد الظهر الطويلة , لكن الحروف أمام عينيها بدأت تهتز وتتراقص , أكملت قهوتها ثم أقفلت الفونوغراف , في الصباح ستقوم بشراء بعض الحاجيات , ستذهب في نزهة , وربما تذهب الى الشاطىء لترى( جنية البحر) ثانية.
تأكدت هيلين من أن الأبواب مغلقة بأحكام وذهبت لأغلاق النوافذ في غرفة الجلوس.
كان الظلام حالكا و, في الخارج , وقفت قرب النافذة تتطلع الى الأشجار العالية , وفجأة أحست بالفرح لقدومها الى هذا المكان.
ثم سمعت شيئا , باب يغلق وصوت فتاة تضحك , وبسرعة وبحركة غريزية أبتعدت عن النافذة , أطفأت النور وعادت تقف في مكانها بهدوء وحذر , رأت شبحين في العتمة , رجل وفتاة يخرجان من بيت لوغان ويسيران في الممر المؤدي الى القرية , أستطاعت هيلين أن تميز الثوب الذي رأته في الصباح , أنها سيرينا , سمعت صوتها بوضوح في هدوء الليل , ثم صوت جيك لوغان الأجش العميق , أستدارت هيلين مبتعدة عن النافذة , لقد أفسد مزاجها الفرح... أبتعدا لكن صورتهما بقيت معها , ولم تستطع التخلص منها ولا من شعورها المزعج , ولم تستطع النوم ألا بعد وقت طويل.