" لقد رأيت الطريقة التي كنت تنظرين بها ألينا على الشاطىء , كان ما تفكرين به واضحا في عينيك , من منهما أخبرتك عن سيرينا , مارشا أم هانا؟".
" لن أخبرك".
" وتعرفين أيضا أنهم يزعمون أنني والد توبي , أليس كذلك؟".
" ألست والده؟".
أبتسم بثقل:
" وهل تصدقين أن قلت عكس ذلك؟".
" لا , لن أصدق".
" بالطبع تعرفين أنني لن أصفعك على وجهك أن قلت أنني كاذب , في كل حال تعادلنا الآن حسبما أعتقد".
" ربما.... هذا شأنك".
وأدارت وجهها متظاهرة بلامبالاة لم تكن تشعر بها.
" من هو الصبي الآخر؟".
" باولو؟ أبن أخت سيرينا , فهي تعيش مع أختها وزوجها".
ولم تعد هيلين تستطيع السيطرة على نفسها , خرجت الكلمات من فمها رغما عنها.
" ألا يهمك أحد؟".
صرخت , طبعا فهم قصدها ولم يكن بحاجة للسؤال , بقي صامتا برهة , ثم قال بصوت يختلف عن لهجته العادية:
" ربما أهتم أكثر مما تعرفين أو يعرف غيرك .... لكن...".
منتديات ليلاس
وهز كتفيه بمرارة :
" .... كما كنت تقولين , ليس هذا من شأنك , هل تريدين التجول في المركب؟".
" نعم".
وأقفل الموضوع , كان الجليد بينهما رقيقا وخطرا , وأن كانا ينويان التعامل معا بطريقة مهذبة يجب أن يتجنبا التحدث في أشياء كثيرة , عرفت هيلين أن عليها التحكم بكراهيتها المتزايدة لهذا الرجل الذي أحبه والدها لدرجة جعلته يترك له نصف أملاكه , وألا ستكون الحياة على هذه الجزيرة , وقرب هذا الرجل الكريه الغامض , غير محتملة , حاولت هيلين ذلك بجدية , وربما أحس جيك لوغان بذلك فقد أختلف تصرفه معها أختلافا ملحوظا وهو يريها المركب بحجرته المرتبة التي تحتوي على سريرين صغيرين وعدة خزائن من الخشب البني المصقول , ومطبخ , وحمام صغير , ونوافذ كبيرة ذات ستائر حمراء معقودة , الى الخلف بسلاسل جميلة.
بعد أن رأت هيلين غرفة القيادة وكل تلك الآلآت المصفوفة فيها وجهاز البث والأستقبال اللاسلكي , رجعا الى الحجرة , كانت متأثرة جدا , وعرفت كيف يصعب على هذا الرجل مشاركة مركب جميل كهذا مع أي كان , هل تراه شعر بخيبة أمل عندما علم أن لروبرت كاربتنر أبنة , ربما , لكنها لن تستطيع أن تسأله , بعض الأشياء يجب أن تبقى من المحرمات أن كانا سيتوصلان الى هدنة من أي نوع , وهذا السؤال أحد المحرمات , أشار جيك الى أحد السريرين قائلا:
" أجلسي , سأصنع القهوة , لكن الحليب ليس طازجا ".
" لا بأس , شكرا".
وجلست , كان السرير مريحا ومريحا جدا لدرجة الأغراء بالأستلقاء , راقبته وهو يذهب الى المطبخ محنيا رأسه بعض الشيء ليستطيع الدخول من بابه المنخفض , كانت تسمع صوت تحركه هناك , ثم طرطقة ملاعق وأشعال الغاز وبعد قليل صوت الأبريق يصفر قليلا ثم يعلو وبعلو صوته ليتوقف فجأة عندما أطفأ جيك النار تحته , ثم جاء بقدحين ووضعهما على الطاولة." الآن بأستطاعتنا أن نتكلم , أتدخنين؟".
هيلين لا تدخن عادة , لكنها الآن أحست بحاجة لشيء ما :
" أحيانا".
ناولها العلبة لتأخذ سيكارة.
أشعل سيكارتها ثم سيكارته , كانا كغريبين في مقهى يشربان القهوة , أنتظرته هيلين ليبدأ بالكلام وقد بدأت تحس ببعض الراحة الضرورية لمعركتها المنتظرة مع هذا الرجل غير الواضح.
" حسنا ... علينا أن نبحث بعض الأمور الأساسية المتعلقة بأرثنا المشترك , هناك ثلاثة أشياء , أولا : البيت الذي تقيمين فيه حاليا , ثانيا: هذا المركب ( جنية البحر ) وثالثا الجزيرة الصغيرة ( ألها داس ثورمينتاس ) أي جزيرة العواصف )".
أشارت هيلين برأسها موافقة , فهي تعرف كل ذلك.
نظر اليها بحدة ومباشرة كما هي عادته :
" أذن , ماذا نفعل بخصوص هذا الأرث المشترك؟".
" قل لي أنت".
" حسنا , سأفعل , من الواضح أننا لا نرغب في الأستمرار كشريكين , لذلك سأشتري حصتك ,سأدفع لك ثمنا معقولا وأن أردت نستطيع أستشارة محام في سانتو أو سو باولو".
" كلا".
قالت هيلين .
" لا؟ ماذا تقصدين؟ لا تريدين رؤية محام؟".
" لا أريد البيع".
ثم أضافت ليكون كل شيء واضحا:
"لا لك , ولا لغيرك".
" وهل يمكنني أن أعرف لماذا؟".
كان فضوليا بتهذيب , لم يكن منزعجا لكن كان في الجو شيء ما كتيار وأحست هيلين بالشحنات تتراكم وبان هذا الرجل المتقلب المزاج قد يثور بين لحظة وأخرى ,ومن الغريب أنها شعرت بالأستعداد لمواجهته هي التي تكره المشاكل , أما معه فالأمر يختلف , يختلف كثيرا.
" لأنني.......".
أجابت بهدوء وكان وجهها في تلك اللحظة جميلا وصافيا , ولم يكن بأمكانها أن تتصور تأثيره على الرجل الجالس قبالتها:
" قد أبقى هنا , وربما قررت العيش هنا , وأن قررت ذلك سأحتاج بيتا أقيم فيه بالطبع".