قامت من فراشها , أغتسلت ولبست فستانا خفيفا نت القطن بدون أكمام , أنه فستان بسيط جدا بلونه الأزرق الفاتح , منظره كان بسيطا أما ثمنه......!
لم تكن عند هيلين أية مشكلة بالنسبة الى المال , كانت أمها كريمة جدا معها بهذا الخصوص عندما كانت هيلين صغيرة , والآن هي تكسب الكثير من عملها كعارضة أزياء , والخال فيليب الغني جدا يعطيها كل الثياب التي تقوم بعرضها حتى أمتلأت خزائن ثيابها المكتظة في لندن.
وضعت هيلين بعض أحمر الشفاه على شفتيها الرقيقتين , ورفعت شعرها الجميل الى أعلى , كان هذا أحد تأثيرات أمها القليلة عليها والتي كانت كلما رأتها تلقي عليها محاضرة بأن السيدات المحترمات لا يتركن شعرهن سائبا , يجب رفعه دائما , هيلينا كار , أمها , قالت لها هذا وهي في السادسة عشرة من عمرها عندما رأت خصلات شعر هيلين الذهبية الجميلة منسدلة على كتفيها , ( هذا مبتذل يا عزيزتي).
ومنذ ذلك الوقت لم تترك هيلين شعرها ينسدل أبدا .
ذهبت هيلين الى المطبخ وحضرت بعض القهوة والخبز المحمص , ثم أتجهت الى النافذة , كل هذا الأخضرار الجميل , الأشجار المحملة بالفاكهة الغريبة الشكل , وفجأة علقت عيناها بالنافذة المواجهة.
منتديات ليلاس
جمدت هيلين في مكانها , لقد رأته هناك قرب النافذة , رأته للحظة واحدة أختفى بعدها , رأت صدره العاري المغطى بالشعر الكثيف , رأت عضلاته القوية , كان عاريا حتى وسطه , وركضت هيلين بعيدا عن النافذة , لكن الأفظع من كل ذلك أنه لم يكن يضع تلك الرقعة السوداء على عينه اليمنى , وكان المنظر مخيفا , الآن عرفت هيلين سر تلك الرقعة البشعة , فقد كان منظر عينه رهيبا , متورمة وزرقاء فلا بد أنه أستحقها في عراك مع أحدهم , كم تكره العنف , وأحست بموجة من القرفتزحف في معدتها , لكن لماذا لم تخبرها مارشا بذلك؟ ربما لم تكن تعرف بتلك الحادثة , ما أبغضه , لو تعرف فقط ما الذي جعل والدها يحبه بهذا الشكل!
وجاء القرع على الباب بعد قليل , كانت هيلين جاهزة لأستقباله.
" تفضل".
جاءت كلماته الأولى غير متوقعة , لا بأس عليها أن تعتاد على وقاحته وقلة تهذيبه , لكنه فاجأها :
" أعتذر عن الأحراج الذي سببته لك منذ قليل , لكن نسيت أن عندي جارة".
يبست الصدمة هيلين , بعض الأشياء يجب أن تنسى لكنه خال من اللياقة على ما يظهر.
تطلعت اليه:
" لم تحرجني".
قالت بهدوء :
" تفضل وأجلس".
رمقها ببرودة وقال وكأنه يتسلى:
" نهضت لتوي من الفراش وأفضل الوقوف , جئت لأرى أن كنت تودين رؤية ال ... قاربنا".
قال ذلك بتعمد.
" أجل , متى؟ الآن؟".
وهز كتفيه :
" أي وقت تشائين".
لم يكن مهتما كثيرا كان ذلك واضحا , كم يخيفها , شعرت وكأنه فطن لأفكارها وكأنه مصر بكل نظرة اليها وبكل كلمة يقولها أن يوضح لها أنها لا تعنيه في شيء وأنه لا يأبه لها ولا يستسيغ وجودها , أخافها ذلك , ليس له الحق في كرهها... أم هل العكس صحيح؟
كان هناك ما هو أسوأ , سألها وهما يخرجان:
" الى متى أنت باقية هنا ؟".
" لا أعرف , لماذا؟".
وأقشعر بدنها , لم تشعر في حياتها بعداء سريع نحو أي كان , لكن هذا الرجل .... أزعجها ذلك كثيرا فهي تؤمن بالسيطرة على العواطف القوية , خصوصا عاطفة الكره.
هز لوغان كتفيه بلا مبالاة , كانا يسيران في الأتجاه المعاكس للطريق التي سارت عليها مع بيل الليلة الفائتة.
" فقط أتساءل أن كنت تنوين العيش هنا".
لم تكن تخطط لجوابها لكنه صدر عنها في أي حال!
" ربما , أذا أحببت المكان".
وتطلعت اليه , كانا يسيران في ممر واسع تحيط به الأشجار الكثيفة مظللة أياه من حرارة الشمس وتاركة المجال لهواء بارد منعش , كان الرجل يلبس الجينز كالليلة الفائتة وينتعل صندلا من الكتان , وتلك الرقعة السوداء على عينه , سألته:
" لماذا تغطي عينط؟ أليس من الأفضل تركها فالهواء يساعد على شفائها ببسرعة؟".
" حقا؟ غطيتها من أجلك , ظننت أن منظرها سيسبب لك صدمة".
كانت السخرية الجافة واضحة في ذلك الصوت العميق المبحوح الذي لم تحبه هيلين.
" رأيت مثل هذا المنظر من قبل".
" طبعا , ثم أنا متأكد أن مارشا وهانا لم تتركا الفرصة تمر بدون أخببارك كم أنا شرير وطاغية لذلك لم تفاجأي ب ! أليس كذلك؟".
رمقته بنظره سريعة وحذرة , أنفجر ضاحكا وكانت دهشتها كبيرة برؤية أسنانه البيضاء السليمة , هو المعتاد على العراك والمشاجرة مع الغير.