" لقد أعجبني البيت كثيرا , وأعتقد أن بأمكاني جعله أكثر جاذبية ... هذا بالطبع أذا سمحت لي بأجراء بعض التعديلات عليه".
أبتسم وقال لها مداعبا:
" هل يعني هذا أنك رفضت عرضي بالطلاق؟ هل يعني هذا أنك على أستعداد للأستقرار هنا, وللتصرف كزوجة هادئة مسالمة لرجل فرنسي عادي ... لمزارع بسيط؟ هل ستعدين الطعام والقهوة , وتنظفين الثياب والمفروشات , وتهتمين بكافة شؤون البيت الداخلية؟".
قالت له بلهجة مرحة ,وهي تشعر معه بأرتياح لم تعرف له مثيلا من قبل:
" سأفعل كل هذه الأمور بسرور , ما دمت لا تسعى وراء أمرأة أخرى".
"ولماذا أريد القيام بأمر كهذا , طالما أنني أجدك في بيتنا كل ليلة... وأعرف أنك ستمنحينني كل السعادة التي أحتاج اليها؟".
" حقا يا بيار؟".
"حقا يا أيلاين".
دخلا باحة القصر وشاهدا سيارتين متوقفتين قرب المدخل , فقال بيار بشيء من العصبية والتأفف:
" اللعنة ! الشقيقتان العزيزتان موجودتان هنا , وهذا يعني أضطرارنا للتصرف بتهذيب ولباقة وعدم الأبتعاد عنهما كثيرا , فهل يمكنك أنتظار ذلك , يا حبيبتي؟".
" أذا تمكنت أنت؟ فسوف أتمكن الى القول:
" أوه, يدك! سوف يسألك عنها الآن جميع الموجودين في المنزل! ".
أوقف السيارة ثم أطفأ محركها , وقال بأنزعاج:
" لن تكون يدي الشيء الوحيد الذي سيسألون عنه! سيريدون معرفة بعض المعلومات عنك , ذلك أنني أخبرت أمي صباح اليوم بأن مصالحتنا كانت وهمية زائفة".
" أعرف, حدثتني هي بنفسها عن هذا الموضوع ,ماذا سنفعل لدى دخولنا ؟ هل سنخبرهم ؟".
أبتسم وقال:
" لا , سأتركهم في حيرة لبعض الوقت , هل تعتقدين أنك قادرة على التظاهر , لبضع ساعات فقط , بأننا لسنا على وفاق ؟ سنمازحهم قليلا".
"سأحاول ,ولكنني سأجد صعوبة بالغة... لأنني أتحرق شوقا يك ".
" أعرف, يا حبيبتي, ولكن تذكري أن الأنتظار سيزيد من متعة اللقاء".
دخلا الى البيت , فقابلهما جاك ليقول لهما أن السيدة مارجريت تنتظرهما في قاعة الجلوس , تطلع بيار نحو أيلاين وقال لها:
" أصعدي الآن لأستبدال ثيابك , فيما أدع جاك يضمد هذا الجرح بطريقة صحيحة , سأراك في الفاعة بعد قليل".
منتديات ليلاس
أستقبلتها مارجريت بعد ربع ساعة بالقول:
" أنا سعيدة بعودتك , أيتها الحبيبة , فقد بدأت أقلق عليك , هل تذكرين أبنتي الكبرى جانيت وزوجها جيل والصغرى ماري وزوجها برنار؟ جيل, أحضر كوبا من العصير لأيلاين... أذا سمحت".
جلست قرب الشقيقتين , وراحت تجيب على أسئلتهما عن صحتها وأحوالها ... وتسألهما بدةورها عن أولادهما , سألتها مارجريت فجأة:
" هل سارت الأمور على ما يرام في بلفين؟".
"نعم , عاد بيار معي , وسينضم الينا خلال دقائق معدودة ".
" أنا سعيدة , سنتناول العشاء معا , فهذه هي أحدى المرات القليلة التي يكون فيها جميع أولادي معي".
دخل بيار بعد قليل , فحدثت ضوضاء قوية لأن الجميع بدأوا يتحدثون في وقت واحد ... بأستثناء أيلاين , اتي كانت تنظر الى زوجها وحبيبها طوال الوقت , وعندما أنتهى العشاء ووزعت القهوة على الموجودين , عادت الشقيقتان الى التحدث وتوجيه الأسئلة , ثم وقفت الأخت الكبرى , وقالت أن الوقت قد حان لتوجهها هي وزوجها الى لاروشيل ... نظرا لبعد المسافة ,وقف الجميع ,فمدت يدها نحو أيلاين قائلة:
" أستودعك الله , لن نتمكن من حضور الجنازة ,كما أنني أتصور أنك ستعودين الى لندن بعدها مباشرة".
أحست أيلاين بالعرق البارد يتصبب من جسمها , فيما صمت الجميع وحولوا أنظارهم اليها... وكأنهم يتهمونها بأرتكاب جريمة فظيعة رهيبة , وهذا حقهم , وبخاصة أنهم يحملونها مسؤولية تعاسة بيار وحزنه , ولكنهم لن يفهموا ذلك أبدا , قالت بصوت ملعثم :
"لا... لا أعرف بعد, يا جانيت, لست... لست متأكدة , سررت برؤيتكما أنت وجيل , شكرا لحضوركما".
غادرت ماري وزوجها برنار القصر , بعد نصف ساعة من ذلك , أعلنت مارجريت أنها ستذهب الى النوم , ثم سألت أبنها:
" هل ستبقى الليلة هنا , أم أنك ستعود الى بلفين؟".
"سأبقى هنا , يا أمي, كي أحضر الأجتماع المقرر مع السيد لوجيه , تصبحين على خير , أيتها الحبيبة".
قطبت مارجريت حاجبيها , وهي تنظر الى يده اليمنى , وقالت:
" أرى أنك جرحت يدك يا بيار ,هل تؤلمك كثيرا , يا بني؟".
"لا , فالجرح عادي وبسيط للغاية ".
" أنا مسرورة بحضورك هذا المساء مع أيلاين, وأتمنى..".
لم تكمل جملتها , وأدارت وجهها عنهما لتصعد الى غرفتها , ولكنها نظرت اليهما ثانية ,وقالت:
" تصبحين على خير يا أيلاين , تصبح على خير يا بني , سأراكما غدا بأذن الله ,وربما ستخبرانني سر هذه السعادة الفائقة التي تشعران بها!".
أنتظرا حتى وصولهما الى غرفتها وسماعهما أغلاق الباب , ثم تحولا الى بعضهما , تشابكت يداهما وصعدا صامتين نحو غرفة النوم في برج القصر , وما أن أغلق بيارباب الحجرة وراءهما , حتى رفع رأسه وقال متمتما:
" أعتقد أن أمي أحست بالموضوع".
" وأنا أعتقد ذلك أيضا".
ثم خلعت حذاءها , وأضافت قائلة:
" أخشى أنني فضحت السر أثناء العشاء".
سألها عن سبب أعتقادها هذا, ضحكت بصوت خافت , ثم أبتعدت عنه قليلا وقالت له:
" كنت أحدق بك طوال الوقت , وعندما ودعتني جانيت وجاءت على ذكر العودة الى لندن , شعرت بالأرتباك الشديد ولم أتمكن من التعليق على كلامها , أردت أفهامها بأن البقاء هنا أو الذهاب الى بريطانيا , ليسا من شأنها أطلاقا".
" أنا مسرور جدا لأنك لم تفعلي ذلك , أذ كان جواب كهذا سيثير بعض الحساسيات والمشاكل التي نحن بغنى عنها ".
تلاقيا قرب النافذة ووقفا هناك بضع لحظات , فيما كان ضوء القمر يغمر معظم أرجاء الغرفة , وفجأة قال لها بتحد رقيق:
" لنكتشف الآن ما أذا كانت رحلة السعادة تستحق كل هذا الأنتظار".
هزت رأسه المتكىء على كتفها وسألته بصوت دافىء:
" هل كانت تستحق الأنتظار؟".
أجابها هامسا بصوت يضج أرتياحا:
" ماذا تعتقدين أنت؟".
" أعتقد أنها كانت ذروة في البهجة والهناء , ولكنني آمل في ألا تزعجك النتائج , التي ستتمخض عنها".
رفع رأسه لكي ينظر الى عينيها , وسألها مستفسرا:
" ماذا تعنين بذلك؟".
"بعد ليلة أمس وهذه الليلة ... قد نرزق أجمل ما في هذه الحياة , هل تفضل صبيا أم بنتا؟".
" رباه! لم أفكر بهذه المسألة أطلاقا!".
منتديات ليلاس
أنفجرا ضاحكين كمن أصابهما مس من الجنون , وقالت له:
"كم أنا سعيدة , يا حبيبي, لأنك أنت أيضا لا تفكر في بعض الأحيان".
ثم طوقته بذراعيها ,وسألته بهدوء:
" هل أخبرك الخال أرمون عن حلمه , في أن يثمر زواجنا عن طفل يصبح الوريث الشرعي لشامبورتن؟".
"نعم , قال لي ذلك ليلة الجمعة, عندما أمضيت معه فترة طويلة".
توقف لحظة , ثم مضى الى القول:
" ولكنني أرجو مخلصا في ألا يجعلك ذلك تتصورين , أن هذا هو سبب حبي لك".
"لا , لا , يا حبيبي , لم تصور ذلك أبدا , على أي حال , فشامبورتن لم تكن له ليترك شيئا منها لأحد".
وأضافت بصوت جدي هامس:
" أرجو أن تغفر لي تصوري جميع هذه الأشياء الفظيعة عنك".
" سأغفر لك , أذا سامحتني أنت عن كافة تصرفاتي الخسيسة معك, لم أتمكن من السيطرة على نفسي وأعصابي , أنتظرتك فترة طويلة للغاية, وفجأة وجدتك قربي... جميلة , رائعة , جذابة , ومغرية.....".
"كفى , فأنا أيضا كنت أتحرق شوقا اليك... حتى على الرغم مما قلته اليوم , من أن الحب لم يكن جزءا مما حدث".
"قلت لك ذلك , لأنني لم أكن متأكدا من كيفية شعورك أنت".
"ولكنك تعرف الآن , أليس كذلك؟ قلها يا بيار, أرجوك, قلها , لأنها حقيقة ثابتة لا غبار عليها , أحببتك أمس , وأحببتك اليوم, وسوف أظل أحبك الى الأبد... ولن أبتعد عنك بتاتا ".
"لن يحدث ذلك أبدا , يا حبي , لأنه لن تسنح لك فرصة ثانية".
تمت والحمدلله
قراءة ممتعة للجميع للزائرين وللاعضاء
وكلي امل انو الرواية نالت رضاكم ياحلوين
لكم ودي وحبي اماريج