عما حدث لها .
_لقد رأيتك تهربين من الحفلة .. وقال تشارلز والترايت إنك كنت منزعجة جداً ..
وظننت أن بقدوري فعل أي شيء لك .
_ تشارلز والترايت ؟ اهو الرجل المسن ذو الشعر الأبيض ؟
_أجل .. انه صديق لي ولزانادو .. هل أنت مستعدة للعودة ؟
هزت رأسها :
_ لا أريد العودة .
تحرك فوق الجذع الشجرة مفسحاً لها مكاناً إلى جانبه .. فقالت :
_آسفة لانسحابي من الحفلة دون إخبارك .. كنت مضطرة للخروج من هناك بأسرع ما يكن.
_أخبرني تشارلز عن مشكلتك مع الأميرة .. ماذا قالت حتى أغضبتك ؟
_مجرد .. أشياء .. لم تكن عادلة , ما كان يجب أن أقولها .
_الحياة ليست عادلة أبداً أليدا .. والأميرة تقول أشياء لا يجب ان تقولها منذ عرفتها .. والمؤسف أن لا أحد يحاسبها . ولقد قررت منذ زمن بعيد ألا أدعها تؤلمني .. إنها لا تستحق أن تتألم بسبها ..
وتعرفين هذا .
صمتت أليدا تستوعب ما قاله بن .. قالت في سرها : أنه محق , فابتسمت .. قال بن بإعجاب :
_هكذا أفضل .
لف ذراعه على كتفها مواسياً , يشدها إليه .. واسترخت أليدا لحركته , جلسا صامتين ,يراقبان الممر
البراق الذي رسمه القمر فوق صفحة المحيط الساكنة.
كانت أليدا مسترسلة في صمتها حين قال بن :
_ليس من سبب يدعونا إلى الجلوس هنا في الهواء الرطب .. أنت ِ لا تريدين العودة إلى زانادو
حسناً فلنعد إلى الكبينة .
_ وماذا عنك ؟ ستفوتك الحفلة .
ضحك :
_بالنسبة إلي , أنا سعيد للهرب منها .. لم أكن أريد حضورها أصلاً .
سارا يداً بيد نحو الكبينة .. كان هناك نسيم بارد قد بدأ يتحرك ,يضم الساري أكثر حول أليدا..
التفتت إليه لترى في عينيه نظرة غريبة , إنه يحدق إلى وجهها متعجباً , فحاولت التعليق بخفة..
لكنها تراجعت لرؤية الجدية في تعابير وجهه .
قال , وكانا يقفان بمواجهة باب الكابينة :
_وجدتها ! انتظري هنا .. سأعود حالاً .
_بن ..
_لا تتحركي ..
ودخل بسرعة إلى الكابينة .. وقفت أليدا حائرة إلى أن عاد .. كان يحمل ورقة رسم كبيرة .. وبدأ
يرسم , يده تتحرك بسرعة فوق الورق أما نور القمر فكان يرخي بظلال من الإثارة فوق المنظر كله .
سألته :
_ ماذا تفعل ؟
منتديات ليلاس
_الطريقة التي تقفين فيها .. نور القمر على شعرك .. الألم الظاهر في عينيك ..
كان يبدو مسحوراً , مصمماً على التقاط ما يريد التقاطه .. ثم جذبها نحو الباب .. في الداخل ,
أصر على ان تجلس فوق الكرسي مرتفع , بينما راح يكمل رسمه .. بعد أن انتهى , كانت الأرض
مغطاة بأرواق عدة من الرسوم التي رسمت بخفة ..حين وضع الدفتر الرسم من يده , نزلت
أليدا عن الكرسي المرتفع , وبدأت تجمع الأوراق .. ثم ..
صاحت :
_بن .. هذه جيدة.. جيدة جداً.
راقب ردة فعلها تجاه الرسومات بحذر , وهز رأسه :
_وكأن شيئاً تحرك في داخلي حين رأيتك على هذه الحال . المهم انه لدي هنا ما يكفي من رسومات
توضيحية لأشكل منها لوحة مكتملة .
_لكنني لا أظنها رسوماً تشهني .
_ستبدو كما كنت تبدين في تلك اللحظات .. لو أني أستطيع التقاط الألم فقط في عينيك حين أرسمك...
لم يكمل جملته ..وبدأ لها أن ليس في العالم أجمل من أن تنضم إلى ذراعية ..
أن تسمح لحماسته حول رسوماتها ان تغسل عنها مسحة الألم التي خلفتها كلمات الأميرة
الخشنة الخالية من الإحساس , وقبل أن تدرك ما يحصل كان يحتويها بشوق ,
ليجتاحها مد من المشاعر الجياشة .. أحست بذراعيها تتسللان طوعاً حوله , لكنها كانت تعرف
انه ما زال يرتاب فيها .. مازال يعتقد أنها متآمرة مع مايس .. ريبه كانت كالحاجز بينهما ...
وطالما انه يشك في دوافع وجودهما في زانادو لن تستطيع أبداً الاستسلام لحبه .
أبعدت نفسها بلطف من بين ذراعية , وتركها بالتدريج بناء لإلحاحها .. توجهت بحذر إلى الباب
لا تريد ان تفضح شوقها إليه بالبقاء إلى جانبه ..
أمال رأسه إلى جانب واحد وابتسم كأنه محتار :
_ ما الأمر أليدا ؟ ظننت أننا عقدنا معاهدة الليلة ؟
رفعت أليدا قامتها ... حين تكلمت لم يرتجف صوتها :
_ كانت مجرد هدنة .. بن وليس وثيقة استسلام .
ثم تسللت مسرعة نحو أنوار زانادو .. المضاء للمرة الأخيرة قبل أن يدخل الظلام إلى الأبد
انتهى الجزء
* * *