أقنع انفجار بن أليدا من الأفضل مجاراته , فوضعت لوحة الكتابة جانباً ،
وتبعته إلى سطح بملء إرادتها .
وجد لاري ينظف المقاعد الخشبية بمنشفة قديمة.. فابتسم لهما بمرح , وقال واعداً:
_سيكون لنا صيد جيد اليوم .
نظرت أليدا إل كراسي الصيد الثقيلة مفكرة :
_تبدو هذه المقاعد وكانها لعيادة طبيب أسنان.
قال بن شارحاً :
_تسمى مقاعد المقاومة .. كما ترين هي مربوطة إلى السطح كي لا تجذب السمكة الصياد
عن سطح المركب .. وهذه الدواسات ستساعد في تثبيت أقدامنا حين نسحب سمكة .
أشار إليها لتجلس وتمدد في المقعد إلى جانبها .. كان لا يرتدي سوى بنطلون جنيز مقصوص ,
وبدا مرتاحاً جداً .. أسندت اليدا نفسها
إلى ظهر المقعد وهي تنظر إلى أشجار النخيل المنحنية على شاوطئ بالم بيتش الغريبة المجاورة.
أدار الكابتن بيتش "كوبلاخان" نحو الشمال باتجاه مدخل خليج بالم بيتش . . وأشار بن إلى أول جسرين متحركين
أمامهما يصلان جزيرة بالم بيتش بالأرض الرئيسية
_يرتفع الجسران كل نصف ساعة لعبور المراكب .. وأظننا سنصل إلى هناك
في الوقت المحدد.
أبطأ القبطان سرعته وهم يمرون تحت الجسر الأول .. تباطأوا قليلا قبل عبور الجسر الثاني
ليكملوا بعدها الطريق شمالاً نحوالبحر .
كانت المياه شبه هادئة اليوم بحيث لم تؤثر في انطلاقة اليخت,لكنها كانت تسبب بحركة خفيفة .. وكان
إحساساً رائعاً أن يتأرجح المرء إلى الوراء وإلى الأمام.
قال بن يرمي ذراعه عفوياً على كتفها : أنظري .
التفتت حيث أشار لترى لونين مختلفين لمياه المحيط أمامهما , أحدهما أزرق غامق ,والآخر أخضر شفاف .سالت :
_لم هذا الاختلاف ؟
منتديات ليلاس
_المياه الزرقاء هي التي تندفع من الخليج المكسيكي الحار التي تلتقي في هذه النقطة القريبة جداً
منا بالتيار القادم من شمالي الأطلسي . أما المياه الخضراء الداخلية فهي الموطن الذي يتواجد فيه سمك
"السلفيش" بكثرة. .
خف ضجيج المحركات على بعد حوالي الميلين من الشاطئ ,وراح المركب يتهادى ببطء .. وبدا أن لاري يعمل
في المركب يرتب العدة , يتفحص الحبال والأشرعة .
وضع لاري قصبتي صيد لهما بكرتا لف في مكانين مخصصين لهما قرب المقعدين
ثم وضع الطعم على الخطافين الكبيرين قبل أن يرميهما إلى البحر..
رأت أليدا على مسافة بعيدة سرباً فضياً من الأسماك تدفعه سمكة كبيرة إلى الأعلى ..فقال لاري :
_ هذا دليل جيد .. فحين تقفز الأسماك الصغيرة من الماء ,تكون إشارة على وجود الأسماك الكبيرة خلفها .
مضت عدة دقائق كان القبطان بيتش قد خفف خلالها سرعة المركب وراح يسير به في طريق ملتوية,
وخيوط الصيد تسحب خلفه .
جلست أليدا على مقعديهما باسترخاء تام .. فما عليهما سوى انتظار أن تضرب السمكة الكبيرة الطعم
وتحولت أليدا إلى المزاح ناعس, فمدت قدميها فوق الأقدام المرتفعة .تعرضهما الأشعة الشمس ..
كان لونها الأبيض قد بدأ يميل إلى الذهبي وتذكرت ما قاله بن في اليوم الأول لوجودها في القصر ..
قال إن لونها الشاحب يجعله لا يعجب بها . وقاطع صوته أفكارها الناعسة :
_ أخبريني أليدا ,, هل أعجبتك فلوريدا ؟
ابتسمت له بسعادة ,وقالت بحماس :
_ أجل أحببتها !
بدأت تشعر وكأن الشمس الدافئة أذابت شيئاً متجمداً حول قلبها ..لكنها لم تجد الكلمات المناسبة لتعبير له عن ذلك.
جلسا في صمت توقف لعدة دقائق وهما يراقبان الزبد الأبيض المتكون خلف المركب . رأت أليدا سمكة
سيلفيش فضية تقفز كالقوس فوق الماء .. سر بن كثيراً لرؤيتها أنهما سيحصلان على الصيد قريباً.
ثبت أنه على حق حين اهتزت الصارية فجأة .. وصاح لاري وهو يخرج من القمرة :
_إنها إصابة !
هاجمت السمكة خيط أليدا .. فشدت بقصبة الصيد غريزياً .. أحست أليدا بشدة قوية مع استقرار الطعم في فم
السمكة .. فلم تتمالك نفسها عن الانحناء بينما كانت السمكة تجري مع الطعم .
اخذ لاري يعطيها التعليمات وهي تحارب السلفيش الضخمة .. وكانت تستجيب لما يقول , وتتمسك بالقصبة
بقوة .. وناور القبطان بيتش بمهارة "بكوبلاخان" لساعد أليدا على الانتصار على السمكة
واختصار وقت المعركة .. أخذ بن يصيح مشجعاً بين حين وآخر ..
لكنه فضل ألا يتدخل ليعطي أليدا فرصة الانتصار على السمكة القوية بنفسها .
شدت أليدا القصبة وحبست أنفاسها , مصممة ألا تدع صيدها يفلت منها . بعد معركة حامية هيئ
لأليدا وكأن دهراً مر على بدايتها بدأت السمكة تفقد قوتها .. وما هي إلا لحظات حتى لمعت بلونها الفضي
الجميل تحت أشعة الشمس بينما كانت أليدا تلف بكرة الصيد لتقربها إلى المركب
مال بن إليها ليساعدها في لف خيط الصيد بعدما بدأت ذراعها ترجفان تعباً ..
لف ذراعاه القويتان حولها ووضع يده الخشنة فوق يدها على البكرة ,يعطيها القوة التي تحتاجها لإيصال السمكة
إلى المركب .
حين بدأ الإعياء يظهر عليها , بانت السمكة تحت المركب ففتح لاري باباً في أرض المؤخرة وأخرج
السمكة من الماء بقوة وثبات .. كانت حيواناً مخيفاً لها منقار طويل يبلغ الخمسة عشر إنشاً ..
نظر بن إلى أليدا مهنئاً :
_ حسن جداً أليدا .. يبدو أنك حصلت على سمكة تزيد عن الخمسة والعشرين كيلو غراماً .
لم يفتها أن ترى نظرت الإعجاب في عينية .
أنهكت قواها بسبب الجهد الذي بذلته لاصطياد السمكة , وقد وعى بن ذلك فقال جاداً :
_ تحتاجين إلى الراحة قليلاً .. دعينا ندخل القمرة ونرتاح ..على أي حال , قارب وقت الغداء.
نظرت إلى السمكة العظيمة قبل أن تلحق ببن إلى الصالون الفسيح , حيث غاصت بارتياح
فوق مفارش الأريكة العميقة , ورفعت نظارتها السوداء الكبيرة فوق جبينها .. ثم قالت مرهقة :
_ هل رأيت القوة التي كانت السمكة تشد بها خيط الصيد ؟ ثم تقل لي أن الأمر سيكون على هذا النحو الخطر .
_هناك أشياء من الأفضل ألا تقال .. أكنت ترغبين في التقاط سمكة سيلفيش لو كنت تدركين سلفاً صعوبة الأمر ؟
تذكرت الإثارة في جذب السمكة الجميلة إلى المركب وصاحت :