سألت متحدية :وأنت تهتم ؟
ركز عينيه الزرقاوين عليها :
_أجل .. أهتم .كنت أحارب لإنقاذ المكان .. أنه القصر الوحيد والفريد من نوعه في العالم كله..
أريد أن أراه يتحول إلى متحف ولا أستطيع تحمل رؤيته يتدمر .
_وهل هناك فرصه حقيقة لان يتحول زانادو إلى متحف ؟ أم أن هذه مجرد أمنية ؟
_كنت أتفاوض مع سلطات الولاية آملاً أن يجدوا المال الكافي لشراء زانادو .. لكن مايس
هو المشرف الرسمي على أملاك والدتنا , ويرفض تخفيض سعره أو إعطاء الولاية فرصة وقت لجمع المال.
ولسوء الحظ تستطيع مؤسسة كاونت دفع المال فوراً.
تذكرت أليدا ثراء عائلة روالي :
_وهل المال مهم إلى هذه الدرجة ؟
_بإمكاننا الاستمرار في المحافظة على القصر كما كنا في الماضي .. وهذا على الأقل ما نتفق عليه
أما بالنسبة لمعيشتنا فهي مؤمنة بمال ائتمان في المصرف.. ثمن بيع الأملاك سيقسم بيني وبين مايس ,
لكنني سأهب حصتي للأعمال الخيرية , بينما سيستثمر مايس بحصته . ومع ذلك فليس المال هو دافعه..
فهو يرغب في مجد عقد صفقة مع أضخم شركة بناء وإنماء في العالم .. لكنني سأكون ملعوناً لو جلست متفرجاً على دمار زانادو لمجرد دفع غرور أخي إلى الأعلى !
فجأة رأت أليدا بن في ضوء جديد .. لماذا لم تعرف أن لامبالاته الظاهرة نحو جمال زانادو ما هو إلا مجرد درع
يحمي به نفسه ؟ انه يتألم في داخله وهو يعرف أن أملاكه محكوم عليها بدمار .. متهورة،
مدة يدها تغطي يده.
_بن ..أعرف ما تشعر به لقد شعرت بنفس الشيء بالأمس حين كنت أقف في البرج .استطعت أن أرى كل شي
يمتد ما بين البحيرة والبحر, وحزنت على اليوم الذي لن يعود فيه لزانادو وجود .
بنفاذ صبر دفع يدها عنه.
_كيف يمكن أن تقولي هذا أليدا ؟ أنت تساعدينه.. لو لم تكوني هنا..لحدث تأخير .لن يستطيع مايس أن بيع المنزل
قبل إفراغ محتوياته .. كل يوم تعملين فيه هنا يقرب البولدوزر من القصر
رمى فوطة الطعام ووقف دون أن ينظر إليها ابتعد.
اعترفت أليدا أن ما قاله بن صحيح دون شك .. لقد رأت في هذه الوظيفة فرصة ومهرباً .. لكنها
في ذلك الوقت لم تكن تفهم الموقف. الآن وقد فهمت , أيمكنها بكل راحة ضمير أن تبقى؟
لكن إلى أين تذهب؟
لم تكن تعرف الكثير عن وضع والدها المالي .. ولكن اتصالاً مع محاميه بعد وفاته ’ أبلغها أن إرثها قليل جداّ
فوالدها كان لا يملك الكثير مما له قيمة , ما عدا بعض أنتيكات كان يمتلكها للاقتناء فقط, وليس للاستثمار ..
وهو كذلك لم يمتلك يوماً سيارة .. ولم يربط نفسه بمنزل ’ بل كان شقة صغيرة له ولابنته ,..لذا كانت أليدا تعرف
أن عليها أن تعمل , فهي غير قادرة مالياً , ولن تستقبل .. ولا .في الوقت الحاضر على الأقل ,سوف تماطل الوقت.
متنهدة, وقد زالت شهيتها للطعام , تركت فطورها الذي لم ينته وباشرت عملها على مضض .. كان الوقت
منتصف الصباح حين تذكرت أن مايس طلب منها المجيء إلى مكتبة .
وقفت من مكانها على الأرض ,تنفض الغبار عن بنطلونها القصير, كانت تحس بمشاعر مختلطة حول مواجهتها
لمايس وهي تعرف الآن المزيد من خلافه مع بن . وتساءلت عما إذا كان اتفاق البيع لا يمكن الرجوع عنه حقاً.
وقررت أن تعرف.
منتديات ليلاس
كان مايس يجلس وراء منضدة ,مسترخياً في مقعدة , وظهره إلى الباب , يتحدث في الهاتف .. عند رؤيتها
أنه مشغول , وقفت في الخارج , لتتفحص تمثال أسد من الجاد على الطاولة القريبة .. مثلها مثل العديد من
المجموعات في زانادو ,كانت مجموعة الجاد لا تقدر بثمن .
سمعت صوت مايس وهو يقول في الهاتف ساخطاً:
_التزلج ؟ سايلور كسر ساقه في التزلج ؟ هذا أمر غير ملائم .. ألا يستطيع العودة إلى نيويورك ؟ حسناً ’
أرسل له الوثائق إلى "آسبن" بالبريد إذن ! التأخير لا يمكن أن يفيد .. لا أستطيع كبح بن أكثر من هذا.
علق السماعة فجأة .. ودخلت أليدا إلى المكتب .. بدأ مندهشاً لرؤيتها ومرتبكاً قليلاً .. ثم أستعاد رباطة جأشه
العادي وأشار إليها لتجلس .. وتذكرن الهاتف :
_أوه .. مايس .. نسيت أن أقول لك .. تلقيت مخابرة غريبة وأنت غائب .. في نيويورك.
_غريبة؟
_من امرأة .. بدأ أنها تكلم شخصاً اسمه "كوكو" وأقفلت الخط قبل أن اعرف أسنها .
ضحك مايس :
_أوه.. هذه الأميرة .. تتوقع من الجميع أن يعرفها .. لذا لا تذكر أسمها أبداً.
_الأميرة ؟
_إنها ليست أميرة فعلاً... لقد ولدت تحت أسم رايان فراير.. عبر سلسلة من الأزواج , وصلت إلى أمير روسي.
بين وزج وزوج تعود إلى استخدام لقبها الذي تمتعت به وهي لزوجة ذلك الأمير.
_ وكوكو؟
_ انه قردها المدلل .. يسافر إلى كل مكان معها .. انه مخلوق صغير كريهة .
رن جرس الهاتف .. ورد مايس عليه.. بعد لحظات سمعت خلالها أليد صوتاً أجشاً متواصلاً , غطى مايس
السماعة بيده وهمس :
_تكلم عن الشيطان.. أنها الأميرة.
حين تكمن أخيراً من إقفال السماعة .. مرر أصابعه في شعره بانزعاج .
_والآن .. لماذا أردت رؤيتك ..أوه ... صحيح .. بائع الزهور فتش في درجه عن حلقة مفاتيح أعطاها لها :
_سأترك هذه المفاتيح في عهدتك .. سيصل أخصائي زهور ليتفحص قاعة الرقص الكبيرة اليوم كي يقرر أي
نوع من الزهور يلزم لتزين حفل جمعية الرفق بالحيوان الراقص .. مارغريت ستكون في الخارج تتسوق في مخزن البقالة بعد الظهر .. لذا أريدك أن تدخله حين يصل.
دست أليدا المفاتيح في جيبها.. وغيرت الموضوع بسرعة :
_مايس .. هناك شيء أريد أن أعرفه .. هل صحيح انه بالإمكان إنقاذ زانادو أم أن الوقت متأخر ؟
تراجع مايس في كرسيه ينظر من النافذة لحظات .. حين التقت عيناه عينيها كانت ابتسامته تسلب اللب :
_ لماذا السؤال ؟ هل بدأ بن يؤثر عليك ؟ هل قال لكِ إنني قد أبيع جدتي لأكسب دولاراً؟
_حسناً.
_أعرف .. أعرف.. انه يقول هذا للجميع .. صدقيني أليدا لا يمكن لشيء أن ينقذ زانادو .. ديفد تاكر احد الشركاء
المالكين لمؤسسة كاونت وقع العقد , ولسوف يوقعه جورج سايلور حال أن يعود من أجازته في آسبن.
كانت لهجته ناعمة مخادعة . . والتزلج . . آسبن لقد سمعته يقول في الهاتف أن سايلور كسر ساقه ولا يستطيع
العودة إلى نيويورك ! ثم . . هناك شيء أخر سمعته .. ماهو؟ أجل ! لقد قال : لا أستطيع كبح بن أكثر من هذا !
ابتلعت ريقها بصعوبة . وتحركت بغير ارتياح في كرسيها . . أنه وقت البقاء صامته غير متورطة في أمور
شخصية بين رب عملها وشقيقة .. لكنها قالت :
_ سمعتك تقول على الهاتف أن سايلور كسر ساقه !
_وهل سمعتِ هذا ؟
_لم أكن أقصد استراق السمع .. كنت أقف في الخارج أنتظر انتهاء مخابرتك .. ولم أكن أعرف أنها خاصة .
وقف مايس مستعيداً رباطة جأشه .. واستدار حول الطاولة ليضع يده على كتف أليدا :
_هذا غير مهم .. فكما قلت لكِ ..بيع زانادو سيجرى كما هو مخطط له .. ولا شيء يمكن لبن , أو لأي كان أن
يفعله لمنعه .
كن تعبير وجهه لطيفاً دمثاً .. لكن لماذا تظن أن صوته كان له حدة قاسية.. وان عيناه الرماديتان الناعمتان تخفيان
بريق الفولاذ ؟ أكمل :
_ على أي حال .. أنتِ وأنا لدينا أشياء كثير أهمية نتحدث عنها , يمكننا بحثها على العشاء. أتناسبكِ الساعة السابعة ؟
هزت رأسها مرتاحة لتغير الموضوع , وأكمل :
_جيد .. سأطلب من مارغريت أن تقدم لنا كوكتيل عصير فاكهة في المقصورة..وبالطبع سنرتدي ثياب السهرة.
تحرك إلى الخزانة خلفها ليشغل نفسه في ترتيب كومة من الأوراق .. وهو يستعد ليخرج , أدركت أليدا انه يصرفها .
تقدمت إلى الدرج المقوس الذي يعود تاريخه إلى العصور الوسطى , نزلت إلى الطابق الأرضي , حيث فاجأها
بن بظهور من غرفة الردهة .. رماها بنظرة احتقار فانكمشت .. وقال لها ساخراً وهو يمر بها :
_هل كنتِ وأخي في مؤتمر لتخطيط للهدم ؟
واختفى قبل أن تستطيع الرد .. فتمتمت لنفسها يائسة :
_ أوه.. بن .. لو انك فقط لست غاضباً هكذا.
حين جاء منسق الزهور في الساعة الثالثة , أوقفت أليدا عملها ورافقته إلى قاعة الرقص الكبيرة .. جلست لحظات
في كرسي مذهب رقيق , تراقبه يقيس المساحات .. كانت تحب أن ترى قاعة الرقص مستخدمة , وتمنت
لو خطر ببالها أن تسأل مايس عن موعد الاحتفال .. كلنها افترضت أنها ستغادر زانادو قبل الموعد.
بعد مغادرة منسق الزهور , قررت أليدا أنها أنهت اليوم ما يكفي ليوم واحد ,ولم تعد ترغب بأكثر من الهواء النقي
بعد ساعات طويلة من الوقوف في خزائن المستودع .. خرجت تسير لنصف ساعة في حديقة المنحوتات الساكنة.
عند حافة العشب , كان هناك حاجز من نبات الخباز المرتفع مليء بالزهور الحمراء .. اقتطفت زهرة
مزدوجة لتضعها خلف إذنها حين ترتدي ثوب العشاء , مما يكمل جمال الفستان الذي تنوي أن ترتديه.
الثوب الذي اختارته كان من الشوفين القرمزي الدقيق التفصيل .. له شال مماثل يلف عنقها