كنا قد تقدمنا لمنحة فدرالية منذ زمن بعيد .. ولقد وصل الرد في الوقت المناسب ..
وأعتقد ان الحظ كان معنا .
استدارت أليدا نحو بن وحاولت منع صوتها من الارتجاف :
_انا سعيدة جداً لأجلك .. أين ستذهب الآن ؟ هل مطلوب منك أن تغادر الكابينة ؟
_سأبقى هنا على الأرجح لعدة أشهر .. حتى يتحول زانادو إلى متحف , سيكون لدي خيار البقاء
في الكابينة .. لكنني قد انتقل إلى شقة صغيرة في "وارث آفينيو " ربما سأحتاج
إلى التعود على التغيير في المنظر .
ردت أليدا تفكر بلوحاته :أوه ..
كيف يستطيع أن يرسم إذا لم يكن يقيم مصدر إلهامه .. البحر ؟
قال وكأنه يرد على هذا السؤال الذي لم تطرحه :
_هذا لن يعني بالنسبة إليّ الكف عن رسم صديقي البحر .. على أي حال , الآن وانا حر أكثر , قد أرغب
في عمل من نوع آخر .. وكما تعرفين , كنت قد بدأت الرسم صورة أريد ان أنهيها , صورة لسيدة
جميلة .
أحست بالارتباك تحت نظراته الحادة , وتمنت ألا يحول الحديث نحوها .. وأن يبقيه بعيداً عن الأمور
الشخصية ويتركها تعود إلى ديارها مع شيء من السلام ولاتزان .. لا تريد أن تبقى تتذكر
آخر لحظة لهما معاً .. هذه ذكريات تريد أن تستبقيها بعيدة , كي تحتضنها قريباً منها
خلال ليالي الشتاء الطويلة التي تنتظرها وحيدة .
حين لم ترد تابع بن بصوت منخفض :
_تذكرين أنني قلت لك أن ليس لدي موهبة لرسم الصور الشخصية ؟ حسناً ..أظنني كنت مخطئاً,
صورتك أليدا حقيقية وأعتقد أنني تغلبت على السد النفسي الذي كان يتملكني
منتديات ليلاس
عندما أحاول رسم صور الناس , وذها بسببك .
قالت ,و صوتها لا يزيد عن الهمس :
_قلت إنك لا تستطيع الوصول إلى قلوب الناس .
مد يده إليها :
_لقد أريتني قلبك .
جذبت نفسها منه .. قالت وهي تهم بالسير نحو زانادو :
_حقاً بن .. يجب ان أذهب الآن , لا أريد أن أتأخر عن موعد الطائرة .
تقدم يسير معها :
_أعتقد أنك يجب أن تعرفي أنني حسمت أمري مع مايس , وكم كنت اتمنى لو أنني استطعت
تخفيف وطأة ما جرى بالأمس بالنسبة إليك , لكن بدا لي ساعتها أن لا شيء أقوله
سيقنعه أنك لست جاسوسة لي , غير أنني حين ذهبت لأقابله بعد ذلك , شرحت له الأمر على
حقيقته , وكان متفهماً , وإنه يشعر بالمرارة طبعاً كما كنت سأشعر بها لو كنت مكانه .
_هكذا إذن .. وهل سامحك على وقوفك ضد بيع زانادو ؟
_أشك هذا , قال إنه سيترك بالم بيتش ليعيش في نيويورك .. هناك سيكون أقرب لأعماله ومصالحه والحياة
الاجتماعية التي اعتاد عليها .. وربما مع الوقت ..
صمت قليلاً ثم عاود الكلام :
_أليدا .. ليلة أمس في البرج انزعجت مما حدث لتايثي .. وكنت أحس بالإرهاق والضغط من
جراء السعي إلى إنقاذ زانادو .. أعرف أن هذا ليس عذراً كافياً لكن أرجوك سامحيني لتصديقي مايس حين
قال أنك ستتزوجين به .. أيمكن ان تسامحيني ؟
دارت أفكارها في دوامة ,ليلة أمس أحست أن بن خذلها , وهي الأن ليست متأكدة أن كانت قادرة على
المسامحة أم لا .
_بن .. كيف يمكنك التفكير انني أوافق على الزواج به وانت تعلم ما يعنيه أحدنا بالنسبة إلى الآخر ؟
حدق إلى عينيها والبؤس بادٍ في عينية وقال :
_لست أدري .. صدمت بشدة حين قال إنك خطيبته لدرجة توقف معها ذهني عن التفكير .. خطر ببالي
أنك مثل كل الأخريات , خدعك مايس بماله ومركزه الاجتماعي .
أشاحت أليدا نظرها عنه وتابعت سيرها , لا تريد أن تتلكم عن الموضوع أكثر .. إضافة إلى
أن الوقت حان لترتدي ملابسها قبل السفر .
أمسك بن بذراعها بقوة , وأدارها لتواجهه :
_لا أستطيع السماح لك بالذهاب هكذا وأنا أعرف أنك غاضبة مني ! بيننا شيء ..سمّه تفاهما ً.. سمّه
ما أردت .. شيء يمكنه أن ينمو ويزهر , انت المرأة الوحيدة التي أحسست
بالارتياح إليها ..الأولى التي اهتممت بها حقاً , قولي غنك لست غاضبة مني ز
كان في عينيه شوق .. يخفي وراءه شيئاً أعمق .. عيناه كانتا تحرقان عينيها , وأحست بحرارة يده
تلسع ذراعها .
_أوه .. بن .. لقد تأخرت كثيراً عن البوح بهذه المشاعر , كان بالإمكان أن يجمعنا شيء
مشترك ربما .. لكن , الآن , وأمور عديدة أفسدت العلاقة بيننا .
اقترب منها كثيراً .. وأمسك ذراعها الأخرى :
_لا داعي لأن تفرق هذه الأمور بيننا ,يكفي أن تأخذي قراراً يتجاوزها .. يجب ألا تدعي أخي يفرقنا .
نظر إليها بعينيه الزرقاوين المشعلتين