التفت مايس إليها :
_هل جزاء من أدخلك منزلة وأمن لك العمل أن تسرقي السمع إلى محادثاته لتكسبي معلومات
تستخدمينها ضده ؟ كم يدفع لك ؟
لم تستطيع أليدا تحمل ازدراء مايس المهين :
_أنه لا يدفع لي شيئاً ..فأنا ..
قال يهمس بكراهية :
_أوه .. إذن أنت تفعلين هذا مجاناً !
تدخل بن قائلاً :
_لا شأن أليدا بهذا , دعها جانباً .
نقلت أليدا عينيها إلى وجه بن .. وأحست انها في دوامة متسارعة .. وما آلمها أكثر اقتناعها
أنها مهما حاولت إبعاد نفسها عن الموقف , سيساء فهم كل ما تقول .. فوقفت صامتة ,
تحدق إلى بن برجاء وامل أن ينجدها .
قال بن :
_وماذا عن عرضك للزواج بها مايس ؟ منذ برهة وجيزة كنت تقول إنكما خطيبان .
رفع شفته إلى الأعلى مكشراً بسخرية :
_خطوبة ..؟ زواج ؟ لا تكن مجنوناً ! لماذا أريد أن أتزوجها في وقت أحصل فيه على أي فتاه أريد ؟
معها ولديها مركز اجتماعي .
تراجعت أليدا إلى الوراء ويدها على عنقها المرتجف كعصفور مذبوح .. وقالت :
_لقد طلبتني للزواج .. لكنني لم أوافق أبداً .
نظر بن إليها ثم إلى مايس , وسأل :
_هل هذا صحيح مايس ؟
_إنه صحيح . كانت أليدا أحد الأسلحة الكثيرة التي أردت أن أحاربك بها .. وفعلت ..
وضعت خطتي بإحكام , غازلتها , وأبديت اهتمامي بها آملاً ان أكسبها إلى جانبي .. ولم يكن
هناك شك عندي أنها كانت جاسوسة لك .. ولو إنني تعاملت بشكل جيد , لأصبحت جاسوسة مزدوجة
ممتازة , لكنني كنت على خطأ.
منتديات ليلاس
تقدم مايس إليها .. فأحست بقشعريرة ذعر وهو يم يده إليها وأجفلت حين لا مست أصابعه الباردة خدها :
_انت جميلة جداً عزيزتي .. في الواقع كدت أقع في حبك .
صاحت أليدا , تحس لن تتحمل المزيد :لا تلمسني !
أوقد استغلالها من قبل مايس أفكارها وأشعل غضبها , ولم يكن غضبها من بن أقل من غضبها من مايس .
لقد سئمت الخجل من المجتمع الراقي .. سئمت النفاق والخداع .. سئمت ان تعلق دائماً وسط موقف لا تريده
ولا تفهمه . فخلصت مبتعدة عن الأخوين , ووقفت قرب المدفأة الكبيرة تواجههما معاً ..لتقول بغضب :
_لقد اكتفيت ! جئت إلى هنا لأجل العمل فقط .. فأصبحت متورطة ضمن عائلة
غريبة الأطوار , ونزاع سخيف بين أخوين يصران على استغلالي كمخلب في لعبة
السلطة ! حسن جداً .. لست مضطرة لتحمل هذا ولن اتحمله ! سأرحل .. إذا كنتما ستستمران في
ألعابكما الصبيانية السخيفة , فافعلا هذا بدون .. سأترك زانادو غداً !
تجاهلت وجهيهما المصدومين .. وعصفت خارجة من الغرفة , تصفق الباب وراءها ..
واتجهت إلى غرفتها متوقفة أحياناً لتمسح دموع الغضب عن عينيها .
كان ليليها طويلاً , وقد جفا النوم عينيها إلى وقت متأخر , كانت تغفو وتصحو بالتناوب لتعود إلى أفكارها المؤرقة.
حين هربت من المكتبة , توقعت ان يلحق بن بها ليحتج على تركها زانادو , لكنه
لم يفعل .. وبالرغم من أنها كانت المبادرة في إنهاء علاقتهما , إلا أن فكرة الهجران ظلت تشغل بالها .
لقد جاء بن يبٌعد جديد إلى حياتها , أيقظ بداخلها أحاسيس عميقة تعد بالتطور
إلى علاقة أكثر عمقاً من أي علاقة عرفتها من قبل .. كانت تخشى أن تكون قد أساءت
قراءة الوعد في عينية .. أو أن يكون الانجذاب الذي أحست به غير مشترك .. ومع انحسار الليل
وفقدانها الأمل في ان يتصل بن بها , أدركت على مضض أن حلمها بمستقبل
يجمع بينهما قد أصبح سرابأً .
في الصباح التالي , زارت مارغريت وكالب في شقتهما الصغيرة , وأخبرتهما عزمها على
مغادرة زانادو .ز وهذا ما أشعرهما بالدهشة والانزعاج , ثمأشار كالب إلى غرفة
مخزن صغيرة .. حيث بدت في الزاوية لفافة من الورق الأسمر .
جذب كالب اللفافة : انظري .
صاحت أليدا باستغراب :
_انها سمكة السليفيش التي اصطدتها !
كان قد اعيد جمع السمكة وحشوها وتحنيطها لتبدو كما كانت وهي حيه , زرقاء فضية لا معة
بزعنفة مرفوعة وفم حاد كالرمح .
_لقد وصلت هذا الصباح .. وبالطبع سترغبين في شحنها إلى شيكاغو ..
أعطته عنوان شقتها , وأكد لها انه سيهتم بأمر شحنها بنفسه .. وحثها
على الانضمام إليهما لتناول فنجان شاي , فقبلت دعوته بامتنان .
قالت مارغريت وهي تلاحظ الدوائر الحمراء تحت عينيها :
_أتمنى ألا ترحلي .
_أشعر أن عليّ الرحيل .. بإمكانهما تكليف شخص غيري لإكمال عملية التقييم .. أظن
أنني ما عدت قادرة على تحمل تصرفاتهما أكثر .