نظرت اليه ماريا ثائرة وقالت:
" سئمت قضاء النهارات بين أربعة جدران! يبدو أنك نسيت ذلك! أنني ضجرة! لم أعد أحتمل هذا الوضع".
أجاب آدم بأختصار:
" لم يرغمك أحد على المجيء".
" تريد أن تجعلني تعيسة كي أغادر المكان بنفسي , أليس كذلك؟".
راح آدم ينظر اليها بألحاح ثم قال:
" أبدا! ألم تتصل بك جانيت صباح اليوم في ما يخص مدرسة السكرتيريا , لو كنت أريد طردك لما طلبت من سكرتيرتي أن تضيع وقتها لتستعلم حول دروس الطباعة والأختزال!".
أطلقت ماريا زفرة وقالت:
" لا أعتقد أنه بأمكانك أن تمنعني من رؤية أصدقائي!".
منتديات ليلاس
" لا أمنعك من ذلك , لكن لم يتسن لك حتى الآن أن تلتقي بالناس , لم يكن هناك مناسبة".
" ومن المخطىء؟".
وضع آدم يديه في جيبي سرواله وقال بغيظ:
" أنا , هلى ما أظن , آه يا ماريا , أنت تسببن لي المشاكل!".
قالت بصوت كئيب :
" شكرا".
ثم طرأت على ذهنها فكرة , سألته فجأة :
" هل.... أنت خارج من جديد؟".
أزاح آدم الخصلة العنيدة التي لا تكف عن الوقوع على جبينه وقال:
" نعم".
سألته ماريا وفي عينيها أرتسمت خيبة الأمل:
" الى أين أنت ذاهب؟".
توجه آدم نحو النافذة وقال بصوت خاضع:
" أنا ذاهب الى فينشام , مع لورين".
" فينشام أين تقع؟".
" أنها قرية صيادي الأسماك , في منطقة كنت , هناك تملك لورين منزلا".
" آه.... لقد فهمت".
كان صوتها مخنوقا وشعرت بدملة في جوف معدتها ,عض آدم على شفته في غضب وقال:
" لا تنظري الي بأشمئزاز يا ماريا ,سبق وذهبت الى هناك مرارا! ".
قالت متذرعة باللامبالاة :
" نعم... نعم.... لا شك بذلك و.... سيكون الطقس جميلا ,خلال عطلة هذا الأسبوع".
أطلق آدم شتيمة وتقدم من الفتاة بخطى عريضة وقال:
" هيا , وضبي أمتعتك , ستأتين معي".
صرخت مذعورة:
" كلا... كلا! ....لا أريد , لا أريد أن أفرض نفسي على أحد".
قال في وحشية :
" أطيعي يا ماريا! وأستعجلي! وألا سأتولى بنفسي هذه الأمور!".
ذعرت ماريا ونهضت عن الأريكة وقالت:
" ولكن.... ماذا ستفكر السيدة لاسي؟".
" لا تقلقي على السيدة لاسي , سأترك لها كلمة , هيا , أسرعي ".
أسرعت ماريا الى غرفتها وراح قلبها يخفق بسرعة جنونية , كيف بأمكان آدم أن يقرر مرافقتها معه عند لورين من دون أن يستشير الممثلة؟ ماذا ستقول هذه الأخيرة؟ ستكون غاضبة من دون شك! لورين ليست من نوع النساء التي يمكن أن يتساهل معها الآخر بسهولة! ستكون الفتاة عددا زائدا بين الخطيبين المهتمين ببعضهما البعض , هذه الفكرة أدت الى حدوث ألم كبير في معدتها , هناك مشهد لا تطيق رؤيته , وهو أن ترى آدم يتحول الى عبد أمام سحر لورين الجذاب.
لكن لم يعد لديها أختيار , ولا حتى أي حجة للتهرب من مرافقة آدم , ستذهب , لكن ستبذل جهدها ألا يلاحظها أحد.
وضعت سروالها القمحي والقميص الحمراء , ثم وضعت سروالا قصيرا وفستانين وبزة سباحة محتشمة في حقيبة صغيرة , ونزلت للقاء آدم , الذي كان يدخن سيكارا في الصالون الصغير ومنغمسا في قراءة مجلة طبية , رفع عينيه عندما دخلت وألقى نظرة راضية على ملابسعا , فقالت:
" أنني ... أنا مستعدة , هل أنت أكيد بأن الآنسة غريفيتس لن تعارض وجودي؟".
أجابها بلطف وهو يضع المجلة على أحد الرفوف:
" دعيني أتصرف بنفسي, هل تأخذين معطفك؟".
" نعم".
وافق بحركة من رأسه وقال:
" عظيم , لنذهب الآن , سنمر أولا لأخذ لورين ثم نتوجه مباشرة الى فينشام.
وافقت ماريا , وكانت على وشك الخروج من الغرفة عندما ألتفتت وراءها لتتأكد من أن آدم وضع الرسالة للسيدة لاسي على المدفأة , حمل آدم حقيبة الفتاة ووضعها قرب حقيبته في صندوق الروفر الخلفي , وحين بدأ الأستعداد للصعود الى السيارة ترددت ماريا لأنها لم تكن تعرف أذا كان عليها أن تجلس في المقعد الأمامي أو الخلفي, فأسرع آدم الى القول:
" أجلس في المقعد الأمامي وستغيرين مقعدك عندما نل الى منزل لورين".
صعدت ماريا في المقعد الأمامي قرب آدم الذي أدار المحرك وأقلعت السيارة , لأول مرة تصعد ماريا في سيارته , لو كانت في ظرف طبيعي لفرحت بالركوب معه , لكنها الآن قلقة وتخشى ردة فعل لورين.
منتديات ليلاس
حركة السير كانت مزدحمة , ولم يتبادلا الكلام خلال الطريق , أخيرا وصلا الى شيلسي وأوقف آدم سيارته أمام مبنى ضيق ومرتفع يعود الى القرن الثامن عشر , الستائر المخرمة وأواني الزهور تزين النوافذ , بينما تنمو النباتات والورود على مدخل البناية.
ألتفت آدم الى الفتاة وسألها:
" هل تنتظرينني أم تأتين معي؟".
أحمرت ماريا وعمت:
" أفضل البقاء هنا ,سأجلس في المقعد الخلفي بأنتظارك".
تردد آدم , أراد أن يضيف شيئا لكنه خرج بعنف من السيارة , غيرت ماريا مكانها وجلست في المقعد الخلفي ,وفي هذا الوقت رأته يصعد السلالم , ثم يخرج من جيبه محفظة مفاتيح ويفتح الباب بمفتاحه الخاص , فدهشت ماريا وشعرت بتعاستها في الحال , وزاد حقدها وأستياؤها من لورين لهذه الصداقة الحمينة بين آدم والممثلة , أنها غيورة من آدم وتعي ذلك تماما.