أتصل آدم هاتفيا في الساعة الحادية شرة ليقول للسيدة لاسي ألا تنتظره على الغداء , كانت ماريا خارجة من غرفتها وتهبط السلالم بعجلة عندما أقفلت المربية الخط , فقالت ماريا :
" ماذا, ألن يأتي الى الغداء؟".
" لا".
" الى أين قال أنه ذاهب؟ قلت لي أنه سيكون حرا بعد الغداء !".
" نعم , أنه حر لا يعمل! لا شك أنه يتناول الغداء برفقة لورين غريفيتي".
" آه! أوف....!".
جلست ماريا على الدرجة الأخيرة من السلالم , فكانت قد حضّرت في ذهنها كل ما يجب قوله عندما يأتي الى الغداء , والآن وقد أخطر المربية أنه غير آت....
أطلقت السيدة لاسي زفرة ونبهتها قائلة:
"هيا , يا آنسة , ما بك؟ أن تصرفك يدل عن حماقة حقيقية , لا يتمتع السيد آدم الا بوقت قصير ومن الطبيعي أن يبحث عن رفقة .... أمرأة".
نظرت اليها الفتاة بقنوط وقالت:
" وأنا , ألست بأمرأة ؟".
" أنت تفهمينني جيدا , يا آنسة".
منتديات ليلاس
ظهر على ماريا تعبير كئيب وقالت:
" نعم , طبعا , آه يا سيدة لاسي , ماذا سأفعل بنهاري؟".
" أنا سأخرج مع أختي بعد الظهر , أنني لا أعمل بعد ظهر السبت ولا حتى في المساء , سأذهب في البدء لزيارة ألسي شقيقتي , ثم نذهب معا الى النادي ونلعب البينغو , ما رأيك لو تأخذين كتابا من المكتبة وتجلسين لمطالعته في الحديقة ,في فترة بعد الظهر؟ يعود السيد آدم دائما في الخامسة ليبل ثيابه , مهما كانت مشاريعه للسهرة , وسيمكنك رؤيته حينئذ".
فكرت ماريا لفترة, كانت تشعر باليأس وبعض الأحباط فتنهدت وقالت:
" حسنا! وحدي مرة أخرى! يجب أن أتدبر أمري , كالعادة ! لم يتصل بي لاري هادلي , هذا أمر يدهشني , مع أنه وعدني بذلك , هل أتصل بي , يا سيدة لاسي ,عندما خرجت الى السوق؟".
بدت المربية فجأة منزعجة وقالت وهي تدير وجهها:
" سأذههب الى المطبخ لأحضر الغداء , يجب أن نأكل حتى ولو كان السيد آدم غائبا".
نهضت ماريا مقطبة الحاجبين وقالت:
" لم تردي على سؤالي , يا سيدة لاسي , هل أتصل بي أحد , نعم أم لا؟ هل نسيتي أن تخبريني بالأمر؟".
هزت المربية رأسها وقالت باذلة جهدها:
" كأنني على وشك فقدان الذاكرة , يا آنسة... والآن, هل تعذريني , فعلي أن أحضر الغداء...".
حدقت ماريا في عينيها وقالت بينما كانت السيدة لاسي تستعد للذهاب الى المطبخ:
" لا! أنتظري! لا تذهبي يا سيدة لاسي , هل تقولين لي الحقيقة؟".
أطلقت السيدة زفرة وهي تضغط مريولها يعصبية.
ثم قالت:
" أذن , يا آنسة , ما دمت تصرين على معرفة الحقيقة ,طلب مني الطبيب أن أرد على المكالمات الهاتفية وأقول بأنك غير موجودة أذا كان السيد هادلي هو المتكلم".
وقفت ماريا منذهلة وقالت:
" كيف يجرؤ على فعل شيء كهذا؟ لماذا؟ لأنني خرجت معه ذلك المساء؟".
هزت المربية رأسها وقالت:
" كلا , يا آنسة , لم يعرف أدم ذلك".
صرخت ماريا:
" كيف؟ لكن بلى! أنه يعرف ذلك بكل تأكيد".
" كلا , يا آنسة , تذكري , لم يكن في المنزل عندما خرجت , وعدت قبله في المساء ,وفي اليوم التالي , أمرني ألا أخبرك بأتصالات السيد هادلي الهاتفية , فلم أجرؤ أن أصرح له أنك خرجت مع هذا الشاب الليلة الفائتة".
كانت ماريا مندهشة حتى الجمود , قالت:
" آه , يا ألهي ! لماذا؟ لماذا يريد أن يمنعني من رؤية لاري ؟".
" أفضل ألا أقول لك السبب , يا آنسة ".
" ما بالك يا سيدة لاسي ! الأمر شديد التفاهة !".
" ربما نعم , ربما لا! في كل حال أنا من بأمكانه أن يقول لك ذلك ,لن أنطق بشيء بعد الآن".
نظرت اليها ماريا بغيظ وقالت:
" سيدة لاسي ! هل أتصل لاري , نعم أم لا؟".
ترددت المربية ثم قالت متنهدة:
" لا أعرف أذا كان يجب أن أتكلم , آه نعم ... أتصل بك .... مرتين...".
أنتفضت الفتاة وقالت:
" مرتين؟ الوضع أسوأ مما كنت عليه عند والدي , سأكلم آدم في الأمر عندما يعود".
"لو كنت مكانك , لن أفعل يا آنسة , لن يردي ذلك ألا الى حدوث مشاكل...".
صرخت ماريا:
" لم أقل بعد كلمتي الأخيرة".
خرجت السيدة لاسي بعد الساعة الثانية بقليل , وراقبتها ماريا وهي تسير على الرصيف وتتجه الى محطة الباصات ,ولماتأكدت من صعودها في أحد الباصات , أطمأنت وعادت الى البهو وتناولت سماعة الهاتف , وبعد نصف ساعة , رن الجرس , فذهبت ماريا لتفتح الباب للاري هادلي الذي قال مبتسما:
" صباح الخير , أعتقدت أنني أهنتك حسب نبرة الخادمة الباردة على الهاتف".
منتديات ليلاس
أبتسمت له ماريا بدورها وقالت بلطف:
" لا , أبدا , حدث سوء تفاهم , وهذا كل ما في الأمر , حظي كبير لأنني وجدتك في المنزل الآن".
" بالفعل".
كانت ماريا ترتدي سروالا قمحيا ضيقا وقميصا حمراء.
فأضاف قائلا:
" كنت ذاهبا الى نادي كرة المضرب , وأنا أتساءل أذا كنت ترغبين مرافقتي , هل تلعبين كرة المضرب؟".
تلألأت عينا الفتاة حماسا وقالت:
"أحب لعبة كرة المضرب كثيرا , لكن للأسف لم أجلب معي .... المضرب".
" لا بأس , ستستعيرين واحدة هناك , هل تأتين أذن؟".
" بكل سرور ! أنتظرني كي أغير ملابسي , لن أطيل الغياب".
جلس لاري في الصالون الصغير بأنتظار ماريا التي صعدت السلالم بعجلة , وبسرعة البرق خلعت ملابسها وأرتدت بزة بيضاء ,ثم هبطت من جديد وتوجهت الى لاري الذي قال بأعجاب:
" أنت رائعة! ستلفتين الأنظار داخل النادي , من النادر أن نرى وجوها جديدة , وخاصة أذا كانت فتاة جميلة مثلك!".