وبعد مغادرتها المستشفى عاد آدم لتوه الى المنزل الذي أشترته والدته بعد قليل من وفاة زوجها الأول , ومنذ ذلك الحين ظل آدم يسكنه , لم يكن منزلا كبيرا , لكنه كان مؤلفا من أربع غرف نوم وأمامه حديقة واسعة حيث يجلس أيام الصيف الحارة , لكن منذ قليل شيدت أمامه وحوله البنايات العالية , وكانت قرب المنزل حديقة عامة خضراء بأمكان آدم أن يراها من توافذ منزله.
أوقف الطبيب الشاب سيارته الروفر أمام المنزل وخرج من سيارته ودخل الى البهو المعتم , كان بحاجة أن يأخذ حماما قبل أن يتوجه الى المستوصف , لكن فجأة , قبل أن يغلق الباب وراءه , لفت أنتباهه معطف أحمر على حافة السام , ثم رأى أمامه حقيبتين.
منتديات ليلاس
من المطبخ أتت أصوات غريبة , بحركة مفاجئة , أنفتح باب المطبخ وشاهد وراء السيدة لاسي فتاة جالسة على كرسي صغير ,
صرخت السيدة لاسي بحماس:
" لديك زائر , يا سيد آدم , زائر غير منتظم".
وبالرغم من أن شعرها الكستنائي بات منسدلا الآن على كتفيها , وبالرغم من نحافة جسمها , عرفها الطبيب من عينيها العنبريتين ورموشهما الطويلة وفمها العريض وأنفها الصغير , كيف تجرأت والدته وأرسلتها من دون أن يعطيها الموافقة؟
قال بتهذيب ومن دون دفء :
" صباح الخير , يا ماريا".
لم تضطرب الفتاة لبروده , بل بالعكس , لمعت عيناها وأقتربت منه وأمسكت بعنقه وطبعت على خده قبلة حماسية , أمسك آدم بمعصمها وأبعدها عنه , وفوجىء بنظات المربية المرحة.
قالت ماريا بأبتسامة ساخرة:
" لا تنظر الي بلوم , يا آدم! ألست سعيدا لرؤيتي؟".
كان آدم ينظر اليها غير قادر أن يجد الكلمات التي تعبر عن عواطفه , أخيرا تمكن من القول وهو يرفع خصلة شعره:
|" كيف جئت الى هنا؟".
" بالطائرة ,وصلت منذ ساعة تقريبا! وأهتمت بي السدة لاسي كل الأهتمام".
أطلق آدم زفرة وهتف قائلا:
" وصلتني رسالة أمي هذا الصباح تسألني فيها أذا كان بأمكاني أستقبالك !ما كان يجب أن تكتب هذه الرسالة ما دام الأمر هكذا!".
قالت الفتاة وعيناها تلمعان:
" أنها تجهل أنني هنا".
" كيف؟".
" كنت أكيدة أنك سترفض أستقبالي , أذا أعطيتك الوقت الكافي للتفكير بالأمر , لكنني كنت أرغب بالمجيء مهما كلف الأمر".
" لكن أين يعتقد والدك أنك موجودة الآن؟".
" يعتقد أنني أمضي عطلة نهاية الأسبوع عند أصدقاء لي في دابلن! ومن هناك أخذت الطائرة الى لندن!".
" لكنك فتاة عديمة التفكير ! فتاة بسنك , تسافر وحدها!".
" لم أعد طفلة".
" هذا ما أراه بالفعل ! في كل حال لست كبيرة كفاية لتأخذي أستقلالك".
" آه , آدم! جئت الى لندن للحصول على بعض الحرية ! لا لأرى نفسي محجوزة ومراقبة كما كنت عليه في كليكارني!".
أقترحت المربية قائلة:
" من الأفضل أن تتصل بوالدتك , يا دكتور , ربما تكون قلقة على ماريا جدا".
منتديات ليلاس
" معك حق , يا سيدة لاسي , سأتصل بها في الحال , أما بالنسبة اليك , يا أيتها الفتاة الصغيرة... فلا أعرف ما أقوله...".
" قل لي فقط أن بأمكاني البقاء , ولن أسببلك المشكل أو الهموم , أعدك بذلك".
كان آدم يحتج , لكن أحتجاجه لا فائدة منه , ماريا هنا وكان في نيته أن يقبل أقتراح والدته , صحيح أنه لم يكن يتوقع أن تتصرف هذه الفتاة بهذا الشكل , كان يتوقع رؤية فتاة صغيرة , مجدولة الشعر , لكنه يرى الآن أمامه فتاة واثقة من نفسها , ذات شعر ناعم وأناقة لا تضاهى , ترتدي فستانا ضيقا وتنتعل حذاء جلديا عاليا ,ستفاجىء بقامتها كل سكان الحي المجاور الهادئين ,كما كان يتصور ردة فعل لورين غريفيتس.
نهاية الفصل الاول