كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وقف – واجتاز الغرفة نحوها وقال بهدوء :
" عدلت عن رأيي بصدد السماح لك بأداء هذا العمل . بوسعك أن تكتبي للسيد كرولي وأخبريه أنك لن تساعديه ."
اتسعت حدقتاها غير مصدقة , وقالت :
"أكتب ؟ أتتوقع مني ان افعل ذلك ؟ ان اتخلى عن وعدي بعدما وعدت ؟"
وهزت رأسها , وأردفت :
"لا استطيع يا ليون . بحثت الامر معك في البداية , حين سألني ان اقوم بالعمل , فلم تعترض اذ ذاك ."
" تغيرت الظروف ."
"كيف تغيرت ؟"
فسرى في عينيه وميض قاس , وقال باقتضاب :
"ما أظنني بحاجة لأن اجيب ."
واستأنف بعد برهة :
"أنا مصر على ما أقول . لا تقومي بهذا العمل . أتفهمين ؟ "
واعتدلت في مقعدها قائلة :
"كلا يا ليون لا افهم ."
كان صوتها خافتاً وثابتاً . وقابلت نظراته بدون ان تطرف عيناها , وهي تضيف :
"أنا أرفض تلقي هذه الاوامر منك . لي حق في قدر معين من الحرية , وسأرضي نفسي به . اعطيت السيد كرولي وعداً , وسأفي به ."
منتديات ليلاس
وبدأت عينا زوجها تتقدان لكن هيلين عقدت العزم على ألا تذعن هذه المرة . كان للعمل اهمية في أي حال حتى يساعدها على ان تنسى – ولو لبعض الوقت – الالم وخيبة الامل اللذين كان هو السبب فيهما , وأضافت بتحد واضح :
"سيأتي روبرت في الصباح .... وكل صباح اثناء غياب الطفلين .... وسأذهب معه . إنني آسفة اذا لم ترتح لفكرة عملي معه . ولكن لا حيلة لك في ذلك ."
خيم صمت الذهول على الحجرة , وبدا للحظة أن تحديها تجاوز قدرة ليون على ضبط النفس . كان في عينيه وعيد , وتحركت يداه وكأنهما تتحركان للضرب . وبرغم تظاهر هيلين بالشجاعة , أحست برجفة أعصابها تتجدد . ثم انحسر غضبه ليحل محله تصلب أكثر وضوحاً , مما اقنع هيلين بعقم جهودها في التحدي . كان مصراً على فرض إرادته , وأخذت تسائل نفسها عما اذا كان يدبر ليفرض عليها الرضوخ لارادته , لم يكن يستطيع منعها من الخروج مع روبرت , في الصباح , الا بحبسها . وسألها أخيراً بصوت خافت :
"هل هذا هو قرارك الاخير ؟"
منتديات ليلاس
فأومأت في تعاسة . لكم اختلف الموقف عما توقعت حين رجاها السيد كرولي ان ترسم له . كانت سعيدة جداً , وبدا ليون فخوراً بها . حتى ومضة استيائه لفكرة عمل روبرت معها زدات من سعادتها , فقد اعتبرتها غيرة . وغص حلقها , فصعب عليها الكلام , ولكنها استطاعت اخيراً ان تقول :
" لابد ان أؤدي العمل يا ليون , لا لأنني وعدت فحسب , بل لأنه سيمنحني متعة ."
ضغط على اسنانه , وازدادت حالة صلابته وهو يحدجها برهة , وعيناه تنمان عن تفكير . ثم قال :
"متعة ؟ إنك ستستمتعين بقضاء اليوم كله في ذلك البيت مع صديقك الذي من انكلترا . هل افهم ان هذا ما تقولينه لي ؟"
" إنك تعلم انني لم اقصد ذلك . انني استمتع بالرسم . وكنت اتطلع الى اداء هذا العمل ."
نظرت اليه , ولكنه لم يتأثر لبادرة الدموع في عينيها ,وقال :
"اعتقد اني انذرتك – في مناسبة سابقة – بأنني غير مستعد لأن يرتبط اسم زوجتي بأسم هذا الروبرت . كنت جاداً عندئذ , وأنا جاد الان . إما ان تنفذي رغبتي طائعة , أو اتخذ الاجراءات لأكفل انصياعك ... الاختيار متروك لك وحدك ."
احتقن وجهها غضباً , وصاحت :
"لن اقبل اوامرك خاضعة . أما اتخاذ اجراءات تكفل ان اتخلى عن العمل ففكرة سخيفة ! إنك لا تستطيع ان تحبسني في البيت ."
فوافقها قائلاً بصوت خافت :
"كلا يا عزيزتي . لم أفكر في هذا ."
وغادر الغرفة بدون ان يزيد كلمة . وسمعت صوت السيارة تنطلق مبتعدة
منتديات ليلاس.
كانت في المطبخ تساعد آرتيه في اعداد العشاء , حين سمعت صوت السيارة مرة اخرى . وفي الحال اندفع الطفلان داخلين . ووثبت فيونا تحتضنها بشدة قائلة :
"عمتي هيلين ! أحببنا العمة آسمينا , ولكننا سررنا كل السرور حين جاء عمي ليون ليأخذنا ."
وقال تشيبي بتأكيد :
" لن ابتعد عن البيت ثانية .... بدونك ."
وتحول الى عمه قائلاً :
"لا تدعنا يا عمي ليون ! "
أطل عليه ليون مبتسماً وقال :
"كلا يا تشيبي . لن أدعكما تبعدان أبداً ."
وأردف في حيرة :
"لقد ظننت انكما كنتما سعيدين ! "
فبادرت فيونا , وكأنها ادركت أنهما لم يقدرا كرم ضيافة آسمينا :
"بل استمتعنا .... لكننا نحبكما أنتما الاثنين أكثر مما نحب الجميع ولهذا أردنا ان نأتي ."
نهاية الفصل الثامن
|