لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-04-11, 01:33 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بركاى المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

15

حزني ليس جديداً . حولي كل شيء لا أؤمن به . الرب تخلى عني . قلبي الضعيف يخفت ، هل كان على أن أتعبه بهذا القدر . جسدي يحزنني ، ألي ، عزيزي ألي ، أنا وحيدة من دونك ، طوال حياتي عشت وحدتي . لأشهر صغيرة ، أيام قليلة عشت فيها مع ألي ، نفض عني حزني ، أراني ما أعجز دوماً عن رؤيته ، قلبي الضعيف .
ليلاً أحلم بعزيزي ، القمر أشرق في تلك الليلة ، الزعيم بملابسه الناعمة و رائحته العطرة ، ينام بجواري ، رأيته يتحسس خنجره ، كان النصل يلمع بضوء القمر ، كان يغالب طبيعته ، و أنا أحس بالرغبة في يشق عن روحي ، أحسست برغبة عارمة لأتألم بجنون ، من تحت الغطاء كان يتحسس سلاحه الشره ، كنت أحس به ، و أنا أراقب ضوء القمر البارد يهوي بصمت على كل شيء لامع في غرفته المترامية . القصر القديم تداعى ، القصر الجديد عظيم جداً ، القديم مجرد ظل بائس لهذا المثال البارع للجمال ، كل خطوة تكتشف التفاصيل الدقيقة و الزخارف التي أشرف عليها مصممين من كل البقاع ، من أوروبا ، نحاتوا ألمانيا و رساميها ، لوحات يغلب عليها السواد في جدار و اللمعان في جدار أخر ، أروقة القصر جزء من مزاج الزعيم ، البهو الأرضي خلف الديوان الرئيسي مصمم للوصيفات ، أنا الآن كبيرة الوصيفات ، سيدتنا القديمة قتلت في أخر ليلة كما تقتضي تقاليد شرف الوصيفات ، الشرف اللعين ،هناك على عتبة القصر نحرت . أو هكذا يمكن أن يكون ، في اليوم الأول ، طردت ثلاث وصيفات فقط لأنهن ، سرن خطوة واحدة متعثرة ، رأيتهن يبكين , في الليل جئن يطلبن مني السماح لهن بالعودة رفضت و كنت على وشك طردهن من القصر . كنت أمنع أمراً سيئاً يمكن أن يحدث لهن ، في قلبي أنا حزينة للقرابين التي سأقدمها للزعيم ، تلك البهجة الهمجية ، بدأت أشرح لهن أموراً عن اعتناء الوصيفة بجسدها لنفسها ، دروس تمنحهن حرية التفكير في أجسادهن لأناس يردنهم بدل أن يقفن بالدور لكي يقدمن البهجة لرجل واحد ، يقوم في النهاية بسفح دمائهن بين فخذيه ليشعر بحرارة الدماء في عضوه حتى يهيج داخلياً .
في تلك الليلة كنت مستعداً لأن أقدم دمي ، كان قد طلب وصيفة أخرى ، قلت له : مولاي ، أتمنى أن تقبلني الليلة في فراشك . الوصيفات نظرن إلي ، كن غاضبات ، كن جاهلات . لم يتساءلن لمرة أن تذهب الوصيفات بعد الليلة المثيرة تلك ، لم يعرفن أبداً ما الذي يحدث في رواق الملك . في غرقته ، جناحه مترع بالموت و الدم . نظر إلي بحزن و قال : تعالي إلي ، فأنا أقبلك على الدوام . جلست باقي اليوم لوحدي ، كان أمامي أمران : أن أقتل الزعيم أو يقتلني . لبست ملابسي كما يريد تماماً ، فأنا الوصيفة الوحيدة من القصر القديم ، جعلت بقية الفتيات يرتدين الدانتيلا الثقيلة الناعمة ، يسدلن فوقه معطفاً خفيفاً يستر ظهورهن ،وضعت أجسادهن بمنأى عن رؤية الحرس و الزعيم و حتى المخلوق القديم ، كن مصونات من الموت و التجاهل ، سئمت القتل ، فكان على أن أقتل القتل نفسه . سمعت من ألي كلمة : المعركة الأخيرة لإنهاء كل المعارك . إنها معركتي ، قدرتي على القتل تبدو لي جيدة . سحبت عني الغطاء ، رأيت لمعان النصل ، قمت و انتصبت على ركبتي ، قاومت اللذة بعنف ، لم يؤثر في قط . كنت عارية تماماً ، أحسست بثقل جسدي ، بالرغبة في التوقف أو الركض بلا نهاية ، شعرت بالرغبة في الركض . سيدي ، هيا ، أرحني . نظر إلى بحزن ، كان حزيناً و ضعيفاً وضع خنجره على عنقي . شعرت به خفيفاً و حاداً . لمع القمر البارد على حد النصل ، شع كالأمل في عيني ، تمنيت أن أشتم رائحة عزيزي ، أن أراه ، أن اشعر بقلبه على صدري ، بهدوء نطقت و كأني في حلم : ألي عزيزي . و توقف الزعيم ، رفع الخنجر عن عنقي و نظر إلى مطولاً ، سحبت غطاء على صدري فتعجب أكثر ، وقع النصل من يده و جرح ركبته ، لم يأبه استندت على السرير و قلت له : سيدي ، لا تتوقف أرجوك . لكنه توقف و انحنى يعض على أصابعه حتى انبجس الدم منها .


16
ألي كان قد توقف نهائياً عن البحث ، لم يعد يبحث عن شيء . كادر صديقه الأمين يحاول أن ينظم الرجال ، أصبحوا يشكون بقدرات قائدهم رغم أحاديث كادر الستيني البارع في الحديث ، وضع بين أيديهم عدة أمثلة عن السوداوية التي تسبق المعارك الكبرى ، القادة يحاولون أن يتحركوا بدقة تامة ، يجب أن يعرفوا ما هم قبل أن يشكلوا معاركهم الكبرى ، التاريخ لا يصنعه المغامرين ، أخبرهم بأن نابليون لم يصنع التاريخ ، بل المنتصرين الذين يتحركون بصمت هم من صنعوا التاريخ ، الثورات اللعينة لا تخدم سوى الركود و الموت ، و أن السير في ظل الدولة الحديثة ، الدولة التي تنشأ من ملايين الأفكار التي تم فحصها من خلال المعارك و الظلم و اليأس ، الأفكار التي قاتلت ، دولة تنشأ على هذه الأفكار ستكون هي الأحق بالعيش . نحن نريد أن نصنع دولة هنا ، لا مجرد متمردين صغار يحاربون ملكاً ، عليكم أن تتعلموا الانضباط ، لا تكونون همجاً .
كادر رجل دولة ، يرسم الخطط ليل نهار ، قوانينه جاهزة ، قال لألي : علينا أن نعيش قوانيننا ، أن نمارسها كما نمارس عادتنا اليومية . البلاد لابد أن تكون قوية و محكمة . ألي لا يريد الحديث في هذا أبداً . إنه صامت . منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر ، في ذهنه فكرة واحدة تغطي على أفكاره ، ما جدوى كل هذا الهراء ، لست قادراً على النجاح ، شيخي محق تماماً ، في فكر ألي مات الهدف . لم يتكلم حتى دق أحدهم ، يحمل نبأ له .
17
جلسوا على الرمال ، كانوا ثلاثة ، كانوا ضخاماً . ينظرون ببرود و ثقة ، كنت واقفاً أنظر إليهم بملابسهم الفاخرة ، و أجسادهم الجيدة النمو ، جلست على الرمال الباردة ، عشت طويلاً فوق الصخور، لم أعد أعرف ملامس الرمال ، الملمس الناعم و البارد ، الشمس في طريقها للغروب ، حمرتها اللامعة تنعكس على الصخور السوداء .
تحدثوا عن المعارك القديمة ، أخبروني بأن تاريخ المنطقة غريب تماماً عن المنطقة و إن ثمة أموراً لا يجب أن تتغير و إنه لم تحدث ثورة أو تغير إلا بتدخل خارجي ، قالوا لي أقرأ تاريخ البلدان المجاورة ، الجميع تحركوا لأن قوى خارجية أرادت ذلك ، و العالم الآن فيه الكثير من القوى ، كلها تنظر إلى منطقتكم ، في الفترة اللاحقة ستعرفون معنى الضياع تماماً . الأمم كلها ستجعل منكم مجرد تابعين ، الأمر لا يعني بأنه ليس ثمة حل ، مملكتكم بالذات لديها الكثير من الحلول ، رغم أنها مفتوحة من كل الجهات و دفاعاتكم ضعيفة ، الدفاعات الثقافية قبل القتالية ، فالهوية هنا في بلادكم تعاني من الضياع التام ، أنتم لا شيء إلى الآن سوى رعايا ملك جامح ، غارق في رغباته ، لا يرى نفسه سوى ملك أبدي ، إنه لا يدفع ثمن الملك ، و لن يدفع ثمن الملك ، رأيت في البلدان ، قرأت التاريخ ، نحن نعرف بأنك توصلت إلى كثير من الحقائق الصغيرة ، و شكلت لك على الأقل نظرة واضحة ، نحن نعرف أيضاً بأن نظرة كالتي تملكها قد تؤدي بك لليأس ، و رؤية اللا جدوى في كل تصرفاتك ، أنت لم تقاتل حتى الآن و لم تعد تبحث عن الأرشيف ، نحن لا نعرف مكانه و لكننا نعرف عن وجوده ، و عن قدرته على تحقيق – على الأقل – الفكرة الصغيرة عن الهوية لكم . قالوا لي :
نحن قادرين على مساعدتك .
استمعت لهم بهدوء ، كنت قد فقدت الرغبة كلياً :
لست من تريدون .
نظر إلى رفاقه و كأنه توقع إجابتي و قال و هو يمد أصبعه عبر الصحراء :
ثمة كثير من الرجال الذين يطمعون بالزعامة في كل مكان من هذه البلاد ، نحن نعرفهم الواحد تلو الأخر ، نعرف كل تحركاتهم ، كما نعرفك ، ألي نحن اخترناك .
لم أنظر إليه ، فضلت أن أصمت و أنظر إلى الرمال .
ألي ، بلادكم لن تتحمل الكثير من هذه العنجهية و أيضاً لن تساعدها بلامبالاتك هذه . أنتم بحاجة لتحرك حقيقي ، ثمة دول هنا حولك ، بلادكم تحتاج لدولة ، أنتم من الدول القليلة التي لم تعرف مفاهيم دولة بعد . دول اللا دولة. أنتم لا شيء في عرف التاريخ سوى انحراف سيء . اللامبالاة أخر علاج لم أنتم فيه .
لم أرفع بصري ، قلت :
أنت لا تعرف الحقائق كما تدعي ، هذه البلاد بقت خارج التاريخ ؟ اسمع إذن : التاريخ بدأ هنا . نحن نقف أمام أعتى نظام حكم ولادته أفكاركم التجريبية ، بلادكم بعيدة عن كل هذا ، نحن لسنا منظري تاريخ أو سياسة ، نحن محاربين ، تاريخنا تاريخ محارب ، لم نبني بلادنا جيداً طوال التاريخ ، نعم ، و لكننا لم ندمر بلاد أخرى ، وضع أفكارنا في أغلب الأراضي ، كانت بناءة ، الدول الأخرى التي تتحدث عنها هي التي منعت النمو هنا ، أنا لست مجرد ملاحظ تاريخي ، أنا رأيت أغلب تلك الحضارات ، رأيت كيف قدمتم العون لزعماء بلادنا ، رأيت كيف وضعتم تلك الخرائط ، أما الأرشيف الذي تعرفه جيداً فإني سأجده حتى لو كان في حوزتكم .
اسمع .. قال المتحدث بلغته الرديئة : نحن نعرف مدى حرصك على الاحتفاظ بآراء شيوخك ، و لكنهم نبذوك ، ما تسعى إليه أمر يخالف كل توجهاتهم التاريخية ، أنت تعرف ما أعني ، أنت و الشيوخ تناقض زمني واضح ، أنت رجل نموت و ظهرت نتيجة أفكارنا ، أنت جزء منا ، روحك جزء منا . أنتم في تعاكس واضح ، قد يبدو مثيراً و لكنه مميت أيضاً ، لا تلتقون في أية نقطة عقلية معروفة على مدى الفكر .
الآن صرت جزء منكم ، أنت تقنعني بهذه الطريقة ، أتظن بأن أفكار التي في رأسي ملك لكم . أتقول بأنني منكم لمجرد أني أتبنى أفكار تظن بأنها ملككم .
كل شخص من الجيل الجديد في كل مكان من العالم هو جزء منا ، الأمر ليس مزاحاً سخيفاً ، لا أحد يملك شيئاً كم نملك نحن ، أعتقد بأنك تعرف قوة الأفكار ، لكننا لا ندعي بأنكم ملكنا ، نحن الآن ندافع عن أنفسنا ، تدهور الأمن هنا معناه تدهوره في بلادنا ، أرجو أن تعرف هذا .
كنت أعرف الكثير ، قمت و سرت في عمق الصحراء ، وقفت أراقب الظلمة التي استحكمت المنطقة ، وقف الرجل بجانبي و قال :
نحن لسنا أعداء على الاطلاق ، نحن أناس يبحثون عن الأمن و القوة .
نظرت إليه ، كانت سيجارته تنير وجهه ، لا أعرف إن كان يرى وجهي . قلت له :
لا يهمني سوى أن أرى شعبي مرتاحاً .
لن نؤذي شعبك على الاطلاق .
أنت تعرف بأننا ضعفاء .
و لا نريد أن نكرر أخطاءنا السابقة .
و لا نحن .
ماذا تعني ؟
لا ندع بلادنا حتى بضعفنا ، لا شيء نخسره ، سنموت ، لا بد بأنك كنت تعرف هذا .
أجل ، و تمنيت لو أستطيع أن أغير الأمور .
التفت ناحية الظلمة و قلت له و أنا ألاحظ لفافته المشتعلة تغرق في الظلام :
الآن أنت تعرف بأن التمني شيء و الحقيقة شيء أخر .
للأسف .
قالها و تركني مبتعداً . شعرت بأن الموت أمر لا بد منه . الموت ، موت الجميع . لمن ؟ لا يهم ، أننا لن نعيش في كل الأحوال . الموت ، هل أنا خائف منه ؟


18
رواقي خالي منذ أربعة أيام . أنا أتساءل : ما معنى الحب ؟ كان يقولون بأنه إحساس مباغت ، تباً . الزعماء ، القوة الكاملة ، فتاة مثل سيلينا ، كنت أعشق جسدها مثل كل الفتيات الأخريات . أنا الزعيم ، لم أرهق نفسي بمشاكل الحب ، عملنا طوال عصورنا على نظام جسدي محكم ، في مناهجنا الروح خادم للجسد . الروح متمردة و الجسد هو الحامي و هو الوصول النهائي . ببساطة بلا جسد كل شيء هباء ، التعاليم و الطاعة و الذنوب و الخير ، كل شيء هباء . التصوف المتطرف دمار للبشرية ، المسألة بسيطة أيضاً ، الجسدي الخالص ، دمار للروح . كان على أن أفهم الأمور هكذا منذ عشرين سنة على الأقل . و لكني الزعيم ، هل ثمة زعيم مكروه ؟ قدرنا أن نحب .
ما اسمك ِ ؟
مولاي ، أنا خادمتك .
ما اسمكِ ، أجيبي ؟
زهور .
زهور ؟
نعم مولاي .
أتحبينني ؟
مولاي .
كانت فتاة صغيرة ، من إيران . إيرانية هادئة ، غرست نظراتها في نهاية السرير . كانت عارية ، جسدها الممتلئ ، يبدو شهياً و لكني أشعر بالحزن . أنا أشعر بالحزن . قلبي يدق بعنف ، لم أعتد هذا الشعور .
زهور ، بوسعك المغادرة .
انحنت بأدب و خرجت بعد أن أسدلت على نفسها فستانها الدانتيلا النبيذي الرائع ، دقائق قليلة و ناديت وصيفتي سيلينا . جلست عند المدخل ، طلبت منها الدخول ، تقدمت بهدوء ، وصيفاتي الصغيرات ، كانت في الثالثة و العشرين ، ربما وصلت الرابعة و العشرين ، جسدها أصبح أقوى و أكثر فتنة ، إنها تجرح فؤادي .
سيلينا .
نعم مولاي .
أود أن أعرف أمراً .
نعم مولا ي، و ما هو ؟
هل تحبين ألي ؟
رأيت عيناها ترتعشان ، قبضتها توترت ، كانت رائعة مثل تمثال في لحظة حزن أبدية ، الحزن متعة غريبة . جمال حقيقي ، ربما لأنها أصدق المشاعر كلها .
تكلمي يا سيلينا ، أخبريني و لا تخشي شيئاً .
سيدي .
هل تحبين ألي ؟
نعم . قالت .
شيء من الحزن و تفجر في النهاية ، دموعها انحدرت بغزارة ، انحنت أكثر حتى تبعثر شعرها الأحمر المنتعش مغطياً وجهها الصغير ، الحب .
ماذا تريدين مني ؟
لا شيء سوى خدمتكم .
أتعرفين أين هو ، أعني أيزال حياً ؟
لا أعرف سيدي .
لا تعرفين أم أنك خائفة من أن أؤذيه ؟
لا أعرف يا مولاي ، لم اسمع عنه شيئاً منذ سنتين .
أخبريني يا سيلينا ، ماذا تحبين في ألي ؟
سيدي ، ......
تحدثي يا سيلينا ، تحدثي لا تخشي شيئاً فأنت تخدمينني .
رأيت ترددها ، لم تكن تفكر و لكنها بدت لي مرتبكة ، شعت عينيها و قالت لي :
أحب فيه ، كل شيء .
هكذا ؟
نعم ، سيدي .
أريد أن اعرف الحب يا سيلينا . ما هو ؟
دمعاتها زادت ، ربما لم تحتمل صعوبة الأمر عليها ، جلست على ركبتيها و تنهدت بعمق ، بعمق ، ليتني أستطيع التنهد مثلها ، وجهها بدا هادئاً رغم تلك التنهيدة الحارة ، المفعمة بالمشاعر .
مولاي ، الحب أمر يصعب شرحه .
يصعب شرحه ؟
نعم ، سيدي لست قادرة على فهمه – كانت تنظر إلى بعيد ، عبر السقف تساءلت في نفسي عما ترى – سيدي أنا أحب ألي ، ولكني لم أسأل يوماً ما هو الحب ؟
كيف عرفتِ بأنك تحبينه ؟
هكذا ، وجدتني أحبه .
أنا لا أفهم أبداً .
و لا أنا يا مولاي . فالحب ليس للفهم ، الحب ليس أمراً عقلياً للفهم ، إنه جزء من مشاعرنا ، المشاعر يا مولاي .
أريد أن أفهم يا سيلينا ، أريد أنا أن أعرف لم تحبين ألي و لا تحبينني .


 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 25-04-11, 01:34 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بركاى المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

19
ظللت وحيداً . عشرة أيام كاملة ، قرأت خلالها كل مجلدات المتعلقة بقصص العشق و الحب عبر العصور ، الحب ، الرسومات و اللوحات المنتشرة حول العالم ، حكايات القادة و الأنبياء ، الحب ، الطبيعة البشرية و البنية الجسدية ، كل شيء عن الحب ، شعرت بأني عرفت أمراً . المذكرات الشخصية لبعض المحبين ، رواياتهم الصغيرة المؤثرة ، سيلينا ، قصتي أنا .
كنت أمام المسبح . فتياتي الصغيرات يلعبن في المياه ، نظرت إلى أجسادهن ، ناديت سيلينا ، سيلينا .
نعم ، مولاي .
واقفة في ملابسها الكاملة ، حتى و هي في كامل لابسها أشعر تجاهها بالحب العميق .
أنت كنت تريدين أن تغطي أجساد الفتيات ، أفعلي ذلك .
نظرت إلى و كأنها لا تفهم .
أفعلي ذلك يا سيلينا .
قضيت الأيام اللاحقة بلا علاقات جسدية ، كنت بدأت بقراءة الأدب الروسي . عرفت طبيعة الحياة الروسية ، الإنسانية العظيمة في القصص الروحية ، القديسين و الثوار ، القياصرة و الأحلام التي تسيطر على المجتمع ، ثم طلبت الفودكا ، أحضروه ، شربناه بهدوء ، أنا و بعض وزرائي . قلت لهم و أنا شبه سعيد :
لقد أتممت الأدب الروسي ، بعد يومين أريد أن أدرس الأدب الياباني .
ابتسموا و لم يقولوا شيئاً ، كانت الفودكا رائعة و قوية ، أصحيح بأنه وقود للطائرات ، ضحكنا بعنف ، أرواحنا طائرات نفاثة ، يا إلهي ، لسنا سوى محركات بحاجة لبعض التنظيف ، الفودكا .اللعنة إنها نار موقدة .
الأدب الياباني شيء بديع ، أتعرف بأني ثمة روح تائهة في كل ذلك .
مولاي قصة الأرواح التائهة ليست جديدة .
أعرف و لكن ما يفعله اليابانيون شيء بديع .
ماذا يا مولاي .
الجسد يمكن أن يكون مقدساً .
سيدي .
ماذا ؟
الشعر ، هل قرأت الشعر ؟
قرأت الروايات و التاريخ ، السير الذاتية لرجال الدولة .
سيدي ، أقرأ الشعر .
أتعرف كتباً جيدة .
لدي بعض منها في مكتباتي ، باللغات الأوروبية .
أحضر لي بعضها .
حسنا يا مولاي .
نظرت إلى الرسومات المعلقة على جداري ، الأنهار و الأشجار المحيلة السوداء ، كان الأمر حلماً غريباً لطموح زمن مريع ، هل كانت لعبة الجسد بهذه البشاعة دوماً ، قرأت قصة إمبراطور متعلق بغلام في قصره ، فنان كئيب ، صورته تماثل صورة أي فارس قوي و نبيل و لكن مفهومه للجمال الجسدي يختلف كلياً عما حوله من أفكار ، فكرته أفزعتني و جعلتني أفكر بهدوء ، أنا اعرف بأنه على خطأ ، يا إلهي كم من وزرائي كانوا يعرفون باني على خطأ ؟ في تلك الليلة سألت وزيري :
كم ابنة لديك يا وزيري ؟
لم يتكلم ، لوهلة رأيت الفزع في وجهه .
لم تجبني يا وزيري .
لدي فتاتين يا مولاي .
كم أعمارهما ؟
الكبرى في الثالثة و العشرين و الثانية ...
رأيت تردده ، تلهيت في متابعة صورتي الإمبراطور و خليله . كانا في وضع غريب من الحزن و الوحدة ، أمامهما غزالان يفران إلى بعيد ، غزالان بخطوط سوداء نحيلة .
نعم ، كم عمر الثانية ؟
إنها في الثامنة عشرة يا مولاي .
لم اشعر بشيء ، قلت له :
ربهما جيداً ، بارك لك فيهما .
وزيري ، كان يبكي أمامي أنحنى و قبل يدي لأول مرة بصدق كامل و لكني لأول مرة شعرت بالحزن لأجل أحد . و عرفت بأن الإنسان يقتله الملك دون أن يجد عوناً حقيقياً ، لا هو و لا الملك .
قضيت وقتي في القراءة ، بدأت أتعلم لغة أخرى ، أنا الملك أتحدث أربع لغات ، بي نهم جديد ، اللغات الأربع لا تكفيني ، أريد المزيد ، تعلمت بسرعة أن أجد كتباً جيدة بنفسي ، أعبر المكتبات في قصري و خارج قصري ، أرسل في طلب الكتب الجديدة من البلدان الأخرى ، شهرين كاملين من القراءة كل يوم أكمل كتابين ، سأجتهد لأقرأ كل يوم ثلاث كتاب كلها فوق خمسمائة صفحة ، ألف و خمسمائة صفحة في اليوم الواحد كبداية ، أمر جيد سأصل لألفي صفحة ، ربما وصلت لخمسة الآلاف صفحة ، سمعت عن شخص قرأ في ثلاث سنوات ثلاث ملايين مجلد و مليونين كتاب . أشعر بقوتي و قدرتي على الفرح ، لم أعد حزينا ، لم أعد خائفاً .
20
تغير نظام القصر . في السابق كنا نعمل لأجل أن نوفر الوصيفات للملك ، المحظيات الجميلات من كل بقاع الأرض ، كنا نغري ال****** بالمال ، ****** من روسيا و الدول الاسكندينافية الباردة و بعيداً حتى أمريكا . كنا نؤسس شبكة بحث واسعة النطاق نشتري الفتيات من كل البلدان ، استعملنا العصابات الذائعة الصيت في مجال تجارة الرقيق . كنا نعرف كل الأسماء و كنا أكبر مستورد للفتيات الصغيرات اللائي كنا يأتين مشحونات في حاويات ضخمة ، كل سنة ثلاثمائة و سبعين فتاة للزعيم وحده . و مئات الأخريات عبر مقاطعات البلاد الكثيرة لكبار السياسيين و الدبلوماسيين و العصابات التي تعمل لدى الدولة في الداخل و الرشاوى التي تصل إلى عشرات الفتيات للشيوخ و قادة القبائل ، فقط لشراء أصواتهم في انتخابات الداخلية التي تجرى كل أربع سنين في ظروف محزنة من الخوف و الجهل ، عموماً العارضة الحقيقية الواحدة تكلف أكثر من عشرة ألآلاف يورو . و بعض العارضات اللائي يعرضن أنفسهن لقاء مبالغ أكبر قد تصل إلى سبعة ملايين يورو . كنا نسعى لتوفير أفضل بهجة لمولانا ، جلبنا أرقى مدربي ال****** الذين يتقاضون الملايين ، لقاء تدريب فتيات صغيرات على تقديم البهجة الوفيرة دون أن تفض بكارتهن – فالملك يهوى العذراوات كل يومين – عمل صعب . تفننا فعلا في صنع الأعاجيب ، الحفلات الساهرة و البرامج الغنائية الكبرى ، و العروض التشويقية في المسارح الكبرى ، التعامل مع المسارح العالمية لتوفير الدعايات التي تشد الجميلات من أنوفهن ، نحن كنا نتتبع الجمال و كان الجمال يتتبع الدعايات ، فالبرامج الكبرى الخاصة بالعارضات و ملكات الجمال تلقى أفضل الخدمات ، سبعمائة عرضة كل سنة ، الوزراء و السادة مدراء مكاتب الوزراء و كل مسئول متنفذ في الدولة حجز لنفسه على الأقل سبعين فتاة كل سنة ، كانت تباع بعدها عبر شبكة أخرى خاصة بمخابراتنا ، لسنا أول دولة تفعل ذلك ، فمراكز توظيف الخادمات لا توفر الخادمات فقط ، تلك المراكز في الحقيقة تعمل بدوام مضاعف في اليوم الواحد .
منذ أشهر و سيدي متغير ، كل من في القصر شعر بذلك ، كل من في الخارج القصر شعر بذلك ، مولاي متغير ، لم يعد يطلب في لياليه الطويلة فتيات في لرفقته . الوزراء يعزون الأمر للكتب التي يقرأها الملك ، الملك في فترة أخرى غريبة و غير مفهومة ، فيما يقول البعض ، الملك غير من عاداته ، و من الأشياء التي يحبها ، كلمات بريئة تقول بان الملك صار يفضل الغلمان و إنه في هذه الفترة تأثر بالأدب الصيني فيما يتعلق بالملوك الذين يغرمون بالغلمان و يمارسون الحب معهم . ثمة لوحات معلقة في مقره ، مقر دراسته ، هل سيجلب اليابانيين أم الفرنسيين ؟ . و لكنه طلب بجلب مزيد من الكتب ، المزيد و المزيد . الوزراء لم يعودوا يجدون أمامهم أية أجساد عالمية لعارضات شقراوات ، إنهم يعانون من حرمان من متعهم الأساسية . ليس ثمة سوى الكتب في قائمة طلبات الملك .
الكتب من الشمال إلى الجنوب .
21
سيدي ، ماذا سنفعل ؟
أنت ترى ، ليس أمامنا سوى أن نضرب هذه المنطقة .
سيدي هل سنقدم على الاجتياح .
لا ثمة من سيقوم بذلك .
ألي سيدي ؟
نعم ، ألي ، ألا تراه يستحق هذه لفرصة .
لا أعرف يا سيدي ، أهو صديق لنا ؟
لا ، بل هو أكثر شخص لا نستطيع الوثوق به كصديق .
سيدي لم علينا أن نساعده ؟
لأنه ليس بوسعنا أن ندمره . نتركه يتولى الحكم ، نتركه يدمر نفسه ، نحن نعرف هذه المنطقة يا سيرجي ، سيدمر نفسه بأحلامه .أتعرف لم ؟
لا يا سيدي ، لم ؟
لأنها ليست سوى أحلام متأخرة ، أحلام الضعفاء . أحلام الضعفاء تحطم كل شيء بما فيها الضعفاء أنفسهم ، سيرجي ، نحن نشهد التاريخ هنا ، أتعرف يا سيرجي ؟
ماذا يا سيدي ؟
نحن نصنع التاريخ .

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 25-04-11, 01:35 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بركاى المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

22
أمر غريب . مذهل ، منذ الفجر بعد الصلوات التي صارت تقام تباعاً يدخل الزعيم إلى قاعات كتبه الجديدة التي أقامها ، يقرأ بنهم و توهج حتى الساعة الثالثة صباح اليوم التالي ، يرتاح لساعة ثم يصلي الفجر ليعود إلى قاعته . في وحدة رهيبة ، يتناول وجبة واحدة في اليوم ، يستحم لنصف ساعة و يقرأ حوالي اثنين و عشرين ساعة .
تغير نظام القصر ، صارت كل الأمور متوقفة ، لم تعد السياسة تشد مولانا ، إنه مرض جديد ، الوزراء في حيرة شديدة ، التقارير تصل من كل بقعة في المملكة ، الأمور لا تبشر بالخير ، أصدقائنا في الخارج يتحدثون عن حرب وشيكة ، سيتم قصفنا بشدة . قلنا للزعيم بأننا سنقصف . قال لنا : أحضروا مزيداً من الكتب .
أمر غريب لا يمكننا فهمه .
دخلت عليه قبل يومين ، كان في الرواق الغربي للمكتبة الجديدة التي تضم سبعة ملايين كتاب ، سرت إليه و كانت الساعة قرابة الواحدة و النصف ، الظلمة تحيط بالمكان ، عدة شموع تضيء للزعيم ، الظلال التي ولدت بفعل ضوء الشموع تظهرنا كشبحين غريبين . كان يرتدي جلباباً خفيفاً جالس على فرشة صغيرة مثل كل الكتبة القدماء ، ينحني على عدة كتب في وقت واحد ، سمع حركتي ، توقفت منتظراً إشارة منه ، لكنه ظل في صمته العاصف ، أردت الحديث ، في داخلي كنت مستغرباً من كل هذا الانقلاب ، الكتاب الذي بين يديه كان ضخماً و كان قد قطع شوطاً كبيراً في قرأته .
مولاي ؟
....
نحن أمام غزو يا مولاي .
ممن ؟
قالها بهدوء دون أن يرفع بصره ، في صوته نبرة غريبة ، هادئة ، نبرة صوته تحمل حقيقة ما . تماثل شيئاً أخر أعرفه .
من أغلب الدول يا مولاي ، قوات الحلف تريد قصفنا .
قلت غزو قبل قليل .
نحن لا نفهم ، أبعاد الأمر بعد و لكن المؤكد بأنهم سيقصفوننا خلال أيام .
هل أعلنتم الأمر؟
لا يا مولاي .
أعلنوا الأمر . القصف ليس لأجل الاحتلال ، إنهم يريدون خلق بلبلة و اضطرابات في الشعب ، لا تقاتلوا الشعب ، لن يستمر القصف طويلاً .
هكذا يا مولاي .
نعم ، و اتصلوا بقائد الحلف ، أعرضوا عليه بعض التنازلات ، نحن لسنا ضدهم ، إنهم لا يحاربوننا ، ثمة أفكار قديمة هي التي تتحرك ، العروض نفسها ، الكثير من التفاهم حول السوق . لا تدعوا القصف يستمر أكثر من عشرة أيام ، و إلا ستكون حرباً برية ، قولوا نحن لا نمانع القصف ، أو أية فكرة أخرى و لكننا لا نريد أن نصل الحضيض .
كان أفكاره واضحة . خرجت إلى الوزراء حكيت لهم عن حديثنا ، كانوا ينظرون بصمت عبر القاعة إلى باب المكتبة ، لم يتكلموا ، الزعيم هو الزعيم ، سواء عاشر العارضات العالميات أم الكتب ؟
القسم الثالث :
العرض النهائي لأجل الزعيم .
23
تساقطت أجزاء بلادنا كالوهم في الحروب الداخلية ، عشرات الألف قتلوا ، الموت حام عبر الرجاء ، لم يكن يربطنا أي رابط ، الدين كان قد تهدم منذ مئات الأعوام ، لم نكن نعتمده كشيء يمنع القتال ، كنا نعرف بأنه الشيء الأساسي الذي سيدفعنا لكي تقتل بعضنا البعض ، كلنا كنا نملك الحقيقة ، لوهلة ظننت بأن الحقيقة ليست سوى وهم أخر للقتل . قوادي كانوا قد يأسوا من الدين . العلاقات الاجتماعية كانت جزء من المرض المريع المتمثل في أفعال الزعماء السابقين من تهديم و الفتن التي نشروها بين القبائل ، كل قبيلة مستعدة للفتك بالقبيلة الأخرى ، كلها تقاتل بعضها . وقفنا معاً فوق الرابية نرى الموت يحصد العشرات أعمال النهب و الاغتصابات التي تحدث علنياً في الساحات ، للفتيات لم يبلغن الخامسة عشرة و بقر البطون ، الحياة غدت جحيماً . كنت أعرف بأن الأمر كان لا بد منه ، رجالي أرادوا أن يتدخلوا ، و لكن قراري كان واضحاً : لن نفعل ، علينا أن نجد الأرشيف أولاً . كنت قد قررت أن نهاجم القصر للبحث هناك ، القصر القديم أولاً ثم القصر الحالي ، بكل الأساطير الجمالية التي تحوم حوله . إنه مغلق منذ بدايات القصف . مغلق بإحكام .
في طريقنا مررنا بالجثث المعلقة و الملقاة أرضاً ، لمسافات هائلة ، كانت بلادنا صورة حقيقية للموت ، توقفت الحياة كلياً ، هرب أغلب الشعب إلى البلدان المجاورة ، سمعنا عن تدخلات أجنبية ، القوات التي اكتسحت آبار النفط ، المراكز القوية في البلد ، سمعنا عن حكومة جديدة يشكلها الشعب ، عشرة ألآلاف من الرجال الذين وصلوا من قوات السلام العالمي . اتجهنا بصمت إلى القصر القديم ، كنا عشرين رجلاً ، بقية الجيش يرابط في واحة صغيرة يقال بأنها المكان الوحيد الذي لم تصله أيدي الموت . حافظنا على نظامنا ، كنا نعرف بأن مجرد محاولة تسوية الوضع يعني النهاية الكاملة ، الشعب لم يشبع بعد من الموت . ربما هو فخ لأجلنا أو لأجل الزعيم القديم . قوات الحلف تعرف ما تفعل ، إنها لن تنزل إلى الأرض .
كان القصر القديم مهدماً ، لا شيء يمكن أن يكون هنا ، فتشناه جيداً . وجدناً بهواً مظلماً في مكان مشبوه ، دخلناه ، ثلاثة منا . في نهايته وجدنا قاعات كبيرة و فسيحة ، منظمة بعناية ، رفوف فارغة ، من الحديد ، أجزاء كثيرة كانت صدئة ، لم نتكلم و لكننا عرفنا بأن الأرشيف موجود في القصر الجديد .
24


عند مشارف القصر الجديد ، أتينا ثلاثمائة رجل مسلح ، اقتحمنا القصر من الجهة الشرقية التي هدمت بسبب القصف ، قاتلنا لنصف يوم . حتى استسلم الرجال . قبضنا عليهم و أمرت قائداً من أتباعي استجوابهم لمعرفة مكان الزعيم . و دخلنا خمسة عشرة رجلاً القصر ، و الباقي توزعوا لتأمين المكان . كان القصر كما قيل تماما ، آية من آيات الجمال ، رأينا اللوحات الرائعة . التماثيل و الرسومات و الزخارف التي تمثل الحياة اليومية في أرجاء من القصر ، الفتيات الصغيرات و هن يرقصن ، أجساد الجياد في لحظات انطلاق رهيبة . كنا نرى قوة في كل مكان ، أعصابنا بدأت تشتد ، قدرتنا على الفهم ازدادت ، قال أحد الذين رافقوني : ربي ، ما هذا الجمال ؟ المياه أسفل أقدمنا ، كنا نسير فوق نهير صغير . فوق وديان مزروعة ، الحيوانات الصغيرة تتقافز حولنا ، روائح الغابات ، أمر لم نفهمه على الاطلاق ، الزعيم حبس العالم الحقيقي لبلادنا في قصره . ضحكنا من قلوبنا و لكننا صمتنا مشدوهين أمام قاعة عظيمة ، مزينة بالزهور و الألوان الناعمة و الحارة ، السقف مليء برسومات الملائكة ، و نسخ من رسومات كبار عصر النهضة ، رسومات الرسامين الصعاليك الذين ظهروا عبر أوروبا في منتصف هذا القرن ، رسومات داعرة لفتيات في أوضاع رهيبة من الموت ، ما أثار دهشتنا الكبرى ليس الجمال الحجري ، ففي نهاية القاعة مجموعة من فتيات القصر اللائي تم إبقائهن لكي يكن طعماً يبعد عنهم الملاحقين ، كن في غاية الجمال ، يبكين من الخوف .
سرنا عبر الرواق الداخلي حيث قالت لنا إحداهن بأن جناح الزعيم الحقيقي يقع هناك ، كانت القاعة مذهلة و رائعة و لكن البهو في طريقنا إلى الجناح الزعيم رأينا عالماً أنسانا القاعة ، تاريخ الزعماء تماثيلهم ، قالت الفتاة التي أرشدتنا ، هذه غرفة الوصيفات المقربات ، دخلنا ، نظام غريب ، حمام و نافورة مشعة في وسط الصالة تقذف مياهاً ملونة بالضوء ، عددنا الغرف ، عشرين غرفة في كل واحدة ثلاثة آسرة متقابلة في شكل الغرفة المثلث ، و لكنها رحبة بحيث يمكن تقسيمها إلى اكثر من سبعة غرف جيدة . كنا نحسب كالبلهاء مقدار الجمال و الروعة ، خرجنا و أكملنا سيرنا قلنا للفتاة ، أين هي قاعة الأرشيف . سألتنا أي أرشيف . شرحنا لها فقالت : الزعيم لم يكن يهتم بالكتب من قبل و لكنه في الفترة الأخيرة نصب قاعة جديدة للكتب و الدراسة قضى فيها أكثر من سنة كاملة . سألناها عن الأروقة السرية ولكنها قالت بأن الزعيم ألغى سرية الأمور منذ سنة كاملة ، أمرنا أن ندع التشكيلات البروتوكولية و أن نتبع نظام أشبه بالأنظمة التي يعتمدها أهل الزعيم نفسه معاملة بسيطة و من الوقار العادي دون تكلف . كان كلامها غريباً بعض شيء ، أنا عشت في قصر الزعيم لسنوات . المعاملة في القصور تتم بطريقة أخرى غير التي تحدثت عنها الوصيفة . لم أتكلم ، سرنا بهدوء حينما قالت الوصيفة : غرفة كبيرة الوصيفات : سيلينا . توقف قلبي ، جمدت في مكاني ، سألتها بصوت عالي : من قلتِ ؟ ، نظرت إلى و قالت : الوصيفة سيلينا . و بسرعة دخلت الغرفة ، في الجدار المقابل ثمة لوحة عظيمة تبدأ من أسفل الجدار حتى السقف ، لوحة هائلة لفتاة روسية بشعر احمر ، نظرت و كانت عيناي ترتعشان من المفاجأة ، سيلينا بأجمل ملابسها ، بحزنها و جسدها واقفة بجوار نمرين مستلقيين . وقفت أسفل الصورة ، لمست قدميها في الصورة . التفتت إلى الوصيفة : أهذه هي سيلينا ؟ نعم قالت و هي مندهشة ، إنها زوجتي ، قلت لها . جلست على سرير واسع و في رأسي أسئلة كثيرة لم أجرؤ على أن اسأل أي واحد منها و لكني في نهاية سألتها :
ما اسمك ؟
زينة .
زينة ، اسمعيني ، أنا أبحث عن زوجتي ، إنها الوصيفة سيلينا . اسمعي ، أين ، إلى أين غادروا .
كنت أمسك بكتفيها و قد قربتها مني ، كانت خائفة بعض الشيء ، و متألمة ، عقلي في حالة مستفزة ، سيلينا كانت هنا ، إنها حية .
سيدي ، لا أعرف أين يا سيدي .
كنت قد غضبت بشدة ، دفعتها بقوة على السرير . طلبت من الرجال أن يخرجوا ، لم أكن ما الذي افعله ، كنت غاضباً بشدة ، خرج رجالي ركضاً و ارتعبت هي ، تكورت حول نفسها مستعدة لتلقي أي ضربة . كانت تبدو محزنة ، نظرت إليها بصمت ، رأيت نفسي عبر المرأة ، جلست بجوارها و قلت :
لا تخافي ، لا تخافي لن يلمسك أحد .
تراجعت على السرير إلى الوراء و كأنها غير مصدقة ، الوصيفات لسن ****** ، الوصيفات طبقة أخرى من الفتيات اللائي تربين على الأخلاق ، الأخلاق التي تقول بأن خدمة الزعيم جنسياً ليس أمراً سيئاً بل أمر عظيماً لا يقدر للجميع تأديته .
أنا غضبت لأجل سيلينا .
سيدي . قالت بصوت كالهمس . سيدي . أنا أيضاً أحب سيلينا ، كلنا نحبها ، سيلينا ألغت الخدمة التي نقدمها للزعيم ، سيلينا علمتنا قيمة أرواحنا يا سيدي .
نظرت إليها و قلت :
السيدة التي تحبينها بين يدي مجنون مريض قد يقتلها في أية لحظة .
ابتسمت و قلت :
لسنة كاملة ظننتها ميتة .
هززت رأسي فيما وقفت هي و قالت ثمة وصيفة كانت مع سيدتي سيلينا قبل أن تغادر بيوم ربما تعرف شيئاً . قمت و قلت لها أن تحضر تلك الوصيفة . غادرت بصحبة أحد الحراس ، و بعد دقائق أتت مع فتاة صغيرة بدت خجلة ، قلت لها بصوت هادئ :
اسمعي أنا زوج سيلينا – رأيت عينيها تشعان من الدهشة – سيدتك في خطر ، قد يقتلها الزعيم ، أريد أن أنقذها ، أخبريني ما تعرفينه عن وجهتهم .
نظرت إلى الوصيفة الأخرى و قالت :
قالوا بأنهم ذاهبون لواحة في الصحراء .
واحة؟
نعم ، قالوا بأنها واحة تيزر .
كانت إجابة كافية ، تيزر واحة الملوك ، في الأساطير القديمة يتحدثون عن أمور سحرية تحدث في تلك البقعة ، أرض الملوك و التجار هو المسافرين المحظوظين ، واحة شبحية تظهر للبعض و لا تظهر لسنوات ، كنت فرحاً فأنا أعرف بدقة مكانها ، عبر الأقمار كنا نراقب تنقلاتها السحرية . فكرت لم لا تكون مخازن الدولة هناك ، أين تجد مكاناً أفضل من واحة تظهر و تختفي طوال سنين لكي تخبئ فيها أسرار الدولة ، قلت لرفاقي :
من كان يتوقع أمراً كهذا ؟
خرجنا و وضعنا حرساً على القصر ، طلبنا منهم حراسة الفتيات . و انطلقنا ، انطلقنا بفرح و ثقة ، لأول مرة تكون لدينا وجهة محددة و معروفة سلفاً ، حتى لو كانت واحة سحرية تحفها الأساطير .

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 25-04-11, 01:36 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : بركاى المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

25
كنت زعيماً . لم أكن حقيقياً . كل شيء حولي ليس حقيقياً ، المخلوق القديم لم يترك لي المجال لأن أفهم ، لكنني قرأت ، قرأت و الآن أفهم جيداً مغزى كل شيء في حياتي ، الحقيقة : دوماً في الخارج ، إنها هناك حيث الأحلام و الآمال ، محك الحياة البشرية الحقة . عرفت حلمي ، قرأته عبر كل ليالي الصاخبة ، الفن ، الرقص ، قصة الجسد و طموحاته . سألت سيلينا عن طموحات ألي ، أخبرتني عن حبه للرقص . سألتها أكثر فشرحت عن أحلامه الأولى قبل أن يكتشف نفسه الأخرى ، قالت بأنه كان يطمح بتصوير أعظم فيديو راقص . المشاعر ، إنه يؤمن بالمشاعر . هكذا قالت . كم هذا مثير ، تصوير المشاعر في أقوى حالاتها ، اندفاعات الجسدية و انطلاقاتها الغريبة و الشد النهائي عبر الموسيقى ، لا تزال روحي متعجبة : كيف كنت أقضي على الفن . قبل شهر تحت أشجار النخيل رأيت سيلينا ترقص بهدوء على الرمال ، ليس رقصاً كاملاً و لكنه شوق قديم ، رأيتها تحرك رجليها سائرة فوق الرمال بهدوء و خفة ، تركض كغزال ، تنفر في قفزت هادئة و وقورة . بدت لي مثل حلم قديم .
في خيمتي أعددت نفسي . أنا الراقص . في خيمتي استعدت حركاتي ، هيئت جسدي للتوهج ، نسيت كل هموم الدولة ، نسيت الموت ، لم يكن رقصي يائساً أبداً ، كان أشبه بنيران تشتعل في روحي ، تشعل روحي . موسيقاي لم تعد نقرات تتلاشى بإهمال ، موسيقاي الآن صاخبة و عارمة . موسيقاي لم تعد تنبع من الشهوة و الخوف ، و المتعة . لأن رقصي صار أكثر حرية ، جزء من نسيان الألم ، هروب . نعم أنا أهرب ، لم على أن أكون أمراً أخر ، أهرب من الزعامة ، أصبحت أتحرر من داخل روحي ، أشعر بلذة العيش وحيداً لأجل شيء أحبه ، أنا أول زعيم يعرف الحب . أول زعيم يعرف الحب ، عرفته ، سيلينا ، لسنا الوحيدين ، كانت موسيقاي أعظم موسيقى ، مزيج هائل ، صخب عارم ، لم أعد أهوى الهدوء ، تباً لوقار الزعماء ، لست وقوراً بعد . نزعت ملابسي في خيمتي ، أنا أرقص بكل خفة ، بكل توتر ، بكل عنف . قفزاتي ، نقراتي على الأرضية الرملية ، على فرشتي العجمية ، إني أسمع نبض قلبي في رأسي .
كنت في الهواء عالياً عندما قررت أن أصور سيلينا ، و هي ترقص .
26
لم اعد قادرة على النسيان . روحي ، مشاعري متوترة ، كنت أقسمت ألا أودي رقصتي بعد . لم اعد قادرة على الصبر ، كنت أسير على الرمال و الشمس تكاد تغرب عبر الأفق ، أشجار النخيل اليانعة بعراجينها الثقيلة ، التمر ، الرطبات الرائعة المنعكسة بفعل الأشعة الواهنة للشمس الغاربة ، عبر الصحراء كنت اشعر بقوة وحدتي المتصاعدة ، فكرت في نفسي عن حياتي ، أحلامي الصغيرة ، بعيداً عن أعين الجميع ، حيث وحدتي و حريتي التي قررها زعيمي ، جلست على الرمال و أنا أسمع صوت جسدي ، ألمه الصامت ، رغبته العميقة . ليلة رقصت مع ألي ، أغمضت عيني و رأيته ، بجسده النحيل ، الهادئ ، جسد ملائكي ، مرسوم بعناية لكي يكون جسد كاتب ، و لكن روحه ، كم أرغب في احتضانه ، أطرافي تشتعل ، صدري يغمره إحساس لذيذ ، حزين و مترسب في الروح . قلبي ينبض ، إني أرى ألي . خطوته الصغيرة ، يحادثني ، أفكاره اللامعة ، آوه ألي . شعرت بنفسي أحاكيه . الرمال الناعمة تحت قدمي . ألي . سرت راكضة ، تتبعته حتى الشمس ، أنحنى بهدوء و لمس عنقي ، تراجعت بدلال ، إنه يحب دلالي ، قدمت له أروع رقصاتي . قال لي : أنت لست لوحدك ، سيلينا ، عزيزتي .
أخبرته عن حزني .
سمعني .
أخبرت المزيد ، قلت له ، لم أعدة قادرة على الصبر .
لامستني أشعة الباردة ، حكيت له عن كل مشاعري . ألقيت نفسي في أحضانه ، تلقاني بحب ، قبلته برغبة محمومة ، إني أتذكر قبلاته الشبقة . أخبره كل شيء .
أعرف .
أتعرف ، و لكن ، أين أنت ؟
كانت الرمال ناعمة كالحرير ، كنت أرغب في البكاء عندما جلست بهدوء ، كنت في عقلي أسمع صدى حبه الكبير :
عزيزتي الصغيرة .
كان الظلام يغلف جسدي و لكن في روحي نور و ضياء . ليلة رقصتنا البديعة ، إنها لحظة في كل خلية من جسدي ، روحي .




27
كنا على الجبل الرملي ، الواحة الأسطورية كانت أسفلنا بالضبط ، نرى الأضواء الحزينة و الكابية المتسللة من بين الأشجار . عدنا إلى الجهة الأخرى ، كان كل شيء واضح بالنسبة لنا . كان هدفنا واحداً : أن ندخل الواحة بخفة و خفية ، نبحث عن تلك الخيمة المزعومة ، كان رجال حوالي مئة مقاتل ، كلهم يتقنون القتال بشكل جيد . بشكل شخص لم يفكر منذ سنوات سوى في الانتقام . نحن عشرة دخلنا من الجهة المكشوفة مستغلين غياب القمر . ظلال النخيل اتخذنها مخابئ في العراء أم البقية توزعوا على أربعة جهات الواحة . دخلنا ، سرنا عبر الطرق ، بدت الواحة فارغة تماماً بضعة حراس في جهة البحيرة ، كنا نعلم أين طريقي ، فهذه الواحة تربية فيها صغيراً ، أرشدت ثلاثة ممن كانوا معي إلى البحيرة ، طلبت منهما أن يسيرا حتى أول حاجز . نحن سنعبر إلى عكس اتجاههما ، ثمة خيمة كبيرة . لم نرى إلى الآن سوى حارسين . من بعيد رأيت رجلي يأسرانهما . عبر البحيرة بهدوء وصلا إلى .
سيدي ، أسرنا رجلين يقولان بأنه ليس هنا سوى الزعيم و وصيفته .
ماذا ؟
أعادا ما قاله . فتحركت على الفور ملتزماً الحذر ، كانت الخيمة فخمة ، سمعت الموسيقى العالية تصدح في المكان ، كنت أقف على المدخل و أنا أرى إلى الزعيم و هو يرقص بعنف غريب ، جسده ينضح عرقاً . موسيقى متوحشة ، ليست تلك النقرات البائسة ، فكرت أخيراً بأنه جن .
تقدمت إلى الداخل ، سحبت قابس الجهاز فكف عن العمل ، توقفت الموسيقى فجأة و غرقت الواحة من جديد في الصمت الرهيب و القديم . توقف الزعيم ، كان متعباً ، فتح عينيه و رآني .
ألي ، يا للحياة ، تعال .
كان مجنوناً . هل كان عاقلاً أبداً ؟ تقدمت منه ، ابتسم و ربت على كتفي .
أتعلم بدأت أفهمك ، نحن لا بد أن نتفاهم .
على ماذا ؟
سألته و أنا أزيح يده . ابتسم و شرع يضحك ؟
على كل شيء يا صديقي ، نحن متفقان و لا بد أن نفهم بأن هذه الحياة لا تفرقنا بل تقربنا معاً .
معاً ؟
ألي ، نحن أقرب من الأخوة ، ثمة شيء يجمعنا .
أنا و أنت ؟
سرت حتى وصلت أريكة جلست عليها ، و سألته ، كان قد بدأ يقترب مني :
نعم أنا و أنت .
في عينيه وميض غريب ، وجهه غير حليق ، كان بائساً ، جزء من فرح ، و لكني مع ذلك كنت أشعر تجاهه ببعض الشفقة . شفقتي غالباً ما تؤذيني .
ما الذي يجمعنا ؟
الرقص .
قالها بلا تردد . كان حاسماً حتى حينما قفز عالياً ليريني رشاقته :
الرقص ، و حب سيلينا .
أين سيلينا ؟
ابتسم و نظر إلى بشكل غريب .
هل تسأل عن وصيفتي ، ظننتك ستسأل عن الأرشيف ؟
أين سيلينا ؟
أنت تعرف شيئاً ، البلاد ضاعت ، لا ينفع حكم بعد يوم ، نحن ننتظر حتى ينقض علينا العالم كله ، أنت تعلم عداواتنا ، أجدادي كانوا يمتلكون عناداً غريباً ، نحن الآن نواجه عناد أجدادنا . أتصدق لم أفعل شيئاً يؤذي أحد ، كله ، كل ما حدث من فعل أجدادي .
كانت ملامحه جادة و ساخرة في آن . لم أكن اهتم بما يقول ، هدفي واحد :
أين سيلينا ؟
قتلتها قبل أيام ، اللعينة .
كان مجنوناً ، أمسكته من عنقه ، كنت قوياً ، أستطيع أن أدق عنقه في لحظة ، غضبي كافي لحرقه :
لا تمزح معي ، أين سيلينا ؟
ألي ، ألي ، أنت تعرف بأنها ليست لك .
في تلك اللحظة أمسكته بقوة من عنقه ، رفعته بجسدي النحيل إلى الأعلى في البداية كان مندهشاً ثم بدأ يختنق ، ضغطت على عنقه ، فاختنق أكثر ، بصق في وجهي حاول أن يخدشني بأظافره بعدما فشل في تخليص نفسه ، كان على بعد لحظات من الموت عندما سمعت الطلقات تدوي في ظهري .
تركته يقع ، كان يسعل بقوة التفتت لأرى من أطلق النار و لكني سقطت ، لا بد بأني تلقيت أكثر من أربع طلقات ، شعرت بأن الضوء في عيني يختفي ، أهو الإغماء ؟ ، لم أعرف الموت و لكني لوهلة خفت . و أمام وجهي رأيت سيلينا ، انحنت علي ، كانت مصدومة ، سألتها :
سيلينا من قتلني ؟
أنا . قالت و هي تبكي .
الزعيم أخذ السلاح كنت أراه أمامي أخذ يسعل بشدة ، كانت سيلينا تدمع ." سيلينا " قلت . و أنا أحاول رفع يدي لوجهها .
كانت جميلة جداً .


بنغازي : 2010-07-07
شكري عبد القادر ميدي أجي.

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الابر, الاثر للكاتب شكري عبد القادر ميدي أجي, القسم العام للروايات, شبكة ليلاس الثقافية, شكري عبد القادر ميدي أجي
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t152148.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 03-02-11 11:11 PM


الساعة الآن 10:33 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية