لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


سجينة الذكريات..روايات عبير القديمة

السلام عليكم يا احلي اعضاء :8_4_134: دا اول موضوع ليا في الروايات اتمني منكم التشجيع رواية النهاردة راااااائعة.. وللامانة هي منقولة.. اتمني انها تعجبكم.. اسم الرواية هو:

 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-12-10, 12:18 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 175804
المشاركات: 34
الجنس أنثى
معدل التقييم: العنقاء الحزين عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
العنقاء الحزين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الارشيف
افتراضي سجينة الذكريات..روايات عبير القديمة

 

السلام عليكم يا احلي اعضاء
الذكريات..روايات

دا اول موضوع ليا في الروايات
اتمني منكم التشجيع
رواية النهاردة راااااائعة..

وللامانة هي منقولة..
اتمني انها تعجبكم..

اسم الرواية هو:
سجينة الذكريات

ايم الكاتبة:
"دايانا هاملتون"
سلسلة روايات عبير 1063



نبـــذه عن الكـــاتبة
وقعت ديانا هاميلتون الفتاة العاطفية في حب زوجها من النظرة الأولى وما زالا يعيشان حياة شاعرية في منزل تيودوري الطراز حيث قاما بتربية أولادهما الثلاثة . يشاركهم الآن جوهم الشاعري ذاك ثمانية قطط وجرو صغير ولكن بالرغم من تلك الحياة الفوضوية غالباً ، فأن رفيق ديانا الدائم هو الكتاب سواء المطالعة أم تأليفاً .


وألف شكر لكاتبة الرواية

 
 

 

عرض البوم صور العنقاء الحزين  

قديم 01-12-10, 12:19 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 175804
المشاركات: 34
الجنس أنثى
معدل التقييم: العنقاء الحزين عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
العنقاء الحزين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : العنقاء الحزين المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

الفصـــــل الأول





اندفعت فينيتيا أديل روس إلى غرفة الجلوس خالية الذهن ، وقد ارتسمت على شفتيها الابتسامة التي اعتادت أن تخص بها أباها . وكانت جولة التسوق الناجحة التي قامت بها عصر ذلك اليوم ، قد ملأتها بهجة ومرحاً ، وجعلت عينيها بلونهما الأزرق الباهت تتألقان كالبلور الصافي .
بادرها أبوها قائلاً : " فيني .... ما الذي أخرك يا عزيزتي ؟ " لم يكن في صوته أي تعنيف ، بل دفء وحنان ، فهو طوال الثمانية عشر عاماً ، لم يؤنبها مرة بشكل جدي ولم تسمع صوته عالياً ، كما أنها لم تره وهو ينهض من مقعده ليقف بجانبها . وفجأة لم تعد تضم الغرفة اللوحة الزيتية الكبيرة الحجم لوالدتها التي فقدتها وعمرها بضعة شهور و إنما احتل الغرفة رجل قلب الأمور رأساً على عقب .
" كارلو روسي " كانت نسيت تقريباً ، انه سيحضر لزيارتهم وأبعدت ذلك عن تفكيرها ، لان حضور حفيد عم أبيها لقضاء عدة أسابيع ضيفاً عليهم ، لم يجعلها في خطر الموت من اللهفة ،
و ألان ، في هذه اللحظة ، ساورها شعور بالقدر الذي لا مفر منه ، وتفهم له لم تعرفه من قبل . ولكن ثانية واحدة من عمر الزمن كانت كافية لكي تجعلها تعلم أنها تقابل الرجل الذي ستحبه طوال حياتها ، أو كما يقال ، الحب من أول نظرة .
كان يبتسم لها من آخر الغرفة ، ابتسامة كانت مزيجاً من التهذيب والاهتمام الذي يشوبه شيء من السخرية ، وكان والدها واقفاً بجانبها يمسك بيدها يضغطها قليلاً بيده وهو يقول : " تعالي حبيبتي وحيي كارلو " . فحولت عينيها الكحيلتين تنظران في عيني أبيها بارتباك ، وهي تتقدم منه وكأنه سيحل هذه الأحجية القديمة لها ، أو كأنها مشكلة في إمكانه أن يزيلها كما أزال من طريقها الصعوبات منذ ولدتها .
ولكن هذا لم يكن شيئاً بسيطاً ، بل غاية في الأهمية لا يصل إليه حب الأب آو سخاؤه في إغداق المال . لم يدرك ما الذي حدث ، لم يدرك الارتباك الذي هز أعماقها لهذه المفاجأة ولا الذهول الذي سمرها في مكانها . هو أيضا تملكه الارتباك لتصرفها هذا فهو لم يستطع أن يعرف ما الذي جرى لابنته المرحة الواثقة من نفسها لكي يبدو عليها الضياع بهذا الشكل وقال بشيء من نفاذ الصبر : " هيا .. صافحي ابن عمك " فأبتسمت له وقد استعادت كل ثقتها بنفسها ومرحها واقتناعها بجمال الحياة . وسارت إليه ، لتتحول ابتسامتها إلى انبهار صريح عندما مد كارلو روسي يده وهو يقول بصوت عميق تشوبه لكنة خفيفة : " ما دام والدانا أبناء عم فان قرابتنا نحن الاثنين هي من البعد بحيث لا تكاد تلحظ ." وتجاهلت يده الممدودة ، لتقف بدلاً من ذلك على أطراف أصابعها وتقبله على خده وهي تقول : " أن الإيطاليين يعتزون بأية قرابة مهما كانت بعيدة . " وتملكتها الدهشة وهي تراه يفوقها طولاً بحيث يشرف عليها رغم طول قامتها البالغ مائة وسبعين سنتيمتراً ، و أزداد شعورها بالأنوثة وهي ترفع وجهها أليه لتلتقي عيناها بعينيه السوداوين الواسعتين الرائعتي الجمال ، كان كارلو روسي رائعاً ، فقد سلب قلبها رغم رفعه لحاجبه بإشارة ساخرة . ولوت فمها الممتلئ وهي تقول له مستفزة بصوتها الذي تميزه بحة خفيفة سائلة : " من هو الذي ترك فيك اكبر الأثر منذ وصولك إلى هنا ؟ . " وكانت عيناها تتحديانه بمكر أن يعترف بأنها هي التي تركت فيه اكبر الأثر وتابعت تقول : " أم أن هذا السؤال مازال مبكراً ؟ ." وزمت شفتيها مظهرة الاستياء لأشارة عدم الاكتراث التي صدرت عن ذلك اللاتيني ، وسألته : " أظنها أول زيارة لك إلى انكلترا ، أليس كذلك ." أجاب : " أبداً فأنا أعرف بلادك جيداً .. لقد جلت في أنحائها أثناء دراستي الجامعية هنا ." كان جوابه رقيقاً مهذباً ولكنه بارد . وتمنت لو أنها قطعت لسانها قبل أن تلقي عليه هذا السؤال فقد تذكرت ذلك الصدع القديم الذي حدث بين فرعي . ويا ليت السبب كان شيئاً شاعرياً كأن يكون لأجل امرأة .. ولكنه كان سبباً مؤسفاً يتعلق بالأعمال . كانت فينيتيا بالغة الفطنة عندما يتعلق الامر بابيها ، فقد شعرت بمبلغ شعوره بالحرج لان يسكت عن حقيقة أن حفيد عمه قد سبق وأن امضي سنوات في انكلترا دون أن يكلف نفسه عناء زيارتهم من باب الاحترام .
وقال والدها : " سنتأخر في تناول العشاء هذه الليلة يا فيني فإذا كنتِ جائعة كالعادة فاطلبي من بوتي أن تصنع لك الشاي في المطبخ وحسب معرفتي فأن ثمة أكواما من المشتريات تملأ ارض القاعة ." وغطى تدخل والدها على سؤالها الأحمق ذاك وما تبعه من إحراج ما أشعرها بالامتنان ولكن هل كان من الضروري أن يأتي على ذكر شهيتها القوية للطعام ؟ هذا عدا عن عدم مقاومتها رغبتها العارمة في الشراء كلما ذهبت للتسوق في لندن ، وما كان لأبيها أن يكشف أمامه طباعها . نظرت بطرف عينها إلى كارلو ، كان يبتسم وكانت ابتسامته تلك مجرد التواء بسيط في زاويتي فمه ، وقد لاح شيء من التسلية في عينيه وكان هذا يكفي لكي تعلم بكل وضوح انه يراها مجرد طفلة . وتمتمت شيئاً ثم اتجهت نحو الباب وهي تفكر بغضب أنها ستثبت له .. لا بد أن تثبت له يوماً أنها ليست مجرد طفلة يتسلى بمرآها وصفقت الباب خلفها بعنف . كانت فينيتيا تدرك أنها تجتذب الأنظار أينما تكون وان نظرات الإعجاب من الرجال تتبعها في الشوارع والمطاعم والحفلات . فبآي حق آذن ينظر إليها كارلو وكأنها طفلة خارجة من المهد ؟ ولكنها ما لبثت آن اعترفت في قرارة نفسها وهي تجتاز القاعة التي كان جوها يعبق بشذا ورود الحديقة المنبسطة ولتي تشرف عليها منافذ القاعة تلك بأنه على كل حال رجل متميز . تذكرت فينيتيا أباها وهو يحاول أن يتذكر عمر كارلو الذي لم يكن قد رآه منذ كان يرتدي بنطلوناً قصيراً . هل عمره إحدى وثلاثون سنة أم اثنتان وثلاثون . ثم انه غير متزوج وهي تعرف هذا جيداً وهذا يعني أن له صداقات مع النساء اكثر من المعقول ما دام بهذه الجاذبية التي تفتن القلوب . ثم انه بالنسبة إلى النساء لايمكن أن يختار المراهقات طبعاً . لشد ما كانت تكره هذا اللقب ! لا بد أنهن ذكيات متزنات مستقلات الشخصية ولا يأكلن بنهم ، ويرتدين الملابس الأنيقة ولتي لا عيب فيها ، وهن كذلك حريصات على آلا يبعثرن مشترياتهن التافهة على ارض القاعة ، نساء لا يعقصن شعرهن في ضفيرة إلى الخلف ولا يبدين ببنطلون جينز مغسول وقميص مقفول فضفاض . لو تعلم أنها ستصعق لمجرد رؤيته لا ندفعت مباشرة إلى غرفتها لترتدي ثوباً افضل وتطلق شعرها كالحرير ، وتأوهت ، وقد فارقتها لأول مرة في حياتها ثقتها في نفسها وشعرت بالتعاسة . ولكن مشترياتها كان لها بعض الفضل في إعادة تلك الثقة . صحيح أنها أنفقت كل ما أعطاها أبوها ولكنها اشترت أشياء ممتعة حقاً ! كما أن لديها وقتاً كافياً قبل آن يحين موعد العشاء ، لتصلح من هندامها لتبدو أمامه في اجمل منظر لقد اعتادت دائماً أن تنال ما تريد فقد كان في إمكانها آن تؤثر على أبيها . كانت في منتصف السلم وهي تحاول جهدها أن تحكم إمساك العلب التي تحتوي مشترياتها ولتي كانت تفلت من بين يديها لتتبعثر هنا وهناك ، عندما رأت السيدة بوتس تهبط السلم . كانت بوتي امرأة بدينة قصيرة القامة مكنتها طبيعتها الوديعة المسالمة من آن تعالج أية صعوبة أو أزمة وقد أصبحت مديرة أبيها بعد موت والدتها المفجع مباشرة ، وما آن ابتدأت فينيتيا تتعلم الكلام حتى أصبحت تدعوها ( بوتي ) وهكذا اصبح هذا اسمها الذي يدعوها به الجميع .
وقالت بوتي وهي تأخذ منها هذا الحمل : " دعيني أساعدك " وعادت تصعد معها السلم لتلقي بها على سريرها وهي تقول : " لعلكِ أنفقت ثروة أخرى على كل هذا . " أجابت متجاهلة لهجة بوتي المتذمرة : " انك تعلمين أنني لا أستطيع المقاومة ." وتابعت وهي تفتح أحد تلك الصناديق قائلة " هذا إلى أنني اشتريت اجمل ثوب وقعت عليه أنظاري ." وأخرجت ثوباً من الساتان الأسود وهي تسألها : " ما رأيك ؟ أليس أجمل ثوب وقعت عليه أنظارك ؟ أليس هو فريد بشكله ؟ انه سيجعل عيني كارلو تخرجان من حدقتيهما ." فأجابت بوتي باستنكار : " انه يبدو رائعاً . إذا كنتِ تريدين رأيي ، فهو ليس لائقاً . وابن عمك اكبر واذكى من يهتم بما تلبسين فوفري جهودك ألان ... " واتجهت نحو الباب وهي تتابع : " ما رأيكِ بفنجان شاي وقطعة آو اثنين من الكعك بشكولاته ؟ يمكنك أن تتناولي ذلك في المطبخ وتخبريني عن بقية ما ضيعت فيه نقود أبيك ، بينما أنا أقوم بتجهيز العشاء ."
وتملك فينيتيا الأغراء إذ ليس ثمة من يصنع الكعك بالشكولاته كما تصنعه بوتي ، وسيسرها الحديث عن مشترياتها كما أن الغداء مر عليه وقت طويل ... ولكنها أجابت : " كلا ، شكراً يا بوتي سأنظم مشترياتي هذه ثم استحم لاحقاً ." كان قوامها ممشوقاً حسن الشكل لا عيب فيه ولكن أن لم تتحكم في شهيتها فستنتهي إلى أن تصبح بدينة تماماً . ومنحت بوتي ابتسامة حلوة ثم استدارت تنظم أشياءها . إذا كان للحب هذه المقدرة في جعلها تقاوم الأغراء أمام كعكة الشكولاته ، فمرحباً بالحب . ولكن للحب ناحيته الخطرة ، كذلك فهو يخفيها نوعاً ما ... وقد اعترفت لنفسها بذلك وهي في حوض الحمام المعطر . تعرف أنها كانت مدللة طوال حياتها ولكن ، عندما يضرب والدها بقدمه الأرض ، فتعلم انه مصر على ما يريد ، رغم كل محاولة من جانبها لتحمله على تغيير رأيه .
وهذا هو السبب في أن مواعيدها مع الأصدقاء كانت محدودة ، ومرافقوها يختارهم لها أبوها بنفسه بكل عناية هذا كله إلى جانب ثقافتها التي تلقتها في مدرسة محافظة تحت إشراف المدرسات المتزنات ، كان يعني انه حتى اكثر التلميذات عناداً ومهارة لا يمكن أن تتخطى الحدود لحظة واحدة . كما أن خبرة فينيتيا قليلة إلى حد مؤسف ، والمشاعر التي أثارها فيها كارلو روسي ، والطريقة التي قفز فيها قلبها حين وقعت أنظارها عليه أو كلما فكرت فيه ، ثم هذه المشاعر الحلوة التي أخذت تنتابها لدى تصورها لقاءه مرة أخرى حين تبدو بمظهر المرأة الناضجة وليس التلميذة الكبيرة الجسم ذات الضفيرة ، كان كل هذا جديداً عليها مما شعرت معه بكثير من البهجة وأيضا بشيء من الخوف . حتى سيمون كيرو الذي كان اكثر مرافقيها انتظاماً في اصطحابها خارج المنزل لم يستطع أن يجعل تفكر هكذا .

 
 

 

عرض البوم صور العنقاء الحزين  
قديم 01-12-10, 12:21 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 175804
المشاركات: 34
الجنس أنثى
معدل التقييم: العنقاء الحزين عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
العنقاء الحزين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : العنقاء الحزين المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

كان سيمون ذو الخامسة والعشرين منتصب القامة له جاذبية لا تذكر بشكله السكسوني الأشقر . وقد رقي أخيرا إلى رتبة مساعد شخصي لأبيها في الشركة وكان هو مرافقها المعتاد إلى الحفلات والسهرات التي لا يتمكن أبوها من حضورها . كان والدها يثق بسيمون تماماً ولا شك في عينيه كانتا ستبرزان من حدقتيهما لو علم أن فتاه الأزرق العينين هذا ، يحاول إغواء فتاته الغالية أما الذي لم يستطع آن يفهمه فهو أن فتاته في إمكانها العناية بنفسها كما في استطاعتها التملص من مغازلات سيمون فهي لم تكن لتهتم به حتى عندما عرض عليها الزواج وقد أخبرته بذلك ولا يمكن آن تخبر آباها برغبته إذ آن وضعه كمرافق لها سيتوقف حتماً لتجلس حبيسة المنزل إلى إن يجد لها أبوها فتى آخر يكون مرافقاً لها . وقررت وهي تبتسم راضية آن في إمكانها رعاية نفسها لكن رضاها سرعان ما تلاشى وهي ترتجف إذ تستعيد صورة عيني كارلو المتألقتين الخلابتين أنها لن تهتم أبدا برعاية نفسها إذا ما امتلأت تلك العينان العميقتان السوداوان بالعاطفة !. وكاد ارتداء ملابس العشاء آن يصبح مستحيلاً وهي في هذه الحالة فبعد آن مزقت زوجين من الجوارب السوداء المصنوعة من الحرير الخالص تمالكت مشاعرها لتهتم بما بين يديها حالياً صارفة اهتمامها عن مشاعرها المحيرة منذ وقعت عيناها على ذلك الإيطالي .



أثناء انتظارهما زيارة كارلو كان أبوها يأتي غالباً ، على ذكر الفرع الإيطالي من آسرتهم وكانت تستمع أليه على سبيل المجاملة متكلفة اهتماماً لم تكن تشعر به . لكن الأمور ألان أصبحت في غاية الأهمية فقد اصبح كل شيء يتعلق بكارلو موضع اهتمامها .



لقد انشقت الشركة منذ اكثر من مائة عام بعد آن جاء جدها الأكبر من إيطاليا إلى انكلترا لإنشاء فرع لها . ومنذ ذلك الوقت اصبح فرع الأسرة الذي انحدرت هي منه إنكليزيا وعندما نجحت الشركة في البيع بالتجزئة انتقل النجاح الى التصدير بالسفن . ولكن الفرع الآسرة الإيطالي ازدهرت أعماله هو أيضا فامتلكوا واحداً واربعين من الأسهم في الشركة البريطانية في الوقت الذي كانوا فيه يوسعون تجارتهم في إيطاليا وفرنسا أيضاً ، مقتنين المزارع حول فانسيا والفنادق المترفة في كل مدينة رئيسية حول العالم .



أما الذي جعل كارلو اكثر ثراء وقوة من أبيها فهو كما فهمت من حديث أبيها أن والد كارلو الذي كان مريضاً منذ عدة سنوات قد سلم مسؤولية إدارة إمبراطورية روسي عملياً آن لم يكن اسمياً ، إلى ولده كارلو .



والأكثر من ذلك آن زيارة كارلو كانت عبارة عن غصن الزيتون لينهي هذه الفترة من الجفاء التي استمرت منذ كان والدها صغيراً ، خصاماً حول مجموعة من الأسهم في قسم الشركة البريطانية . وأخذت تفكر حالمة وقد ساورها الاغتباط في أنها و كارلو لو تزوجا لتوحد الفرعان لتعود الشركة متحدة . وهذا غير مستحيل طبعاً . جلست تنظر إلى صورتها في المرآة وهي تفكر في أن ذلك محتمل تماماً . في هذه الليلة ستدع شعرها مرسلاً إلى خصرها تثبته إلى الخلف أمشاط مذهبة وستبالغ في وضع الزينة على وجهها ليبرز لون بشرتها الأشبه بالقشدة وكثافة أهدابها السوداء . أما ثوبها الغالي الثمن فقد كان يستحق كل قرش دفعته فيه ... هذه الليلة لن ينظر كارلو روسي إليها كمراهقة كبيرة الجسم .



جعلتها الثقة بالنفس التي تلازم أولئك الذين اعتادوا آن ينالوا كل ما يريدونه في الحياة بسهولة تهبط السلم بخفة وكأنها تطير طيراناً بحذائها الأنيق الخفيف ذي الكعب العالي . ورأت بوتي بمفردها في غرفة الجلوس الأنيقة التي بادرتها قائلة : " آن أباك في غرفة المكتبة مع ضيفه ولا أظنهما سيخرجان قبل موعد العشاء ثم أليس من الأفضل آن تضعي فوق فستانك بجاكتة أو ما أشبه ؟ ." .



أجابت بمودة ساخرة : " جاكتة ؟ يالك من امرأة قديمة الطراز ." وكانت مدبرة المنزل تسكب لنفسها كوب عصير فسكبت فينيتيا لنفسها واحداً وهي تتابع : " انه على كل حال مساء جميل ودافئ وأنا لا اشعر بالبرد مطلقاً ." فقالت بوتي بحدة وهي مازالت ترمق ثوب الفتاة باستياء : " أن حرارة الجو ليست هي التي تهمني . ولكن منظرك غير لائق ماذا سيظن بذلك والدك المسكين ؟ ولا أقول ابن عمك ؟ أن تصور ذلك يجعلني ارتجف ! آن الشيء الذي ترتدينه لا يليق بك ."



ارتسمت على شفتي فينيتيا ابتسامة ماكرة وهي تفكر آن هذا بالضبط ما كانت تهدف إليه . وتجاهلت تذمر بوتي الذي لاينتهي وحملت كوبها في يدها وخرجت إلى الشرفة . كان هواء المساء الدافئ عابقاً بأريج الورود ، وكان يلامس بشرتها برقة . وكان منظر نافذتي غرفة المكتبة المفتوحتين اللتين كانت تراهما من حيث تجلس ، اكثر مما تحتمله أعصابها .



لم تحلم قط بأن تقاطع مرة أباها أثناء أحاديثه العملية الخاصة في المكتبة. فقد كان احترامها له اكبر من آن يسمح لها بذلك ولكن حاجتها إلى أن تمتع ناظريها بمنظر كارلو الجذاب ، وان تريه نفسها كامرأة ناضجة ، كان كل هذا أقوى من أن تستطيع مقاومته بهذه اللحظة .



آن كعب حذائها العالي ، جعلها تمشي دون وعي منها ، بشكل متمايل وهي تتوجه نحو غرفة المكتبة المبطنة الجدران بالكتب ، وعلى شفتيها ابتسامة هادئة وأهدابها السوداء الكثيفة منسدلة على عينيها وهي تقول بصوت أبح



: " آن المساء اجمل من آن يضيع سدى بين الجدران ، آلا تريدني آن أريك الحديقة يا كارلو ؟ ."



التقت عينيها بعينيه متحدية وتصاعدت خفقات قلبها وهو ينهض من على المقعد الجلدي . لقد كان هو ايضاً مرتدياً بذلة العشاء التي كانت عبارة عن الجاكيت الرسمية السوداء المعتادة والقميص الأبيض . واخذت عيناه الرائعتان تتفحصان عينيها لحظة طويلة ، بنظرات يقظة متسائلة ثم التمعتا بينما لاحت على شفتيه شبه ابتسامة وذلك كجواب على تحديها الخفي ذاك .



ولمحت بطرف عينها أباها ينهض أيضاً من على كرسيه خلف مكتبه الضخم المكسو بالجلد ، شاعرة بعدم رضاه لمقاطعتها لهما . ومن يدري ؟ ربما خمن السبب في هذا . وصرفته عن ذهنها الذي كان مركزاً فقط على عيني كارلو وهما تقيمان ثوبها .



واستدار إلى أبيها الذي بدت على جانبي فمه ابتسامة خفيفة وهو يقول : " لم لا ؟ وربما ستأتي أنت معنا يا سيدي فالمساء رائع كما تقول فينيتيا ."



وتنفست بارتياح عندما أجاب الرجل المسن قائلاً ببطء : " كلا اذهبا أنتما ، وأري كارلو الحديقة المائية يا فيني ولا تنسي الوقت فأن بوتي ستقدم العشاء في خلال ساعة ."



أجابته فينيتيا با بتسامة مشرقة : " كلا لن أنسى ذلك . " وقطب أبوها جبينه بحيرة وهي تتقدم إلى جانب كارلو متجهة به نحو الباب الخارجي .



كانت كلماته غامضة متكلفة في مضمونها وهو يقول : " أليس من الأفضل آن تتركي من يدك كوب العصير وتشربيه فيما بعد ؟ فلا أحد سيسرقه منك ."



وكأنها طفلة لم يستطع آن يغريها بقطعة حلوى لكي تذهب , رفضت أن تهزم فوقفت على قمة السلم ومنحته ابتسامة مسرعة وهي تقول له بصوت رقيق : " يمكنك أن تسرق مني أي شيء في أي وقت تشاء ." ووضعت حافة الكوب على شفتيها وعيناها تتألقان بين أهدابها السوداء .



وقال فجأة : " فلنذهب إلى حديقة الماء أذن ." وهزت كتفيها بخفة وقد كرهت هذا الشعور الجديد بعد الثقة . وأخذت تراقبه بعينين غائمتين وهو يضع الكوب باحتراس على حافة الدرابزين ثم يهبط الدرجات إلى الحديقة . تمالكت نفسها ، ثم لحقت به مسرعة مما جعل أحد كعبي حذائها يلتوي .



سألها : " لا أظنك ارتديتِ هذه الملابس لتخرجي بها ! ." وكان صوته من فولاذ ملفوفاً بالحرير وهو ينحيها جانباً بيدين ثابتتين .



استعادت توازنها بشكل كافٍ لتقول له بصوت خافت : " هذا هراء أنها نزهة فقط لقد دخل كعب حذائي في شرخ بين الأحجار ما أسخف هذا . " وتعلقت بذارعه بمثل الشدة التي امسكها هو بها ثم سارا في الممر المرصوف بالحصى .



كان في إمكانها آن تشعر بانسحابه ، وكأن ابتعاده المتعمد ذاك يقصد به ترساً يحتمي وراءه . ولكن هذا لم يقلقها في الواقع . ولماذا تقلق بينما كان في إمكانه آن يستدير عائداً إلى البيت رافضاً الاستمرار في السير لرؤية الحديقة ؟ ولكنه لم يرفض ،



وشعرت بالبهجة لذلك . لقد بقي بجانبها وكان يسير بخطوات قصيرة لتتلاءم مع خطواتها . ابتسمت لنفسها وهي تلقي نظرة خاطفة على جانب وجهه بخطوطه الحازمة المتعالية . انه لم يكن يستغفلها لقد أحست بشيء يختلف كثيراً عن مشاعر القربى وهو يقيم شكلها كما انتابها ذلك الشعور الخلاب بصلة القربى بينهما الذي كان من القوة بحيث لم يكن من المعقول أن لا يكون قد انتبه أليه .



قالت بصوت خفف من حدة الصمت بينهما : " ذاك هو المكان تقريباً ." كانت تريد أن تبين له أنه كان على حق عندما قال أنها لم تكن مرتدية ثيابها للخروج ذلك آن التنورة والكعب العالي لم يكن ليسمحا لها بأن تخطو على تلك الممرات المرصوفة بالحصى أو على المروج الخضراء .



وتابعت كلامها تسأله : " كم ستمكث هنا ؟ ." كانت تكلمه وهي تهبط باحتراس الدرجات الحجرية المغطاة بالطحالب تحت قنطرة في سياج الأشجار العالي الذي يفصل بين الأراضي .



أجاب : " أسبوعين أو ثلاثة ." ورفع كتفيه بعدم اهتمام ولكنها تجاهلت هذا . فإذا كان يتعمد إظهار عدم اهتمامه بها فهي كذلك ستتعمد أن تظهر له أنها لم تلحظ حيلته تلك .



قالت : " انه وقت كاف لكي أريك كل شيء ." ونظرت أليه بعينين تومضان ببارقة أمل إزاء ملامح وجهه العديمة المشاعر وهي تتخيل النزهات الطويلة في الريف وتناولهما العشاء في المطاعم ، وربما رحلات بالسيارة في جبال ويلز .



وسألها : " هل مازلت تذهبين إلى المدرسة ؟ أم انكِ تعملين ؟ " وانتظر بأدب إلى أن هبطت آخر درجة حجرية ، حتى أجابت بمرح : " المدرسة ؟ طبعاً لا ."



متظاهرة بهذا الجواب بأن أيام الدراسة هي ألان ذكرى غائمة بعيدة ،



لا تريد آن تخبره بأن آخر امتحان لها كان منذ ثلاثة أسابيع فقط ، فتذكره بذلك بعمرها الصغير وتابعت تقول : " انظر ها أننا وصلنا . " وكانا قد دخلا كهفاً مليئاً بصوت ورائحة الماء .



ولكن ، لم يبد عليه الاهتمام بحديقة الماء هذه . وألقى عليها نظرة باردة من عينيه السوداوين وهو يسألها :" هل أنت مصممة على العمل ؟ ربما مع الشركة ؟" فأجابت مقطبة جبينها وهي تعض شفتها السفلى :" آه من يعلم ؟ دعنا من الحديث في هذا الموضوع ." ولماذا تضيع الوقت في احتمال عملها في شركة أبيها ، في الوقت الذي لا تريد شيئاً سوى أن تمضي بقية حياتها معه ؟.



نظرت في عينيه بتردد فلم تجد شيئاً سوى عدم الاهتمام والبرود وشعرت في قلبها بطعنة ألم . فهو لا يشعر نحوها حتى بالإعجاب . أتراها عاشت حياتها تحصل على كل شيء تريده دون مجهود لكي تحرم ألان أهم ما تتوق أليه وما تعتبره فوق كل شيء آخر ؟



ارتجفت وهي تشعر بالبرودة تنفذ إلى عظامها واغرورقت عيناها بدموع الخزي قال لها كارلو وقد التوت شفتاه بشبه ابتسامة مرحة : " ان المكان هنا رطب كان عليك أن ترتدي فراءك و أظنك تملكين زوجاً على الأقل ؟ "

ردت عليه بحدة : " املك ستة منها تبعاً لآخر إحصاء ." فقد شعرت بالألم إزاء سلوكه المتعالي الساخر هذا ، ولم تشأ آن تتنازل بأن توضح له أنها تكره الفراء من كل قلبها وأنها تراها ملائمة للحيوانات . لقد استحال اضطراب مشاعرها الذي تملكها منذ وقعت عيناها عليه إلى كراهية محمومة . وانقبضت يداها حتى غرزت أظافرها المصبوغة في راحتيها وقابلت اللوم المتسائل الذي حوته نظرته إليها بعداء واضح إلى آن داخلها الألم . وانعكس شعورها بأنها جرحت في الأعماق من عينيها وهي تخفض بصرها محاولة آن تكبح دموعها المحرقة . لم تكن تعني آن تتطور الأمور بهذا الشكل مطلقاً ! وعاد إليها الشعور بالبرودة

 
 

 

عرض البوم صور العنقاء الحزين  
قديم 01-12-10, 12:23 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 175804
المشاركات: 34
الجنس أنثى
معدل التقييم: العنقاء الحزين عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
العنقاء الحزين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : العنقاء الحزين المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

الذي لم يكن نتيجة لبرودة الجو أو رطوبته أو البحيرة الساكنة أو الصخور ذات الطحالب ... استدارت بسرعة فالتف شعرها الحريري حول كتفيها وهي تعمل خطواتها نحو الدرجات بينما قلبها يخفق وقد انتابتها غصة في حلقها ولكنه أوقفها عن السير وهو يديرها نحوه بيديه الكبيرتين لتواجهه قائلاً : " إذا أنتِ مشيتِ بهذه السرعة فستقعين وتكسرين رقبتك أو تتلفين حذائك الجميل على الأقل . " وتغير صوته فأصبح أجش وهو يراقب تفاعل مشاعرها على ملامحها الشاحبة لتعصف بعنف في أعماق عينيها الجميلتين .
قالت : " أنني ..... " ولكنها لم تستطع متابعة الكلام وخفضت أهدابها . قال بصوت خشن وقد توتر فمه : " لم اكن اقصد آن أسيء إليك ."
وارتفعت أهدابها إليه وقد تملكها الاضطراب وما رأته في تلك العينين السوداوين جعل قلبها يكف عن الخفقان ورأته يغمض عينيه وسمعت آهة خافتة تخرج من أعماقه ، ثم قال : " هيا بنا قبل أن نتأخر عن موعد العشاء . هيا يا فتاتي الطيبة ."
ومالت فينيتيا برأسها ترمقه بنظرة ظافرة طويلة ثم منحته ابتسامة جذابة وهي تتبعه دون اعتراض . ربما كان يعتبرها فتاة صغيرة . قريباً قريباً جداً ستتمكن من هزمه لتجعله يبدل رأيه فيها .

 
 

 

عرض البوم صور العنقاء الحزين  
قديم 01-12-10, 12:24 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 175804
المشاركات: 34
الجنس أنثى
معدل التقييم: العنقاء الحزين عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
العنقاء الحزين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : العنقاء الحزين المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

الفصـــــل الثاني




لكن الامر لم يكن سهلاً , فقد كان لكارلو روسي إرادة حديدية لقد تتابعت الأيام وهو رافض لكل اقتراحاتها عليه بالخروج للتجوال في أنحاء المنطقة وذلك بابتسامة هازئة مفضلاً كما يبدو قضاء الوقت بمكتب والدها ، ليعود معه عند المساء ، تاركاً فينيتيا تضرب بقدمها الأرض ثائرة .
وأثناء وجبات العشاء الطويلة البطيئة التي كانت تدوم طوال المساء , كان يحرص على أن يكون حديثه إليها بالغ الأدب وعندما لا يتحدث عن العمل فقد كان يتحدث عن بلاده مذكراً أباها بجذوره المنسية .
ولكن فينيتيا لم تفقد الأمل فقد كانت تفاجئه أحيانا وهو يرمقها بنظرات حيرى وبما أنه كان يقيم حاجزاً بينه وبينها فقد اصبح همها أن تخترق هذا الحاجز .
أن كل يوم كان يمر وكل ساعة منه كانا يقويان حبها ورغبتها فيه . لم يكن يهمها أي شيء آخر فقد تعمقت مشاعرها تجاهه في نفسها حتى شملت كيانها كله . و لأول مره في حياتها لم تحصل على ما تريد .
خرجت بوتي إليها تخبرها بأن ثمة مكالمة هاتفية لها ، وكانت هي تجلس في الشرفة تضرب بقدمها الأرض ساخطة . لقد استيقظت هذا الصباح فارتدت بنطالاً وقميصاً مقفولاً ، كان هذا اليوم هو السبت فهو لن يذهب مع أبيها إلى المكتب ، ولهذا صممت على أن تقنعه بأن يقضي الوقت معها ، إما بالنزهة أو بالخروج إلى المطاعم والمقاهي أو بآي شيء آخر .... ولكنه سبب لها صدمة بالغة عندما علمت من بوتي أنه قد سبق وخرج من المنزل منذ ساعة لكي يتفرج على هذه الأنحاء من الريف .
وبقيت في الشرفة تلعن نفسها لاستغراقها في النوم حتى السابعة بينما لو كانت خرجت من غرفتها قبل ذلك بساعة لأمكنها أن ترافقه لقد كان رجلاً صعباً حقاًَ كيف يمكنها أن تخترق ذلك الحاجز إذا هو رفض البقاء مدة أطول لكي تتمكن من المحاولة ؟
عندما دخلت غرفة المكتبة لتلقي المكالمة ، كانت أفكارها مشغولة تماماً بكارلو روسي وعبست وهي تسمع صوت سيمون الهادئ الرقيق يقول : " آسف لإزعاجك . ولكنني أريد أن اثبت موعدنا لهذه الليلة ." فرددت كلامه دون أن تفهم وهي ترد خصلة من شعرها إلى خلف أذنها قائلة :" هذه الليلة ؟؟ "
أجابها مرحاً : " الليلة يصادف ذكرى مولد صديقتك الثامن عشر هل تذكرتِ ؟ متى آتي لاصطحابك ؟ "
فقالت : " آه تلك الحفلة . " كانت قد نسيت كل شيء عن حفلة ناتاشا . وما كانت عادة لتغفل عن مثل هذه المناسبة ولكن بالنسبة إلى ظروفها غير العادية الآن ليس ثمة شيء يمكنه أن يبعدها عن منزلها مهماً كانت الحفلة رائعة ، فالأمل كان ضعيفاً ورغم هذا فأنها تفضل قضاء الوقت مع كارلو .
وقالت تجيبه : " لقد غيرت رأيي ." واستطردت عندما ساد الصمت الطرف الآخر من الخط لتقول : " أنني آسفة كان علي أن أخبرك قبل ألان ولكن عندنا ضيف في البيت وأنا مشغولة تماماً بالعناية به لابد أنك قابلته انه كارلو روسي .." حتى ذكر اسمه على لسانها يرسل في نفسها الشوق إليه . وتابعت تقول بصوت متقطع : " لقد كان يتبع أبي إلى المكتب كل يوم ."
أطلق سيمون ضحكة قصيرة هازئة وهو يجيب : " انه لا يتبع أحداً انه هو الذي يجر كل شخص خلفه لقد قلب شبكة الأقسام كلها رأساً على عقب ودقق في جميع الحسابات بعدسة مكبرة جاعلاً كل شخص هنا يعمل بأقصى طاقته ."
فقالت تسأله وقد تألقت عيناها : " هل إمكانه أن يقوم بكل ذلك ؟ " ولم تكن تشك في مقدرته على استلام المسؤولية أينما كان . فقد كانت هالة الثقة بالنفس والسيادة التي تحيط به هي من جملة المميزات التي جذبتها أليه .
أجابها سيمون بجفاء : " عليك أن تصدقي ذلك لقد تنازل له والده عن الأسهم التسعة والأربعين التي يملكها في فرع الشركة في بريطانيا مما منحه سلطة كبرى إلى جانب انه نفسه ، شخصية مسيطرة ذلك أن نظرة واحدة منه تحمل كل شخص على اتباع الطريق . فانتبهي ."
وتابع بحقد : " لا جدال في أن إمكانيته على التنظيم فريدة فهو يجد الحل للمشكلة حتى قبل أن يدرك أي واحد منا أن ثمة مشكلة أصلاً ."
كان في إمكان فينيتيا أن تستمر في سماع مثل هذا الحديث لساعات طويلة ولكن سيمون كان له رأي آخر فعاد يسألها : " هل أنتِ متأكدة بالنسبة لهذه الليلة ؟ سيكون هناك الكثير من المرح والتسلية ويمكننا فيما بعد أن نذهب إلى المطعم وليس من الضروري أن يعرف العجوز متى تنتهي حفلة صديقتك ."
ولوت فينيتيا ملامح وجهها عابسة قبل أن تقفل السماعة في وجهه وهي تقول : " ويحك ."
لقد تجاوز سيمون بغروره الحدود حقاً فقد كان عليه أن يدرك أنها تتجاوز محاولاته لتقربها أليه وذلك إذ تقابلها بالهزء فقط لأنها إذا تركته فأنه يتعين عليها البقاء في البيت بعيدة عن كل مرح و تسلية إلى آن يجد لها والدها مرافقاً آخر يمكن أن يثق بسلوكه تجاه ابنته الغالية .
ولكن إذا هو ابتدأ يبدي عدم الاحترام لأبيها بأن يدعوه بالعجوز وعارضاً عليها أن يخدعاه فهي على استعداد لان تلقي به بعيداً دون أسف مفضلة على ذلك البقاء في البيت . ثم آن كارلو هو الرجل الوحيد الذي تريد ان تكون معه وحنت كتفيها وهي تخرج من غرفة المكتب .
وفجأة توقفت عن السير في منتصف القاعة الفسيحة بعد أن طرأت في ذهنها فكرة بناءة فكرة صائبة لا يمكن أن تخيب . لاحت على شفتيها ابتسامة وتألقت عيناها وقد عاودتها الثقة بنفسها التي افتقدتها منذ أيام . واستدارت إلى بوتي التي كانت داخلة من الباب الأمامي تاركة إياه مفتوحاً لكي تدخل الشمس الدافئة فقد كانت تنظف مقبض الباب النحاسي ، استدارت إليها قائلة : " هل ذكر كارلو الوقت الذي سيعود فيه ؟ "
قالت بوتي : " لم يذكر شيئاً ولم أسأله ولكنه يمكن أن يكون هنا في موعد الغداء تقريباً . " وحملت الصندوق الذي يحوي أدوات التنظيف تحت إبطها وهي تتابع قائلة : " ولهذا لو كنت مكانك لما بقيت أطوف طوال الصباح في انتظاره ثم عندي نصيحة لك وهي ألا تظهري تهافتك عليه فما أسرع ما تنسين هذا كله وترين نفسك أنك حمقاء وستندمين على الأوقات التي كنت تدورين فيها حوله ."
وعندما رأت الثورة على وجه فينيتيا الشاحب لطفت من لهجتها وهي تتابع قولها : " أن الذي سيتضرر في النهاية هي كرامتك يا حبيبتي أنني أدرك مبلغ جاذبيته وأية امرأة تنكر هذا ؟ ولكن عدا أنه كبير السن بالنسبة إليك ربما لديه ألان نصف دزينة من النساء الجميلات هن في انتظار عودته و ألان ..." و ألقت نظرة على ساعة الجدار وهي تتابع : " أنها التاسعة والنصف . ألم ينزل والدك من غرفته بعد ؟ ليس من عادته أن يتأخر في سريره إلى هذا الوقت ."
فأجابت فينيتيا ببرود : " أنني لم أره هذا الصباح ." كان الغضب يتملكها كيف تجرؤ على اعتبار شعورها نحو كارلو تهافتاً ؟ أنها ليست طفلة أنها تحب كارلو وستبقى تحبه على الدوام .
وما الذي تعرفه بوتي عن الحب وعمرها خمسون عاماً ؟ واستدارت على عقبيها وقد رفعت كتفيها بعناد ، ومشت نحو الباب الرئيسي شاعرة بأشعة الشمس تلهب ساعديها ، بأن هذا النهار سيكون شديد الحرارة . وعادة في يوم كهذا كان يسرها أن تمضي عدة ساعات في الداخل والخارج عند حوض السباحة خلف المنزل ولكنها كانت من القلق بحيث لم تفكر بمثل هذا الامر .
هذا إلى أنها كانت في حاجة إلى أن ترى كارلو فهي لا يمكن أن تغامر بفقده مرة أخرى بعد عودته . فقد سبق وخططت لفكرة متكاملة لكي تكون معه وهذه الفكرة لا يمكن له أن يرفضها مطلقاً . وجلست على الدرجة الأخيرة التي تقود إلى الباب الرئيسي مسندة ظهرها إلى العمود ذي الأركان الذي ينتهي بقصريه يتدلى منها معرشاً ، نبات إبرة الراعي القرمزية وأخذت تستنشق شذاه العطر وقد صممت على إلا تتزحزح من مكانها هذا مهما طال الأمد عليها ولكنها ما لبثت ان رأت كارلو يظهر من بعيد متوجهاً إلى المنزل وتصاعدت خفاقات قلبها لدرجة أذهلتها ووقفت متصنعة الظهور بمظهر البرود والهدوء . أن كل شيء يعتمد على كيفية عرضها للدعوة فهي ستوجهها بصيغة تجعل من المستحيل عليه رفضها ، وأنه إذا فعل ذلك فسيكون قد تصرف بشكل فظ بالنسبة إلى ضيف عند أبيها .
وببطء ابتدأت تتقدم نحوه محاولة أن تظهر وكأن ليس ثمة ما يبهج في العالم اكثر من الجو الرائع هذا . ولكنها في داخلها كانت في منتهى الاضطراب ، فقد كان قلبها يخفق بشدة كادت تخنقها لأنه إذا رفض دعوتها هذه فستفقد آخر أمل في أن يحبها ولو قليلاً .
وسألته بصوت بارد : " هل استمتعت بنزهتك ؟ " ولم تكن تظهر شيئاً سوى الاهتمام المؤدب . فأجاب بإيجاز : " كثيراً جداً " ولم يظهر عليه ما اذا كان مسروراً برؤيتها أم لا . وتابع يسألها : " هل والدك هنا ؟ أنني في حاجة إلى الحديث أليه ."
قالت : " أنني لم أره هذا الصباح ." وتذكرت بشكل مبهم شيئاً قالته بوتي هذا الصباح عن تأخر والدها في غرفته على غير عادته ، ونبذت هذه الفكرة من رأسها على الفور , إذ أن هذا المشهد بأكمله بدا وكأنه يهرب منها بعيداً .
أسرع كارلو خطواته فاضطرت إلى الإسراع في خطواتها لكي تلحق به وبدا وكأن خطتها في طريقها إلى الفشل . وقالت تسأله : " هل تصنع معي معروفاً ؟ " وكانت أنفاسها تتلاحق وهي تسأله ذلك وقد تلاشت لهجة الدلال التي كانت تعتزم مخاطبته بها وذلك بإسراعه الخطى نحو المنزل .
عندئذ تجمد في مكانه ، وستدار ببطء لمواجهتها وهو يقول ذاهلاً يطمئنها بلهجة جادة مهذبة : " هذا طبيعي إذا كان في إمكاني ."
أرغمت نفسها على الثبات في مكانها . وسألها بعدم اكتراث وعلى شفتيه ابتسامة جافة وهو يدس يديه في جيبي بنطاله : " حسناً ؟ " فقالت : " أنني ... "
وتبخر من ذهنها كل ما أعدته من كلام ولكي تتمالك نفسها ، تنفست بعمق وهي تراقبه شاعرة بالظفر وهي تراه يتأملها .
قالت وهي ترتجف قليلاً : " حسناً في الواقع أن إحدى صديقاتي ستقيم حفلة هذه الليلة في فندق سافوي وقد وعدتها بالمجيء وأنت تعرف كيف تكون .... " وهزت كتفيها قليلاً وهي تتابع : " أنني لا أريد أن أخيب أملها وأبي يخشى أن أضيع إذا ذهبت بمفردي فهل يمكن أن تسدي ألي جميلاً بأن تكون مرافقي ."
حبست أنفاسها وهي تتمنى قبوله وأخذت تراقب وجهه وقد اتسعت عيناها متوسلة دون وعي منها . وعضت على طرف لسانها بعصبية وهي تراقب توتر فمه ليقول بعد ذلك ببرودة : " أنني

 
 

 

عرض البوم صور العنقاء الحزين  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:37 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية