نظرت متعمدة الى حيث ما زالت يده ممسكة بيدها بقبضة حديدية .
- اهذه هي فكرتك عن الاعتذار ؟ يا للغرابة ! معظم الناس يبدأون بالقول : " نحن آسفون "
- تبا !
ترك زاين يدها وابتعد قليلا نحو الممر واضعا يديه على جانبي سترته . لا تجري الامور كما خطط لها , لكن المفاجأة المذهلة بأنها تنتمي الى عائلة كلمنجر الثرية هي اكبر المفاجأت التى تعرض لها .
كان بإمكانه ان يعلم بشأن صلتها بالعائلة , لو انه فقط لم ينظر الى صور تمسك فيها بذراع والده . لو انه اخذ الوقت لقراءة المقالات بدلا من رميها فى سلة المهملات طوال تلك السنين , لربما عرف الكثير . على الاقل هذا يفسر سبب عدم حاجاتها للمال , كما يفسر انه ليس من قبيل الصدفة ان تحجز له مساعدته الشخصية في فندق في سيدني يحمل اسم عائلة روبي .
منتديات ليلاس
مر عدد من الحضور فى الممر , فامتلأ المكان فجأة بضحكاتهم ومرحهم ورائحة عطورهم المميزة . أمسك زاين بيدها من جديد , وهو يقول :
" تعالي ! لا يمكننا التحدث هنا "
بدأت بالقول :
" لكن حفل الاستقبال "
قاطعها قائلا :
" لن اؤخرك كثيرا "
قادها من يدها على الدرج , فرفعت روبي حاشية ثوبها باليد الاخري . الليلة تبدو كأميرة قادمة من الامبراطورية الرومانية , فقد لفت شعرها حول وجهها وجمعته بعقد من اللؤلؤ عند مؤخرة عنقها , وارتدت سوارا وقرطين ملائمين للعقد .
اما القماش الناعم لفستانها فيلتف حول كتف واحدة , ثم ينحدر ليضم جسدها الجميل وينساب في طيات ناعمة عند قدميها .
سألته وهي تسحب يدها من يده :
" قل لي ما تريد قوله "
تنهد زاين وهو يحاول استجماع افكاره , وهما يسيران عبر المرفأ .
بدت الامسية رائعة . المرفأ واضواء الابراج العالية والمنازل المنتشرة عند الساحل الشمالي تعكس أضواءها على صفحة المياه الراقصة كالأحجار الكريمة المصقولة . نظرت روبي اليه بعينيها الزرقاوين الواسعتين المتسائلتين , وقد احيط وجهها بخصل من شعرها جراء النسيم العليل , وهذا ما جعلها اكثر جمال ورقة .
رغب زاين في إيقافها عن السير , وضمها بين ذراعيه ليحيي تلك الأحلام التى عذبته منذ فراقهما في بروومي , أحلام مليئة بالعناق والتودد اليها ومعاملتها كما يجب ان تعامل . لكن لا يحق له ان يفعل ذلك الآن اكثر من اي وقت مضي .
وهكذا , بدلا من ان يخبرها كم هي جميلة او يضمها بين ذراعيه , استمر في السير . بدأ بالقول :
" انا مخطئ ... اخطأت بحقك منذ البداية , وكل ما فعلته زاد الامر سوءا . انا آسف على ذلك , آسف جدا "
رفعت روبي نظرها اليه , وبدا القلق على محياها .
- وهل يفترض ان يجعل اعترافك كل شئ جيدا ؟
- من الصعب قول ذلك , لكنني اردت ان اخبرك . لم استطع انتظار عودتك من اوروبا .
توقف زاين عن الكلام , ووقفا جنبا الى جنب عند حافة المرفأ .
ينظران الى المياه السوداء
اعترف قائلا :
" اخطأت جدا بحقك , شككت بموهبتك , وشككت بدوافعك , واتهمتك بكل ما اكرهه في المرآة , وفوق ذلك سببت لك الأذى ايضا "
رفع رأسه الى السماء قبل ان يتابع :
" انت تعلمين .. اشعر بالغيرة من والدي ... غيرة عمياء لانك كنت له . شعرت بالغيرة من علاقتكما حتى بعد موته , وهذا ما اوصلني الى الجنون . شعرت بإنجذاب قوي نحوك , وكنت طيلة الوقت اظن ... "
- تظن اننى عشيقة والدك .
- لست فخورا بما حدث , لكن هل من الصعب تفهم ذلك ؟ أنت جميلة , وكنت تعيشين معه , وقد ترك لك عمليا نصف ثروته , فبماذا يجب ان افكر ؟
اقترحت روبي بقسوة :
" كان بإمكانك ان تسأل , بدلا من ان توجه الاتهامات "
اعترف زاين :
" اجل . انت على حق . لكن تلك الليلة , اثناء عرض المجموعة اردت معانقتك بشدة لدرجة انه لم يعد هناك اي شئ مهم . اردت ان اطفئ نار شوقي إليك قبل ان ترحلي , ولم اهتم لكونك كنت على علاقة مع والدي . شعرت بالصدمة عندما اخبرتني انك ما زلت عذراء , وانك لم تكوني لاحد من قبل حتى لوالدي "
اعترفت قائلة :
" لم اشأ ان تعرف , لكن لم ادرك يومها لماذا اعترفت لك بالأمر "
منتديات ليلاس
استدار لينظر اليها قائلا :
" لكن لماذا ؟ فقد سببت لك الاذي "
- لانني كنت سأغادر بروومي قريبا . وكان ذلك أفضل بالنسبة لي .
- لا الومك ان كنت تكرهينني . اصبت بالرعب عندما اعتقدت انك مهتمة فقط بالمال الذى ستحصلين عليه من الاسهم , ثم اكتشفت ما الذى ستفعلينه بالعشرين بالمئة الاضافية .
قطبت روبي جبينها , ونظرت اليه متسائلة .
- تركت ورقة التعليمات على مكتب ديريك فينلاسون . اسرعت وراءك لاعيدها لك , لكنني وضعتها في جيبي وانا اركض نحوك . عندما وجدتها ثانية كنت انت في سيدني , وادركت اننى اخطأت مرة اخري , لذا لم استطع الانتظار حتى عودتك . كان على ان اخبرك انني اخطأت بحقك , وانني آسف .
وقفا صامتين لفترة , وكل منهما غارق في افكاره .
قالت روبي :
" علي العودة الى حفلة الاستقبال , لكن شكرا لك "
رفع زاين كتفيه وقال :
" هناك امر واحد لم افهمه "
- ما هو ؟
- لماذا عشت في منزل والدي ؟ ادرك انني كنت مخطئا بالقفز الي النتائج , لكن كيف حدث انك تشاركت معه منزل امي ؟
ترددت قبل ان توضح :
" اعتقد ان ما سأقوله سيبدو غريبا , لكنها قصة طويلة . فى الواقع والدك انقذني "