كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
2_صفعة من القلب
غادر فريق الإنقاذ ، وتمت إزالة الأنابيب والحقن ، وأطفئت كل الآلات . يا للغرابة ! لكم كرهت روبى هذه الأصوات الدائمة للأجهزة خلال الأيام الأخيرة ، والتى تذكرها بتدهور صحة لورانس . اما الآن ، فى هذه اللحظة بالذات ، روبى كلمنجر مستعدة لأن تعطى اى شئ لتسمع تلك الضجة من جديد .... أى شئ يبعدها عن هذا الصمت المميت فى الغرفة ... أى شئ على الإطلاق ، إن كان هذا يعنى أن لورانس ما زال حيا قربها ، لكن لورانس رحل .....
شعرت بعينيها متورمتين ، وهما تحرقانها بشدة ، لكنها لم تتمكن من ذرف الدموع بعد ، لأن من الصعب عليها أن تتقبل الأمر .
إنه لأمر ظالم جدا ، فلورانس باستيانى ما زال فى الخامسة والخمسين ، وما زال شابا ليموت فى عمر مبكر كهذا ، لا سيما أنه يملك رؤية وطاقة سمحتا له بأن يقود أكبر عمليات اصطياد اللؤلؤ فى العالم من البحر الجنوبى . حتى الآن ما زال يبدو وكأنه نائم ، وما زالت يده دافئة بين يديها ، لكن صدره لم يعد يرتفع ويهبط تحت الغطاء ، ولم تعد رموشه تتحرك كما لو أنه يحلم ، ولم يعد هناك اى إستجابة للضغط على أصابعه .
منتديات ليلاس
تركت روبى رأسها يسقط إلى الأمام فوق صدرها ، وضغطت على جفنيها بقوة محاولة أن تتخطى اليأس العميق فى داخلها . لكن المنطق تخلى عنها الليلة بسرعة ، تماما كسرعة رحيل لورانس غير المتوقع ، والآن كل ما تستطيع التفكير به كلماته الأخيرة لها ... تلك الكلمات التى همس بها وكأنه يختنق .
ضغط بأصابعه بسرعة على يدها ،وتمكن من الهمس قائلا :
" اهتمى به ... أعتنى بزاين ، وقولى له إننى آسف "
بعد لحظة تبدل صوت الجهاز إلى صوت واحد مستمر ، فشعرت روبى بالرعب على الفور . بعدئذ فتحت أبواب الغرفة باضطراب لتدخل الآلات على عربة ، وبحركة سريعة تم إخراجها من الغرفة .
عندما سمحوا لها بالعودة كان الأمر منتهيا ، ولم تحظ بفرصة لتسأله ما الذى قصده بقوله ، ولماذا يجدر بها أن تعتنى بابنه الذى لم يزعج نفسه بالاتصال منذ عدة سنين ؟ أو لماذا شعر لورانس أنه هو من عليه الاعتذار عن هجران إبنه له ؟
كما أنها لم تحظ بفرصة لتسأل لورانس لماذا يتوقع منها أن تكون المسؤولة عن إبنه . لم يكن لديها الوقت لتمعن التفكير بالابن المدلل ، فبعد الطريقة التى تخلى بها عن والده ، زاين ليس مهما بالنسبة لها . إنها الآن تعانى من خسارتها لمعلمها المخلص ، فهو بمثابة الأب لها والملهم لأعمالها .... والأهم من ذلك كله أنها فقدت صديقا عزيزا .
همست ونبرة صوتها ترتجف من شدة الحزن :
" آه .... لورانس ! سأفتقدك كثيرا "
فتح الباب وراءها ، فشهقت وتنفست بهدوء . يتنظر فريق العمل منها أن تغادر ليتمكنوا من إنهاء الأعمال المطلوبة . قالت وهى تستدير نحو الباب :
" احتاج إلى عدة لحظات بعد ، إن كان ذلك ممكنا "
لم تتلق أية إجابة على الفور ، ولم تلاحظ إغلاق الباب ثانية ، راودها شعور غريب من الضيق زحف إلى أعصابها . تصلب ظهرها كردة فعل لما تشعر به ، وشعرت بوخز فى ذراعيها .
- أفضل أن أبقى مع والدى بمفردى
ادارت روبى رأسها بسرعة إلى حيث يقف صاحب النبرة الباردة كالثلج ، وللحظة قصيرة شعرت بقلبها يدق بعنف لأنها تعرفت عليه ، لكن الحقيقة عادت لتسيطر عليها وتبعد تلك اللحظة من الفرح الزائل . آه ! هاتان العينان اللتان تحدقان بها تشبهان عينى لورانس .
إنهما بلون الكراميل الداكن نفسه ، أما الرموش الكثيفة المحيطة بهما فتتمتع بالجاذبية نفسها أيضا . آه ، لا ! هنالك فرق بين هاتين العينين وعينى الرجل الأكبر سنا ، فالأخيرتان مليئتان بمزيح من الحب والاحترام وزاويتاهما تتجعدان جراء الضحك لسماع نكتة لامعة أو بفرح طبيعى عند اكتشاف حبة لؤلؤ رائعة ، أما العينان اللتان تنظران إليها الآن فباردتان ومتعجرفتان .
|