وبدأ قلبها يدق بشدة وقد أثارتها الطبول الصاخبة وشعرت بأدموند يضغط بأصابعه على خصرها وهو يقربها منه
وأحست بأنفاسه وهو يقترب منها ليهمس في أذنها قائلا:
" هيا بنا نذهب للنوم".
" أين؟".
" في الكوخ الذي أعد لنا".
" ألا يجدر بنا أن ننتظر قليلا , فقد يشعرون بالأستياء أذا نحن غادرنا المكان قبل أنتهاء الرقصة؟".
" لا أعتقد ذلك , أبلغت الرجل الذي كان يصحبنا أننا لن نمكث طويلا , وقد بدا متفهما تماما ... تعالي".
وأمسك أدموند بيدها , وقادها بين الأعشاب الطويلة الى حيث توجد الأكواخ , وكان الجو دافئا ومشبعا برائحة الغابة والسكون يلف المكان الذي بدا حالما في ضوء القمر.
ولم تكن ديليا تسمع سوى دقات الطبول المثيرة التي أشعلت حواسها .
وداخل الكوخ كان يوجد مصباح معلق في أحد القوائم الخشبية التي يستند اليها السقف
ونظرت ديليا حولها وصاحت قائلة:
"أوه , لا يوجد سوى فراش واحد معلق".
ثم توقفت أمام الفراش الذي بدا عريضا , وقالت:
" الأفضل أن نذهب ونطلب منهم فراشا آخر".
فقال أدموند بعدم أكتراث وهو يخلع قميصه:
" ولكننا لسنا بحاجة ألى فراش آخر , هذا الفراش كبير ويكفي لنا".
منتديات ليلاس
ووقفت ديليا في مكانها يتنازعا شعوران , شعور بالخوف وشعور بالرجاء , وهي لا تفهم تماما ماذا يقصد أدموند.
ثم خلع أدموند سرواله وعلقه مع القميص في أربطة الفراش المعلق , وتقدم نحو ديليا التي وقفت تنظر اليه وقد بدا لون صدره وكتفيه العاريتين بونزيا جذابا في الضوء الخافت وأرتسمت أبتسامة غامضة على شفتيه
وقال لها دموند:
" هل ستذهبين الى الفراش وأنت تلفين حول جسدك هذا الوشاح أم تريدين أن أساعدك على خلعه؟".
فرفعت يديها لتحل عقدة الوشاح
وهمست وهي تنظر الى أدموند:
" هل أنت متأكد؟".
" متأكد من ماذا؟".
فسألته بصوت مرتجف:
" هل أنت متأكد من أنك تريدني أن أشاركك هذا الفراش , لم يبدو عليك ذلك من قبل".
فقال وهو يأخذ منها الوشاح ليعلقه:
" أنسي كل شيء عن الماضي".
ثم قال وهو يتجه الى الفراش:
" المشكلة الآن هي كالمعتاد : كيف ندخل الى الفراش بدون أن نتيح فرصة للبعوض بالدخول معنا".
ثم ألتفت اليها يسألها:
"هيه , هل أنت على أستعداد للصعود الى الفراش؟".
ومد أدموند يده لها , فأمسكت بها وهي تشعر كما لو كانت مسلوبة الأرادة , وصعدت الى الفراش ودخلت تحت الشباك الواقية من البعوض
وقال لها أدموند بصوت آمر:
" أخلعي حذاءك وناوليه لي".
فأطاعته , وبعد أن أعطته الحذاء , أستلقت على ظهرها في الفراش وقد تلاحقت ضربات قلبها, وكان يتهيأ لها أن صدى الضربات يتردد في جنبات الكوخ.
كان الفراش يتسع بالفعل لشخصين ملتصقين ببعضهما البعض, وأثارتها فكرة نومها بين ذراعي أدموند وشعرت بنيران تشتعل في داخلها , وأطفأ أدموند المصباح , ثم سمعته يضحك وهو يمسك بحافة الفراش ليصعد اليه وهو يقول:
" أرجو ألا يسقط بنا".
وتأرجح الفراش بينما كان أدموند ينزلق الى جانبها , وأحست ديليا بدفء قدميه وساقيه العاريتين وهما تلتصقان بها , ثم دفع بذراعه تحت كتفها , فأسندت رأسها على صدره وهي تستمع الى دقات قلبه.
وهمس أدموند يسألها:
" هل تشعرين براحة هكذا؟".
" نعم , شكرا".
وشعرت بصدره يعلو ويهبط وهو يضحك
ثم قال وهو يحاول أن يقلّد كلامها :
" نعم , شكرا , أنك دائما مهذبة للغاية وأنت تستخدمين مثل هذه الكلمات ".
" لقد تعودت على ذلك منذ كنت طفلة صغيرة في المدرسة وعندما كنت أذهب عند خالتي مارشا".
" هل ألتقيت بها مؤخرا؟".
" لا , ولكنها أرسلت أليّ خطابا تعاتبني فيه لأنني لم أستمع الى نصيحتها وتحذيرها لي بشأنك".
فصاح بدهشة:
" وهل حذرتك مني؟ ومتى حدث هذا؟".
" كان ذلك بعد أول لقاء لي معك, نصحتني في ذلك الوقت بعدم التورط في علاقة معك , وعندما رفضت الأستماع اليها , وصفتني بأنني غبية".
وأعقب ذلك فترة صمت , قطعها أدموند قائلا بصوت خافت:
" ربما كانت على حق , لقد كان من الأفضل لك أن تتزوجي شخصا مثل بيتر , فأنه كان سيسعدك ويبقى الى جانبك ويوفر لك منزلا مريحا , أنني لا أزال لا أفهم لماذا لم تحاولي الحصول على الطلاق مني!".
" لم أكن أستطيع فعل ذلك , من دون أن أراك أولا".
" لقد فهمت من بيتر أن هذا لا يهم في شيء , طالما أنني أبلغته بوصفه المحامي الموكل عني بموافقتي على الطلاق وقال أنه سيبلغني بتطورات الأمور , ولكنه لم يفعل ذلك أبدا".
" وهل كتبت اليه؟".
" مرتين".
" ولماذا لم تكتب اليّ؟".
وسادت فترة أخرى من الصمت , ثم شعرت بأصابعه تتخلل شعرها وتعبث به
وهو يهمس قائلا:
" لم أعتقد أنك تريدين أن تسمعي أي شيء عني بعدما حدث بيننا , يا ألهي لو عرفت مقدار ما شعرت به من ألم!".
وأحست ديليا وكأن هذه الكلمات تخرج من أعماقه , فشعرت برغبة شديدة في التخفيف عنه , فرفعت يدها ولمست وجنته بأصابعها وهي تربت عليه برفق
وهمست قائلة:
"لقد كانت غلطتي".
وأضاف وهي تشعر بالراحة لأنها أعترفت له أخيرابأنها أخطأت .
" لم يكن من اللائق أن أتصرف بتلك الطريقة ولكنني كنت خائفة ولم أفهمك , فقد كنا نعرف القليل عن بعضنا , وكان بيتر قد أخبرني أنك ربما تكون غير مخلص لي وأنت بعيد عني".
منتديات ليلاس
فقال أدموند بحدة:
" بيتر , بيتر , يبدو أن كل شيء يدور حوله , لقد كنا حتى نتصل ببعضنا عن طريق بيتر!".
" أنني أعرف ذلك , ولقد حاولت الأتصال بك , ولكنه كان دائما بيننا , وفي تلك الليلة , عندما عدت الى المنزل ولم أجدك , أنتظرت طوال الليل وكنت أود أن أعتذر اليك ., ولكنك لم تحضر وأنتظرت أن تتصل بي في الصباح ولكنك كنت قد رحلت , يا أدموند كم كان الأمر فظيعا!".
وتساقطت الدموع من عينيها على صدره , فرفع وجهها اليه وهو يجفف دموعا , ثم طبع قبلة رقيقة على خدها.
وشعرت ديليا بشفتيه دافئتين , فأستجابت له وأحاطت عنقه بذراعها وهي تضغط عليه وتقربه منها كما لو كانت تقول له أنها لا تريده أن يبتعد عنها , وشعرت بأصابعه تلمس كل جزء من جسدها بحنان
ورفع أدموند رأسه وهو يقول هامسا:
" ديليا, أنت تعرفين ما الذي أريده منك الآن ؟ ولكن , هل تريدين أنت ذلك أيضا ؟ أنني لن أحاول أن أخيفك مرة أخرى".
فأحتضنته ديليا بقوة وهي تشعر بسعادة كبيرة وجسدها يلتصق بجسده وهمست قائلة:
" نعم يا أدموند , أرجوك , لقد أشتقت اليك كثيرا , وأنتظرت هذا اللقاء منذ فترة طويلة وكنت أتوق اليه , كنت في شوق الى حبك , ولهذا جئت الى البرازيل لأكون الى جانبك".
وأندفع أدموند يحتضنها بحب وأستجابت له ديليا وتأرجح الفراش وهما يتعانقان وصوت الطبول يدوي في الخارج بعنف.
نهاية الفصل الخامس