وأنحنت ديليا لتلتقط ثوب أستحمامها من فوق الأرض , وجاهدت وهي تسير بجانب أدموند لتمنع دموعها من السقوط محتفظة بما تبقى لها من كرامة .
وعندما وصلا الى المعسكر , كانت النيران ما زالت مشتعلة وقال لها أدموند :
" حاولي أن تدخلي الى الفراش والأختباء وراء الشباك التي تمنع دخول البعوض بأسرع ما يمكن حتى لا تتيحي الفرصة للبعوض بالدخول".
فسألته:
" هل يمكنني أن أضع رداء نومي؟".
" هل هو معك؟".
" أنه في الفراش المعلق".
" حسنا , يمكنك ذلك , وسأعود اليك لمساعدتك على التسلق الى فراشك".
وبعد أن بدّلت ثيابها , أخذها أدموند ووضعها في الفراش المعلق وهو يقول:
" لا تتركي أي ثياب على الأرض, هل لديك غطاء؟".
فشكرته وهي ترد بالأيجاب , فقال:
" ستحتاجين اليه , تصبحين على خير".
فقالت من بين دموعها :
" تصبح على خير , وشكرا".
ولم يكن من السهل على ديليا أول الأمر أن تنام في مثل هذا الفراش المعلّق , ولكنها أستلقت في نهاية الأمر فوق ظهرها , وأخذت تنظر في السماء فوقها وقد أنتشر ضوء القمر الأصفر الباهت ليضيء المكان .
حاولت الأستغراق في النوم , ولكنها لم تستطع , فقد كانت مضطربة للغاية , وتذكّرت موقفها مع أدموند على الشاطىء النهري وعواطفها ورغبتها التي تفجّرت بعنف لمبادلته الحب , هذه الرغبة التي لم تكتمل بسبب أعراضه عنها , ولكن ألم تعرض عنه هي منذ ستة عشر شهرا؟
وتذكّرت قوله لها : لقد أرتكب كل منا خطأ كبيرا في حق الآخر , وأدركت ديليا في هذه اللحظة ألى أي حد أذت مشاعر أدموند في تلك الليلة في لندن, عندما غادرت المنزل وتركته وحيدا , ولكن لماذا لم يمنعها من الخروج ؟ لقد كان بأمكانه أن يفعل ذلك.
وتمنت ديليا لو أنه لم يذهب الى بيتر في تلك الليلة أو لم يصدق حديثه, ولكن كيف وهي تعرف تماما مقدرة بيتر على أقناع أي شخص بما يريده , ولا بد أن أدموند في ذلك الوقت كان يشعر بأذلال شديد لموقفها منه , وكان على أستعداد لأن يصدق أي شيء يقال له وخاصة من أعز أصدقائه.
لقد صدّقت هي بيتر أيضا في وقت من الأوقات عندما أخبرها بأنه من الأفضل لها أن تطلق أدموند لأنه حضر اليه وطلب المضي في أجراءات الطلاق , وكاد أن يقنعها بذلك بالفعل على أساس أن هذه هي رغبة أدموند , ولكن حدث ما دفعها الى التمسك بأدموند وعدم محاولة الحصول على الطلاق.
منتديات ليلاس
وتذكّرت ديليا حديث بيتر معها وهو يستحثها على طلب الطلاق من أدموند حين قال لها:
" عندما ينتهي كل شيء , سيكون بأمكانك التخلص من أدموند والزواج بي , فصاحت به قائلة: ولكنني لا أريد الزواج منك , أنني لا أريد الزواج من أي رجل آخر غير أدموند لأنني أحبه , وربما أوافق على الطلاق ولكنني لن أتزوج بك , وبدا على بيتر في ذلك الوقت أنه صدم , ولكنه تمالك نفسه , وجلس الى جانبها بهدوء وأمسك بيدها قائلا: من الطبيعي أن يكون هذا شعورك الآن, الطلاق تجربة قاسية بالنسبة لأية أمرأة , أعرف تماما الصراع الذي يدور بداخلك وأنت تحاولين أتخاذ قرارك ولكن صدقيني ستشعرين بالراحة بمجرد أتخاذك هذا القرار, ثم تنهد مضيفا: لقد مرّت عليّ قضايا كثيرة من هذا النوع , لقد أتخذ أدموند قراره ولن يعود اليك بأي حال من الأحوال ,وسألته ديليا برجاء : هل تعرف مكانه؟ نعم, ولكنه طلب مني الأحتفاظ بذلك سرا , وأنا لن أخون ثقته بي , وأعتقد أنه سيذهب برحلة أخرى قد تستغرق منه أكثر من عام.
ثم ألتفت بيتر اليها قائلا: ألا ترين يا ديليا , أنه لن يستقر أبدا , وسيتركك دائما تعيشين وحيدة؟ فأجابته: لو أتأكد من أنه يريد الطلاق فعلا! لو أستطيع التحدث معه أو حتى الكتابة اليه , أنني متأكد من أنه يريد الطلاق, فأنا لست صديقه فقط , ولكنني محاميه , وقد قال لي بالحرف الواحد أنه أرتكب غلطة كبيرة بزواجه منك , وأنه يريد أصلاح هذه الغلطة بأسرع ما يمكن , فهو كما تعرفين لا يستطيع أن يرى شخصا يتألم , وهو يعتقد أنك تتألمين , أرجوك يا ديليا , أتخذي قرارك لمصلحتك الشخصية ولراحتك.