فقالت ديليا وهي تغادر الفراش:
" أذا خذني معك, أرجوك يا أدموند".
فقال بلهجة قاطعة:
" لا , ستعودين في طائرة الأمدادات غدا الى ريو دي جانيرو ولقد أعدّ كل شيء, وستذهب ريتا معك على نفس الطائرة فهي تريد زيارة أطفالها , وقد دعتك للبقاء معها بضعة أيام ريثما تستردين صحتك تماما , فأنت في حاجة الى الراحة والطعام الجيد".
" ولكنك أنت أيضا في حاجة الى الراحة.أليس هناك أطباء غيرك؟ وماذا عن الدكتورة ميريللي , ألا يمكنها هي الذهاب".
" أنها ستذهب معنا أيضا , وهي موجودة هنا , والجميع في أنتظاري , أما أنت فأنه من الأفضل لك الذهاب مع ريتا".
منتديات ليلاس
وشعرت بالغيرة تتأجج في صدرها , وقد عرفت أن زانيتا ستذهب مع أدموند , فقالت في أصرار:
"ولكنني أريد الذهاب معك".
فقال في جفاء وهو يدفعها بعيدا عنه:
" حسنا , أنا لا أريدك معي , والآن عودي الى فراشك".
وترنحت ديليا قليلا , فألقى بحقيبته على الأرض وأسرع اليها يسندها , وأمسك بذراعيها وهو ينظر اليها قائلا
فيما يشبه الأعتذار:
" لقد أسأت اليك من جديد , أليس كذلك؟ أسمعي يا ديليا , أنت تعرفين أنه يجب عليّ الذهاب, فأنا طبيب ألبي نداء واجبي سواء هنا أو في لندن".
" ولكن الأمر يختلف هنا , بأمكانك أن تأخذني معك , ولكنك لا تحبني ولم تحبني في يوم من الأيام , أوه , يا أدموند أذا كنت تحبني حقا فخذني معك".
فترك أدموند ذراعيها
وقال وهو يبتعد عنها:
" الوقت لا يتسع الآن لمناقشة هذه المسألة , وأنا لا يمكنني المخاطرة بأخذك معي , فأنت ما زلت ضعيفة وسيكون من السهل في حالتك هذه أصابتك بالمرض , وأنا لا أستطيع تحمل هذه المسؤولية , أما بالنسبة لأتهامك لي بأنني لا أحبك , فأنني أقول لك أيضا , أذا كنت تحبينني حقا , فيجب أن تتركيني أذهب بدون المزيد من المتاعب".
ثم ضحك وهو يضيف:
" ألا تذكرين يا ديليا موقفا مشابها لهذا الموقف , عندما طلبت مني أن أتزوجك؟".
ثم أخذ أدموند حقيبته وأتجه الى لباب , فتبعته ديليا وهي تسأله:
" متى أراك مرة أخرى؟".
" لا أدري , ربما الأسبوع القادم , سأحاول في أية حال العودة الى ريو دي جانيرو بأسرع ما يمكن".
"علي العودة الى لندن يوم الأربعاء القادم فأنني مرتبطة بالعمل".
" سأحاول الوصول الى ريو دي جانيرو قبل هذا الموعد , ولكنني لا أعدك بشيء , فكما تعرفين لا يمكن الجزم بشيء هنا".
وفتح أدموند الباب ليخرج , ونظر اليها وهو يغادر الغرفة نظرة طويلة ثم قال:
" أذا كنت تحبينني فعلا يا ديليا , فأنني سأجدك في أنتظاري في ريو دي جانيرو".
أستلقت ديليا في فراشها وهي تستمع في تعاسة الى صوت محركات الطائرة وهي ترتفع في الجو لتبتعد عن القرية , ثم سمعت صوت أقدام , وفتح باب الغرفة ببطء , ودخلت ريتا وأتجهت الى الفراش, وجلست الى جانب ديليا وقد أمتلأت عيناها بالدموع
ونظرت الى ديليا وهي تقول:
" أنك تبدين شاحبة الوجه يا ديليا وحزينة , ولكن ألا تبكين وأنت تودعين أدموند؟ أنني أبكي بحرقة دائما عندما يتركني مانويل ويرحل".
فهزت ديليا برأسها وهي تحاول الأبتسام , وقالت بصوت حزين :
" طلبت منه أن يأخذني ولكنه رفض , وقال أنه لا يريدني معه , وأنا أعرف السبب في ذلك , لأن زانيتا معه".
وتوقفت ريتا عن البكاء فجأة , وهي تقول:
" ما هذا الذي تقولينه يا ديليا؟".
ثم وضعت يدها على جبهتها وقالت:
" حرارتك ليست مرتفعة , فلماذا تهذين؟".
" أنني لا أهذي , أدموند لا يحبني و...".
فقاطعتها ريتا قائلة:
" أنت تقولين هذا بعد قلقه الشديد عليك أثناء مرضك , كان يشعر بتعاسة شديدة لأنه سمح لك بالذهاب الى تلك القرية , وهو لا يريدك أن تذهبي معه اليوم , لأنه يهتم بك الى درجة كبيرة , ويخشى أن تصابي بالمرض وأنت في هذه الحالة من الضعف".
" أنه يهتم بأي شخص مريض بنفس هذا القدر , أنه لا يحبني , ولم يحبني في يوم من الأيام , فهو يحب عمله أكثر مني".
فهزت ريتا رأسها بحزن , وهي تقول:
" أنني أفهم تماما ما تعنين , ولكن مانويل أيضا يحب عمله , ومن من الرجال لا يحب عمله وخاصة من كان على شاكلة أدموند ومانويل؟ أن الرجال يعتقدون أننا نفهم ذلك ونقدره , فهو يرحلون وما علينا سوى الأنتظار لحين عودتهم ربما بعد أسبوع أو شهر , أليس كذلك يا ديليا؟".
منتديات ليلاس
" نعم , ولكن...".
فقاطعتها ريتا وهي تضع أصبعها على فمها:
" لن أسمح لك بالحديث حتى نتناول بعض الطعام , فأنت تشعرين بالحزن الآن لأن أدموند رحل وأنت مريضة , ولكنك ستشعرين بالتحسن بعد أن تنالي قسطا من الراحة , وغدا سنرحل معا الى ريو د ي جانيرو حيث نستمتع بوقتنا بأنتظار عودة أدموند ومانويل الينا".
وأتجهت ريتا الى الباب , ولكنها توقفت وقد بدا عليها التفكير ثم نظرت الى ديليا وقالت:
" يجب ألا يساورك القلق يا ديليا بشأن زانيتا فهي تفتقر الى كل ما يريده أدموند في المرأة , أنها على عكسك تماما , والآن سأذهب لأحضر لك بعض الطعام".