كاتب الموضوع :
romantico triste
المنتدى :
المرأة والزينة
المرأة .. وعمليات التجميل!
إعداد : ناهد انور
عند بوابات الجمال، حيث لا سحر يضاهي روعة الخلق في منظومة الكون، الشمس والقمر والسحر والفجر وغسق الليل والفضاء والبحار.. خلق الله المرأة، ووهبها صولجان الجمال في شرعة حكمته كي تستمر الحياة، فكانت المرأة واحة وارفة الظلال في سفر الحياة، وترانيم عطر وأبجديات صفاء الروح، ووردة ساحرة.
وهي سرُّ الجمال في هذا الكون، ما زالت منذ بدء الخليقة تنشد إضفاء الجمال على كل ما يخصّ حياتها وشخصها، زينتها وأناقتها، وفي سعي دؤوب لمزيد من جرعات جمال تضيف إليها روعة على روعة، تظهر مواطن الجمال فيها، وتجاهد كي تخفي المواطن الأقل جمالاً في الشكل والقوام، وقد جاءنا العلم بوسائل علمية وبحثية أصبحت قادرة على تحسين شكل القوام، وتصحيح عيوب الوجه والاحتفاظ ببشرة شابة مشدودة خالية من العيوب حتى بعد أفول الصبا والشباب، فالحكمة في الخلق أن العمر يتقدم بالإنسان والأيام تتالى وتمرّ، وتظهر دلائل الكبر بالسن حيث الشعر يكاد يتساقط، ويغزو السواد والتورم أسفل العينين، وتتشقق الشفاه، وتفقد البشرة الكثير من مرونتها ورونقها، وتتسلل التجاعيد بسرعة إلى الوجه لتشكل شبحاً وهاجساً دائماً، لذلك تسعى المرأة جاهدة وتحرص دائماً لإعادة ميلاد جمالها، في مقاومة لا تفتر للمحافظة على جاذبيتها وشبابها.
مع الانفتاح الفضائي على العالم المترافق مع زحمة نجمات الإعلان وتزايد الهوس الذي شاع بين كل الناس في العودة إلى الشباب، نجد المرأة تبحث بعينها وقلبها عن إعلانات الجمال لترفع نسبة جمالها في مناطق جسدها فتبدأ رحلتها الشاقة لاستعادة شبابها وحيويتها وغالباً ما يكون في اللجوء إلى عيادات التجميل التي كرست خبرتها وجهودها لتحول حلم الشباب الدائم إلى حقيقة، وها هي المرأة المعاصرة تعتبر أن الجراحات التجميلية أصبحت من ضرورات العصر وهذا أدى إلى توسع أطماعها في طلب الجمال لاستعادة النواحي الجمالية في الوجه والجسم.
لقد شهدت عمليات التجميل في العالم تطوراً كبيراً وأصبحت عنصراً جمالياً هاماً تعنى برسم الشكل والمظهر الخارجي ولم تعد رفاهية أو ترفاً إذ إن الكثيرات يرين أن عمليات التجميل تضع الجمال بين يدي المرأة وتعدها بنتائج رائعة في وقت قياسي، فقد أصبح من الممكن تحسين القوام وتصحيح عيب يرونه غير محبب إليهن وغير متوافق مع معايير الجمال فيقبلن على عمليات شفط الدهون وشد البطن وتجميل الصدر وإزالة الشعر والبقع وتجميل الأنف وشد البشرة.. الخ.
ولكن..!؟ سيدتي أليس جمالك يكمن في التوازن بين القبول بما خلق الله وجمال الروح والنفس والباقة وحسن التصرف، وهذا هو الانسجام الأكمل الذي يبعث على الشعور بالرضا والثقة بالنفس، ومن أجل ذلك لا بد لكِ من اتباع إرشادات ذوي الاختصاص لتحديد مدى حاجتك الفعلية لأي عملية تجميل، وفي رغبة لسلوك الطريقة المنهجية في تفصيل هذه المسألة علينا أن نستقي الخبرة من مراجعها، فكما يقول المثل: (أيها الإنسان لا تستطيع أن تجرّ كل الأخطاء، فاتعظ بأخطاء غيرك).
إن عمليات التجميل تجرى لسببين رئيسيين، إما بغرض تجميل التشوّه سواء كان الخلقي (إعاقة أو مرض) أو الناتج عن حوادث أو إصابات، أما السبب الثاني فبغرض التجميل لمجرد التجميل وذلك إما في محاولة للتقليد أو النظرة الطموحة التي تسعى دائماً إلى بلوغ الكمال، والتي تفتقد إلى قناعة الرضا بما خلق الله، وانعدام الثقة بالنفس، فليس الجمال هو جمال الشكل فقط، بل هناك عوامل كثيرة تعمّق صورة الجمال أهمها جمال الروح والرقة والأخلاق.
يقول د. خالد حاج محمد وهو طبيب متخصص في الجراحة التجميلية:
(يجب أن يتوقع المرء الذي يخضع لعملية جراحة تجميلية ردود فعل متباينة ممن يلقاهم من الأهل والأصدقاء وعلينا ملاحظة أن جراحات التجميل تزدهر حاليا بشكل مطرد في العالم عموماً، وقد تغيّر حياة الكثيرين إلى الأفضل، إلا أنها تمثل أيضاً للبعض الآخر كابوسا مزعجاً وخطيراً).
ويقول جيرالد بيرستين في دراسة قيِّمة: (إن جراحة التجميل حتى وإن كنت شكلية الطابع، ما زالت مسألة مليئة بالمخاطر يمكن أن تودي بحياة من يخضعون لها، فقد لقي العشرات إن لم يكن المئات حتفهم في السنوات الماضية بسبب تعقيدات جراحة التجميل ومضاعفاتها).
كيف يمكن إذن أن نفهم هذه الظاهرة التي تشد الكثيرين والكثيرات دون حاجة ملحّة للخضوع إلى عمليات جراحة تجميلية بأنواعها وأشكالها والتي لم تعد مقتصرة على مكان أو عضو معين كالأنف مثلاً؟. فهناك عمليات كثيرة بتنوعها من التقشير الكيميائي للجلد إلى تكبير الثديين التي تشمل إجراءات مثل حقن البوتوكوس Botox وتجميل الأنف، فضلاً عن الإجراءات الترميمية مثل إزالة الأورام والندوب، وهي عمليات مكلفة مالياً فقد أنفق ستة ونصف مليون مواطن أمريكي من أصل مجموع السكان في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال في عام 2002م أكثر من سبعة مليارات دولار على الجراحات التجميلية، وإن دلّ هذا على شيء فإنما يدلّ على الشعور بعدم الرضا عن مظهرهم.
وهناك أمر آخر أكثر خطورة ينتمي إلى مسألة التصنيف العرقي بين البشر، والنظرة المغرورة المتفوّقة التي يعتبرها الأمريكي مثلاً أنها ميزة، وهي في الحقيقة ليست أكثر من أوهام آنية تتلاشى مع تلاشي سطوة القوة.
يقول الدكتور مونتي هاريس أحد مؤسسي عيادة (كولتشرا كوزماتيك سبا)
cultura cosmetic spa في واشنطن العاصمة: في الفترة الماضية كان الحصول على الأنف الأوروبي، الذي يُعتبر عموماً الشكل المثالي، هو حلم كل من يرغب في تجميل أنفه والنتيجة هي احتفاظ الذين يتلقون هذه العمليات التجميلية بتميزهم العرقي سواء أكان ذلك أنفا أكبر أو عيوناً أوسع أو شفاهاً أكثر امتلاءً. ويضيف هاريس قائلاً: (لدينا خريطة ديموغرافية متغيرة هنا في أمريكا، فنحن نعيش ثقافة أكثر عولمة، كما أن الأمريكيين باتوا يتقبلون تعريفا أوسع للجمال. فالناس يحاولون أن يظهروا بأفضل مظهر لهم فيما يحافظون على انتمائهم العرقي).
وفي جانب آخر تقول ديبورا سوليفان في مسألة تعامل الطبيب الجراح مع مريضه كأساس في منظومة مهنة الطب وشرفها وهي أستاذة بجامعة ولاية أريزونا Arizona State University ومؤلفة كتاب (جراحة التجميل: طليعة الطب التجاري في أمريكا).
(Cosmetic surjery:The cutting Edge of commercial Medicine In America) هذه أجساد بشرية وأول مبدأ من مبادىء الطب هو ألا يلحق الطبيب الأذى بها. وعندما تقوم بإجراء عملية جراحية، فعليك أن توازن بين الخطر المتأصل والنتيجة المحتملة. الأطباء عادة يوازنون بين الخطر وبين الأثر العلاجي. لكن في حالة جراحة التجميل فإنهم يوازنون بين المخاطر والمظهر).
|