لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-10-10, 02:06 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

قالت لها الأم الرصينة :
" لكي تفهمي موقف والدك جيدا , علي أولا التحدث قليلا عن شخصية جدك وبعض صفاه , ومع أن كل ما سأقوله لك سيكون بالطبع نقلا عما سمعته , ألا أن ثقتي العمياء بصدق أبيك وعدم تحيّزه المثالي حتى ألى نفسه , تحملني على تكرار كلماته دونما أي تشكك في صحتها المطلقة".
وضعت الأم يدها على كتف أبنتها , وكأنها على وشك البدء برواية قصة لا أساس لها في التاريخ المعاصر , ثم مضت ألى القول:
" كانت عائلة روسيني منذ قرون عدة , ولا تزال حتى الآن , عائلة ثرية للغاية وذات نفوذ عظيم , وقد يفسر هذا الأمر ألى حد ما سبب طغيان جدك وتسلطه , حتى مع أفراد عائلته , لم يكن أحد يجرؤ على التردد لحظة في تنفيذ أوامره , وتلبية طلباته , وتحقيق رغباته , ونشأ كل من والدك وعمتك كاترينا منذ صغرهما على أطاعته بصورة عمياء , ودون أي أعتراض , أو مناقشة , وأعتبار كلامه قانونا صارما يجب تطبيقه حرفيا وبشكل فوري , كان حازما مع الجميع...... مع زوجته وخدمه وعماله ولكنه كان قاسيا ألى درجة مذهلة مع ولديه , أصر على أن يعملا يوميا الساعات الطوال في الحقول والبساتين , ومشاركة العمال والفلاحين أعمالهم وطرق حياتهم ومعيشتهم , حرمهما مقابلة رفاقهما القلائل ألا نادرا , لأنه لم يمنحهما سوى فترات قصيرة للراحة أو للعب".
أحست روزالبا بأشمئزاز شديد , ولكنها لم تحاول مقاطعة والدتها ...... التي بدت وكأنها تجد صعوبة في تذكر تفاصيل لم تسمعها ألا مرة واحدة قبل سنوات عديدة , هزت الأم رأسها , ومضت ألى القول:
" المعروف أن الصقليين لا يعطون أولادهم ثمن أتعابهم , بل يضعون كافة الأرباح والمداخيل في صندوق العائلة .... الذي يستخدم أيضا لتغطية جميع النفقات , بما فيها ثمن خاتم الخطوبة الذي يبتاعه الرجل لزوجة المستقبل , وهذا يعني أن الأبن لا يحق له الأنفراد بأي مبلغ من المال , مهما كد وأجتهد في عمله ".
منتديات ليلاس
" وماذا يحدث أذن عندما يريد الزواج , وتأسيس بيت خاص به؟ ".
" لا يحدث أي شيء يذكر , سوى أن والده يخصص له ولعروسه غرفة أو أكثر..... حسب كبر البيت أو صغره".
" لا للأقطاعية والتسلط!".
" ألغت الحرب عددا لا بأس به من العادات والتقاليد القديمة , وذلك في معظم المدن والقرى الكبيرة , أما الحياة في المناطق الريفية البعيدة والمنعزلة.وبخاصة في القرى الجبلية النائية , فلا تزال كما كانت منذ قرون عدة , وعلى الرغم من نفوذ جدك الكونت والمحاولات الكثيرة التي قام بها , فقد أستدعي والدك ألى الجندية خلال الشهر الثاني لنشوب الحرب وكان آنذاك في العشرين من عمره , وفي الليلة التي سبقت ألتحاقه بفرقته , أبلغه أبوه أنه أعد له كافة الترتيبات اللازمة لزواجه من فتاة لم يشاهدها في حياته ألا مرة أو مرتين فقط , وبما أن وقته كان ضيقا للغاية , فقد قرر عدم الأعتراض على كلام والده وتأجيل البحث في الموضوع حتى عودته ألى البيت , في أول أجازة يمنحها له الجيش".
" وجدتي؟ ألم تكن قادرة على التدخل والأعتراض؟".
" لم يتحدث والدك عنها سوى مرة واحدة , وذلك عندما تمنى تسميتك روزالبا ..... تيمنا بها , ولكنني أذكر جملة لعمتك كاترينا , قالت فيها أن جدتك توفيت عندما كانت هي ووالدك في سن المراهقة".
" أكملي , أكملي , يا أمي! أخبريني بربك كيف تمكن أبي من الهرب!".
تخلت السيدة روسيني عن جديتها , التي لم تفارقها منذ بداية الحديث , وضحكت بصوت عال قائلة:
" من أغرب المفارقات أنه تمكن من الهرب , كما تقولين , عندما وقع في الأسر قبل بضعة أيام من موعد أجازته الأولى , وقد أحضر ألى بريطانيا , وأرسل ألى معسكر لا يبعد ألا بضعة كيلومترات عن المكان التي كنت أعيش فيه ".
" هل أسر أبي حقا وسجن وعذّب؟".
أبتسمت أمها وقالت :
" لا , يا حبيبتي! فالسلطات العسكرية هنا كانت تعامل الأسرى الأيطاليين بكل أنسانية وتساهل , وتسمح لهم بالخروج يوميا من معسكراتهم للعمل في حقول ومزارع قريبة , وكنت أنا حينئذ أعمل في المزرعة ذاتها التي أرسل أليها والدك , فحدث اللقاء الذي غير مجرى حياتنا".
" يا له من لقاء بعيد عن الرومانسية!".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 27-10-10, 02:08 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

أبتسمت الأم ونظرت ألى أبنتها بعينين حالمتين , ثم قالت :
" كم أنت مخطئة يا حبيبتي! على أي حال ,فأنا لا أنوي الأسترسال في هذا الموضوع ...... وكل ما سأقوله لك أننا أحببنا بعضنا وتزوجنا فور أنتهائها الحرب.... والآن , يا روزالبا , ما رأيك في أعداد أبريق آخر من قهوتك الطازجة اللذيذة ؟ لقد جف حلقي ولساني من كثرة الكلام".
" الآن , ولكنني أريد معرفة رد فعل جدي .... وعما حدث بالنسبة للفتاة التي كان يفترض بأبي أن يتزوجها , هل......".
" سأخبرك ذلك في وقت لاحق , يا بنيتي ! أنني أرفض الأستمرار في سرد هذه القصة , ما لم تحضري لي بعض القهوة".
هبت روزالبا واقفة , وقالت بلهجة مرحة تحمل شيئا من الجدية :
" حقا , يا أماه , هل تعرفين أنك قادرة أحيانا على أزعاج الآخرين بطريقة ذكية ...... وخبيثة ؟".
أرتاحت الأم قليلا بعد ذهاب أبنتها ألى المطبخ , ففتح الجروح القديمة مسألة مرهقة للأفكار والأعصاب , لم تكن بحاجة ألى القهوة , بل ألى فترة تأمل وراحة , أرادت تقوية القلب الذي كاد ينهار فجأة أمام أستعادة ذكريات رجل شاطرته حبا عظيما , كان عشية مماته أقوى وأعمق مما كان عليه يوم زواجهما , ولأنها لا تريد في الحياة شيئا أكثر من تحقيق سعادة مماثلة لأبنتها , فقد جاء رد فعلها عنيفا , على فكرة قيام روزالبا بزيارة قلعة الينابيع , التي عاش فيها زوجها السنوات العشرين الأولى من حياته , والتي لم يعرف بين جدرانها وفي حقولها سوى الألم والعذاب والتعاسة.
أرتجف جسمها فجأة عندما تذكرت ما قالته يوما لزوجها , بعد المصاعب والمصائب المتعددة والمتلاحقة التي تعرضا لها منذ قراره أختيار بريطانيا موطنا دائما له:
" ألى متى ستظل هكذا , يا أنجيلو , قبل أن تشعر بالندم لزواجك مني ؟ ألى أي مدى ستقبل بهذا العذاب قبل أن تتمنى العودة ألى موطنك الأصلي.. ألى بيتك الرائع تلك القلعة التاريخية التي تتوج أعلى جبل في صقلية ؟".
ضمها زوجها الحبيب بين ذراعيه , وأجابها برقة وحنان :
" لم تكن قلعة الينابيع أبدا موطني وبيتي , بل مسرحا كبيرا لوالدي يكتب نصوص رواياته ويحدد أدوارها حسب أمزجته المتقلبة ومشاعره المتضاربة , موطني هنا وبيتي هنا , حيث أنا دون سواي النجم الأول والأخير لكافة المسرحيات والتمثليات , وجمهوري العاشق المحب مؤلف من أعز شخصين على قلبي ...... أنت وروزالبا !".
منتديات ليلاس
عادت أبنتها مع القهوة التي تفوح منها رائحة طيبة ولذيذة , وصب لها فنجانا كبيرا .......ثم جلست على الأرض وأتكأت على ركبتها قائلة بلهفة واضحة:
" والآن أكملي , يا أمي , فأنا أتحرق شوقا لمعرفة المزيد من هذه التفاصيل ".
" لم يعد هناك الكثير يا عزيزتي , فكل ما في الأمر أن والدك كتب ألى جدك يبلغه بأمر زواجه وقراره البقاء في بريطانيا , أستشاط غضبا وأرسل عمتك كاترينا وزوجها ألى هنا , في محاولة يائسة لأقناع والدك بالعودة , وعندما فضلا هما أيضا فقر الحرية على ثراء العبودية , وأختارا البقاء هنا بدلا من العودة ألى صقلية , قرر جدك التنكر لولديه وحرمانهما من كل شيء...... بما في ذلك أمتعتهما وثيابهما التي تركاها في القلعة.
تعذبنا كثيرا لبضع سنوات , ولم نتمكن من جني القليل من الأرباح , ألا بعد مرور فترة طويلة , وعندما أحتفلنا بالذكرى العاشرة لزواجنا , ووجدنا أن الفرن ومعمل الحلويات يحققان دخلا جيدا وثابتا , قررنا التحول من زوجين كادحين ألى عائلة صغيرة قادرة على مواجهة تحديات الحياة ومصاعبها".
صبت الأم فنجانا ثانيا من القهوة , ومضت ألى القول:
" فوجئت عمتك كاترينا قبل حوال أربع سنوات بأستلام رسالة من جدك , يستفسر فيها عما أذا لديه أي أحفاد ويتمنى قيامهم بزيارته , ومع أنه لم يوجه أي دعوة مماثلة لأي من ولديه في تلك الرسالة التي صاغها بعبارات حزينة , فقد شعرت عمتك بالأسى والمرارة وأمضت بضعة أشهر في حالة يرثى لها من البكاء والعويل وطلب الغفران ..... لأنها أهملت والدها العجوز , والغريب في الأمر أن أباك لم يتأثر أطلاقا بتلك الرسالة , ورفض السماح لك بزيارة جدك , لم يكن قراره ذاك نابعا من حقد أو كراهية , بل من عدم ثقة بدوافع جدك , لم يكن قراره ذاك نابعا من حقد أو كراهية , بل من عدم ثقة بدوافع جدك وأهدافه , هذه هي القصة بكاملها ,أيتها الحبيبة الغالية".
" أعتقد أن الجد روسيني شخص مقيت ومثير للأشمئزاز سأبلغ أبريل بأن عليها السفر وحدها , لأن التفاصيل التي سمعتها الآن محت من نفسي أي رغبة ضئيلة كنت سأشعر بها أتجاه الزيارة المحتملة ".
" حسنا تفعلين , يا عزيزتي , لأن جدك يعد بالتأكيد خطة لعقد قرانك على أحد أبناء العائلات الثرية هناك , الأفضل لك أن تبقي هنا وتتزوجي شابا بريطانيا هادئا ,لا ........".
أختفت الأبتسامة الخفيفة من عيني الأم وشفتيها , عندما قفزت روزالبا من مكانها وقاطعتها بأنفعال قائلة قبل خروجها :
" لن أتزوج أبدا , يا أمي , وهذا قرار نهائي لا رجوع عنه".
صعقت أمها لدى سماعها هذا الكلام الخطير , الذي كشف النقاب عن أمور بالغة الأهمية , وقالت مناجية روح زوجها الغائب :
" كم كنا متطرفين ومجنونين في أنانيتنا يا أنجيلو! أنظر ألى ما فعلت بها حمايتنا العمياء لها , فهي لا تزال حتى الآن سمكة صغيرة لا تعرف العيش ألا في هذه البركة الصغيرة , ساعدني على أخراجها ألى بحر الحياة ! ساعدني , أرجوك!".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 27-10-10, 02:30 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

2- لا ترسلي النعجة ألى الذئب!

أنتظرت أنيتا روسيني أنتهاء أبنتها من تناول فطورها , قبل أن تقول لها بصوت رصين هادىء :
"أعتقد..... أعتقد أنني كنت متسرعة جدا في أدانة رحلتك ألى صقلية ".
نظرت روزالبا ألى أمها بأستغراب شديد وهمّت بالأعتراض , ألا أن الوالدة عقدت جبينها وقالت :
" أسمعيني جيدا , يا أبنتي! فكرت كثيرا بهذا الموضوع , ألى درجة أنني أمضيت طوال الليل في صراع شديد مع ضميري ووجداني , للتكهن برد الفعل النهائي الذي كان سيصدر عن أبيك.... فيما لو سنحت له الفرصة الكافية لتحليل هذه المشكلة بتعقل وروية , ربما كان عليّ تشجيعه على المصالحة مع والده ... لأنني بدأت أدرك الآن أنه لو لم يكن هناك في قلبه بعض الحب نحو جدك , لما وجد تلك الصعوبة الفائقة في مسامحته , كان والدك فخورا وعزيز النفس , ولكن روابط القربى قوية جدا .... وبخاصة بين الصقليين , ولهذا السبب أشعر أن أباك ووالده كانا سيتصالحان في نهاية الأمر , فيما لو منحنا الوقت الكافي لذلك ".
أرتبكت روزالبا كثيرا نتيجة هذا الأنقلاب المفاجىء في آراء والدتها ومواقفها أتجاه موضوع بالغ الخطورة كهذا , ودفعتها الحيرة الشديدة ألى الأعتراض بلهجة تجمع بين التردد والأنفعال .
قالت لها :
" أتصور أنك... أنك مخطئة جدا يا أمي , هل نسيت أن صقلية هي أرض الثأر والأنتقام , حيث لا يسمح للصراعات بأن تموت وللكراهية بأن تخف أو تزول؟ ألا يتوارث الأبناء والأحفاد جميع الأحقاد عن الآباء والأجداد , وكأنها جزء لا يتجزأ من أرث العائلة وشرفها وعزتها ؟".
منتديات ليلاس
" ولكنها أيضا أرض روابط الدم , والتضحية أتجاه القريب حتى بالحياة والروح , أنها الأرض التي يجرح فيها رجلان ,غير قريبين عائليا , معصميهما ليمزجا دماءهما ويقسما على أخوة الدم والأخلاص طوال عمرهما , فكيف تظنين أن شجارا بين رجل وأبنه يمكن أن يظل دون حل أو تسوية , وهما من أرض تعتبر فيها نقطة الدم أغلى من بحر صداقة؟".
" أتصور أنك قد تكونين على حق! أما أنا شخصيا , فأعتقد أنني لن أفهم هذا الشعب أطلاقا وسأعتبر أفراده بعيدين كل البعد عن الحضارة والمدنية والرقي , لا , يا أمي لن أذهب ألى صقلية , لننسى الموضوع بكامله , فأنا سعيدة جدا هنا ولست مستعدة أبدا لتعكير صفاء حياتي لأجل رجل عجوز مستبد".
على الرغم من أحتجاجاتها وأعتراضاتها وتوسلاتها المتواصلة لأيام عديدة بعد ذلك الحوار , فقد أكتشفت روزالبا أن أمها مصرة على ذهابها بعناد لم تعرف له مثيلا من قبل , ولكنها ظلّت تحاول أقناعها بتعديل رأيها ,حتى في الساعات الأخيرة التي سبقت موعد السفر , قالت لها , فيما كانت تنتظر وصول أبريل للتوجه ألى محطة السكك الحديدية :
" لن تتمكني من أدارة الفرن والمعمل بمفردك , يا أمي , وأظن.......... ".
" وعدتني عمتك كاترينا بمساعدتي يوميا , وأنت تعرفين ذلك جيدا".
أتت سيدة لشراء بعض الحلويات , فقامت روزالبا لتلبية طلبها , تنهدت السيدة روسيني التي أرهقها الجدل المستمر منذ بضعة أيام , وتضارب الأفكار المزعج في رأسها حول ما أذا كان قرارها سليما وحكيما أم لا , ولكن وقت التراجع فات , لأنه تم أبلاغ الكونت روسيني بأن حفيدتيه ستصلان ألى مطار باليرمو خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة...... وكان رده على البرقية فوريا ويعكس فرحا عظيما وسرورا بالغا , على أي حال , فهي لم تفكر بأمكانية ألغاء الرحلة ألا مرة واحدة ...... وذلك عندما سمعت كاترينا كافة التفاصيل من أبريل , وهرعت أليها قائلة بصوت مرتجف يعبر عن الخوف وتوتر الأعصاب:
" أنيتا , أنيتا , أخبرتني أبريل قبل لحظات أن روزالبا ستذهب معها ألى سيتا ديل مونتي , فهل هذا صحيح ؟".
هزّت السيدة روسيني رأسها أيجابا , فرمت شقيقة زوجها بيديها عاليا وكأنها أصيبت بالجنون , وقالت لها بلهجة تدل على الهلع الشديد :
" لا , لا! يجب ألا يحدث ذلك أطلاقا! لا تسمحي للبريئة بالذهاب , فالأمر بالغ الخطورة".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 27-10-10, 02:56 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

تجمدت الدماء في عروق أنيتا , ولكنها تظاهرت بالضحك وعدم القلق ثم قالت :
" ما هذا الهراء , يا كاترينا ؟ أنهما شابتان في مقتبل العمر ذاهبتان ألى صقلية , لقضاء أجازة قصيرة مع جدهما , فما هي تلك الأخطار المحتملة التي قد تتعرضان أليها؟".
أمسكت كاترينا بذراعها وهزتها بعنف , صارخة :
" هل نسيت أن والدي خطب ألى أخي أنجيلو فتاة من سيتا ديل مونتي؟ ماذا تظنين أنه حدث لتلك الفتاة , عندما تزوجك ولم يعد ألى صقلية ؟ وهل تعتقدين أنه أختار المنفى الدائم طوعا ؟ أذا كنت تتصورين ذلك , فأنت مخطئة تماما , لقد رفض أنجيلو زيارة والده , ولو مرة واحدة , لأنه كان متأكدا من أنه سيكون عرضة للقتل منذ لحظة وصوله ألى صقلية".
" وحتى لو كان ذلك ذلك الوضع السخيف واللامنطقي قائما بالنسبة لأنجيلو , فما علاقة الأمر بروزالبا ؟".
" يرث الأبناء كل شيء عن الآباء , بما في ذلك الأسم والممتلكات.....والديون , وتتتوقع عائلة ديابولو بالتالي تصفية جميع الحسابات عن طريق روزالبا , الوريث الوحيد لأبيها , أعرف , يا أنيتا , أنك تعتبرينني أمرأة سخيفة تؤمن بوجود الخرافات , ولكن , صدقيني , أن كل كلمة أقولها لك هي الحقيقة والواقع , وما يحيّرني في هذا الموضوع بشكل مذهل , هو أن أبي يعرف هذه الأمور أكثر من أي شخص آخر".
سمعت أنيتا روسيني صوت أبريل , فأستفاقت من كابوس اليقظة المنهك للفكر والأعصاب , وقامت لوداع أبنتها , عانقتها روزالبا قائلة :
" ألى اللقاء يا أمي , أعتني بنفسك جيدا , ولا ترهقي جسمك بالعمل الذي لا يكون ضروريا جدا ".
ضمتها الأم ألى صدرها بمحبة وحنان , وهي حائرة حتى تلك الآونة فيما أذا كان قرارها حكيما أم يدل على رعونة وقصر نظر , ثم قالت :
" تمتعي برحلتك , أيتها الحبيبة , أنا أعرف أنك مترددة كثيرا في الذهاب , ولكن الأسبوعين سينقضيان بسرعة وقبل أن تشعري بهما".
منتديات ليلاس
وعندما أنطلقت سيارة الأجرة بالشابتين نحو المحطة الأولى في رحلتهما , أنهارت أنيتا روسيني على مقعدها وقالت بصوت متهدج تخنقه العبارات والدموع :
" أعتن بها , يا أنجيلو , أينما أنت يا حبيبي , وأعمل على مساعدتها وحمايتها! حاول التفهم أن قراري هذا نابع من حرصي على مستقبلها , لقد بالغنا كثيرا , أنت وأنا , في أبقائها تحت أجنحتنا...... حتى أننا نسينا في خوفنا عليها ورعايتنا المتطرفة لها حقها في التنفس ... والعرق.... ورفع الأكمام لأغراق الذراعين في عجين الحياة حتى المرفقين , عليها أن تتعلم كيف تحب , أو تظن على الأقل ......... أنها أحبت!".
دخلت روزالبا ألى القطار وراء أبنة عمتها , وهي مستعدة لحمايتها والدفاع عنها .... وكأنها لبوة تحمي شبلها , وضعت الحقيبتين الصغيرتين على مقعد في المقصورة التي ستجلسان فيها من منتصف الليل حتى الخامسة صباحا , وهمت بخلع معطفها وأخراج المجلتين اللتين ستقرأهما أثناء الرحلة الطويلة , ألا أنها لم تتمكن من ذلك , لأن شابين وسيمين فتحا الباب وقال أحدهما بلهجة توسل مهذبة :
" تفضلا وأنضما ألينا في المقصورة المقابلة!".
لم تعجبها نظرته التي كانت مركزة بأهتمام بالغ على جسم أبريل الرائع , فقالت له بلهجة تجمع بين الحدة والأرتباك :
" لا , شكرا , فنحن نفضل البقاء وحدنا !".
مدت يدها لأغلاق الباب , ولكنها فوجئت بقريبتها تقول لها :
" لا تكوني سخفة , يا روزالبا! أنها رحلة طويلة ومملة , وأفضل وسيلة لمواجهة الضجر والنعاس هي أجراء أحاديث شيقة مع أشخاص آخرين , وبما أن هذين الشابين المهذبين مستعدان للترفيه عنا , فسوف نكون غبيتين جدا أذا رفضنا دعوتهما اللطيفة!".
شعرت روزالبا بأشمئزاز شديد من تصرف أبريل , ولكن أحدا لم ينتبه ألى أحمرار وجهها وتوتر أعصابها ....... لأن الشابين السعيدين هبا لنقل الحقيبتين ألى مقصورتهما , فيما كانت أبريل تسبقهما أليها وهي تبتسم بزهو وأرتياح , وما أن جلستا على المقعد المواجه , حتى بدأت أبريل بالتحدث والثرثرة .... فيما ظلت روزالبا صامتة تنظر ألى الخارج , ومع أنه ثبت لها بعد قليل وبشكل قاطع أنهما فعلا شابان مهذبان وحسنا المعشر , ألا أنها لم تقبل بالتراجع عن عزلتها وتقوقعها , سمعت قصصهما عن بعض الحوادث الطريفة جدا التي وقعت معهما كطالبي طب في سنتهما الثالثة , ولكنها لم تضحك أو تبتسم ...... أو حتى أن تشعرهما بأنها موجودة في المقصورة ذاتها .

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
قديم 28-10-10, 12:50 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 162960
المشاركات: 2,906
الجنس أنثى
معدل التقييم: نيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالقنيو فراولة عضو متالق
نقاط التقييم: 2759

االدولة
البلدLebanon
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نيو فراولة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : نيو فراولة المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

وصل القطار ألى محطة يوستون عند الفجر , فأصر الشابان على حمل حقيبتيهما الكبيرتين الثقيلتين وحقيبتي اليد الصغيرتين ألى سيارة الأجرة التي ستنقلهما ألى محطة فيكتوريا .... حيث تستقلان قطارا آخر ألى المطار , وعندما ودعهما طبيبا المستقبل العائدان من أجازتهما في أسكتلندة, قال أحدهما الذي أعجب كثيرا بأبريل:
" ما رأيك باللقاء ثانية بعد أسبوعين من الآن ؟ أذا قبلتما تأجيل رحلتكما يضيع ساعات , فسوف يسعدنا كثيرا أن نريكما معظم المعالم السياحية والترفيهية في لندن.
أبتسمت أبريل بغنج ودهاء , فسارع الشاب ألى كتابة رقم هاتفه على ورقة صغيرة ودسها في يدها , شعرت روزالبا بأن من واجبها الأعتراض على هذا التصرف , فقالت لأبنة عمتها:
" أبريل , أنت تعرفين أنه لا يمكننا ذلك ! لقد كان هذان السيدان لطيفين وكريمين جدا معنا , ولكننا ....... ولكننا لا نكاد نعرفهما !
بدت جملة روزالبا الشديدة التحفظ وكأنها آتية من عصور ماضية وأجيال قديمة , ضحكت أبريل ومعها أحد الشابين بصوت عال , فأحست أبنة خالها البريئة بخجل عميق وأرتباك شديد , ألا أن الشاب الآخر أنبهما بهدوء وجدية , قائلا :
" لا تضحكا على العفة والأحتشام , أو تستخفا بهما , فنحن بحاجة ماسة أليهما في هذه الأيام , التي لم تعرفهما ألا نادرا , هل أصبحت الأعراف حقا تقضي بأن ترمي الفتاة نفسها في أحضان أول رجل تلتقي به ؟ أذا كان الأمر هكذا , فتبا لهذه الحضارة الزائفة ولهذه المدنية الزائلة!
منتديات ليلاس
رمت روزالبا داخل السيارة , وهي متضايقة جدا من نفسها بسبب الأحمرار الشديد الذي ظهر على وجنتيها , أحست بالأنفعال المؤلم لأصرارها على التصرف مع أي أنسان غريب كأنه ذئب مفترس , مع أن الناس كلهم ليسوا ذئابا , الحذر ضروري والحشمة واجب , ولكن الأنفتاح على البشر برصانة ليس جريمة لا تغتفر.
وصلت السيارة ألى محطة فيكتوريا , فتولت أبريل دفة القيادة بشجاعة وثقة أعجبت بهما روزالبا وحسدتها عليهما , أعطت السائق أجرته , دون أن تنسى الزيادة المفروضة في ساعات الليل وعلى الحقائب , ثم طلبت من حمال نقل أمتعتهما ألى القطار , وبدأت تشق طريقها بيسر وسهولة عبر تلك المحطة الضخمة التي تعج بالقاعات والأروقة والردهات .....دون الأستعانة بالأرشادات المتعددة التي ترشد المسافرين ألى أماكنهم ومراكزهم .
تضايقت روزالبا من الصخب والضجيج ومئات الأشخاص الذين يتراكضون من هنا وهناك , وتمنت من صميم قلبها لو أنها لم تترك هدوء بيتها وسكينته , ومما زاد من أنقباضها ورغبتها في العودة , تلك المواقف المحيرة والمستهجنة لأبنة عمتها , فقد بدا لها بوضوح تام , ومنذ بدء رحلتهما , أن أبريل منزعجة من سذاجة قريبتها .... وأنها ليست بحاجة أطلاقا ألى من يحميها أو يرد عنها الأخطار المزعومة, حاولت روزالبا جاهدة التكهن بالسبب الحقيقي الذي حمل أبريل على أقناعها بمرافقتها , ولكنها لم تصل ألى أي نتيجة مرجوة.
كانت تتبعها كظلها ودون الأهتمام بالتطلع أمامها , فلم تشعر بالعقبة التي أعترضت طريقها ألا عندما أحست بالأرض تتحرك تحت قدميها , صرخت بذعر وهلع , وقفزت ألى الوراء بحيث كادت تصطدم بسيل من الناس الذين يتدفقون بسرعة نحو السلالم الكهربائية المتحركة , وقفت جانبا بخوف وذهول بالغين تراقب أبريل وهي تبتعد عنها , وتكاد تختفي عن ناظريها , وعلى الرغم من خطر بقائها وحيدة لبعض الوقت , ألا أنها لم تجرؤ على الأقتراب من تلك السلالم المرعبة.... وتمنت لو أن أبنة عمتها تتطلع ألى الوراء لتنقذها من هذه الورطة المخجلة.
أستدارت نحوها أبريل في اللحظة التي وصلت فيها ألى أسفل السلم , فلاحظت روزالبا الغضب الشديد في عينيها والعصبية الواضحة في حركات يدها التي كانت تشير أليها بالنزول , ظلت واقفة في مكانها ترتجف خوفا وخجلا , وتحاول أتخاذ أتخاذ قرار حول أي من الشرين ستختار ... السلالم الخطرة المرعبة أو التعرض لسخط قريبتها الذي لا يقل خطرا ورعبا! وعندما أقنعت نفسها بأن ما من قوة سترغمها على الأقتراب من هذه السلالم , التي تبدو وكأنها تحمل الناس ألى حتفهم , وصلت أبريل من الجانب الآخر وهي تنظر أليها بأزدراء وأحتقار هائلين , وأن لم تكن روزالبا قد شعرت قبلا بأن قريبتها تعتبرها عبئا ثقيلا ومزعجا وغير مرغوب فيه , فقد تأكد لها ذلك بمجرد النظر ألى عينيها الغاضبتين وسماع نبرتها القوية القاسية , قالت لها بحدة وعصبية :
" هل من الضروري أن تخجليني أمام هؤلاء الناس أجمعين , بوقوفك هكذا كفتاة جاهلة ؟ هيا ! هيا بنا حالا !".

 
 

 

عرض البوم صور نيو فراولة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مارغريت روم, castle of the fountains, margaret rome, روايات رومانسية, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, على حد السيف, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 09:38 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية