هل حاول جدها خداعها , عندما هددها بقتل سلفاتوري ؟ هذا الأحتمال وارد في مكان آخر , ولكنه غير ممكن أطلاقا في جزيرة .... قال هو بنفسه لأبريل عنها , أن أي شيء يمكن حدوثه فيها , أذن....... فليس أمامها سوى السبيل الوحيد الذي حدد لها , فأذا كانت تريد أنقاذ حياة سلفاتوري....وهذا ما تريده بالطبع , فما عليها ألا القبول بمراسم الزواج , ستشرح له لاحقا بأنها وافقت على ذلك , كنتيجة للضغط والتهديد .... وبأنهما سيفترقان دون خصام , بمجرد أبتعادهما قليلا عن جدها وسيفه المسلط عليهما , شعرت روزالبا فورا بأرتياح نفسي , وذهبت لتبحث عن ريتا , وعندما وجدتها , قالت لها:
" أبلغني جدي بأنك....".
قاطعتها مدبرة المنزل بتةتر ظاهر , وهي تحمل مفتاحا كبيرا بيدين مرتجفتين .... وتبدو على أتم الأستعداد للتخلص منه بصورة فورية:
" نعم , يا آنسة , وكنت أنتظر مجيئك على أحر من الجمر , هذا هو مفتاح غرفة الكونتيسة الراحلة , التي لم يدخلها أحد بتاا منذ وفاتها".
" ألم يدخل أحد حتى لتنظيفها طوال هذه السنين ؟ ولكن... لماذا؟ أوه , ريتا , لا تقولي لي أنك خائفة من الأشباح ؟".
تمتمت ريتا بكلمات مبهمة , وهي تبتعد عن الباب خائفة مذعورة , ثم قالت بأرتباك وتلعثم شديدين:
" يقال أن أرواح التعساء والحزانى , تظل موجودة في أماكن أقامة أصحابها لفترات طويلة بعد مماتهم , ما من أحد أبدا شاهد الكونتيسة المسكينة الراحلة وهي تبتسم , حتى في يوم عرسها وحورها ألى القلعة".
أرتعش جسم روزالبا وهي تسمع تلك الجملة الأخيرة , وتفهم على الفور السبب الوحيد لذلك الحزن الدائم , أخذت المفتاح من يد المرأة المتقدمة في السن , وقالت لها لتهدئة خواطرها:
" لا بأس , يا ريتا , فأنا سأجد فستان الزفاف بنفسي".
منتديات ليلاس
أنحنت مدبرة المنزل أمامها بسرور وأرتياح كبيرين , وهمّت بالهرب بعيدا عن هذه الغرفة المخيفة , ألا أن فكرة جريئة خطرت ببال روزالبا في تلك اللحظة بالذات , فأوقفتها قائلة :
" هل تحملين معك مفاتيح جميع غرف القلعة , يا ريتا؟".
" نعم..... ! نعم , يا آنسة ".
هذه هي فرصتها الوحيدة للتحدث مع سلفاتوري! سيطرت على أرتباكها وتوتر أعصابها , وسألتها بلهجة عادية جدا :
" هل يمكنك أذن , أن تعطيني مفتاح غرفة السيد ديابولو ؟".
ظهر الرعب الحقيقي في نظرات ريتا وأرتجاف جسمها ويديها , ثم أجابت بعد مرور بضع لحظات على سماعها السؤال :
" لا أجرؤ على ذلك , يا آنسة , فالكونت سيقتلني أذا علم بالأمر ! ".
حثتها روزالبا على القبول , قائلة:
" ولكنه لن يعرف بهذا الأمر أطلاقا , كما أنني مضطرة للتحدث مع السيد ديابولو , لن أحتاج ألا ألى دقائق معدودة ... أعدك بذلك".
غرقت ريتا في دوامة من الأفكار المتناقضة , وظهرت دلائل عذاب التردد والحيرة في عينيها وتحركات يديها , تطلعت بسرعة نحو نهاية الممر الذي تقفان في بدايته , وكأنها تخشى خروج روح سيدها المنتقم من أحد تلك الجدران الصلبة , تأكد لروزالبا عندئذ بشكل جازم , بأن ما من أحد يطيع الكونت حبا به وأخلاصا له .... ولكن خوفا منه ومن بطشه وأنتقامه , أقتربت منها ريتا , وهمست في أذنها بصوت يرتعش ذعرا وهلعا :
" سألبي طلبك , يا آنسة , لأنك تشبهين الكونتيسة.... التي كنا جميعا نحبها ألى درجة لا يمكن وصفها , ولكنني أتوسل أليك بألا يستغرق أجتماعكما أكثر من خمس دقائق , فجواسيس الكونت في كل مكان.... ومعاقبته للذين يحاولون عصيان أوامره ولو في أمورثانوية وتافهة , عنيفة جدا , وقد تبلغ حد التصفية الجسدية! عديني بأنك ستتوخين أقصى درجات الحيطة والحذر , يا آنسة .... لأن الكونت سيعرف فورا في حال أكتشافك , أنني أنا التي أعطيتك المفتاح !".
عانقتها روزالبا بحرارة وأخلاص , قائلة :
" لا تقلقي , يا ريتا , فأنا لن أرى أبدا بأن تتعذبي بسببي ,ولو قليلا".