كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وكان الزورق الأول قد أختفى ع الأنظار تقريبا عند منحنى في النهر , وعندما أقترب زورقهم من هذه المنطقة , سمعت أندريا صوت هدير المياه الهائجة , وكان واضحا أن هذه الأمواج أكثر أرتفاعا وأشد عنفا من تلك التي صادفتها وهي تستقل زورق صالح الصغير.
وبدأ النهر يموج بتياراته المتقطعة , وكان الزورق يتمايل ويترنح .....وقال لها فرغسون:
" من الأفضل أن تتشبثي بي.......".
وعندما أكتسحت الأمواج المركب عند المنحنى , وضع الطبيب ذراعيه حول وسطها وجذبها بقوة نحوه.
ولو كانت أندريا قد رأت هذه الأمواج من مسافة بعيدة لأعتقدت أنه من المستحيل على أي مركب ناهيك عن زورق من خشب البامبو ينجو من هذا التيار المتلاطم السريع الذي يواجههم الآن ..... ولم يكن هناك وقت للخوف... فقد أصبح الزورق مثل قشة تقذف بها دوامات المياه من كل جانب وتعبث بها , ثم لم تلبث أن أنزلقت بسرعة على حافة التيارات المائية الهائجة وسط جو مضطرب عنيف تحيط بها الصخور من كل جانب وتتقاذفها الأمواج العالية.
وعندما عبر الزورق هذه الأمواج العاتية , خرجوا جميعا مبللين تماما ولكن دون أن يمسهم أي أذى , ووجدت أندريا نفسها متعلقة بالدكتور فرغسون كما لو كانت قد غرقت فعلا..... لم تكن تشعر بالرعب أو الفزع , ولكنها بغريزة حب الحياة كانت تجد نفسها مدفوعة لأن تتعلق بأي شيء تجده أمامها , وفعلت بأن تعلقت بالدكتور فرغسون ولكن بعد أن زال الخطر أبتعدت عنه وهي مبللة , لاهثة....
وكان أول ما جرى على لسانها هو قولها :
" آسفة , لقد أعتقدت أن الأمواج سوف تقذف بنا بعيدا ".
وعدلت في جلستها , ثم أضافت قائلة :
" كنت تحدثني عن أبحاثك ...".
منتديات ليلاس
وحدق فيها فرغسون لفترة قصيرة ثم مال برأسه وقد أسند مرفقيه على ركبتيه وأخفى وجهه بين يديه , وبعد لحظة من الدهشة , تبينت أندريا أنه يهتز بضحكات صامتة , ثم أخذ يضحك بصوت عال .
وأحتدت أندريا وهي تسأل في أنفعال :
" هل ترى أن هناك ما يمكن أن يثير الضحك ؟".
وبدأ فرغسون يضحك في صوت عال وأشترك معه في الضحك أفراد قبيلة تميار , وكانت أصداء قهقهاتهم تسمع في جنبات الغابة وبدا النهر كله وكأنه يدوي فرحا.
وأعتدلت أندريا أكثر في جلستها , ولم تكن تفهم ما هو الشيء الذي أضحكهم , ولكنها كانت تشعر أنها قد تكون ألى حد ما السبب في هذا الضحك , وأنتظرت أندريا حتى يفرغوا جميعا من الضحك ويتماسكوا مرة أخرى.
وعندما حدث ذلك أعتذر فرغسون لها , وقال لها أنها يجب ألا تهتم كثيرا بما يفعلون , فهم في الحقيقة أناس أجتماعيون بسطاء.
ونظر أليها في تمعن وأستعاد جديته مرة أخرى وقال :
" أخطأت في فهمك يا أندريا أليس كذلك ؟ أنني أخشى أن أكون أصدرت حكمي عليك على أساس المظهر , وهو خطأ كبير يرتكبه الأنسان".
وألتفتت أليه أندريا متسائلة :
" أنني لا أفهم ماذا تعني بالضبط!".
" للأسف أنه ليس هناك في مظهرك ما يوحي بأنك أمرأة مهيبة بهذا القدر وبصراحة , أعتقدت أنك عندما تشاهدين هذه الأمواج العالية سوف تفقدين توازنك تماما , ويقينا , فأنني لا أعتقد أن هناك فتاة أخرى تقوى على مواجهة هذا الموقف وتعتبره مجرد مقاطعة تافهة لحديث هام عن أعمال البحث".
وقالت بشيء من الأرتباك:
" فهمت الآن......".
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يبتسم فيها فرغسون أليها فعلا , وكان لهذه الأبتسامة أثر كبير في نفسها.
ومضى فرغسون قائلا :
" من المستحسن الآن أن نلحق بالآخرين".
وعلى مسافة قريبة كان الزورق الأول يرسو في ظلال الأشجار .
وسألهم فرغسون :
" هل المحرك على ما يرام؟".
" نعم , لقد حذرنا الصبية من ذلك وقمنا بلفه في ملاءة ووضعناه في أسفل المركب , هل هناك أمواج أخرى ستصادفنا؟".
ومضى فرغسون قائلا :
" كلا ,ومن الآن سيكون الطريق سهلا".
ونظر ألى بيتر فليمنغ قائلا :
" هل أنت بخير ؟ هل توجد معك أقراص لحالة سوء الهضم؟".
ورد بيتر في لهجةمرهقة:
" أشعر ببعض المغص , لا بد أنني أكلت كثيرا مساء أمس".
" بالتأكيد نعم , وسأحضر لك بعض الأقراص , هل أنت بخير يا أندريا ؟".
" أنا على ما يرام الآن , ولكنني شعرت قبل ذلك بألم".
وقال جوي :
" أن ما أحتاجه الآن هو الماء , هل هناك ضرر من أن أشرب من مياه النهر؟".
وطلب فرغسون من أفراد قبيلة تميار أن يحضروا مياها نقية كانوا يحتفظون بها.
|