كان الطوق الجلدي المتسلخ حول وسطها قد بدأ يلتهب , وكانت تأمل في أن تتاح لها الفرصة لتنثر البودرة فوقه قبل موعد النوم , وعلمت أن موعد النوم يحين فورا عقب العشاء حتى يوفروا غاز المصباح , ولم يكن هذا المصباح ضروريا عندما يهل القمر وتتلألأ النجوم , ولو أنهم كانوا يقيمون مخيماتهم في الأحراش , لكان يتعين عليهم أن يتدثروا في أكياس النوم التي تشبه الأرجوحة حتى يتجنبوا جحافل النمل ألا أنه مع ضوء القمر الساطع , فأن سطح الصخر الأملس يوفر لهم أسرة خالية من الحشرات.
ونظرا لأن أندريا كانت مرهقة جدا طوال النهار فقد راحت في نوم عميق ,وأستيقظت مبكرة جدا في الصباح عندما بزغ نور الفجر , وكان بيتر وجوي ما زالا نائمين , ولكن حقيبة فرغسون الكاكية كانت خاوية , وكان هذا يعني أنه أستيقظ وترك منامته وعندما خرجت أندريا من كيسها أحست أنها تتحرك بصعوبة , وأنها تشعر بالجوع أيضا , وتحاملت على نفسها , وقامت فأغتسلت ومشطت شعرها , بعد ذلك أشعلت موقد الغاز لأعداد بعض القهوة , وعندما كانت تنتظر غليان الماء , وقعت عيناها على جيمس فرغسون وقالت له في أعياء عندما وصل :
" صباح الخير ".
" صباح الخير ".
وكان واضحا أنه حلق ذقنه , وأرتدى ملابس رحلة النهار , وأدركت أندريا أن عينيه تراقبانها , وعندما فرغت من أعداد القهوة ملأت كوبين , وقدمت له أحدهما , وأحتفظت لنفسها بالكوب الثاني , ولم تترك مجالا لحديث بينهما , وأنما قالت له بسرعة :
" أعتقد أنه من الأفضل أن أوقظ الآخرين , أليس كذلك؟".
فقال الدكتور فرغسون بنبرته الحيادية :
"" كلا , أتركيهما بعض الوقت , أريد قبل أي شيء أن أفحص هذه العلامة التي تبدو على ذراعك اليسرى ".
" أية علامة؟ تقصد هذا الخدش, أعتقد أنه غير هام على الأطلاق".
" ربما , ولكن الخدوش في بعض الأحيان تكون خطيرة".
سكت قليلا ثم قال :
" تعالي ألى هنا ودعيني أفحص هذا الخدش".
وأومأت أندريا برأسها علامة الموافقة , وأقتربت منه بينما كان يقول :
" أنها لا تبدو خطيرة , لكن يجب أن نتخذ جانب السلامة , وأنحنى يفتح حقيبته ويخرج منها أنبوبة مرهم ثم قال :
" ضعي قليلا من هذا المرهم عليها".
ومرة أخرى أطاعته , وفعلت ما أمرها به دون مناقشة.
ولكنه لم يلبث أن أستطرد قائلا:
"حسنا , والآن أرفعي قميصك".
وأصابتها هذه العبارة بالدهشة المفاجئة , فتراجعت ألى الوراء قليلا وقالت :
" ولكن .......لماذا ؟".
أجاب فرغسون :
" أريد أن أعرف أذا كان جلدك قد تسلخ بفعل الحرارة أم لا؟".
" كلا..... لم يحدث ذلك".
منتديات ليلاس
" أرجوك... لا داعي للمناقشة في هذا الأمر , وأرفعي قميصك فورا!".
وردت في أحتجاج :
" ولكنني قلت لك ".
وقاطعها قائلا :
" أريد أن أتأكد , قد لا تتبينين أنت ذلك لكن أهمال هذه التسلخات يمكن أن يحدث تلوثا , لقد عالجت من قبل شقيقك ورامزي , أنني طبيب كما تعرفين".
وردت قائلة :
" ولكنك لست طبيبي ..... وعندما أحتاج لرعايتك الطبية فسأطلب منك ذلك يا دكتور".
وأستدارت لتبتعد عنه , ولكنه أمسك بمعصمها بقوة وأوقفها , وقال :
" ما دمت أخترت أن تأتي معنا فيجب أن تفعلي ما يقال لك , وأذا لم تفعلي ذلك فأنني أستطيع بسهولة حملك على فعله".
وللحظة من الوقت أجتاحتها الرغبة في التحدي , ولكنهالم تلبث أن رضخت وهي تدفن ثورتها في أعماقها , وأمتدت يدها ألى قميصها فأخرجته ورفعته قليلا.
وعند رؤيته الجزء الأوسط الملتهب ألتقط نفسا عميقا تعبيرا عن ضيقه , ولكنه لم يترك لنفسه العنان لكي يلومها كما توقعت وسألها :
" كيف حدث هذا؟".
وردت في غيظ :
" لا أعرف...... وأعتقد أن حزام الوسط أنكمش بعض الشيء.... وهو الذي تسبب في ذلك".
" حسنا , يتعين عليك أن تفكيه قليلا , لا تتحركي أرجوك ".
ثم قام بأصابع ماهرة مدربة بدهان الجزء المتسلخ من وسطها بمرهم , ووضع ضمادة فوق هذه المنطقة , وبعد ذلك سألها :
" هل تشعرين بأي شيء آخر يضايقك؟".
وهزت أندريا رأسها وكانت وجنتاها متقدتين بالحمرة , وفي هذه المرة صدّق الدكتور فرغسون ما قالته , ولكنه لم يكن قد أنهى حديثه معها , فأستطرد يقول:
" أنا لا أعرف لماذا كذبت عليّ يا آنسة فليمنغ , ويجب أن تفهمي أن الغابة ليست مكانا للخجل والمداراة , وعلى ذلك فأذا حدث أن أصبت بجراح مهما كانت درجتها , فيجب أن تبلغي بذلك فورا , هل تفهمين ؟ فورا!".
وأجابت في جفاء :
" حسنا , ما دمت تصر على ذلك".
" بالتأكيد أصر على ذلك , في طقس مثل هذا الطقس ليست هناك أصابة تافهة , والآن أذهبي وأحضري قهوتك , فلدينا بعض أمور أخرى نريد مناقشتها".